في لحظة يرحل الانسان، تاركا أشياءه، عالمه الخاص، أحباءه وأصحابه، ومن يدور في فلكه، البعض يحزن، والبعض يفرح، والبعض لا يكترث، وهذه هي الحياة، فترة قصيرة بين عالمين، هناك من يترك أثرا، وهناك من يخلف العدم، لكن من يرى ويسمع؟ أحيانا نفقد أعز الناس، وقد يكون السند، أحباء لم نتخيل يوما غيابهم، لكنهم يغيبون، هكذا بلا مقدمات، الغياب لا يدق الأبواب، ولا يستأذن، وهنا تبدأ مرحلة أخرى، فالغياب غير الحضور، ولكل غياب تبعاته، وحين ندرك أن وجودنا محدود، تتغير أولوياتنا. الرحيل خسارة، لمن جرب معنى الخسارة، ونحن ننسى، حتى لا نتألم، ننسي لنتذكر، ونتذكر لننسى، وتمضي الأيام، ويصبح الأحباء ذكرى، لا نعرف قيمة من نحب، حتى يرحل، ولا قيمة اللحظة، حتى تنتهي، نودع لنلتقي، ونلتقي لنودع، وللرحيل أكثر من معنى. أشياء لا نتمناها تحدث، وأشياء نحلم بها ولا تتحقق، وما ليس بابك لن يفتح لك، وبين الظاهر والباطن تحدث الحيرة، أنت تريد، وأنا أريد، والمكتوب شيء آخر، ولكل منا أحلامه، وربما أوهامه، يكفي أن يكون للوجود هدف، حتى لا يصبح الغياب بلا قيمة. وفي ألف ليلة وليلة، سأل الوجود الغياب، لماذا يحبني الناس، ويكرهونك، قال الغياب: لأن الكذب جميل، والحقيقة مؤلمة. لمزيد من مقالات عبد العزيز محمود;