ينبئ اعتزام حكومة بنيامين نيتانياهو المتطرفة ,أو بالأحرى شروعها الفعلى فى بناء , ما يصفه الجنرال «إيال زمير» قائد المنطقة الجنوبية فى جيش الاحتلال الاسرائيلى بأهم عائق تحت الأرض أى جدار تحت الأرض على طول الحدود مع قطاع غزة رغبة دفينة لديها فى تنفيذ سلسلة من الخطط الرامية الى عزل الدولة العبرية بشكل يكاد يكون كاملا عن المحيطين بها , وهو مخطط بدأ فى العام المنصرم ,ولايقتصر على غزة فحسب وإنما يمتد الى مصر والأردن. ويأتى بناء الجدار العازل فى الضفة الغربية قبل سنوات فى السياق نفسه ,بحسبان أن هذه الجدران العازلة تشكل مرتكزا قويا فى توفير الأمن لها, وحمايتها من العمليات الإرهابية على حد تعبير قادة الكيان الاسرائيلى . غير أن الوضع مع غزة يأخذ شكلا مغايرا لأن حكومة نيتانياهو ترغب بالأساس فى توفير من خلال الجدار مواجهة ما تطلق عليه خطر الأنفاق التى أقامها مقاتلو حركة حماس إبان تصديهم للعدوان الاسرائيلى فى عام 2014 والتى أربكت حسابات القيادات العسكرية لجيش الاحتلال ,بعد أن تسببت فى خسائر عالية لم تعتد عليها الدولة العبرية ,فضلا عن خطف عدد من جنودها ما زالوا بقبضة حماس انتظارا لصفقة الإفراج عنهم ,مقابل إطلاق سراح المئات من الأسرى الفلسطينيين, والتى ما زالت تراوح مكانها رغم ضغوط أهالى الجنود الاسرائيليين المختطفين . ويبدو أن ثمة إصرارا واضحا لدى القيادة العسكرية الجنوبية على استكمال الجدار مع غزة ,وحتى لو كان الثمن حربا عادلة تشن على حركة حماس وفق تأكيدات قائدها الجنرال «إيال زمير» وفى هذا السياق فإن الجدار الجديد يتضمن إقامة سياج معدنى مقوّى على ارتفاع ستة أمتار وجدار من الأسمنت المسلح بعمق عشرات الأمتار تحت الأرض , فضلا عن إقامة سياج فاصل على الحدود البحرية وكاسر أمواج على طول عدة كيلومترات , أى أنه حصار شامل برا وبحرا يعمق من حالة الحصار المفروضة على القطاع خلال السنوات الأخيرة ,والتى تسببت فى أوضاع شديدة الصعوبة بالنسبة لسكانه . وتصل الكلفة المالية للمشروع الى ثلاثة بلايين دولار، ومن المقرر أن ينتهى العمل منه نهاية 2018 وفى إطار الاستعدادات له فقد تم إقامة عدد من الصناعات المغذية له قرب الحدود مع القطاع, واستقدام مئات العمال من خارج إسرائيل , بالإضافة إلى العمال الذين تسللوا إلى إسرائيل طلباً لملجأ فى غضون الشهرين المقبلين , فإن وتيرة العمل بالجدار ستأخذ وتيرة متسارعة ,إذ ستتم فى آن واحد فى أربعين موقعاً على الحدود بمشاركة ألف عامل سيعملون 24 ساعة يومياً . ووفق وسائل إعلام اسرائيلية فإن هذا الجدار الجديد سيكون على بعد مئات الأمتار شرق الجدار القائم فى اتجاه الأراضى الإسرائيلية , على أن يتم ملء المسافة الفاصلة بين الجدارين بتلال من التراب، مع شق مسالك تتيح لدبابات جيش الاحتلال ووحداته التجول فيها والقيام بدورياتها، وستكون على غرار تلك التى أقيمت فى الحدود بين إسرائيل ومصر، لكن على نحو أكثر سمكاً ,كما أن هذا الجدار سيكون مجهزاً بأحدث الأجهزة الالكترونية ,ومجسّات ترصد أى تحرك وترسل إنذارات بأن هناك من يقترب من الجدار. وتكمن المعضلة فى أن بناء هذا الجدار قد ينطوى على نزوع اسرائيلى جديد للقيام بعمليات عسكرية ضد قطاع غزة, وهو ما استوعبته حركة حماس والتى رأت أنه إعلان حرب طبقا لأحد قياداتها ,والذى أكد أنه لن يتم السماح للاحتلال الاسرائيلى بتنفيذ مخططاته وجرائمه تجاه الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة , وستعمل الحركة على منع بناء هذا الجدار بالسبل الممكنة لديها , ويؤكد أن دخول قوات الاحتلال وآلياتها إلى قطاع غزة، سيواجه برد قاس من حماس, ولن تجلس حياله مكتوفة الأيدى .