ضربات متلاحقة تلقاها رعاة الإرهاب فى العالم خلال الفترة القليلة الماضية، خصوصا بعد قرار الدول العربية وقف قطر عند حدها بسبب استمرارها فى دعم التنظيمات الإرهابية مثل الإخوان والقاعدة وداعش، بل وتوفيرها ملاذا آمنا لقادة هذه التنظيمات. وفور الإعلان عن هذه الخطوة التى اتخذتها مصر والسعودية والإمارات والبحرين واليمن وليبيا، وتلتها دول أخري، أعلنت التنظيمات الإرهابية دعمها للدوحة، وفى مقدمتها الإخوان والقاعدة وداعش. ومع تحول الهجمات الإرهابية إلى ظاهرة يومية، تحدث فى أى مكان فى العالم، أصبح من الضرورى الحديث عن الدول الراعية للإرهاب، سواء كانت إيران أو قطر أو تركيا أو حتى بريطانيا ومحاولات رفع الحصانة عنها لقطع الطريق أمام خفافيش الإرهاب. واتفق القادة المجتمعون فى قمة الرياض التى عقدت يوم 21 مايو الماضى على ضرورة محاربة الإرهاب بكل أشكاله ،والتصدى للجذور الفكرية له وتجفيف مصادر تمويله. وبعد أيام، قررت الدول العربية قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر، وحملت البيانات التى صدرت عن هذه الدول ما يشير إلى تواطؤ قطر فى رعاية التنظيمات الإرهابية ومحاولاتها التدخل فى الشئون الداخلية لهذه الدول وتهديد أمنها القومي. والدوحة معروفة بأنها «واحة الإرهابيين»، وبأنها «عميل مزدوج» أو «دولة ذات وجهين فى مكافحة الإرهاب» حيث تعلن المشاركة فى التحالف الدولى ضد داعش، فى الوقت الذى تقدم فيه الدعم المادى والمعنوى للتنظيم، كما وصفها أحد المسئولين الأمريكيين بأنها «دولة ذات حصانة فى تمويل الإرهاب». هذا القرار العربى الجماعى برفع الحصانة عن قطر وجه صفعة قوية للدوحة ولداعميها سواء إيران أو تركيا، فى الوقت الذى أعلنت طهران دعمها لأمير قطر، ترددت أنقرة قليلا فأظهرت رغبتها فى البداية فى التوسط فى الأزمة قبل أن تعلن إرسال قوات عسكرية للدوحة. طهران نفسها تجرعت كأس الإرهاب، بعد هجومين مفاجئين لداعش ضربا البرلمان ومرقد الخميني، بل أن التنظيم الإرهابى بث لقطات حية لهجوم داخل البرلمان، ورد الرئيس الأمريكى دونالد ترامب على الهجومين قائلا : «الدول التى تدعم الإرهاب يمكن أن تصبح من ضحايا الشر الذى تدعمه». وعلى الرغم من أن ترامب أعلن تأييده لعزل قطر، واعتبره بداية النهاية للإرهاب، فإن موقف واشنطن ما زال ملتبسا لأسباب تتعلق بمصالحها خصوصا أن الدوحة تستضيف قاعدة العيديد، كما أن مسئولين أمريكيين أكدوا فى تصريحات لوكالة «رويترز» أن استعداد قطر للترحيب بجماعات، مثل حماس وطالبان يسمح بالاتصال بمثل هذه الجماعات عند الضرورة. والمعروف أن واشنطن اتبعت مع الدوحة سياسة «العصا والجزرة» فى مسألة مكافحة الإرهاب، على الرغم من علم الجميع أن القائمة القطرية السوداء لا تتضمن اسما واحدا، القائمة فارغة. والسؤال الذى يطرح نفسه دائما : لماذا لم يتم القضاء على تنظيم القاعدة الذى تم تأسيسه على يد أسامة بن لادن والإخوان منذ 29 عاما، أو حركة طالبان التى تحاربها الولاياتالمتحدة منذ 16 عاما أو حتى داعش التى ستدخل عامها الثالث فى نهاية الشهر الحالي؟ الإجابة تتمثل فى وجود هذه الدول التى تحمى هذه التنظيمات التى لم تقو أعتى الأسلحة ولا التحالفات الدولية على القضاء عليها، بل أن هذه الدول تقوم بتصدير الإرهاب إلى دول المنطقة. بريطانيا أيضا من الدول التى قدمت ملاذا آمنا للإرهابيين، وتتجرع الكأس الآن، ثلاث هجمات منذ مارس الماضى أسفرت عن سقوط عشرات الضحايا، والآن تتحدث تيريزا ماى رئيسة الوزراء البريطانية ووزيرة الداخلية السابقة بعبارات مثل «طفح الكيل»، و»سأمزق قوانين حقوق الإنسان»، لتواجه الانتقادات التى توجه إليها بسبب عدم تصنيف الإخوان كتنظيم إرهابي. ماى اعترفت بأن هناك «تساهلا كبيرا» فى التعامل مع الإرهاب فى بريطانيا، وأن المهاجمين يقومون «بتقليد بعضهم». القصور الأمنى اتهام يلاحق حكومة المحافظين البريطانية، بسبب فشلها فى منع وقوع هذه الهجمات بالإضافة إلى إلغاء 20 ألف وظيفة فى أجهزة الشرطة منذ 2010، كما أن الأجهزة الأمنية كشفت عن وجود 23 ألف متطرف داخل بريطانيا، وفى بؤر الصراع فى الشرق الأوسط، يخضع 3 آلاف منهم فقط للمراقبة، وهى أرقام مفزعة، وأخيرا هناك الدعم السرى للتنظيمات الإرهابية خصوصا فى ليبيا. وأشار تقرير نشرته شبكة «سكاى نيوز» إلى توافر أدلة حول مسئولية الأجهزة البريطانية والتمويل القطرى عن الخطر الإرهابى القادم من ليبيا الذى كان وراء تفجير مانشستر الذى نفذه الليبى الأصل سلمان العبيدي. والآن، يواصل داعش هجمات رمضان التى أعلن عنها قبيل بدء الشهر الكريم، هذه الهجمات ضربت مصر والعراقوبريطانياوأفغانستانوإيران.. وغيرها، بل أن التنظيم الإرهابى يواصل التمدد فى آسيا، فى ظل محاصرته فى العراق وسوريا. والمدهش أن هجماته تظهر تخطيطه الجيد للهجمات، حيث أنه يركز على ضرب أقوى الأماكن المفترض أنها محصنة أمنيا مثل الحى الدبلوماسى فى أفغانستان، أو منشآت حيوية فى إيران لأول مرة، بالإضافة إلى قلب العواصم الأوروبية. كما يهدد داعش بتنفيذ مزيد من الهجمات فى أمريكا وأوروبا، وفى آخر نشراته الدعائية بعد هجومى إيران، هدد التنظيم الإرهابى ب «انتظروا مزيدا من الهجمات»، «الآلاف من الذئاب المنفردة تم إعدادها فى بلادكم».