هذه أزمة سياسية وقانونية ودستورية لا يمكن تجاهلها مثلما لا يجوز الإفتاء بشأنها إلا لمن هم مؤهلون للإفتاء من أرضية قانونية ودستورية في المقام الأول! والحقيقة إنني أقر وأعترف بأنني لست من أهل الإفتاء ولكنني سأتعرض للأزمة في إطار التزام بمنهج مهني عودت نفسي عليه, وهو مناقشة القضايا لا الأشخاص والاهتمام بالموضوع وجوهره فقط مهما كانت مغريات الهوامش وجاذبيتها للقراء! ثم إن مهمة الكاتب لا تنحصر في معالجة قضية بعينها لأن ذلك يحصر دوره في منطقة رد الفعل تجاه كل ما يتفجر علي سطح الأحداث بالمصادفة, وإنما مهمة الكاتب أن يناقش جوهر أي قضية في إطار السوابق ودروسها المستفادة واللواحق واحتمالاتها الواردة! ويعزز من صحة وأهمية هذا المنهج أننا نعيش مرحلة تداخلت فيها الأمور وتشابكت فيها التعاريف بشكل غير مسبوق وأصبحت ساحة الإفتاء السياسي والدستوري والقانوني مفتوحة علي مصاريعها لمن تأهل ومن لم يتأهل! أريد أن أقول بوضوح إن استمرار هذه الاستباحة لساحة الإفتاء هو الذي يصنع الكثير من الأزمات ويفجر علي السطح معارك من غير أساس تؤدي لانشغال الناس وإثارة التناقضات وغرس سلوكيات التراشق وتبادل الاتهامات! إن جوهر الأزمة الراهنة أعمق وأشمل من أن ينظر إليها كلعبة من ألعاب شد الحبال السياسية وينبغي علي كافة الأطراف مراعاة المصلحة العليا للوطن التي ينبغي أن تعلو فوق حل مجلس الشعب أو عودته لممارسة مهامه. نحن إزاء أزمة سوف تحدد ما إذا كنا سنحترم الدستور والقانون ونطبق الفصل الصحيح بين السلطات أم أننا مازلنا بحاجة إلي مشورة وخبرة ترزية القوانين وفقهاء الإفتاء حسب اتجاه الريح! وليت الذين يزعمون- لتبرير فتاواهم- أنهم يملكون وحدهم كامل الحقيقة وأن غيرهم من الجهلاء أن يتذكروا قول الإمام الشافعي رضي الله عنه: كلما ازددت علما ازددت علما بجهلي. ولكن آه وألف آه من شيوخ الإفتاء في هذا الزمن! خير الكلام: الرأي كالليل مسود جوانبه.. والليل لا ينجلي إلا بمصباح السواعد التي تحمله! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله