إلى أى مدى تسهم الدراما فى تماسك أو تفكك كيان الأسرة المصرية، وإذا كانت دراما رمضان هذا العام قد تعددت فيها البطولات النسائية، فهل هذه البطولات أنصفت المرأة المصرية أم أن صناع الدراما مازالوا مغرمين بإبراز كل ما يسىء للمرأة المصرية سواء بقصد او بدون.. وإن كانت هناك من المنظمات النسائية وعلى رأسها المجلس القومى للمرأة قامت برصد بعض السلبيات أبرزها توجيه سباب وشتائم بالأم بشكل يهين كرامة المرأة ويسىء لها ولصورتها فى المجتمع ولكن هنا ستصف المرأة نفسها بنفسها فى دراما رمضان هذا العام، وكذلك نناقش الأمر من المنظور الاجتماعى فى السطور التالية: بداية تجزم د.محبات أبو عميرة أستاذ المناهج والعلوم التربوية بجامعة عين شمس أنها لم تجد نفسها فى هذه الدراما وتقول:مازال التركيز على المرأة سيدة الأعمال الثرية واختفت المرأة المكافحة سواء كانت فى القرية أو فى المدينة بكل ماتبذله من جهد وعمل فى سبيل الحفاظ على أسرتها، وقضايا المرأة الحقيقية اختفت، وكأن صناع الدراما يتعمدون أن يصدروا للعالم أن المرأة المصرية هى لعبة فى يد الرجل أو وسيلة لتحقيق غايته بل وكل غايتها هى أن ترضى الرجل الذى فى حياتها مهما كلفها ذلك، او أنها المرأة الخائنة اوالراقصة اللعوب وهذا يتنافى تماما مع صورة المرأة الحقيقية فى المجتمع المصرى، ولذا يجب عمل لجنة مصغرة ترصد شكل المرأة فى الدراما وما هى الرسالة والهدف من العمل الفنى، كما يجب على المرأة نفسها ألا تتأثر بأى نماذج سلبية وإن كانت كثيرة وتتمسك بالنماذج الإيجابية الملتزمة المتمسكة بتقاليد المجتمع المصرى وإن كانت قليلة فى الدراما. وترى أمل سليمان أول مأذونة فى مصر أن المرأة المصرية شوهت من خلال هذه الدراما وكأن كل نساء مصر يلجأن الى الشعوذة والدجل فى حياتهن بعيدا عن أى منطق معقول فى الحياة فضلا عن هذا المظهر المبالغ فيه من ملابس وماكياج الذى يتنافى تماما مع مظهر المرأة المصرية الواقعى والحالى الذى نراه حولنا فى الشارع المصرى. وتقول منى حمدى مدرسة لغة عربية فى المرحلة الثانوية: للأسف أصبحنا نخجل كأسرة أن نجتمع جميعا لمشاهدة مسلسلاً ما والذى أصبح عليه تحذير للمشاهدة مثل فوق 12 سنة وفوق 16 وفوق 18 وما شابه لما به من ألفاظ وإيحاءات من الصعب أن تجتمع كل أفراد الأسرة لمشاهدته مراعاة لسن الأبناء الصغار، وكنت أتمنى أن نشاهد مسلسل مثل «ضمير أبلة حكمت» على سبيل المثال، واختفت المرأة المصرية الحقيقية التى تمثلنا وظهرت فى الدراما امرأة غريبة عنا تتلون فى حياتها كالحرباء وإن كان هذا أيضا أحد المسلسلات والذى يقدم أسوأ نماذج للمرأة المنحلة أخلاقيا فقيرة كانت او غنية. وتعترض بشدة الطبيبة الشابة د. نهى السباعى بوزارة الصحة على ما أظهرته الدراما من مظهر الطبيبة وطريقة لبسها بملابس قصيرة جدا مستفزة ولا يليق بالمهنة السامية وتقول: صورة الطبيبات فى الدراما غير معبرة عن الواقع بالمرة شكلا ومضمونا، وإن كانت كل فئة فيها الصالح والطالح ولكن من الضرورى إبراز النماذج الأكثر إيجابية من منطلق دور الدراما فى المساهمة فى تنمية المرأة فى المجتمع. ويؤكد د.رشاد عبد اللطيف أستاذ تنظيم المجتمع بكلية الخدمة الاجتماعية بجامعة حلوان أن دراما رمضان افتقدت مناقشة قضايا الأسرة المصرية مناقشة قوية مثل معاناتها من ارتفاع الأسعار ومعاناتها فى تعليم الأبناء ومشكلة العنوسة للجنسين، فكل هذه المشاكل لم تناقشها الدراما بشكل موضوعى بل أبرزت صراعاً بين زوج وزوجة بشكل سطحى. ويقول: لم أجد دوراً وطنياً للمرأة مكملاً لسياسة البلد او حتى مواتية لسياسة البلد، بل دراما تعرض المرأة كسلعة يستخدمها الرجل أى مجرد وسيلة يستخدمها فى سبيل تحقيق أهدافه، وأنها منقادة للرجل، ولم أجد شخصية مميزة إيجابية للمرأة المصرية.. ويناشد أستاذ تنظيم المجتمع صناع الدراما الاتجاه إلى شئون الوطن وكيف يعيدون الواقع الفعلى للأسرة المصرية المتصل بالتنشئة الاجتماعية بحيث تصل للمشاهد رسالة إيجابية من خلال الدراما، مع إبراز ونشر القيم الأخلاقية ونبذ العنف الذى أصبح يسيطر على الدراما بحجة أنها تجسيد للواقع ولكن حتى لو أن ذلك واقع بالفعل فمن الخطأ تجسيده بكل هذا الكم من العنف والانحدار الأخلاقى والذى يدفع الأبناء من مختلف الأعمار إلى تقليده مما يتسبب فى تهديد الكيان الأسرى والكيان المجتمعى بشكل عام.. وهذا كله يتطلب الرقابة المشددة من جهاز تنظيم الإعلام على الأعمال الدرامية قبل عرضها.