مازال الجدل مستمرا حول أحوال الدراما فى المحافل الثقافية والأدبية، وما يهمنا هو صورة المرأة المصرية فيها وإن كانت الصورة غير مرضية عند البعض وبها تنوع وتطور عند البعض الآخر.. لذا تركنا المرأة نفسها تعبر عن رأيها فى صورتها فى الدراما وتقترح ما تراه واجبا للتعبير عنها بصدق دون تهويل أو تهوين بكل ما تعيشه فى الواقع... بداية تقول د. نجوى الفوال أستاذ الإعلام السياسى بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية: لم أجد نفسى ولا حتى زميلاتى فى العمل ولا أى امرأة عاملة ولا حتى ربة منزل المكافحة فى الدراما، بل بالعكس وجدت فئة معينة تعيش فى كومباوند منهن القاتلة والمضطربة نفسيا والخائنة أين إذن المرأة المصرية الحقيقية سواء الفلاحة المكافحة مع زوجها فى الحقل، أو العاملة فى المدن سواء كانت معيلة أو تساهم فى أعباء الأسرة مع زوجها، والتى تسعى للرزق من السادسة صباحا وتتحمل كل المعاناة والصعاب من أجل الحفاظ على كيانها الأسرى، والتى كانت من الممكن أن تكون مادة ثرية لصناع الدراما كى يبدعوا ويقدموا نماذج إيجابية للمرأة المصرية ؟ والجدير بالذكر أن هناك جائزة رصدت للمسلسل الخالى من الإدمان والمخدرات يقدمها صندوق مكافحة الإدمان وعن نفسى رشحت لهم مسلسل ِِِ«الكيف». تختتم أستاذ الإعلام السياسى رؤيتها قائلة: أناشد المسئولين بالتليفزيون عودة قطاع الإنتاج للعمل كما أمتعنا من قبل بمسلسلات خالدة كمسلسل «ضمير أبلة حكمت»، «أم كلثوم» ،«ليالى الحلمية» وغيرها. بصراحة شديدة تعبر عن رأيها الكاتبة الصحفية فريدة النقاش قائلة: فى حدود ما رأيت الدراما تتجه لقضايا فرعية وليست أساسية من تلك التى تواجه المجتمع.. أما نماذج النساء فبعضها كان مشوها للغاية وفاقدا للمصداقية وبعيدا عن واقع الصراع الاجتماعى والسياسى والثقافى، وإن كنت توقفت عند نموذج رحمة فى «فوق مستوى الشبهات» وهو موجود فى المجتمع ولكنه كان من الممكن أن يثير قضايا أخرى وليس هذا الشر المطلق المتجسد فى الشخصية، وهناك عنصر إيجابى فى نفس العمل وهى شخصية المذيعة وهى شخصية متكاملة وإعلامية جيدة على عكس الصورة التى تقدم للإعلاميات.. وتستكمل قائلة: هناك شخصية الأم سها فى «سقوط حر» والتى أرآها أيضا من الشخصيات الإيجابية والتى استطاعت أن تتفهم الوضع العام وتتطور، فهى تركت عملها ولم تستسلم وهذا شىء جميل يمكن أن يدركه كل كتاب الدراما إن الإنسان يمكن أن يتطور، وكذلك نموذج انشراح فى «ونوس»، حيث قامت بدور الأم التى استطاعت تربية أبنائها رغم قسوة الظروف وهجرة الأب لهم وكانت على وشك السقوط ولكنها تراجعت ونجحت فى ذلك. وتختتم النقاش بان هناك أجيالا جديدة من كتاب الدراما تمتلك الرؤية وبناء الشخصية ولكن يتوقف الأمر على ما يتم منحه لهم من حرية فى الإبداع وإن كان بعضهم يحتاجون إلى حلقة ثقافية أعمق ورؤية لقضية المرأة حتى تكون الأدوار التى تلعبها النساء تساهم فى تطوير المجتمع وفى حياة البلاد بصفة عامة. وترى سعاد الديب مقررة المجلس القومى للمرأة بالقاهرة، أن ما أظهرته دراما هذا العام هى نماذج شاذة غير واقعية ولا تمت للواقع بصلة على حد تعبيرها، وتسأل: أين إذن النماذج السوية من سيدات مصر الفضليات فى مختلف المجالات؟. وتناشد الديب صناع الدراما بالعمل خارج الصندوق حتى يبنى المجتمع ويكون الهدف من إبراز السلبيات هو الإصلاح وليس المتاجرة بهدف الربح والكسب السريع. وتضيف لابد من تفعيل دور أجهزة الرقابة على الدراما وأن يمتد الدور الرقابى أيضا إلى المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية وايضا المجلس القومى للمرأة. تجزم نادية تكلا رئيسة اللجنة السياسية بالمجلس القومى بالإسكندرية أن دراما هذا العام غير منصفة للمرأة وقالت: إن الفن صورة للواقع ولكن ليس بصفة دائمة، فإبراز النماذج السيئة للمرأة لابد أن يعالج بشكل جيد فى نهاية العمل ولكن الذى يحدث الإساءة للمرأة والمشاهد صاحب النفس الضعيفة سيتأثر بهذه القدوة السيئة.. ولا تستطيع الأسرة أن تتحكم فيما يشاهده أبناؤها فى التليفزيون حتى لو كانوا أطفالا.. وكل ما تفعله هو التربية السليمة والمتابعة مع المدرسة حول سلوك الأبناء.ورغم انتقاد أمل سليمان أول مأذونة فى مصر لأزياء المرأة فى المسلسلات إلا أنها تشيد بدور المحامية كرمة فى «هى ودافنشى» وأيضا المحامية نهى فى «الميزان» وتقول: لأول مرة تنصف الدراما المرأة المحامية وتظهر أنها ناجحة وتتفوق على الرجل وتأخذ وضعها بين أجهزة الدولة عكس ما كان يظهر فى دراما الماضى.. وتلفت نظر سليمان اختفاء المرأة المحجبة فى المسلسل وتقول: كل النساء اللاتى ظهرن فى الدراما لا يعبرن عن المرأة المصرية الحالية بكل أعمارهن فى المظهر والأزياء، حيث الغالبية العظمى من الفتيات والنساء فى مصر حاليا محجبات ولكن ما ظهر فى الدراما عكس ذلك تماما. وتختتم سليمان رؤيتها بأنها تتمنى أن تقدم الدراما المصرية نموذجا لعالمة ناجحة أو شخصية مناضلة أو حتى امرأة عادية مطحونة مكافحة ومحافظة على كيان أسرتها وتقول يجب أن ترتقى الدراما بالمجتمع ولكن الدراما حاليا تصعد بنا إلى الهاوية.