وكيل أول الوزارة: لجنة تعد دراسة لضبط منظومة العلاج الخاص قبل تطبيق التأمين الصحى لا نبالغ اذا قلنا إن الاحتياج للطبيب يعد من أهم أولويات أى أسرة.. ولا نبالغ أيضا اذا قلنا إن تحديد اسم الطبيب أو المستشفى أصبح أمرا شديد الصعوبة ..ليس لندرة الأطباء ولا لقلة عدد المستشفيات والمراكز فى بلدنا فما أكثرهم و لكن بسبب نوعية وسعر الخدمة .. والأهم هوسعر الخدمة الذى تحول الى كارثة تصل الى حد عدم قدرة المواطن على تحملها.. «تحقيقات الاهرام» تفتح هذا الملف الشائك لمصلحة المواطن والطبيب .. المفاجأة أن الوزارة تستغيث وتبحث عن حلول ..فى حين أن المسئولين بنقابة الاطباء لا يقبلون تدخل الوزارة فى هذا الملف .. .وفى الوقت الذى وجدنا فيه أطباء يتقاضون من 1000: 2000جنيه مقابل الكشف الواحد بعد معاناة كبيرة فى الحجز لديهم .وجدنا ايضا طبيبا لا يجد إقبالا وربما يكون ماهرا فى تخصصه .. وهناك عمليات بسيطة لا تزيد تكلفتها على 30 ألف جنيه بأى حال من الاحوال و يفاجأ المريض بأنه مطالب بفاتورة تجاوزت مائة ألف جنيه.. وان بعض المستشفيات تحول الى غرف فندقية وكأنها أعدت لحفلات زفاف وليس لاستقبال مرضى ربما لا يقدرون على تدبير نفقات العلاج بالأساس ..وتندهش عندما تجد أن نسبة الإشغال بالمستشفيات الحكومية لا تزيد على 50% .. وأن الأسرِّة لا تجد مرضى . هذا التحقيق يرصد واقعا صعبا يتطلب تدخل الدولة ..ويحتاج إلى تعاون الأطباء لمصلحة المرضى خاصة غير القادرين منهم .. مصادر بوزارة الصحة أكدت فى البداية أن الدكتور أحمد عماد وزير الصحة تلقى توجيهات سيادية واضحة بضرورة ضبط أسعار وجودة الخدمات الطبية المقدمة تيسيرا على المواطنين وان جهات رقابية قدمت تقارير تطالب بتدخل الدولة فى منظومة العلاج ..وبرغم أن الوزير بدأ فى اعداد دراسة الا انه يخشى الدخول فى مواجهة جديدة مع الاطباء.. ولكى نفهم طبيعة العلاقة بين المريض من جهة والمستشفى أو العيادة من جهة أخرى..نشير الى واقعة مؤسفة تعرض لها أستاذ جامعى فاضل تربطه صله قوية بمسئول كبير بالدولة ...هذا الاستاذ أجريت لشقيقته عملية قسطرة بالقلب وتم تركيب دعامات بأحد المستشفيات الخاصة، وعندما أمسك بفاتورة المستشفى فوجئ بأنه مطالب بسداد مبلغ 105 آلاف جنيه فى أقل من 48 ساعة و لم يتوقع هذا الرقم وعرف أن تكلفة هذه العملية البسيطة لا تتجاوز أربعين ألف جنيه على أقصى تقدير فلجأ للمسئولين الكبار وتدخلت وزارة الصحة ولم يخصم من الفاتورة سوى 16 الف جنيه منها عشرة الاف تنازل عنها الطبيب ممن اتعابه اكراما لتدخل الوزير .. الحالة الثانية يرويها أحد الصحفيين الذى تعرضت طفلته الصغيرة (عمرها سنتان) لجرح بسيط فى الوجه يحتاج الى عدة غرز فذهب الى احد المستشفيات الاستثمارية الحكومية وفوجئ بطبيب المستشفى يقول له ادفع خمسة آلاف جنيه وكاد الزميل يصرخ وهو يقول لهم البنت محتاجة كام غرزة وحمل طفلته وتوجه بها الى مستشفى معهد ناصر ولم يكلفه الامر اكثر من 200 جنيه ..ما هذا التفاوت الرهيب وأين هى الضمائر الانسانية ؟ سألنا الدكتور حسام الخطيب وكيل أول وزارة الصحة لشئون القاهرة حاليا والذى كان مساعدا للوزير للقطاع العلاجى .. هل هناك دراسة تعد الان لضبط منظومة العلاج الخاص؟ أجابنا .. نعم .. هناك لجنة تعمل فى هذا الموضوع وسوف تحدد تسعيرة واضحة لثمن الخدمة ومن المتوقع أنها ستنهى عملها قبل اقرار مشروع التأمين الصحى لأن القطاع الخاص سيكون شريكا فى تقديم الخدمة الى جانب مستشفيات الدولة لمنتفعى التأمين الصحى الشامل كما أن الخدمات سيكون لها عدة مستويات تعتمد على فندقة المكان وليس على الخدمة الطبية بمعنى أنه سيكون نوع الغرفة أو الجناح هو المؤثرفى ثمن الخدمة وليس الرعاية الطبية ولكى نفهم أكثر قررنا زيارة عدة أماكن بدأنا بمستشفى شهير بالمهندسين التقينا اثنين من أهالى المرضى الاول قال لنا جئت بشقيقى المهندس (م.ع)الذى جاء مريضا بالسرطان من الخارج فى مرحلته الاخيرة وكنا نعرف تفاصيل حالته وأنه ليس بحاجة لأى تدخل طبى وطلبنا من المستشفى غرفة بسرير ومرافق ومكان لاستقبال الضيوف ولم نأخذ سوى المسكنات وكانت المفاجأة أن متوسط تكلفة اليوم أربعة الآف جنيه وظل هذا الوضع مستمرا لثلاثة أسابيع ...حالة ثانية: دخل مريض فى عمليات استئصال أورام ووصلت الفاتورة فى نفس المستشفى الى ما يقرب من ربع مليون جنيه..سألنا عن تكاليف بعض العمليات فى أماكن أخرى مثل جراحة العمود الفقرى فوجدناها تزيد على مائة الف جنيه فى حين أنها يمكن أن يتم اجراؤها بأقل من نصف هذا المبلغ وربما بثلثه ...أيضا عمليات جراحات أورام المخ أصبحت تصل الى ربع مليون جنيه..حاولنا الحصول على أى لائحة أو وثيقة رسمية من اى مستشفى خاص أو حكومى استثمارى الا أن الجميع رفضوا الكلام فى أى تفاصيل مادية .. تركنا المستشفيات بحلوها ومرها وعدنا الى ابراج عيادات مشاهير الاطباء بالمهندسين والدقى وباب اللوق ووسط القاهرة ومصر الجديدة وغيرها ..لم نجد عناء فى البحث عن الاجابة ففى كل عيادة لطبيب شهير تجد ثلاثة على الاقل يجيبون عن أسئلتك ..فقط سألنا عن ثمن الكشف وجدناه يبدأ من مائة جنيه ويصل الى ألفين من الجنيهات .. توقفنا كثيرا عند نوعية أطباء الألفى جنيه فى مقدمتهم مشاهير أطباء الاورام والمناعة والقلب والحجز لديهم لا يقل عن شهرين وهناك كشف عاجل ومستعجل وخلال اسبوعين أو بعد شهر أو شهرين ..وهذه الحال ينطبق على كبار مشاهير المخ فيزيتا الأطباء .. وباعتبار أن نقابة الاطباء هى المنوطة بها محاسبة أعضائها سألنا الدكتور ايهاب الطاهر الامين العام للنقابة: حول وجهة نظره فيما تنتوى الوزارة القيام به بوضع تسعيرة جبرية للخدمة الطبية فقال :ان خوض وزارة الصحة فى الحديث عن التسعيرة الجبرية للخدمات الطبية يأتى تحت بند «الشو» الاعلامى كما ان هذا المشروع بالاضافة الى كونه حقا اصيلا لنقابة الاطباء فإنه ايضا مشروع قديم تعمل فيه النقابة منذ اشهر وليس بجديد كما انه غير دستورى لانه يعد بمثابة اجبار لشخص على تقديم خدمة بسعر محدد موضحا ان النقابة قدمت مشروع مقترح بجداول للاسعار الاسترشادية للخدمات الطبية وطلبنا من الجمعيات الاهلية العلمية المتخصصة فى كل قطاع : كالكلى والمسالك البولية والعظام والقلب ... الخ وضع جداول بها حد اقصى وحد ادنى لكل من الممارس والاخصائى والاستاذ والاستشارى سواء بالنسبة للكشف او لتكاليف العمليات الجراحية مع وضع تصنيف لتلك العمليات الى صغرى وكبرى ومتوسطة وذات مهارة خاصة, وقد تم ارسال تلك المقترحات لهذه الجهات لمعرفة وجهة نظرهم, وتم منحهما مدة شهر للرد على هذه المقترحات زيدت الى شهرين لظروف انعقاد اجتماعات تلك الجمعيات مع الاخذ فى الاعتبار حساسية واهمية هذا الموضوع والذى يتطلب الوقت الكافى للدراسة والنقاش . اضاف انه عقب الانتهاء من تلقى ردود تلك الجهات العلمية المختصة سيتم عقد ورش عمل لمناقشتها وستتم دعوة كبار المتخصصين فى مجال الرعاية الصحية وممثلين للنقابات الفرعية للاطباء بالمحافظات على مستوى الجمهورية بهدف وضع جداول اسعار توافقية تراعى مصلحة المريض والطبيب فى كل اقليم على حدة. وأشار الدكتور ايهاب إلى ان وضع تلك الجداول التى ستحوى الاسعار الاسترشادية سيكون فى غاية الدقة ويستلزم مزيدا من التروى فى اصدار القرار بعيدا عن العنترية والشو الاعلامى حتى يكون هناك توازن بين مصلحة الطبيب والمريض .. وانتقد أمين الاطباء ما قامت به وزارة الصحة من الاعلان عن الاسعار الاسترشادية دون النقاش او التحدث مع النقابة وهو ما يعتبر اغتصابا لسلطة اصيلة ولاختصاص نقابة الاطباء كما أنه مخالف للقانون فالنقابة صوت الطبيب وهى صاحبة الشان فى التعبير عن ما يمس الاطباء , خاصة ان الاسعار المتداولة من قبل الوزارة وضعت بشكل عشوائى . عميد إحدى كليات الطب الكبرى رفض ذكر اسمه يرى أن هذا النظام يتم تطبيقه فى بعض الدول العربية بهدف تنظيم منظومة العلاج لكى يتعامل جزء من المرضى من خلال شركات التأمين الصحى بنظام الاشتراكات السنوية طبقا لطبيعة كل مؤسسة وعدد المستفيدين اى بمعايير محددة , وجزء اخر لديهم القدرات المادية للتعامل مع العيادات الخاصة بأسعار مرتفعة وضعت من قبل الحكومة . كما ان تحديد الاسعار لن يكون اجباريا على الاطباء فأنا استاذ جامعى وعميد كلية طب وكشفى لا يزيد على 200 جنيه ولا احصل على اى مقابل من بعض الحالات. موضحا ان ارتفاع تسعيرة الكشف للاطباء ترجع اما لأن الطبيب يلاحظ اقبالا شديدا عليه فيحاول ان يقلل العدد قدر الامكان او لأن بعض الاطباء يضطرون الى ذلك لان اغلب المرضى يفضلون التعامل مع الاطباء اصحاب التسعيرة المرتفعة ظنا منهم انه الافضل . ولمعرفة وجهة نظر أخرى يقول الدكتور حسين الامين استاذ الجهاز الهضمى والكبد بجامعة اسيوط الارقام الاسترشادية مبالغ فيها خاصة فى الاقاليم وان كانت تلائم الى حد كبير القاهرة قائلا : « انا استاذ دكتور و سعر الكشف فى عيادتى اقل من 200 جنيه بل ان الحالات غير القادرة لا احصل منهما على مقابل مادى , الامر الذى يستوجب ضرورة تعاون وزارة الصحة ونقابة الاطباء والتعليم العالى ووزارة الحكم المحلى ومجلس النواب لوضع تلك المنظومة مراعاة لمصلحة المريض والطبيب بجميع المستويات ومختلف الاقاليم مع الاخذ فى الاعتبار ان التحكم فى اسعار الخدمات الطبية يستلزم رقابة من نوعية خاصة تراعى ظروف المريض دون ان تنتقص من حق الطبيب .