* عبد الرحمن الشافعى: المسرح مرآة للواقع والانقسام الموجود حاليا * محمود نسيم: فاروق حسنى صنع مهرجانات بلا مسرح.. وتعمد مخاطبة النخبة ل"تغييب" الجمهور فى الندوة الأولى ضمن ندوتين من المقرر إقامتهما على هامش فعاليات المهرجان القومى للمسرح لم تشهد الندوة أى متابعين من المسرحيين، ولم تحظ بتغطية موسعة من قبل الصحف والمجلات، كما لم يقم المركز القومى للمسرح بتوثيق الندوة، وذلك لاعتراض موظفى المركز على قرارات رئيسه الدكتور إنتصار عبد الفتاح، وهددوا بالامتناع عن ممارسة عملهم. وقام الدكتور حسام عطا، رئيس لجنة الندوات بالمهرجان وأحد المشاركين بالندوة، بإبدال مسماها، إلى حلقة نقاشية، اقتصر الحضور فيها على المتحدثين الأربعة بجانب 3 صحفيين، بالإضافة إلى أمينة لجنة الندوات بالمهرجان، وأقيمت الندوة يوم الخميس الماضى تحت عنوان: "أزمة مفهوم الهوية والتيارات المسرحية الجديدة فى ضوء السلطة الثقافية"، وذلك بالقاعة الكبرى بالمجلس الأعلى للثقافة. وأوضح عطا أن تأثير المسرح التجريبى على جيل التسعينيات هو تحول المسرحيين الشبان إلى مجربين، وظهرت التجارب الخالية من المعرفة؛ حيث كانت تعبيرا عن سلطة منح ومنع وللإنفاق بالملايين والمناصب، مضيفا أنه باختفاء ذلك اختفى المجربون، ولكن أكمل طريق التجريب فى المسرح من هم على الهامش، وليس من هم فى المتن وجاء التجريب من الأطراف، خاصة أبناء مدينة الإسكندرية، التى لم تسع وزارة فاروق حسنى إلى تجنيدهم لخدمة السلطة، مشيرا إلى أن المثقفين انقلبوا على التجريبى بعد انقضائه، وبحثوا عن سلطة ثقافية جديدة يتم تجنيدهم فيها لاحتوائهم؛ ولكنها هى غير موجودة حاليا. وأرجعت الدكتورة عزة هيكل، عضو المجلس القومى للمرأة، غياب المشاركين عن ندوات مهرجان المسرح القومى، لغياب التنسيق لوجود ندوة مهمة أخرى فى القاعة المجاورة، ولها أهمية كبيرة عن وثيقة المرأة، وعدم علم المسرحيين بالندوة، مشيرة إلى أنها اتصلت بالمخرج هشام عطوة المشرف على مسرح الهناجر الذى أخبرها بعدم علمه بأى شىء عن الندوة. وأشارت إلى أن المسرح التجريبى استغرق فى محاكاة النموذح الغربى دون وجود محاولة لإيجاد مسرح مصرى ذى هوية مصرية، بينما كانت هناك محاولات تجريبية مصرية مثل اللعب فى الدماغ وقهوة سادة. وقالت "هيكل": إن فكرة المهرجان التجريبى ليست سيئة، ولكن تداخل السلطة الخارجية وتقليد الغرب والسلطة القائمة كانت تجهض مشروع المسرح فى تلك الفترة، مشددة على أن كل الندوات والمهرجانات لن يكون لها مردود، إلا إذا حدث شيئان، أولا يتم إدراج نص صريح فى القانون بألا توجد مدرسة أو كلية بلا مسرح، والثانية إضافة المسرح المدرسى ضمن الدراسة المدرسية، من خلال المناهج الدراسية، وأن يكون اختبار الطالب بصناعة مسرحية تجعل الارتقاء بالذائقة؛ حتى يكون المسرح جزءا من العملية الإبداعية والتعليمية. من جانبه، قال المخرج عبد الرحمن الشافعى: إن غياب المسرحيين جاء بسبب غياب المسرح على مستوى الإنتاج والجمهور والانقسام الحادث الآن فى مصر، الذى يشمل المسرحيين أيضا، فالمسرح مرآة للواقع المصرى وتساءل: أين المشكلة؟ ويجيب قائلا: إن عدم مشاركة المسرحيين يعود لأن بعضهم له أغراض شخصية، كما يحدث الآن من بعض الساسة. وأضاف الشافعى أن الوزير الأسبق للثقافة فاروق حسنى لم يكن لديه أمل فى المسرح المصرى، ولذا أنشأ المسرح التجريبى، والآن فى لجنة المسرح بالمجلس الأعلى للثقافة كان هناك انقسام حول قيام المسرح التجريبى مرة أخرى، وألا تلقى الدورات العشرين السابقة فى البحر، وكانت هناك آراء أخرى بأن يتحول إلى مهرجان مسرح عالمى؛ بحيث نقيم مهرجان المسرح القومى فى الفترة الحالية حتى تظهر الرؤية. واختتم الشافعى حديثه بالعديد من التساؤلات: هل هناك إنتاج مسرحى يعقد له مهرجان أم هناك عروض تشارك فى المحافل الدولية؟ وهل هناك مسرح الآن؟ وما مدى تأثير مهرجان المسرح التجريبى على المشهد المسرحى؟ ويرى الناقد المسرحى الدكتور محمود نسيم أن عدم وجود مشاركين فى الندوة يدل على الواقع المسرحى المصرى، فما حدث هو مؤشر كاشف عن الواقع المسرحى، فالعروض قائمة، ولكن وظيفتها غائبة وفاعليتها مفتقدة بالكامل، وهو ما يستدعى الحديث بالنقد والمكاشفة والمصارحة عن الواقع المسرحى وفشل الوزارة فى إقامة مؤسسة مسرحية. وأضاف أن تجربتى فاروق حسنى وثروت عكاشة هما أكبر تجربتين مسرحيتين، ولكن كان هناك تفريغ متعمد للدور الاجتماعى للمسرح على يد فاروق حسنى؛ لتتحول إلى عروض نخبوية دون تفاعل ومشاركة فاعلية، فالحضور ليس وجودا رقميا، والمسرح غائب، ونصنع له مهرجانا، فلنصنع مسرحا ثم نقيم مهرجانا. ويعود نسيم إلى عنوان الجلسة؛ ليقول إن الهوية ليست مغلقة، ولا يمكن حبسها فى الماضى، فجمال حمدان ميز بين الحضارة والثقافة، فالحضارة مستمرة، وتنتهى بالثقافة، بينما مع الحملة الفرنسية توقفت الحضارة، واستمرت الثقافة وما يسمى بالهوية خرج وسط انشقاق وتباعد النموذج التراثى الغربى، خاصة مع فشل الثورة العرابية، لتنشأ الهوية الديمقراطية والهوية التراثية والهوية السلطوية التى تجلى النزاع بينها فى أزمة مارس 54، وأنهى عبد الناصر أشكال الهوية الأخرى؛ لينشأ الحداثة السلطوية ودمج المؤسسات والنقابات ودمج المؤسسات فى الدولة وهدم مشروعى الهوية المناقضين له، سواء التراثى أو الحداثى ليقيم الهوية السلطوية. وأضاف نسيم أن جيل السبعينيات شهد تجربة مختلفة للبحث عن هاجس تيار مسرحى عربى بعد هزيمة 67، وتعدد التجارب المسرحية فى العواصم العربية، بعد أن كانت متركزة فى مصر، فكان سؤال الهوية المهزومة هو السؤال المركزى، بينما جيل التسعينيات، وهو الذى أفرزه المهرجان التجريبى ومركز الهناجر.