فضلت أن يكون مقالى اليوم بمناسبة حلول عيد الفطر المبارك (أعاده الله على مصر والأمة العربية بالخير والبركات) عن رائعة سيدة الغناء العربى أم كلثوم «يا ليلة العيد أنستينا .. وجددتى الأمل فينا» كلمات شاعر الشباب أحمد رامى وتلحين الموسيقار رياض السنباطى، التى يحرص ملايين المصريين والعرب بكل فئاتهم وأعمارهم والمسلمين فى مشارق الأرض ومغاربها على الاستماع إليها عبر محطاتهم الإذاعية وقنواتهم التليفزيونية باعتبارها رغم مرور سنين على إنتاجها من أفضل وأروع الأغانى التى تجسد ابتهاجهم وفرحتهم بالعيد ونعرض بهذه المناسبة على سبيل المثال بعض القصائد والأغانى الشهيرة التى كتبها كبار الشعراء ولحنها أساطين الموسيقى وتغنى بها المطربون المصريون والعرب ولا تزال تعيش فى وجدان الجماهير وتحفظها الأجيال المتعاقبة جيلاً بعد جيل وتقدمها الإذاعة والتليفزيون تباعاً فى المناسبات الوطنية والاجتماعية والأعياد وتشعر بطعم العيد والمناسبة إذا سمعت هذه الأغانى مثل أغنية الشاعر الكبير مأمون الشناوى التى غناها فريد الأطرش عن الربيع «أدى الربيع عاد من تانى.. والبدر هلت أنواره» وأغنية «إلى عرفات الله» و«القلب يعشق كل جميل» بمناسبة الحج لأم كلثوم والسنباطى وفى انتصار أكتوبر 73 نستمع إلى روائع بليغ حمدى «باسم الله ..الله أكبر» للمجموعة و»على الربابة بأغنى» لوردة و «عبرنا الهزيمة» لشادية لعبد الرحيم منصور و«ما تقولش إيه إديتنا مصر» لكاتب هذه السطور وتلحين حلمى بكر وغناء عليا التونسية، ويطل علينا عيد سيناء فنتذكر شادية فى أول أغنية «ياللى من البحيرة ..وياللى من آخر الصعيد .. سينا رجعت كاملة لينا ..ومصر اليوم فى عيد» كلمات عبد الوهاب محمد وتلحين جمال سلامة ورائعة كمال الطويل والأبنودى «صباح الخير ياسينا .. رسيتى فى مراسينا» ونتذكر أيضا ً فى مناسباتنا الاجتماعية رائعة فايزة أحمد والموسيقار محمد عبد الوهاب والشاعر حسين السيد «ست الحبايب ياحبيبة» أروع ما أبدعه الثلاثة ولا تضاهيها أغنية أخرى، وغيرها من الأغنيات التى أبدعها جيل الرواد فى زمانهم الجميل ولا نشعر بجمال المناسبة إلا إذا أذيعت هذه الأغانى للمصداقية والأصالة ورقى المعانى التى صاغها أصحابها، ولا ننسى صلاح جاهين وأحمد شفيق كامل ومحمد عبد الوهاب وكمال الطويل ومحمد الموجى وعبد الحليم حافظ الذى جسد مكاسب وإنجازات ثورة يوليو بالأغنية فى هذا الزمن. أما حكاية «ياليلة العيد .. آنستينا» فقد تواترت هذه الحكاية ورواها لنا من سبقونا من كبار الشعراء وأساطين الموسيقى وتناقلتها الأجيال المتعاقبة وشاءت الظروف أن التقى بشاعر الشباب أحمد رامى فى سنواته الأخيرة عندما كان رئيساً للجنة نصوص الأغانى وتضم ايضاً الشاعر الكبير محمود حسن إسماعيل ويمثل شعراء الشباب فيها الشاعر الصديق فاروق شوشة رحمهم الله جميعاً، وكانت الإذاعة فى ذلك الوقت فى مبناها القديم بشارع الشريفين وكان الموسيقار محمد حسن الشجاعى مراقباً للموسيقى والغناء وخرجت من بين أيديهم هذه الأغنيات والقصائد الرائعة التى تعيش فى ضمائرنا حتى الآن فى هذا العصر الذى كان يطلق عليه الكتاب والنقاد العصر الذهبى للأغنية، وقد تجلت رائعة أحمد رامى « ياليلة العيد آنستينا.. وجددتى الأمل فينا .. هلالك هل لعنينا.. فرحنا له وغنينا .. وقلنا السعد حيجينا ..على قدومك يا ليلة العيد» ويبلغ رامى قمة إبداعه الشعرى عندما يقول « حبيبى مركبه تجرى .. وروحى فى النسيم تسرى .. قولوا له يا جميل بدرى .. حرام النوم فى ليلة العيد» ويتجلى شاعر الشباب أكثر فى المقطع الذى تسمعه ولا تشبع من سماعه بصوت سيدة الغناء أم كلثوم » يا نيلنا ميتك سكر .. وزرعك فى الغيطان نور .. تعيش يا نيل نتهنى .. ونحيى لك ليالى العيد» وهذا المقطع الذى تألقت فيه أم كلثوم بجمال صوتها منذ حوالى خمسة وسبعين عاما ً وكان الحفاظ على النيل فى هذا الزمن مثل الحفاظ على الحياة نفسها يجعلنا نتحسر فى أيامنا هذه عندما نشاهد الانتهاكات والاعتداءات المتكررة على النهر الخالد وحرص الدولة الآن على وقف هذه الانتهاكات حتى يعود النيل الذى حافظ عليه الأجداد لطبيعته الأولى عندما كان مصدراًً لإلهام الشعراء والمبدعين وقامت على ضفافه أعظم حضارة عرفتها الإنسانية وهى خطوة تستحق التقدير ونتمنى أن تتلوها خطوات أخرى من جانب الدولة لتحقيق نفس الهدف. ومن الحكايات التى رواها لنا من سبقونا من كبار الشعراء والملحنين أن أم كلثوم عندما غنت ياليلة العيد فى إحدى حفلات النادى الأهلى منذ حوالى ثلاثة وسبعين عاما ً أنعم عليها الملك فاروق بوسام الكمال وأصبح لقبها صاحبة العصمة، وهذه الحكاية تؤكد أن الثلاثى العظيم أحمد رامى وأم كلثوم ورياض السنباطى ومن جاءوا بعدهم فى زمن الفن الجميل أسسوا لنا بكل فخر أصول الأغنية الراقية الهادفة التى يجب أن يتعلم منهم أجيال المؤلفين والملحنين والمطربين المعاصرين كيف ينتجون أغنية تخاطب كل المناسبات وتعبر عن كل الأحداث الوطنية والاجتماعية كما حدث فى أغنية السنباطى أيضا ً وأم كلثوم وشاعر النيل حافظ إبراهيم «وقف الخلق» وغيرها من الأغانى الوطنية مثل «على باب مصر تدق الأكف» لكامل الشناوى وعبد الوهاب وأم كلثوم وكذلك رائعة عبد الفتاح مصطفى «طوف وشوف» كأجمل أغنية تجسد السياحة فى مصر. وأقترح أن يتم تصويرها وانتاجها من جديد وارسال نسخ منها لمكاتبنا السياحية فى دول العالم .. هذه الأغانى وغيرها انطلقت من الإذاعة المصرية فى مبناها القديم بشارع الشريفين فى العصر الذهبى للأغنية وأصبحت كنوزا ثرية لأغانينا الوطنية تزخر بها مكتبات الإذاعة والتليفزيون وأبدعها الرواد ويتباهى بها الأحفاد على مر الزمن.