10 رمضان.. أوراق القوة(1) أعتقد أن أحد أهم الدروس المستفادة من انتصار العاشر من رمضان التي ينبغي أن نتوقف أمامها باهتمام هو ما أكدته هذه الحرب المجيدة من حقائق تاريخية ثابتة. أبرزها أن قوة مصر ارتبطت دائما بمدي قدرتها علي حسن استخدام أوراق قوتها المستمدة من موقعها الفريد ومكانتها المتميزة في أمتها العربية. إن القراءة الصحيحة لأوراق التحضير لهذه الحرب المجيدة تؤكد أن عروبة مصر ليست فقط مجرد تاريخ نتباهي به أو جغرافيا لا نملك الفكاك منها وإنما هي ضرورة حياتية حتمية لنا ولأشقائنا العرب الذين وقفوا إلي جانب مصر في هذه الحرب بكل الأسلحة القتالية والسياسية والبترولية انطلاقا من إيمان عميق بأن الخطر واحد والمصير مشترك. وربما يعزز من أهمية ما أقول به اليوم في هذه الذكري الغالية أن أصواتا عديدة عادت تطل برأسها من جديد لتطرح- داخل وخارج مصر- سؤالا مريبا يقول.. لماذا يستمر اهتمام مصر بقضايا العرب وما يستتبعه ذلك من كلفة وغرم ينبغي التحلل منه بعد ثورة25 يناير بدعوي أن بعض الأنظمة العربية أمسكت يدها عن دعم مصر في هذه الظروف الصعبة! إن مثل هذا الكلام المرسل قد يبدو في ظاهره تعبيرا عن الحرص علي مصلحة مصر والرغبة في تجنيبها خطر الانزلاق في أتون الصراعات الدائرة علي السلطة في أكثر من بلد عربي ولكنه في جوهره يعكس جهلا بحقائق التاريخ وعدم الإدراك لاستحقاقات المصالح العليا لمصر. لقد ذهبنا إلي حرب العاشر من رمضان مدعومين بتغطية مالية لصفقات السلاح الذي كنا بحاجة إليه من خارج الكتلة الشرقية وكان ظهرنا الاستراتيجي محميا بإغلاق مضيق باب المندب عند المدخل الجنوبي للبحر الأحمر وتعززت نتائج العبور المذهل فوق جسور قناة السويس بضغوط سياسية واقتصادية فعالة شكلها قرار قطع البترول وتوظيف عوائده لخدمة المعركة. إن ذكري انتصار العاشر من رمضان ينبغي أن تظل عنوانا لعمق التشابك والتلاحم العضوي بين مصلحة مصر ومصلحة أمتها العربية إلي حد اليقين بأن أمن مصر القومي لا يكتمل دون الاطمئنان لسلامة ومتانة الأمن القومي العربي ككل! ومصر التي بهرت العالم بثورة25 يناير بمثل ما بهرته في عبور العاشر من رمضان سوف تظل قوية مادامت تحتفظ في أيديها بأوراق قوتها بعيدا عن دعوات الانكفاء والانعزالية أو شعارات إيثار السلامة والأنانية الذاتية. وغدا نواصل الحديث خير الكلام: الشعور بالعجز يحتاج إلي سرعة الحركة بدلا من القعود في انتظار المعجزات! [email protected]