على أن أعترف بأنه مازال يعترينى شعور بالغيرة والاحباط من أداء الإعلام المصرى طيلة الأيام الماضية، وتحديدا منذ اندلاع وتطورات الأزمة القطرية التى كنا ومازلنا طرفا أصيلا بوصفنا أحد الأضلاع الرئيسية للرباعية العربية، حيث إن الأداء والحضور الإعلامى المصرى لم يكن على مستوى الحدث والمواجهة أسوة بما فعله إعلام بقية دول الرباعية، التى جهزت ذخيرة إعلامية حية لمواجهة وفضح الممارسات والانتهاكات القطرية على مدى الساعة، أو حتى إعلام الدوحة وفى المقدمة منه تلك المنصة الخبيثة المأجورة التى كانت ولا تزال تبث سموما وأحقادا وفتنا، وتعرف بالقناة التى أوجدت وأنشئت وعرفت العالم ببلد اسمه قطر منذ عشرين عاما. وبالتالى كان الأولى علينا فى مصر أن نكون أصحاب خطاب إعلامى متطور ديناميكى يقود الحملات، ويكشف الحقائق والمستور عما كانت تفعله قطر حتى الأمس القريب بحق مصر وشعبها وجيشها وقوات أمنها، خاصة أن الأجندات القاتلة والمدمرة من قصر الحكم الأميرى فى الدوحة سواء من قبل الابن تميم أو الحمدين وهما حمد بن خليفة الأمير السابق وحمد الفتنة والضلال والتخريب بن جاسم الذى عاد مجددا على مسرح الأحداث فى القصر مع حمد الأب لنسج خطوط المؤامرات والتخريب وصياغة مشهد التصعيد والممانعة والرفض القطرى حاليا ضد مصر، وكان آخرها تدبير وتخطيط العملية الإرهابية الأخيرة فى شمال سيناء بإعطاء التعليمات والأموال والخطط للأتباع من المجرمين والإرهابيين لتخريب الأوضاع فى سيناء للتغطية على الاجتماع الأول الناجح لوزراء خارجية الرباعية العربية فى القاهرة الأربعاء الماضي، وللنيل من التحرك وقوة الدبلوماسية المصرية التى عادت مجددا فى محاصرة وعقاب قطر وكتابة مشهد مرض فى أزمة قطر الأخيرة يؤدى إلى حصارها وتكسير أقدامها فى المنطقة وتعرية أدوارها وإنهاء إمبراطوريتها العابرة للقارات فى دعم واحتضان الإرهاب. وبالتالى كان علينا استغلال هذا النجاح السياسى والدبلوماسى للخارجية المصرية مع الرباعية العربية طيلة الأيام الماضية، واستغلال هذا التصعيد السياسى باتجاه قطر الذى أفلحت مصر فى إقناع بقية دول الخليج الأعضاء فى الأزمة فى تبنيه واحتضانه كخطة عمل متصاعد لتركيع وتقزيم قطر وإنهاء امبراطورية الشر بها، بعد رفضها التعاطى بإيجابية مع لائحة المطالب للرباعية العربية وتبلغ 13 طلبا، وبالتالى مضاعفة هذا النجاح السياسى المصرى إعلاميا عن توفير منصات متحركة للإعلام المصرى وتوفير حاضنات اعلامية أكثر قوة وانتشارا وتأثيرا، سواء على المستوى الخارجى عبر تبنى خطاب واستراتيجية اعلامية ممنهجة ومتدرجة فى خطى التحرك المصرى لفضح قطر وحكامها بالأدلة الثبوتية والقرائن والتقارير الموثقة والبيانات المفعمة بأحداث ووثائق تكشف وتفضح الممارسات والانتهاكات القطرية ضد مصر بالصوت والصورة. وأظن أن هذا الجهد لم يكن يحتاج إمكانات مادية حتى لا يتعلل البعض للتغطية على هذا القصور ولكن الأمر كان يحتاج لأنشطة وتحركات أكثر حيوية وديناميكية للسفارات المصرية فى الخارج وبعض المكاتب الإعلامية المتبقية، وبصفة خاصة فى الولاياتالمتحدةالأمريكية ودول الاتحاد الأوروبى وبريطانيا التى تشكل مرتعا للجماعات الإخوانية الإرهابية التابعة والمغطاة ماليا وأمنيا ولوجستيا وإعلاميا من قبل الدوحة، وكذلك روسيا الاتحادية، حيث كان هذا الأمر سيغير كثيرا ومبكرا من موقف تلك الدول باتجاه قطر ويوفر مزيدا من الدعم والتغطية والحاضنة للمواقف السياسية المصرية، بالاضافة إلى وجود فريق من الأنصار العالميين والأوروبيين أكثر لمصر باعتبارهم منصات إعلامية وجماعات ضغط سياسى لصالح مصر فى تلك المعركة. وكذلك الحال على مستوى الخطاب الإعلامى فى الداخل، حيث كان خطابا فقيرا وتغطيات هزيلة تفتقر إلى الإبداع والابتكار، مطعمة بتحليل عميق وقراءة شاملة لمعطيات الموقف المصرى فى تلك الأزمة، وأقصد هنا كامل المنصات والوسائط الإعلامية سواء فى ماسبيرو بكامل محطاته العديدة وكذلك الاعلام الخاص والمستقل بأدواته وأذرعه، وإيجاد مسارات إجبارية لفضح وكشف حجم وكم تلك المؤامرات القطرية التى خططت وصيغت ونفذت ضد مصر بأسلوب رصين ورؤية عميقة ومنفتحة، بعيدا عن أسلوب الذم والقدح والردح أو النيل الشخصى من هذا الأمير وتلك الأميرة. حيث كان الموقف يحتاج إلى نشر وثائق وتسجيلات حية وتحركات مخربة واعترافات تفصيلية وهى كثيرة وعديدة بحوزة السلطات المصرية العليا تغير مسارات الأزمة بالكامل، ولكن للأسف هذا لم يحدث، حيث كان الاعتماد على خطاب شابه الركاكة والجمود والتكرار أشبه إلى الإفلاس. ولنقارن بين ما فعله إعلامنا وإعلام أشقائنا فى الخليج من تلك الأزمة، حيث غير موازين القوى والاستقطاب العربى والدولى لصالحه فى هذه القضية. ناهيك عما فعلته هذه القناة المسمومة القطرية تجاه مصر وكذبها ونسج فتن وافتراءات وأكاذيب رخيصة منذ اندلاع الأزمة وحتى الآن، واستباحات الداخل المصرى وهو ما كان يحتاج إلى خطة واستراتيجية تحرك مضادة منا إعلاميا يكون الاعلام المصرى فيها مسكونا بنجاح جهود وخطط مصر فى هذه الأزمة، ولديه رؤية عميقة ومقنعة ومحقة بتفكيك وإزالة كل ألغام الحقد والأكاذيب ونسج المؤامرات وتصدير الإرهاب ضد مصر، ومن ثم فضحه وكشف المستور علانية، ويكون جوهر رسالتنا لهم فى الدوحة يجب أن تحاسبوا على وقاحتكم وتدفعوا الثمن الباهظ وتسددوا الفواتير المستحقة جراء تلك الإساءات والأكاذيب بحقنا. أرى أن الأزمة والمعركة مع قطر لم تنته ولن تحل قريبا بل كل شيء يوحى بأن الأيام المقبلة ستكون أكثر تأزما، ومن قماشة الأيام الصعبة والمكلفة وربما يتم توسيع دائرة الاشتباك السياسى والدبلوماسى والإعلامى مع قطر وحلفائها اللدودين لمصر إيران وتركيا، وبالتالى لابد من استعادة دورنا وريادتنا الإعلامية وإنهاء غفوة إعلامنا الطويلة وقيلولته المريرة. لمزيد من مقالات أشرف العشري;