يرحل الأعزاء، وهم دائما يرحلون، وحين يفعلون لا يتركون وراءهم إلا الذكريات، البعض يرحل بالموت، والبعض يرحل بالغياب، وهذه سُنة الحياة، لا تعرف قيمة ما تملكه حتى تفقده، ولا قيمة اللحظة حتى تصبح ذكرى، ولا قيمة الإنسان حتى يرحل بعيدا. الرحيل فكرة لا يمكن تقبلها، لكن الكل راحل، الفرق فقط في التوقيت، لكن لا أحد يتوقف ليتأمل، الناس يخافون الموت، ويحبون الحياة، مع أن الحياة مؤلمة، لكن لا أحد يريدها أن تنتهي، وهي دائما تنتهي، من الأفضل ألا تحلم كثيرا، وألا ترتبط عميقا، فلكل شيء آخر. أحيانا نظن أنه مازال هناك وقت، ويكون الوقت قد نفد، أحيانا نظن أننا قادرون على تحقيق كل ما نريد، لكن الوقت لا يسمح، وكذلك الظروف، لكل منا تاريخ صلاحية، وكذلك تاريخ وجود، ونحن لا نفكر في هذا أبدا، لأننا لا نرى إلا ما نريد رؤيته، ولا نسمع إلا ما نحب سماعه. تستغرقنا الحياة عن أقرب الناس، وننسى أنهم يكبرون، ومايريدونه منا بسيط، أن نكون بجوارهم حتى يرحلوا، لكننا لا نكترث، لأننا في دوامة، من المؤلم أن تحب شخصا، وفي لحظة ما لا تجده بجوارك، حدث هذا ويحدث، ومن لا تقدر وجوده، لن تقدر غيابه. نلتقط الصور لاستعادة لحظات لن تعود، وهي فعلا لا تعود، فالحياة دورة لا تتوقف، أشياء تبدأ، وأشياء تنتهي، أحداث مفرحة، وأخرى محزنة، هناك من يأتي، وهناك من يذهب، عوالم لا نراها، وأسرار لا نعرفها، مزيج من المتعة والألم، لكن المعاناة تبدو أكثر. أحيانا يكون الرحيل نهاية للألم، وأحيانا يكون بداية لألم جديد. لمزيد من مقالات عبد العزيز محمود