بالورد، محافظ الأقصر يهنئ الأطفال باحتفالات عيد القيامة المجيد (صور)    غدا وبعد غد.. تفاصيل حصول الموظفين على أجر مضاعف وفقا للقانون    مئات الأقباط يصلون قداس عيد القيامة في دير سمعان الخراز (صور)    بث مباشر| البابا تواضروس يترأس قداس عيد القيامة بالكاتدرائية المرقسية    البنك المركزي: 8.9 تريليون جنيه سيولة محلية في البنوك بنهاية 2023    محافظ الغربية يتابع أعمال الرصف بطريق "المحلة - طنطا"    «القومى للأجور» يحدد ضمانات تطبيق الحد الأدنى للعاملين بالقطاع الخاص    الجامعة الأمريكية تستضيف زوجة مروان البرغوثي إحياءً لذكرى النكبة الفلسطينية    سفير فلسطين في تونس: مصر تقوم بدبلوماسية فاعلة تجاه القضية الفلسطينية    حريات الصحفيين تدين انحياز تصنيف مراسلون بلا حدود للكيان الصهيوني    الأهلي يضرب الجونة بثلاثية نظيفة في الدوري الممتاز (صور)    إصابة 4 أشخاص في تصادم ملاكي وربع نقل على طريق المنصورة    أسوان .. وفاة شخص سقط فى مياه النيل بمركز إدفو    تعرف علي موعد عيد الأضحي ووقفة عرفات 2024.. وعدد أيام الإجازة    الكويت تمنح جمهور حفلاتها هدايا خاصة ب"ليلة الشباب" بهاء سلطان وتامر عاشور (صور)    اكتشاف كتب ومخطوطات قديمة نادرة في معرض أبوظبي    دعاء يغفر الذنوب والكبائر.. الجأ إلى ربك بهذه الكلمات    أحمد كريمة يعلن مفاجأة بشأن وثيقة التأمين على مخاطر الطلاق    أمين عام الدعوة بالأزهر الشريف يزور الإسماعيلية للاطمئنان على مصابي غزة (صور)    استشاري يحذر من شرب الشاي والقهوة بعد الفسيخ بهذه الطريقة (فيديو)    خبير تغذية يكشف فوائد الكركم والفلفل الأسود على الأشخاص المصابين بالالتهابات    خبير اقتصادي: الدولة تستهدف التحول إلى اللامركزية بضخ استثمارات في مختلف المحافظات    بالصور.. محافظ الشرقية من مطرانية فاقوس: مصر منارة للإخاء والمحبة    خاص| زاهي حواس يكشف تفاصيل جديدة عن مشروع تبليط هرم منكاورع    السعودية تصدر بيان هام بشأن تصاريح موسم الحج للمقيمين    وكيل صحة الشرقية يتفقد طب الأسرة بالروضة في الصالحية الجديدة    رسميا .. مصر تشارك بأكبر بعثة في تاريخها بأولمبياد باريس 2024    التعادل السلبي يحسم السوط الأول بين الخليج والطائي بالدوري السعودي    شروط التقديم على شقق الإسكان الاجتماعي 2024.. والأوراق المطلوبة    أمريكا والسفاح !    قرار جديد من التعليم بشأن " زي طلاب المدارس " على مستوى الجمهورية    وزير الشباب يفتتح الملعب القانوني بنادي الرياضات البحرية في شرم الشيخ ..صور    قرار عاجل بشأن المتهم بإنهاء حياة عامل دليفري المطرية |تفاصيل    السجن 10 سنوات ل 3 متهمين بالخطف والسرقة بالإكراه    5 خطوات لاستخراج شهادة الميلاد إلكترونيا    موعد ومكان عزاء الإذاعي أحمد أبو السعود    مفاجأة- علي جمعة: عبارة "لا حياء في الدين" خاطئة.. وهذا هو الصواب    ميرال أشرف: الفوز ببطولة كأس مصر يعبر عن شخصية الأهلي    لاعب تونسي سابق: إمام عاشور نقطة قوة الأهلي.. وعلى الترجي استغلال بطء محمد هاني    محمد يوسف ل«المصري اليوم» عن تقصير خالد بيبو: انظروا إلى كلوب    «الصحة» تعلن أماكن تواجد القوافل الطبية بالكنائس خلال احتفالات عيد القيامة بالمحافظات    استقبال 180 شكوى خلال شهر أبريل وحل 154 منها بنسبة 99.76% بالقليوبية    ما حكم أكل الفسيخ وتلوين البيض في يوم شم النسيم؟.. تعرف على رد الإفتاء    بعد رحيله عن دورتموند، الوجهة المقبلة ل ماركو رويس    استعدادًا لفصل الصيف.. محافظ أسوان يوجه بالقضاء على ضعف وانقطاع المياه    خريطة القوافل العلاجية التابعة لحياة كريمة خلال مايو الجارى بالبحر الأحمر    الخارجية الروسية: تدريبات حلف الناتو تشير إلى استعداده ل "صراع محتمل" مع روسيا    رويترز: قطر قد تغلق مكتب حماس كجزء من مراجعة وساطتها بالحرب    أوكرانيا: ارتفاع قتلى الجيش الروسي إلى 473 ألفا و400 جندي منذ بدء العملية العسكرية    السكة الحديد تستعد لعيد الأضحى ب30 رحلة إضافية تعمل بداية من 10 يونيو    ماريان جرجس تكتب: بين العيد والحدود    القوات المسلحة تهنئ الإخوة المسيحيين بمناسبة عيد القيامة المجيد    توريد 398618 طن قمح للصوامع والشون بالشرقية    مي سليم تروج لفيلمها الجديد «بنقدر ظروفك» مع أحمد الفيشاوي    هل بها شبهة ربا؟.. الإفتاء توضح حكم شراء سيارة بالتقسيط من البنك    برج «الحوت» تتضاعف حظوظه.. بشارات ل 5 أبراج فلكية اليوم السبت 4 مايو 2024    المطرب هيثم نبيل يكشف كواليس فيلم عيسى    هبة عبدالحفيظ تكتب: واقعة الدكتور حسام موافي.. هل "الجنيه غلب الكارنيه"؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المفگر العسگري والخبير الاستراتيجي اللواء د. فريد حجاج:
زمن التبعية لواشنطن وتل أبيب لن يعود
نشر في الأخبار يوم 24 - 09 - 2011

عندما يصدر الرأي من ذوي الاختصاص فإنه يستدعي وقفة جادة وحادة، وساعة أن يقترن الحديث العلمي بالممارسة العملية فإن المصداقية تشكل قيمة مضافة، وحين تتفاعل الخبرة السياسية مع التجربة العسكرية تتسع الرؤية أكثر تحديقا في الواقع، واستقطارا لما وراء الراهن، وهو ما يتجلي في هذه المحاورة مع شخصية مركبة يتلاقي فيها شخص المقاتل بطلا من أبطال حرب اكتوبر 3791 مع المفكر والخبير الاستراتيجي، مع الأكاديمي صاحب الدراسات الجادة، والراصد لمجريات الأمور محليا واقليميا ودوليا.. عن اللواء الدكتور فريد حجاج ألقي بعض الضوء في هذه الفاتحة التي تشكل عتبة دخول كموقع استراتيجي في نص حوار مع شخصية ذات بعد عسكري كل شئ فيه لابد أن يكون بمقدار في الرؤية والأداة، فقد نهل من العلوم العسكرية في البكالوريوس والماجستير، ودرس التاريخ في جامعة القاهرة، ونال شهادة الدكتوراة في الفلسفة في العلوم العسكرية والإستراتيجية، ودرجة الزمالة من كلية الحرب العليا، واختاره المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية بلندن عضوا، وفي الحياة العملية كمقاتل ولواء وأركان حرب شارك العديد من العمليات منها: عمليات اليمن عامي 2691/3691وحرب 7691 وحرب الاستنزاف وحرب 3791 وكان التتويج لروحه القتالية: نوط الشجاعة من الدرجة الأولي في حرب أكتوبر 3791ونوط الواجب، ونوط الخدمة الطويل، ونوط الخدمة الممتاز، ووسام الجمهورية من الطبقة الثانية، ووسام الرياضة من الطبقة الأولي، وله من الدراسات الاكاديمية:»الفرص الضائعة في الصراع العربي الإسرائيلي« و»الصومال وافريقيا« وغيرها.
علي حساب مصر
❊ في المسافة المتحركة مابين المعايير والأهواء الشخصية والمصداقية وتصفية الحسابات والحقيقة الفنية والحقيقة التاريخية والحقد الذاتي والعاطفة الجامحة.. من يكتب التاريخ؟ هكذا بدأت سؤال اللواء د.فريد حجاج المهموم بهذه القضية؟
❊❊ تاريخ مصر لابد أن يدونه مؤرخون يعتمدون علي الوثائق المحددة وتحليلها بعيدا عن الأهواء، فالوثيقة تدلك علي الحقيقة اذا كان ضميرك حيا، والاعتماد علي المذكرات الشخصية هو أخطر التحديات التي تواجه كتابة التاريخ، ثم هناك خطورة النظر الي الوثيقة حيث تتلون وتلوي حسب الأمزجة، وكثير ممن كتبوا مذكراتهم الشخصية لم يكونوا أمناءحتي الجبرتي نفسه كان لم يكن محايدا، الي جانب ان الشهود علي المذكرات موتي، وطريقة قال لي وقلت له تنقصها المصداقية، وقد لاحظت أن توثيق تاريخ الصراع العربي الصهيوني في هذه الفترة أي بمعني »الصفة الوثائقية« والرأي المحايد لم يكونا موجودين، فأغلب توثيق هذه المرحلة تم بواسطة مذكرات شخصية أو كتب كان موقف كتابها بين مؤيد لأحد محركي الصراع أو مختلف معه حتي أن نجد وصف الخيانة وصفا سهلا تم استخدامه مع وجود كتاب استخدموا ما لديهم من نفوذ ووجود وثائق وإمكانيات كبيرة إلي الحقائق لتؤيد وجهة نظر أو تصفية حسابات مع الشخصيات التي اختلفوا معها، وقد ضاع بين هؤلاء أن تصفية الخلافات هذه كانت علي حساب مصر والاساءات إلي نقاط مضيئة للأمة المصرية، تماما مثلما حدث مع ثورة الزعيم أحمد عرابي الذي وصفوه تاريخيا بأنها »هوجة عرابي« مع أنها كانت ثورة شعبية حقيقية، لولا أن الخليفة العثماني دمرها ب »منشور العصيان« ضد عرابي، تحت الضغط البريطاني، وكذلك ثورة 9191 شوهتها ثورة 2591 حتي حرب اكتوبر 3791 تعرضت لتصفية الحسابات ومحاولة إهالة التراب علي انجازاتها العظيمة.
❊ أمن أجل ذلك وضعت مؤخرا علي رفوف المكتبة، خاصة في مجال الثقافة العسكرية كتابك »الفرص الضائعة في الصراع العربي الإسرائيلي اعادة ترتيب أوراق الصراع«؟.
❊❊ نعم أقدمت علي كتابة هذا الكتاب الذي يركز جوهر علي الصراع العربي الاسرائيلي، ليس من ناحية العمليات العسكرية بل بنظرة تاريخية أعم تشمل الصراع بشموله العام من حيث قوي الدولة الشاملة، وذلك لأن هذا الصراع مستمر حتي هذه الأيام وفي المستقبل، وما يزال يؤثر في هذه المنطقة وأسلوب معالجتها حكما تم في الماضي، ولعل تجربة أحد الأفراد من الذين اشتركوا في هذا الصراع علي المستوي التنفيذي قد تفيد جيل المستقبل في معرفة ما حدث لنا في الماضي، ومن ثم ينبغي إعادة ترتيب أوراق الصراع والتركيز علي ما تم فيه من ايجابيات وسلبيات.
لأنها مثل الماء والهواء
❊ المشهد الراهن أصبح يحتاج الثقافة العسكرية متجاورة مع الثقافة السياسية التي صارت كالماء والهواء.. أليس كذلك؟
❊❊ الاهتمام بالتاريخ الوطني الحقيقي بدون انحياز يؤدي إلي مزيد من الانتماء الوطني ومعرفة السلبيات والايجابيات والافتخار بالأمة والوطن بجانب ذلك أن عدم معرفة الثقافة العسكرية العامة في مصر وعدم وجود قنوات شرعية لها من كتب أو صفحات في الجرائد أو أفلام وثائقية حجبت الرؤية الصحيحة للثقافة العسكرية بين شعب مصر، وأصبحت هذه الثقافة موسمية في الأعياد لمدة أيام قليلة وتختفي بعد ذلك، ومن أهم بنود تلك الثقافة العسكرية هي كيفية إدارة الصراع الذي أصبح في محيط المختصين فقط، إن إدارة الصراع العسكري بين قوتين من أكثر الموضوعات الصعبة نتيجة للتطور الشديد في نظم التسليح والتكنولوجيا بجانب أن أصبح الصراع في الحروب الحديثة ليس فقط في ميدان القتال، بل هو بين كل قوي الدولة الشاملة، ولهذا فإن الاستعداد للحرب يحتاج تجهيز الدولة للقتال لجميع قواها الشاملة إلي جانب ذلك قلة المعرفة عن عملية إدارة العمليات القتالية وندرة الاطلاع علي كتب التاريخ العسكري بالنسبة إلي القارئ.
ولا يزال الصراع مستمرا
❊ تقول ان الصراع العربي الاسرائيلي لا يزال جاريا ومستمرا؟
❊❊ هذا الصراع لم ينته بالجولة الرابعة ومعاهدة السلام المصرية الاسرائيلية بل مازال متواصلا وأصبح أكثر تعقيدا لأن القضية الفلسطينية هي لب الصراع دخلت عليها متغيرات إقليمية ودولية، ومحلية بالانقسام الفلسطيني واستقطاب القضية من أطراف عربية وأطراف إقليمية مثل إيران وتركيا، مع زيادة المستوطنات في الضفة الغربية والقدس الشرقية علاوة علي انسحاب اسرائيل من قطاع غزة وحصاره، كما تم بناء الحائط الذي يحيط باسرائيل وتولي اليمين المتطرف مقاليد الحكم في اسرائيل وبدأ طرح جديد، هو أن يقبل الفلسطينيون مبدأ يهودية الدولة، معني ذلك زيادة اللاجئين الفلسطينيين بطرد عرب اسرائيل، كل هذا يجعل الصراع مستمرا للوصول إلي حل شامل يسمح باستقرار السلام في منطقة الشرق الاوسط، برغم هذه الظروف فمازال التضامن العربي مفقودا، بل انحازت بعض الدول العربية إلي قوي اقليمية أخري وتشكل محور الممانعة الذي تشكل من إيران وسوريا وقطر، ولابد الآن من تضامن عربي واضح ومحور القاهرة الرياض، فيتم التنسيق بينهما ويضم إليهما الأردن وكانت المبادرة العربية التي اطلقت بواسطة الملك عبدالله عاهل السعودية لحل المشكلة الفلسطينية حتي تلك المبادرة اختلف عليها العرب من حيث استمرارها من عدمه وفي حالة التفسخ العربي هناك العراق العربي الذي مازال تحت الاحتلال حتي عام 1102 بعد تمزق بين أطيافه وعناصر الارهاب ولبنان بعد ان تمكن النفوذ الايراني تحالفه مع حزب الله فأصبح في دوامة سياسية دائما.
❊ يتكاثر الكلام عن اتفاقية السلام في المشهد الساخن حاليا بشكل عنيف، خاصة المطالبة بالإلغاء، واقتحام السفارة الصهيونية، وإنزال علم الكيان وإحراقه، ومطاردة السفير والتنديد والمظاهرات والفعل؟
❊❊ لا يوجد بند سري في اتفاقية السلام، كل بنودها معلنة، ولايمكن إلغاء الاتفاقية لكن يمكن التعديل، وقد حدث مراجعة واحدة أثناء حصار غزة 8002 وإذا كان المجلس العسكري قد أصدر بيانا يؤكد فيه موقف المصري المتمسك بالاتفاقيات والمعاهدات مادام الطرف الآخر ملتزما بها نصا وروحا،فإنني أطالب المجلس العسكري ومجلس الوزراء الذي أتت به الثورة بضرورة تعديل بنود اتفاقية السلام فورًا، واستغلال حالة الاستنفار الشعبي للمطالبة بأخذ الحق المصري وضرورة زيادة القوات المصرية خاصة في المنطقة »ج« التي بها ثلاثة آلاف فرد أمن شرطة فقط، استنادًا إلي المادة الرابعة من اتفاقية كامب ديفيد التي تعطينا حق تعديل الاتفاقية كل خمس سنوات، فالصهاينة يسعون بقوة إلي إجهاض الثورة المصرية وتفريق شمل المصريين الذي لم يتحقق إلا في ثورة يناير، وأن الهجوم علي السيادة المصرية وقتل خمسة من جنود مصر يعد انتهاكًا واضحًا لهيبة الدولة المصرية والذي لم يسمح به المصريون إطلاقًا لأن زمن التبعية لواشنطن وتل أبيب قد ولي ولن يعود، والانفلات الأمني في سيناء والهجوم علي قسم شرطة العريش أتي عن طريق عناصر إرهابية تابعة للكيان قادمة من قطاع غزة حتي يظن المصريون أن الخطر قادم من قطاع غزة المحاصر، ويطالبون بإعادة غلق معبر رفح، الوضع في سيناء لا يمكن السكوت عنه، وأن الانتهاكات الصهيونية لا يمكن أن تمر مرور الكرام، وعلي القيادة المصرية الرد بقوة مع العقلانية في المطالبة بالحقوق الشرعية، وعدم تهييج الرأي العام دون وجود رد فعل قوي من جانب السلطات.
❊ إذا كان الكيان الصهيوني لا يريد أن يدخل الحرب خوفا، ولا يريد السلام أمنا، كما يؤكد الواقع، هل لديك قراءة لهذه المعادلة التي تشبه الشفرة؟
❊❊ اسرائيل لا تريد أن تحارب مصر هذه حقيقة فعلا، بأن مصر هي القوة الوحيدة التي توجعها وتؤلمها في المنطقة، والسلام الحقيقي يدمر اسرائيل لأن الاسرائيليين لو شعروا بالسلام سيتفرقون فالخوف يجمعهم، انهم لا يريدون السلام ولايسعون اليه، لأنهم مستفيدون من حالتهم تلك.
الفارسية والعثمانية والصهيونية
❊ المنطقة غير قادرة علي تحمل صدمات جديدة.. لكن ثمة قوي اقليمية تتلاعب بالمنطقة.. أليس كذلك؟
❊❊ نعم هناك القوة الفارسية، والقوة العثمانية، مع القوة الصهيونية، وهذه القوي تريد ابتلاعنا بشكل أو بآخر، وقد كتبت ذلك أثناء إعدادي لكتابي عام 9002 وقد تحقق تنبؤاتي هذه الأيام، فنتيجة للمتغيرات الاقليمية ظهرت قوتان اقليميتان هما تركيا وإيران تريد كل منهما أن تلعب دورا في منطقة الشرق فتركيا بعد تولي حزب العدالة الحكم والذي له توجهاته الاسلامية ونتيجة لوجود صعاب للانضمام إلي الاتحاد الأوروبي ولت وجهها شطر الشرق الأوسط ومشكلاته وحاولت ان تقوم بدور خلال العدوان علي غزة في أواخر عام 8002 وكذلك في محاولة ايجاد حل لمشكلة الجولان السورية بترتيب مفاوضات غير مباشرة بين اسرائيل وسوريا، ولكن تركيا تقوم بدورها بالتنسيق مع مصر، ولا تدخل بما يعيق مجهود مصر، لكني أتعجب من صدي زيارة رجب اردوغان الاخيرة لمصر، حين هتف الاخوان المسلمون له في مطار القاهرة »اردوغان يا حبيب بكرة ندخل تل أبيب« هذا عبث. عندما جاء اردوغان رأيت الوالي العثماني القادم من الباب العالي من الأستانة العثمانية، ورأيت شبح الخلافة العثمانية، ان أردغان رجل عظيم فقط لأنه يحب بلده.
وأما إيران فإنها تلعب دورا مختلفا في المنطقة، فهي تريد ان تكون الحارس علي منطقة الخليج وكذلك لها الكلمة والرأي في حل مشكلات الشرق الأوسط إلي جانب أزمتها مع الغرب وعلي رأسها الولايات المتحدة ورأيها في مشروعها النووي القومي، والذي يحاول الغرب أن يكون مشروعها في اتجاه الأعمال النووية السليمة وليست الوصول إلي السلاح النووي، ولهذا ترتب لدخول مفاوضات مع الغرب عملت أن يكون في يديها مفاتيح مشكلات الشرق الأوسط وأساسها الصراع العربي الاسرائيلي، ففتحت اتصالا مباشرا مع حماس ودعمتها ماديا وسلاحاً وكذلك دعمت حزب الله في لبنان ماديا ومعنويا وأسلحة، واجتذبت دولتين عربيتين هما قطر وسوريا وأقامت علاقات وثيقة في السودان وأخيرا تدخلت في اليمن من خلال تدعيم الحوثيين بالسلاح والمال، وهذا التدخل يضع العراقيل في الوصول إلي حلول لمشكلات الشرق الاوسط وكمثال ما يجري في اتفاق الفصائل الفلسطينية، وليس أدل علي ذلك الوقت الطويل الذي لا يتناسب مع هدف هذا الحوار والعقبات التي تظهر من وقت إلي آخر لتعطيل هذا المحور، فلهذا يجب أن تعمل استراتيجية الدول العربية علي جعل إيران دولة إقليمية تضيف قوتها لصالح شعوب المنطقة بالتعاون مع دولها، لا بالعمل علي السيطرة عليها والهيمنة علي المنطقة.
أما نهج القوة الصهيونية فهو نفس نهج الحروب الصليبية ان الصهاينة جسم غريب وسيظل غريبا، والمنطقة لا تحتمل اقلوة المصرية والصهيونية معا، علي أني أقول الجانب الاسرائيلي سيقوم بنفس الأدوار التي كان ومازال يقوم بها فكل موضوع يصل فيه إلي حل يقوم بإظهار موضوع آخر، مثل موضوع يهودية الدولة بالنسبة إلي اسرائيل وهذا ينسف المفاوضات إلي جانب المستوطنات والقدس الشرقية، فبدون التضامن العربي ومحوره مصر والسعودية وسوريا التي يجب أن تظهر وجهها العربي، وأن تكف بعض الدول العربية عن لعب أدوار مع أطراف الصراع العربي الاسرائيلي من أجل إظهار قيمة ودور هذه الدولة في المنطقة، كما يجب أن يكون معلوما أننا طلاب سلام لكي نرفع مستوي الفرد ونحقق الديمقراطية ونراعي حقوق الإنسان ولكن مع هذا يجب ان يكون هناك قوة عسكرية علي مستوي عال من التسليح والتدريب، قوة ليست للاعتداء بل للدفاع عن الوطن، لأن السلام بدون قوة تحميه هو استسلام، بجانب ذلك التنمية للجميع والاقتصاد لأن القوة الاقتصادية في عالمنا الآن لها تقديرها ومكانتها.
السلاح الاعلامي أخطر
❊ أنت تنظر الي الاعلام كسلاح فعال في المعركة الحضارية الضارية بيننا كمصريين وعرب وبين الكيان الصهيوني؟
❊❊ الإعلام العربي واجهة للدول العربية ويساعد علي حدوث مشكلات بين الدول العربية ولكن هنا أسأل سؤالا هل فكر العرب بعمل اعلامي موجه إلي الدول الغربية؟ فمثلا يمكن إقامة عدة قنوات فضائية نشرح وجهة النظر العربية والفلسطينية ونرسل صورة للاعتداءات الاسرائيلية وضحاياها وتدميرها في غزة عند مذبحة دير ياسين وسنؤيد سجلا كاملا بإرهاب اسرائيل، هل فكرنا بعمل متحف أو كتاب يصور به صور الأحداث وترسل إلي جميع دول العالم؟ هل جهزنا مراكز لإنشاء »ويب سايت« علي الانترنت ووضحنا هذه المجازر والتدمير؟ هل أرسلنا رسائل إلي أعضاء الكونجرس ومجلس العموم وجميع برلمانات العالم رسالة قصيرة تطلب الإنصاف لنا؟
علينا أن نخاطب شعوب العالم عامة والشعب الصهيوني خاصة بخطاب اعلامي جديد وواضح، لأن الحكومات هي التي تحرك الشعوب اليوم، انهم في الخارج لا يعرفون الكثير من الحقائق عنا. وبالنسبة لإسرائيل فالحرب القادمة هي حرب ثقافية ومعرفية وعلمية، وأظن لو وضعت خطة منظمة مدعمة يكون نتائجها باهرة كما نجح اليهود باستخدام المحرقة التي تمت في ألمانيا ان يعترف العالم بها من لا يعترف بمحاكم، هل حاولنا نحن أن نعمل شيئا كهذا؟ لا أظن. إسرائيل اطلقت ثلاثة أقمار صناعية وجميع الدول العربية لم تفعل ذلك وإيران اطلقت قمرها، إسرائيل طوال 42 ساعة تصورنا وتعرف كل شئ عنا ونحن نائمون، أليس من الأهمية إرسال قمر صناعي عربي أو مصري مهما تكلف الأمر لنكون دائما علي استعداد؟ .هل لدينا قناة فضائية تبث بلغة حية وتتواصل مع الآخر، وتشرح له جوهر شخصيتنا وإسلامنا الصحيح؟ أبدا، قنواتنا الفضائية مثلها مثل الدعاة يدعوننا إلي الإسلام ونحن مسلمون!!.
استثمار الفرص الضائعة
❊ ماذا تعني باستثمار الفرص الضائعة في الصراع العربي الاسرائيلي؟
❊❊ تعني عدم الاستفادة من مواقف يمكن ان تبني عليها خطوات في طريقة الحل للصراع، وهو الحل الذي يحقق الأهداف العربية في تلك المنطقة وفي صالحها، ومن خلال التعمق في كيفية إدارتنا للصراع العربي الاسرائيلي والفرص الضائعة به، وجدت أنه من الضروري الربط التاريخي والجغرافي لتبيان إدارة هذا الصراع، فقد كان لزاما عليّ أن أوضح أهمية الشرق الاوسط والميدان الرئيسي الذي أدير فيه الصراع، ثم كان لابد أن تشمل الفقرة التاريخية منذ أوائل القرن التاسع عشر حتي الثلاثينيات من القرن العشرين، حيث كان التجهيز والتحضير لولادة دولة اسرائيل ثم اعقب ذلك الجولات الأربع التي تم فيها الصراع، مع التركيز علي أهم الأحداث التاريخية التي أثرت علي هذا الصراع، وصولا إلي معاهدة السلام، وتوقفت ولم يتوقف الصراع حتي يومنا هذا يطلب جزءا ثانيا يوضح ما تم من أحداث بعد ذلك. ويجب علينا عندما نقرأ مسيرة هذا الصراع أن نعي الدرس ولا نقع في خطأ قد نكون فعلناه وأن تدرس طرق النجاح في المواقف التي نجحنا فيها لكي نستفيد منها ونطورها للأحسن، إن دراسة كل تجربة يمر بها الوطن والخروج بالدروس المستفادة هي أول الطريق للوصول إلي الهدف لكي نحقق مستقبلا زاهرا لمصر، لهذا أستطيع ان احدد الهدف من الكتاب وهو دراسة الصراع السياسي العسكري منذ أوائل القرن الماضي دراسة تحليلية للأخطاء والحسنات -إن وجدت - في الصراع العربي الاسرائيلي بدون الدخول فيما تم خلال الصراع المسلح مع دراسة الدروس المستفادة، وما كان من المفروض عمله لاقرار نتائج أكثر ايجابية ويهدف أساسا إلي دراسة للأجيال القادمة بدون تصفية حسابات مع أحد، بل ذكر الحقائق مجردة، لعل وعسي قد تنصلح الحال، فقد يقرأ بعض من الأجيال القادمة، فيتلافي الأخطاء المريرة خاصة ان هذا الصراع وبخاصة أنه مازال مستمرا حتي يومنا، فقد يفيد شباب اليوم في مستقبلهم فهم قادة المستقبل.
الفعل لا العاطفة
❊ إذن يتعاظم السؤال في الوقت الحاضر عن كيفية استثمار الفرص الضائعة خلال ذلك الصراع.. فماذا أنت قائل؟
❊❊ أتصورأن يكون الفعل والحسابات الاستراتيجية هي المحرك لسياستنا وليست العاطفة، ولابد أن نلجأ الي الواقعية بمعني أن نعرف جذور المشكلات وطريقة حلها بواقعية دون الجنوح إلي الخيال، فإن هذا الصراع هو صراع أجيال وإذا سكنت المدافع فإن الصراع الحضاري والثقافي سوف يستمر فيجب أن نجهز أنفسنا بالعلم واليقظة، ومن ثم لا يجب أن يكون سلاحنا هو حناجرنا بل علمنا وتخطيطنا السليم الواقعي، ولا نكون ظاهرة صوتية فهذا أسهل الحلول لمواجهة المشكلات، أضف الي ذلك عنصرا هاما وهو التضامن العربي والتخطيط الجيد ولو علي الأقل الوحدة في السياسات والإسراع بعمل السوق المشتركة، ولاحظ أنه في خلال الصراع فإن أي مكسب يمكن الحصول عليه يجب التشبث به ثم نتابع المجهود للحصول علي غيره وهكذا، يجب عدم الملل في الاستمرار في المطالبة بإخلاء منطقة الشرق الاوسط من الأسلحة الذرية وهذا يتطلب العمل السياسي والتضامن بين الدول العربية في الهيئات الدولية، وأن تكون أساس الحل العادل والشامل لأن وجود قوة نووية تمثل عنصر ردع يجب ألا يكون موجودا بالمنطقة، مع التفكير أن يكون لمصر قوة ردع، وعلينا أن نلاحظ أيضا أن اسرائيل وسعت ميدان صراعها إلي القارة الافريقية والتي تمثل أهمية قصوي للأمن المصري والعربي متمثلة في نهر النيل والبحر الأحمر، ولذلك يجب التخطيط لمساندة ومعاونة الدول الافريقية بالمال والخبرة والسلاح والتعليم من خلال خطة عربية موحدة، ثم إنها وسعت ميدان صراعها إلي القارة الافريقية والتي تمثل أهمية قصوي للأمن المصري والعربي متمثلة في نهر النيل والبحر الأحمر، ولذلك يجب التخطيط لمساندة ومعاونة الدول الافريقية بالمال والخبرة والسلاح والتعليم من خلال خطة عربية موحدة.
❊ وعلي الصعيد المحلي؟
❊❊ ينبغي علينا الفعل وليس رد الفعل،حتي لا نضيع، ونكون لقمة سهلة سائغة لغيرنا، لابد أن نترجم شعار »مصر فوق الجميع« الذي نرفعه، ولن يتحقق ذلك إلا من خلال نهضة تعليمية وعلمية مدروسة ومخطط لها، ونهضة اقتصادية قائمة علي معرفة إمكانياتنا وثرواتنا، ونهضة ثقافية لتحرير العقل، ونهضة صناعية حقيقية، كل ذلك لابد أن يبدأ من الآن وليس غدا، فنحن في منطقة خطرة البقاء فيها للأقوي، والقوة هي قوة المعرفة والعلم. كما أود الانتباه الي أن تعمير سيناء يعتبر أمرا حيويا يختص بالأمن القومي المصري ويجب أن تكون له أولوية في توجهات الحكومة المصرية علي أن يتم تنميتها بشريا وزراعيا وسياحيا وصناعيا وأن يستمر الحظر المفروض علي عدم تملك أراضي سيناء إلا للمصريين فقط.
ومن الأفضل لنا جميعا أن يهدأ الشارع المصري قليلا بعدما تحقق وهو كثير، وينبغي أن نقف وقفة مع النفس، وننتبه الي ما يخطط لنا من قبل المتربصين بنا فإنهم يفعلون ما يقولون في مخططاتهم، ونحافظ علي هيبة الدولة لا إسقاطها، ولا يصح النيل منها، وإن ظللنا ننظر وراءنا سنخسر الكثير، فالذين يتحركون علي الساحة الآن إنما يتحركون من أجل الكرسي فقط، علينا أن نتوحد ونتحد ونتعاون، ولابد أن يسمع بعضنا البعض إذا كنا جادين في الممارسة الديمقراطية.
❊ ما قراءتك لمسألة إستعجال نقل السلطة من المجلس العسكري، والتخوف من الحكم العسكري؟
❊❊ أنا علي يقين أن المجلس العسكري سيسلم السلطة كما أعلن ووعد، فأعضاء المجلس غير طامعين في الحكم، أما ما يقال عن حساسية الحكم العسكري فإني أسأل ألم يكن بوش الأب رجلا عسكريا، ومن قبله الرئيس كيندي كان ضابطا، ثم من يدير الدولة في اسرائيل أليسوا هم جنرالات جيش؟.
❊ ما تقول في الكلمة ذات اللهجة المستفزة التي وجهها المرشحون المحتملون لكرسي الرئاسة الي المجلس بحتمية نقل السلطة في فبراير القادم؟
❊❊ هذه مسألة تكشف عن عدم وعي وعدم فهم جيد لخطورة الموقف، انهم يدغدغون مشاعر الناس خاصة البسطاء.
❊ عبر تجربتك المديدة كرجل عسكري وباحث ومؤرخ، لو رأيت حكام مصر الثلاثة السابقين في الميزان؟
❊❊ أما عبد الناصر فقد كان زعيما، له إيجابياته الكثيرة، لكن سلبياته كانت قاتلة، ولو كان وجه اهتمامه الأكبر لمصرفقط، لكان لنا شأن أعظم الآن، انشغل بالخارج فكان الانفصال المؤلم عن سوريا، ثم دخول حرب اليمن التي أدت الي هزيمة 7691.
وأما أنور السادات فكان أذكي الناس، حربا وسلاما، ولولا معاهدة السلام لانتشرت المستوطنات الصهيونية علي ضفة قناة السويس، غير أن أكبر أخطائه أنه حضر العفريت الجماعات الدينية ولم يتمكن من صرفه، ولذلك قتلوه. وأما حسني مبارك فكانت سنواته العشرة الأولي جيدة، الا ان طول مدة بقائه في الحكم ثلاثين عاما حجبت كثيرا من منجزاته مثل طابا ومحاربة الارهاب وتشييد البني التحتية، لكن الطمع من زوجته وابنه، فقد جني الابن علي أبيه، وما كنت أتمني أن أراه في القفص لكنه هو الذي وضع نفسه هذا الموضع، ومع كل ذلك آمل في محاكمة عادلة وليقل القضاء كلمته للتاريخ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.