لا أدري لماذا تتقاعس الحكومة حتي الآن عن البدء في اتخاذ إجراءات عودة شركة النصر لصناعة السيارات إلي ممارسة نشاطها مرة أخري، والتي أعلنت الشركة القابضة للصناعات المعدنية في سبتمبر الماضي وقف تصفية الشركة التي بدأت منذ عام 2009؟، ولا أظن أن عودة هذه الشركة للعمل مرة أخري بالأمر العسير، خاصة أن السبب الرئيسي في توقفها كان يتمثل في تراكم مديونياتها التي وصلت إلي ملياري جنيه، وهو مبلغ ليس كبيرا ويمكن تدبيره من وجوه عديدة أقلها وأبسطها جدية الدولة في تحصيل متأخرات كبار العملاء لدي مصلحة الضرائب أو الكف عن دعم المواد البترولية للمصانع كثيفة الاستخدام للطاقة مثل مصانع الحديد ومصانع الأسمنت وغير ذلك الكثير من الموارد الأخري سوف تجده الدولة إذا تولدت لديها الرغبة الصادقة والجادة في إعادة تشغيل هذه الشركة التي تعد أمل كل المصريين في استعادة حلم إنتاج سيارة مصرية، خاصة أن أسعار السيارات في مصر قد وصلت إلي معدلات لم يسبق لها مثيل من قبل، حيث تضاعفت لمرتين علي الأقل، واستغل الكثير من الموزعين وتجار السيارات أزمة ارتفاع سعر الدولار ووضعوا هامش ربح يفوق كل التصورات. إن عودة شركة النصر للسيارات لإنتاج السيارات العديدة التي كانت تنتجها والتي كانت أسعارها تتناسب مع أصحاب الدخول المتوسطة مثل السيارة مصر بجميع فئاتها فيورا، ريجاتا، بولونيز، دوجان، شاهين، فلوريدا، إلي إقبال قطاع عريض من المواطنين علي شراء تلك السيارات، وبالتالي خلق سوق منافسة أوسع تكون نتيجته انخفاض سعر السيارات في مصر بشكل عام، وتحقيق انتعاش اقتصادي في السوق المصرية بوجه خاص. الشباب طاقة قوية، لكنها للأسف مهدرة نظرا لكثافة السكان، وضعف التعليم، وتكدس القطاع الحكومي، وشعف رواتب القطاع الخاص، علاوة علي كسل قطاع ليس بالهين من الشباب واستسلامهم للمقاهي والشات والنت، إضافة إلي مناخ الروتين والبيروقراطية الذي نحياه والتحديات والصعوبات والتعنت التي تعاند كفاح الشباب وجهودهم لتحسين الحال، لكن بعد تحرير سعر الصرف هل سيظل الحال كما هو؟ وهل الشباب هم من سيحاسب علي المشاريب وحدهم؟ وهل يستطيعون الآن المحاسبة علي سعر المشاريب في المقاهي وكل شيء ازداد ثمنه؟.. إننا في حاجة إلي حراك شبابي وجهد وسعي وعدم استسلام، وأقول لكل شاب: لا تنتظر الفرصة حتي تأتيك أو ترأف بك، بل اصنعها بالجهد والعرق، وعلي الدولة التيسير علي الشباب أكثر ودعم المشروعات لإعانة شباب يحلم بغد أفضل، وحياة يبزغ فيها الأمل من جديد. يوم دخل هولاكو بغداد قتل العلماء والتجار والقضاة، وقال لجنوده: أبقوا المستعصم حيا حتي يدلنا علي أماكن كنوزه، وذهب المستعصم معهم ودلهم علي مخابئ الذهب والفضة والنفائس وكل المقتنيات الثمينة في داخل وخارج قصوره ومنها ما كان يستحيل أن يصل إليه المغول بدونه حتي أنه أرشدهم إلي نهر مطمور من الذهب المتجمد لا يعلم أحد بمكانه فقال له هولاكو: لو كنت أعطيت هذا المال لجنودك لكانوا حموك مني، لم يبك المستعصم علي الكنوز والأموال، ولكنه بكي حين أخذ هولاكو يستعرض الجواري الحسان وعددهن 700 زوجة سرية وألف خادمة، وأخذ الخليفة يتضرع إلي هولاكو قائلا: «من علي بأهل حرمي اللائي لم تطلع عليهن الشمس والقمر»، ضحك هولاكو من قول المعتصم وأمر أن يضعوه في شوال (كيس من الخيش) ثم يضربه الجنود ركلا بالأقدام حتي الموت. يقول المؤرخون: إن ما جمعه بنو العباس في خمسة قرون أخذه هولاكو في ليلة واحدة، وسيقول المؤرخون: ما كان يكفي الأمة العربية لعدة قرون أخذه ترامب في ليلة واحدة، ولو أنفقت الأنظمة العربية كل هذه الأموال علي التعليم والبحث العلمي والصحة ومساندة بعضها البعض لكانت أقوي الأمم، ما أشبه الليلة بالبارحة!. لمزيد من مقالات عبد المعطى أحمد;