تعانى مساحات زراعية كثيرة فى مناطق مصرية عدة مثل النوبارية والدلتا؛ من مشكلة تملح التربة الزراعية، وهو أمر يمثل خطورة بيئية واقتصادية كبيرة؛ نظرا لفقد إنتاج الأراضى للعديد من المحاصيل المهمة، التى من شأنها التأثير على غذاء الانسان والحيوان، باعتبار أن تملح التربة هو أحد نواتج التصحر، وسوء إدارة المياه لرى الأراضى، الأمر الذى تناوله باحثون مصريون فى دراسات جديدة دعوا فيها إلى تفعيل دور الإرشاد الزراعى، وتحسين عمل المصارف الزراعية. فى هذا الصدد، يشير الدكتور أحمد عوض، الأستاذ بمعهد بحوث الأراضى والمياه والبيئة، إلى أن الأراضى الملحية القلوية هى التى تزداد فيها تركيزات الصوديوم، وهى أيضا تصلح للزراعة، ولكن تحتاج لإصلاحات، ومتابعات. بسبب البخر ويوضح أنه يمكن للأراضى إذا كانت ملحية فقط أن يتم تحسين تربتها عن طريق تحسين مياه الرى، وأيضا تحسين عملية الصرف الزراعى، مضيفا أن الأراضى إذا كانت نسبة الملوحة فيها أقل من 2 مللى تصبح صالحة للزراعة، وأن أى زيادة فى التملح تشير إلى حدوث تدهور فى التربة. ويؤكد أن الملوحة منتشرة فى العديد من الأراضى بمصر بسبب البخر العالى؛ نتيجة لارتفاع درجات الحرارة خاصة مع التغيرات المناخية، وكذلك زيادة نسب الملوحة فى الأراضى المصرية ما بين 4 مللى حتى 8 مللى، وهى المناطق شديدة الملوحة.وهنا يؤكد الدكتور عوض أن مياه الرى لكى تخفض من ملوحة التربة لابد أن تكون نسبة ملوحة المياه أقل من التربة، وذلك لإمكان تخليص الأراضى من الأملاح الزائدة بمساعدة المياه، إذ تتراوح نسبة الملوحة فى نهايات الترع بالنوبارية ما بين 3 و 6 مللى. طرق ميكانيكية ويتابع الدكتور أحمد أنه توجد طرق ميكانيكية لتخليص التربة من الأملاح، من خلال إجراء عملية حرث عميق للتربة، وكذلك تسويتها بأجهزة الليزر، خاصة إذا كانت طبقات التربة صماء؛ حتى يتم كسرها، مشيرا إلى أنها تقنيات بدأت تنتشر، ولا تزيد تكلفة الفدان لاستخدام تلك التقنيات على مائة جنيه للفدان . ويؤكد أن خفض نسبة الملوحة فى التربة أمر مهم لأن زيادتها تخفض من إنتاج الأرض حتى تصل بها إلى عدم الإنتاج، موضحا أنه توجد جداول لمحاصيل حساسة للملوحة مثل الخضراوات، التى لا تنمو فى التربة الملحية، وكذلك محصول القمح الذى يتحمل حتى 6 مللى، والشعير والقطن اللذين يتحملان حتى 8 مللى. ويستطرد. عوض أن أراضى المنوفيةوالبحيرة هى أكثر الأراضى ملحية لأن الأرض الطينية تختلف عن الأراضى الرملية بأنها أكثر عرضة للإصابة بالملوحة لأنها ثقيلة، ويحتاج تخليصها من الملوحة إلى فترة طويلة، خاصة إذا كان الصرف سيئا، إذ يسهم فى زيادة تملح التربة. النوبارية والطينة ويردف الدكتور عوض أن منطقة النوبارية أراض جيرية رملية لكنها تعانى من تملح شديد فى الأراضى؛ لكون مياه الرى خليطا من مياه الصرف الزراعى المحمل بالأملاح مع وجود طبقات للتربة غير النافذة للمياه وهى صماء، بجانب أن مياه الصرف هى مياه صرف صناعى من مصانع سكر البنجر، التى تلقى مخلفاتها الكيماوية فى المصارف الزراعية، مما يعيق عملية الصرف، مما يسهم فى تملح التربة؛ نظرا لاحتواء المياه على أملاح وعناصر ثقيلة، بجانب مواد كيماوية أخرى مجهولة. ويضيف أن أراضى شمال الدلتا بمحافظات كفر الشيخ والشرقية، فى مناطق الحسينية وجنوب بورسعيد؛ كلها أراض ملحية، وغير نافذة للمياه؛ بمعنى أن قدرة الطبقة الأرضية أقل من الطبقة التى فوقها للسماح بمرور المياه، وكذلك مناطق سهل الطينة، وهى مناطق قريبة من طريق الإسكندرية - مطروح، وتعانى من تملح التربة، وكلها مناطق واعدة تنتج العديد من الخضراوات والفاكهة للتصدير؛ لكنها تعانى من تملح التربة، ويستلزم علاجها تحسين جودة المياه والصرف، وعودة الإرشاد الزراعى بشكل علمى مع ضرورة رفع وعى المزارعين. دراسة جديدة وعلى جانب قياس مدى جودة الصرف الزراعى لمواجهة تدهور الأراضى وتملح التربة؛ أجرى الدكتور عبد المجيد حسن، بالمركز القومى لبحوث المياه، دراسة لمعرفة الآثار المترتبة على صيانة المصارف الزراعية بمحافظة البحيرة، فى مركزى «أبو حمص وكفر الدوار» خاصة للمحاصيل الاستراتيجية مثل القطن والذرة، ورسم السياسة الزراعية الأفقية والرأسية للمنطقة. وأشارت النتائج الأولية إلى زيادة الأملاح فى تلك الأراضى، وعدم كفاءة أساليب الرى وتلوث المياه الجوفية، موضحة أن الإسراف فى استخدام مياه الرى أدى لغرق البذور، فضلا عن إصابة التربة بالتدهور، وانخفاض إنتاج الأرض. الدكتور عبد المجيد أشار أيضا إلى أنه تم تطبيق ذلك لمعرفة تأثير كل العوامل السلبية على محصولى القطن والذرة، مؤكدا تقوية مصرف العموم، الذى قامت وزارة الرى بتحسين أدائه؛ وقام عبد المجيد بمتابعة وتقويم النتائج المترتبة على ذلك، فتبين وجود زيادة فى إنتاج الأرض، التى أخذت فى التحسن مع تقوية أداء المصرف، وإجراء التحسينات، وذلك بنسب واضحة. وفى ختام الدراسة؛ أوصى عبدالمجيد بضرورة تفعيل دور الإرشاد الزراعى، وتحسين أداء المصارف الزراعية.