تبدأ دورة جديدة، فى غضون شهر، من دورات مهرجان القاهرة الدولى للمسرح التجريبى والمعاصر الذى أوشك على إتمام ربع قرن. تأتى الدورة ال 24 ومعها، كمثيلاتها، الأسئلة التى تدور حول المهرجان كل عام وكأنها طقس سنوي. أسئلة حول إشكالية تسميته أو تنظيمه أو جدواه من الأساس. هى مناقشة لم ولن تنتهى طالما المهرجان قائمًا. أرى أن تلك المناقشات والأسئلة يمكنها فتح أبواب البحث والتنظير حول ماهية المسرح وتعريفه وتصنيفه من الأساس. فبديهى إذا أردنا أن نعرف هل تصح تسمية المهرجان بالتجريبى، وما يستدعيه المفهوم من بحث حول ماهية المسرح ذاته؛ أليست كل مسرحية هى تجربة جديدة؟، أو إذا ما توقفنا عند لفظة المعاصر وهل المقصود به تصنيف فنى للشكل المعروض أم هو تصنيف زمنى يستوعب كل ما يجرى فى الزمن الآنى من تجارب مسرحية دون الدخول فى متاهات التصنيف الشكلية؟ يصح أولا أن نتساءل عن ماهية المسرح؟ عن تعريف المسرح؟ حتى نصل إلى ما هو المسرح المعاصر؟ وما هو التجريبي؟ بصفتى هذا العام المدير التنفيذى للمهرجان ورئيس ندواته الفكرية، أرى أنه من هنا تأتى أهمية هذا المهرجان؛ فمن خلال مشاهدة العروض الحية- والتى هى أساس كل تنظير- التى يرى صناعها ولجنة الاختيار أنها تقع تحت مسمى المعاصر والتجريبى، وبين سماع المناظرات الفكرية لأكاديميين دوليين حول مفاهيم المسرح وأشكال المسرح المعاصر يمكن الوصول إلى نقاط تقابل بين المتحمسين والرافضين للمهرجان، وبين من يرون فى المسرح أشكالا بعينها سواء كانت تقليدية أو معاصرة، تراثية أم حداثية، مضامينية أم شكلية، ومن يرون أن المسرح أصبح بلا تصنيف واتسع مفهومه ليشمل كل فنون العرض. تأتى الندوات الفكرية هذا العام لتطرح جزءا من تلك المناقشة بين أكاديميين من ثقافات مختلفة (آسيا، أمريكا اللاتينية، إفريقيا، المغرب والمشرق العربى)، كل يتحدث عن المسرح المعاصر أو التراثى أو الجدل فيما بينهما، فى ثقافته، إضافة إلى العروض المتنوعة الثقافات والأشكال فيصبح المهرجان ليس مجرد حدث عارض بل حدث فارق يسعى إلى الوصول إلى جزء من نظرية المسرح الكبيرة التى تحاول أن تتشكل عبر تاريخه لمحاولات الإفلات من تعريف ضيق.