تلقينا عبر بريد الصفحة هذه الرسالة التي تحمل كل معاني الأخلاص والوفاء وتؤكد أن مازالت الدنيا بخير رغم كل ما نعيشه من متناقضات. وتروي صاحبة الرسالة قصتها قائلة: أنا فتاة عمري 24 عاماً. حباني الله سبحانه وتعالي بشخصية تجذب الكثيرين للارتباط بي. لكن شاء القدر أن يتقدم لخطبتي شاب يكبرني بعامين يحمل جميع الصفات التي كنت أحلم بها في فارس أحلامي. ولعب النصيب دوره في أن ألقي هذا الشاب وارتبط به وكنت أعتقد في لحظة من اللحظات انني امتلكت الدنيا بما فيها. وبالفعل اننهينا ترتيبات الخطبة في أسرع وقت. وكل يوم كان يمر علينا كنا نرتبط ببعضا البعض أكثر وأكثر. حتي كنت اردد دائماً ان من رضا الله عليّ أن جعلني ارتبط بفارس احلامي الذي كنت اتمناه. ومرت الأيام وساد بيننا الحب والتفاهم في كل كبيرة وصغيرة. وكنت له كل حياته وعشنا أجمل قصة حب في أقل من عام كان يحكي عنها الجميع. ولأن دائماً دوام الحال من المحال. وقبل ثلاثة شهور من أتمام زواجنا. مرض خطيبي فجأة وتدهورت صحته سريعا. وصدمت صدمة العمر حين أجمع الأطباء أنه مصاب بسرطان الدم. في مراحله المتأخرة وأن لم يتبق له سوي عدة أشهر. وأنه علينا أن نفترق. وذهلت لهذه الصدمة القاسية . وظننته يمزح معي ليعرف ما مدي حبي له. لكن للاسف انها الحقيقة المرة. فأي فراق يا سيدتي يمكن الحديث عنه. فسبق وان قلت لك أنه فارس الاحلام الذي اهداني الله به. ولم اتصور يوماً حياتي بدونه. ولم أخف عليك أنني فقدت الوعي والقدرة علي التركيز لساعات من هول الصدمة المؤلمة ومن هول الحاح خطيبي بسرعة مقابلة والدي لأنهاء الخطبة ويذهب كل منا في طريق. لم أتردد في أن اتخذ قرار حاسم بإن أكمل طريقي وحياتي معه حتي آخر لحظة في عمره الذي لا يعلم نهايته سوي الله عز وجل. واصررت علي العيش بجواره حتي وإن كانت النهاية هي المرض. والألم والموت. كان أملي الوحيد الذي أرجوه من هذه الحياة هو شفاءه. وأن أكون زوجته وأم أولاده. وبالفعل قررنا أن نتزوج سريعاً وسبحان الله زللت جميع العقبات أمامنا. وكل هذا ولم أخبر اسرتي بحقيقة مرضه. وتم الزواج في أسرع وقت. ورغم قسوة الموقف وظروفه الصحية الحرجة إلا انني كنت سعيدة بزواجي به. وبطبيعة الحال لم تدم هذه السعادة والفرحة سوي ايام معدودة. وبدأ المرض يشتد. بدأت اخطو أولي خطوات النهاية. التي اكدها الطب لكن ايماننا بالله. ويقيننا في الشفاء كان أكبر بكثير. وللاسف لم يحتمل جسد زوجي جلسات العلاج الكيماوي واخذت حالته تتدهور سريعاً وظللت علي مدار ثلاثة شهور أجلس تحت قدميه. اصل الليل بالنهار داعية الله أن يخفف عنه ما هو فيه. إلي أن جاءت لحظة الفراق ونظر إليّ زوجي في حزن ثم دعا الله لي بالسعادة وبأن يرزقني ربي من بعده بإنسان يحفظني ويرعاني ويعوضني عن معاناتي التي لم أكن أشعر للحظة واحدة بأنها معاناة. فبكيت واكتأبت ونهيته عن مثل هذا الكلام. مؤكدة له أنه سيعيش معي مائة عام. وفجأة لاحظت أنه قد صمت فناديته فلم يجبني . وكانت هي النهاية ورحل عن زوجي وحبيبي وتركني وحيدة في هذه الحياة رغم وجود كل افراد اسرتي وأهلي واصدقائي إلي جواري. وكما قررت أن اتحمل كل هذه المأسي من أجل حبه. قررت أيضاً أن اعيش علي ذكراه وحبه حتي ان نلتقي. هذا ما فعلته وهذا ما أردت ان اضعه تحت أنظار قرائك لعلهم يجدون فيه بعض ما يستفيدون به. ** عزيزتي الزوجة المخلصة بنت الأصول التي اختارت الاختيار الصعب في أن تخفي علي اسرتها هذه الصدمة واختارت العيش مع حبيبها وفارس احلامها اصعب مراحل حياته أمام مرض لا يحرم. فمن المحزن حقا ان تنتهي قصة جميلة كهذه نهاية غير سعيدة. فأقدر أحزانك وقسوة المحنة التي ساقته إليك الاقدار ومحنة الترمل في سن مبكرة. وعناء مواجهة المجهول. لكنها يا عزيزتي الحياة ليست دار السعادة الدائمة. فالحياة دار ابتلاء. ونصيحتي لك أن تسلمي أمرك لله وأن تدعيه دائماً بأن يعوضك في مصيبتك ويخلف لك خيراً منها. لأن قضاء الله تبارك وتعالي نافذ علي رقاب العباد. ولا يكون في ملكه إلا ما قدره. حيث يقول الله عز وجل في كتابه العزيز: ¢ إنا كل شيء خلقناه بقدر ¢ ومن ثم فعطاؤه رحمة. ومنعه رحمة. وإبقاؤه رحمة. وأخذه تبارك وتعالي رحمة. فحاولي التخلص من الماضي بما فيه من مراره قد تقف أمام حياتك القادمة. وابدأي صفحة جديدة مع الحياة وعليكي ان تعلمي يا صديقتي انك الاحوح إلي الإيناس والصحبة ورفقة الحياة من كل البشر.. فلقد ابتليت ابتلاء عظيما أعانك الله عليه وعوضك عنه خيرا. وفقدت زوجك في لحظة مأساوية حزينة وتكبدت آلاما تنوء بها الجبال.. أفلا يكون من حقك ان تتطلعي للتعويض والتخفف من الأحزان ولانه ليس حقا لك فقط وانما هو واجب إنساني عليك تجاه نفسك وتجاه من يحبونك ويشفقون عليك من وحدتك بعد هذه الفاجعة المؤلمة. كما أنه ايضا واجب ديني ان تتطلعي من جديد إلي رحمة الله وان تتذكري الآية الكريمة "ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما" صدق الله العظيم. اذ كلما كثرت أسباب تعلقنا بالحياة قويت ارادة الحياة فينا وكلما ضعفت روابطنا بها ازددنا انسحابا منها.. فاعقد العزم الصادق ياسيدتي علي أن تبني بزوج جديد وأنجاب اطفال يعمقون من اسباب تعلقك بالحياة. ويعوضونك عمن فقدت ويخففون عنك وحدتك وأحزانك. والله سبحانه وتعالي قادر علي أن يهبك الزوج الصالح لأن الحياة لا تقف علي أحد.