محافظ الدقهلية يأمر بإحالة المتغيبين عن العمل بمستشفى تمى الأمديد للتحقيق    مؤشرات قبول كليات القمة لطلبة الأزهر 2025    وزير قطاع الأعمال العام يوجه بتكثيف أعمال إنشاء مجمع مدارس فيصل لتجهيزه للعام الدراسي الجديد    محافظ الغربية يترأس اجتماعًا موسعًا لتذليل معوقات مشروعات مياه الشرب والصرف الصحي بزفتى    الرقابة المالية تصدر معايير الملاءة المالية للشركات والجهات العاملة في أنشطة التمويل غير المصرفي    كيف تحصل على شقة بديلة للإيجار القديم؟.. اعرف الخطوات    الاحتلال يصادق على بناء 730 وحدة استيطانية جديدة في سلفيت    السودان يرحب ببيان مجلس الأمن الذي يدين خطط الدعم السريع لتشكيل حكومة موازية    إسرائيل تحذر لبنانيين من الاقتراب إلى مناطقهم الحدودية جنوب البلاد    صحيفة تكشف آخر تطورات مفاوضات مانشستر سيتي مع دوناروما    أسامة نبيه: حققنا مكاسب كثيرة من تجربة المغرب    طالب ينهي حياته بعد رسوبه في امتحانات الثانوية الأزهرية بالشرقية    تخفيض مؤقت لسرعة قطارات وجه قبلي بسبب ارتفاع درجات الحرارة    السجن المؤبد لأفراد تشكيل عصابى تخصص فى الاتجار بالمخدرات بالقناطر الخيرية    ضبط سائق سيارة فارهة حاول الهرب بعد ارتكابه حادثا مروريا بكوبرى أكتوبر.. فيديو    علشان يسرق فلوسه.. قليوبي ينهي حياة جاره المسن داخل منزله    مكتبة القاهرة الكبرى تستقبل فعاليات الملتقى 21 لثقافة وفنون المرأة    أشرف زكي يكشف عن تفاصيل ومواعيد حملة 100 مليون صحة بمقر المهن التمثيلية    احتفالات وفاء النيل تتصدر فعاليات الثقافة في الغربية    محافظ الدقهلية: لا تهاون مع المقصرين وتحقيق فورى للمتغيبين بمستشفى تمى الأمديد    سعر الأسمنت اليوم الخميس 14- 8-2025.. بكم سعر الطن؟    قرار قاسي في انتظاره.. تفاصيل عفو الزمالك عن فتوح وشرط جون إدوارد    انطلاق منافسات نصف نهائى السيدات ببطولة العالم للخماسى الحديث تحت 15 عاما    الأهلي يتحرك مبكرا للحكام الأجانب قبل مواجهة بيراميدز    إي إف جي القابضة تواصل مسيرة النمو الاستثنائية بأداء قوي خلال الربع الثاني من عام 2025    المواد الغذائية: استجابة المنتجين والمستوردين لخفض الأسعار ضرورة وطنية.. ومؤشرات الاقتصاد تؤكد التعافي    3 قرعات علنية لتسكين «توفيق أوضاع» مدن العبور الجديدة    خارطة طريق للمؤسسات الصحفية والإعلامية    عمر الشافعي سكرتيرًا عامًا وإيهاب مكاوي سكرتيرًا مساعدًا بجنوب سيناء    ضوابط دخول امتحانات الدور الثاني للثانوية العامة 2025.. تفاصيل    بسبب خلافات أسرية.. الإعدام شنقاً للمتهم بقتل زوجته وإضرام النيران في مسكنهما بالشرقية    الائتلاف المصري يستعد لمراقبة انتخابات الإعادة: خطط عمل وأدوات رصد للتنافسية داخل 5 محافظات    بيان رسمي.. توتنهام يدين العنصرية ضد تيل بعد خسارة السوبر الأوروبي    شقيقة زعيم كوريا الشمالية: لا نرغب فى تحسين العلاقة مع الجنوب.. وتنفي إزالة مكبرات الصوت    ياسمين صبري تنشر صورًا جديدة من أحدث إطلالاتها    حين امتدّ السيف الورقى من المجلة إلى الجريدة    الليلة.. انطلاق فعاليات الدورة الثالثة من «مسرح الغرفة والفضاءات» بالإسكندرية    السيسي يوجّه بتحويل تراث الإذاعة والتلفزيون المصري إلى وسائط رقمية    تطورات الحالة الصحية للفنانة الكويتية حياة الفهد.. جلطة وممنوع عنها الزيارة    ما حكم اللطم على الوجه.. وهل النبي أوصى بعدم الغضب؟.. أمين الفتوى يوضح    صوت وطنى مهم فى لحظات فارقة    درجة الحرارة اليوم.. احمي نفسك من مضاعفاتها بهذه الطرق    طريقة عمل الفراخ في الفرن في خطوات سريعة    حصول معملي الوراثة الخلوية ووحدة المناعة بالمعهد القومي للأورام على الاعتماد الدولي    موعد مباراة ليفربول وبورنموث في الدوري الإنجليزي    ريبيرو يراجع خطة مواجهة فاركو في المران الختامي للأهلي    فرنسا ترسل تعزيزات لدعم إسبانيا في مكافحة الحرائق    رئيسة القومي للطفولة تزور الوادي الجديد لمتابعة الأنشطة المقدمة للأطفال    ضبط موظف بمستشفى لاختلاسه عقاقير طبية ب1.5 مليون جنيه    منتخب السلة يواجه السنغال في ثاني مبارياته ببطولة الأفروباسكت    قرار جمهوري جديد للرئيس السيسي اليوم الخميس 14 أغسطس 2025    مع اقتراب موعد المولد النبوي 2025.. رسائل وصور تهنئة مميزة ب«المناسبة العطرة»    100 منظمة دولية: إسرائيل رفضت طلباتنا لإدخال المساعدات إلى غزة    خالد الجندي: حببوا الشباب في صلاة الجمعة وهذه الآية رسالة لكل شيخ وداعية    «100 يوم صحة» تُقدم 45 مليونًا و470 ألف خدمة طبية مجانية في 29 يومًا    أدعية مستجابة للأحبة وقت الفجر    التايمز: بريطانيا تتخلى عن فكرة نشر قوات عسكرية فى أوكرانيا    في ميزان حسنات الدكتور علي المصيلحي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كما يليق بمي : جدلية الخاص والعام
نشر في أخبار الأدب يوم 02 - 04 - 2016

ببيت شعر لكثير عزة يفتتح الشاعر حسام جايل عالمه الشعري الجديد في ديوان" كما يليق بمي " الذي صدر قبل أسابيع عن مؤسسة العالم العربي للدراسات والنشر، لكن حسام جايل يستبدل اسم عزة، ويضع مكانه اسم مي أو مية حتي يتسق الوزن، ثم يقدم شكره لكثير عزة:"
لو يسمعون كما سمعت حديثها خرجوا لمية ركعا وسجودا
مع الشكر لكثير".
ويكبر هذا العشق الذي أنزل المعني الصوفي من السماء إلي الأرض، وبسط دلالته الكلية علي بقية الديوان، فيتجادل العام مع الخاص ، وتصير الأنا مركز العالم، ويصير العالم جزءا من تعاسات الأنا.
في القصيدة الأولي " هروب" يصير الداخل خارجا والخارج جزءا من الذات، ويصبح للهروب من تعاساتها جزء من النجاة، فهو هروب للداخل ، وليس للآخر كما يتضح من القراءة الأولي:" وأنا أول الناجين مني
آخر الشطار والزهاد / في عصر الحيل
أنا صمت رابعة التي / قد أينعت صبواتها
ما بين تجار الملل"
نجد الشاعر يوظف مفردات التصوف وعوالمه، وكل مفردة تأتي بمحمولها الثقافي في النص، فالقارئ يستحضر المحمولات الثقافية والمعرفية لهذه الرموز التي تحتشد بها القصيدة.
يواصل الشاعر استخدام مرادفات وتجليات الهروب، فالقصيدة الثانية هي " مهاجر" فيتوجه بالخطاب إلي مخاطب مؤنث، قد يكون الحبيبة( مي) وقد يكون الحبيبة الكبري / الوطن( مصر) لكنه يرجوها ألا تؤمن بالغياب، وهذا عكس ما تمنحه دلالة العنوان" مهاجر" فهو سيرحل، لكنه يريد أن يظل الحاضر الغائب، يريد من المحبوبة ألا تؤمن بغيابه، بل يغالي في رجائه أن تتدثر بسرابه، فلا شئ يفرقه عنها.
يحتشد النص بكل مفردات الغياب، كل المفردات التي تغيبه عن الحبيبة/ الوطن، والمفارقة أن القصيدة كتبت في عام 2010 وكأنها تنبؤ بكل ما سوف يواجهه الوطن ما بعد ثورة يناير، فهو يبرر أسباب غيابه أو هجرته، فقد أفلست الدعاية والوشاية والجباية والتصابي ، فثمة تهم تنتظره، لأن الوطن مبعثر في الوزارة والخسارة ، إذن لا مفر من الرحيل، المضي نحو عالم آخر لا تحاسب فيه الذات علي الأحلام:" فاخلع عباءة حكمهم .
وامض بنا
نحو العلاء بسادة وشباب
مثل النجوم / يرون كل عصب سلما
نحو العلا
فامدد شراعك يا وطن / نبحر معا".
يواصل الشاعر الاشتغال علي مفردات الرحيل، ما بين "هروب" و"هجرة" و" رحيل"، فقصيدة رحيل التي كتبت عام 2002 تطرح مفهوم الافتقاد والاغتراب، ومن ثم الرحيل، فقلت الفتي الذي صار صخرا ، لا بد سيبحث عن مسارب لإنقاذ الروح من الموات، فقد فقد الأماني والذكريات ، فها هو يلعن حظه، ويرحل:"سئمتَ ولم تزل اللعنات
تصاحب خطوك، رغم البدايات، رغم النهايات
رغم المحن،
تُصلي علي قبر جدك / رغم الزمن
وها نحن نرعي كلأ الذين انتهوا
ونادوك سحرا / حسامك ما بين حد النهود
ولن تتجاوز نحرا / فلا تستقم كما أمروك".
ويظل الهم العام مسيطرا علي الديوان، فالوطن يئن، والحكام فاسدون، والسياسة لا تعرف القيم، والتعاسة تحيط بالعالم.
والذات الشاعرة لا تجد أمامها سوي المقامرة،في قصيدة " المقامر" يعري فيها ذهنية الحكام العرب ويخاطب فيها الليل لما له من رمزية الإظلام والتغييب والسجن والشر، يساءل الليل عن الحياري والعاجزين عن الحياة في مقابل حكام لا يعرفون سوي المعازف ومجالس اللهو، ولا يتحقق العدل في ظلهم يوما.
الخط الدرامي الثاني في الديوان هو تأمل الذات لمشاعرها وسعاداتها وتعاساتها الخاصة، علاقة الذات بالآخر المحبوب في تجلياته المختلفة، في قصيدة " لقاء" نجد الذات الشاعرة تكشف عن مشاعرها بالمحبوبة ومتي كان اللقاء، وكيف تم، وزاوية الرؤية الشاعرية التي يري بها العالم، وفي هذا الخط الذاتي تتسم اللغة بالشاعرية، والمجازات البلاغية الكلاسيكية، فالمحبوبة هي التي يدور في فلكها الحبيب، وهي تمثل لها كل ما هو جميل ، لكن لا تكتمل القصيدة حتي يماهي بين صورة الحبيبة وصورة الوطن:" كنت دنيا من خيالي
كنتِ روحا من جمالك / كنتُ طيرا في سمائك
كنتِ أنت / كنتُ إن جئت إليك
طفتِ كالروح بباي / خبريني يا بلادي
ما الذي أغراك بي؟
يا بلادا في هواها صرت صوفيا
مشتتُ
كم كتبتُ الشعر دُرا / في رحابك
كم أحلتُ الطين تبرا".
في النص التالي " رحيق " نجد الذات الشاعرة تحاول أن تعيش حياتها ، تمارس حقوقها الطبيعية، تتهيأ للمارسة الحياة، لكن الهم العام يقتل تلك الأحلام الإنسانية البسيطة، فحين يفتح التلفزيون ويشاهد كل هذا الخراب والدمار في الأوطان يقرر أن يصبح إحباطه وينام:" كلي حماس / أن أداعب زوجتي
عند المساء / أتحين الوقت المناسب / أرهب الجيران
هاتف أمها / وقت اشتعال النار / أخشي صوتنا
عند ارتفاع الحب ... حين يجيئ الوقت
الأزمة المالية / النفط والحرية
الفقر والجوع المرير / قفز القراصنة الصغار علي البحار
وجسوم حزب حاكم
تفني علي أبوابه الكلمات ..تأتي تقول هيا
نام طفلك الشقي المتعب / أقول لها دعيني الآن
أسمع موجز الأنباء / إذ يأتي أصاب بالغباء
أبدو كأن القلب تنقره عتاة الطير
أبكي قليلا
أحضن زوجتي / وأقول يا عمري / لو تعلمين كم أحبك؟
تصبحين علي خير!!".
استمرارا لخط جدل الذات مع العالم نجد قصيدة أخري بعنوان" حين أحبك" وفيها تفاصيل إنسانية شفيفة عن الذات حين تقع في العشق، وكيف تري العالم، وكيف تتعامل معه" حين أحبك أصبح مثل عصفور
يمنّي في الفضا نفسه / يحط علي القلوب
ويلقط الأشواق".
ويستمر الشاعر في ذكر تفاصيل رؤية الحياة والناس حين يقع في العشق.
وهكذا يلتقي الخطان الدراميان في جدلية ثرية ما بين الداخل والخارج، الذات والآخر، الهم العام والهم الخاص، لكن ما يؤخذ علي القصائد المعجم اللغوي الكلاسي، وربما يتناسب هذا مع القصائد التي لم تغامر بالتجريب والخروج علي الوزن الشعري، سواء بعض القصائد التي التزمت بالبحور الشعرية التقليدية أو قصائد التفعيلة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.