أثار انتباهى فى كل فصول الأزمة التى نشبت بين دولة قطر ودول مجلس التعاون الخليجى ومصر حول دعم قطر للإرهاب وتمويله أو احتضانها للمنصات الإعلامية المدافعة عنه، أن أى طرف لم يفصح عن تحالف حقيقى مع قطر إلا تركيا.. وإذا كنا نفهم الركائز التى تبنى إيران موقفها عليها من الأزمة بحكم أنها أحد أسباب تلك الأزمة الرئيسية، فإننا لا نرى فى الدعم التركى المتواصل والظاهر من كل مسئول تركى على امتداد فصول الأزمة إلا أنه بسبب مشاركة أنقرة مع الدوحة فى تعزيز قدرات الإرهاب ومنحه المنصات الإعلامية التى تدافع عنه وتقوم بتسويق طروحه وأفكاره مهما تعددت مسمياته واختلفت.. لقد أطاح الموقف الخليجى المصرى الصارم بحصار قطر كل الدعاوى التقليدية التى تفضل بين أنواع الإرهاب وأخرس الحديث الممجوج السمج عن «الإرهاب المعتدل» و«الإرهاب المتطرف» فالإرهاب واحد، وأساسه بدون كثير مناقشة هو تنظيم الإخوان الذى صارت أنقرة بالإضافة إلى الدوحة ولندن هى العواصم الرئيسية التى يضع فيها خططه وينطلق منها لتنفيذ عملياته تحت مظلة وسنادة إعلامية ضافية. الأزمة الخليجية لا تُحل عبر تدخل الروس والفرنسيين كما حاولت قطر أن تستجدى جهودهم، كما لا تُحل بفرض الأتراك حضورهم فيها سواء بموافقة البرلمان والرئيس التركيين على إرسال قوات تركية لقطر مهما كان الهدف التدريبى المعلن لها ولا عبر التصريحات المتواصلة للمسئولين الأتراك رجب طيب أردوغان وبن على يلدريم رئيس الوزراء، ووزير الخارجية مولود جاويش أوغلو، ولكنها تُحل داخل البيت الخليجى و«بالاستجابة» لا «التجاوب» للمطالب التى أعلنتها دول الخليج الثلاث ومصر عن أنها ترى فى السلوك القطرى إطاحة بأمن الخليج وإضرارا بالغا بالأمن القومى المصرى كما ذكر سامح شكرى وزير الخارجية المصرى غير مرة. إن رهان تركياوقطر على التباين بين موقف الرئيس ترامب ووزارة دفاعه التى عقدت مؤخرا صفقات بسبعين مليار دولار لتصدير السلاح للدوحة، كما انخرطت فى مناورات بحرية مع قطر، لا يُعول عليه كثيرا.. لأن المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة هى التى تحكم موقف وزارة الدفاع وهو دائم، وهى تختلف عن موقف الرئيس وهو موقوت بظروف الأزمة، ولكن قد يأتى وقت تلتزم فيه كل المؤسسات الأمريكية بالموقف الرئاسى إذا اقتضت التطورات ذلك. نهايته.. تركيا هى التى جاهرت بتحالفها مع الدوحة، وهو تحالف كان حادثا من قبل أزمة الخليج وموضوعه الوحيد هو الاتفاق على دعم الإرهاب وسنادة الإخوان وجاءت الأزمة القطرية مع دول الخليج ومصر لتفصح عنه وتكشفه ولتصبح تركيا مع قطر ساحتين لموقف خليجى مصرى حاسم جديد يضع نهاية للإرهاب. لمزيد من مقالات د. عمرو عبد السميع