بدون جمهور، انعقدت أولى الندوات المصاحبة للمهرجان القومي للمسرح ظهر اليوم بالمجلس الأعلى للثقافة بعنوان "أزمة مفهوم الهوية والتيارات المسرحية الجديدة في ضوء السلطة الثقافية"، والتي وصفها المخرج عبد الرحمن الشافعي بأنها تعكس حالة غياب المسرح على مستوى الإنتاج والجمهور، واتهم المسرحيين الذين لم يشاركوا في الندوات والمهرجان بأن لهم أغراضًا شخصية؛ لأن منهم من لم يتمكن من المشاركة في المهرجان. وكشف "الشافعي" عن الانقسام داخل لجنة المسرح بالمجلس الأعلى للثقافة - التي يشارك بعضويتها - حول عودة مهرجان المسرح التجريبي، بينما فريق يرى إلغاءه تماما وفريق يرى تحويله إلى مهرجان عالمي. وقال المخرج د. حسام عطا - أستاذ الدراما بأكاديمية الفنون: إن العروض التي كانت تأتي من الخارج في مهرجان المسرح التجريبي بشكل عشوائي، كانت نافذة لرؤية العالم، لكن مشكلة المهرجان أنه كان تعبيرًا عن سلطة المنح والمنع ، لذلك احتل المتن فيه مسرحيون احتلوا سلطة التجريب، وباختفاء هذه السلطة التي تدفع الملايين اختفى المجربون، مضيفًا أن المؤسسة المسرحية التابعة للدولة ما تزال تبحث عن سلطة جديدة تجندها في مشروع جديد، فالأصل أن يأتي التجريب من الهامش لا المتن، لذلك ظلت سمات التجريب ظاهرة في الهامش عند فرق المسرحيين الشباب والمستقلين وفي المحافظات، فهؤلاء الشباب الذين لم يرفعوا راية النفاق هم من استفادوا بحق من التجريب، مضيفا أن المهرجان جاء بمجموعة عروض وإصدارات مهمة على مدار دوراته ومحاولة الانقلاب عليه دون رؤية أو تصور للهوية وللمستقبل تمثل إهدارًا ل25 عامًا من الجهد المتواصل للفنانين و المترجمين وللأموال التي أنفقت. وقالت الكاتبة د. عزة هيكل: إن أزمة المسرح المصري في ارتباطه دوما بالسلطة متمثلة في المقام الأول بسلطة الدولة، ثم سلطة القكر الغربي، تطبيقًَا لنظرية ابن خلدون عن المغلوب الذي يقلد الغالب، وإن التكوين الفكري والثقافي والتراثي للوطن العربي والمصريين ليس تكوينا مسرحيا يصل إلى تحريم الفن، لذا فالهوية الفنية ضائعة، فعلى الرغم من أننا عرفنا المسرح في مصر مع الحملة الفرنسية، إلا أن ازدهار المسرح ارتبط بلحظة التنوير في الستينيات عندما كانت مصر تتطلع للأمام، وكان المسرح في مشروعها أداة للتغيير والمقاومة، فظهر عمالقة مبدعيه وقدموا مسرحا طليعياً، ومن استلهم التراث منهم كألفريد فرج ذهب له رافضًا تبعات الماضي ومتجهًا للمستقبل، ثم مررنا بمرحلة المسرح السياحي، وفي الثمانينيات سادت موجة جلد الذات والسخرية السياسية، ومع المسرح التجريبي رغم بدايات جيدة مال إلى الاغتراب الشديد والتجريد ومحاكاة المدارس الفكرية والمسرحية في الغرب، مما عزله عن المشاهدين. وأكدت أن إنقاذ المسرح يبدأ من التعليم، واقترحت إدراج نص يعتبر وجود النشاط المسرحي ضرورة لمنح الجودة للمدارس، وأن تنفصل الإدارة عن رأس المال الإنتاجي والسياسي في المسرح، وأن تؤمن السلطة بأن المسرح ليس رفاهية وإنما جزء أصيل من صياغة العقل المصري.