عندما تأتى الطعنة من الشقيق تكون مؤلمة بقدر ما تحمل من غدر وخيانة..هكذا هو حال دول الخليج التى أصابها خنجر قطر الإرهابى المسموم من الخلف، ولكن لم يصل النصل مبتغاه نتيجة للجهد الذى يبذله الخليج العربى من تعاون وتوحد فى مواجهة مخاطر الإرهاب والتطرف، وكان آخرها انعقاد قمم الرياض الثلاث فى 20 مايو الماضي، مما جعله فى مأمن حتى الآن من سياسات الدوحه الحاضنة للارهاب. فمنذ سنوات عديدة قطعت قطر عهدا على نفسها بتوفير جميع وسائل الدعم المادى لمنظمات متطرفة تعيث فى الارض فسادا، وسخرت ماكيناتها الإعلامية لتمزيق النسيج العربي. وما زاد الطين بلة، تصريحات أمير قطر، يوم 23 مايو الماضى خلال احتفال عسكري، التى أراد بها شرعنة الارهاب ومنظماته الراديكالية وهو يدافع عن ايران العدو اللدود لدول الخليج واصفا إياها بالقوة الإسلامية التى تضمن الاستقرار فى المنطقة ليشق بذلك العالمين العربى والاسلامي، كما إنه لم يتورع فى دفاعه عن جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية ومنظمة حماس وحزب الله البنانى وحماية واشنطن للدوحة من خلال وجودها بأكبر قاعدة جوية بالمنطقة متمثلة فى »قاعدة العديد العسكرية »، وزاد تميم من استفزاز الدول العربية معلنا ان قطر لديها قنوات اتصال مستمرة مع اسرائيل . ويقول د. محمد بن هويدن استاذ السياسة والاقتصاد بجامعة الامارات أنه يعتقد أن أفعال قطر لن تمر هذه المرة مرور الكرام وأن دول الخليج سوف تتخذ مواقف أكثر تشدد مما كانت عليه، مضيفا ان الخليج سيلجأ الى ضغوط دولية بالاضافة الى الضغوط الإقليمية والداخلية التى اتخذها. فى الواقع أن دول الخليج الثلاث - السعودية والبحرين والامارات - لم تكتف هذه المرة بإصدار البيانات المنددة والشاجبة، بل اتخذت إجراءات عملية ضد الدوحة فى خطوة غير مسبوقة خليجيا، متمثلة فى قطع العلاقات الدبلوماسية معها وإمهال البعثات الدبلوماسية القطرية 48 ساعة لمغادرة الدول الثلاث، ومنع دخول أو عبور المواطنين القطريين إلى الدول الثلاث، وإمهال المقيمين والزائرين القطريين 14 يوما لمغادرة هذه الدول. كما شملت الإجراءات منع مواطنى الدول الثلاث من السفر إلى دولة قطر أو الإقامة فيها أوالمرور عبرها. وأوضح هويدن انه بالاضافة لهذه الضغوط الإقليمية التى اتخذت، فإن المملكة العربية السعودية تربطها حاليا علاقات وطيدة مع الولاياتالمتحدة خاصة بعد قمة الرياض والتى تم فيها عقد عدة اتفاقيات استثمارية بلغت مئات المليارات من الدولارات، وانه من المتوقع أن تستغل الرياض هذه العلاقات الجيدة مع واشنطن فى ممارسة ضغوط دولية على الدوحة للحد من دعمها للارهاب. وقد وجهت واشنطن إنذارا قويا للدوحة مؤخرا للالتزام بتوصيات قمة الرياض، ووقف دعمها للجماعات الإرهابية حيث لمحت بفرض عقوبات عليها ان لم تلتزم بهذه التوصيات واستمرت فى إيواء الإرهابيين وعلى رأسهم تنظيم الأخوان المسلمين. ومن ناحية أخري، لا يستبعد استاذ السياسة فى جامعة الامارات من انقلاب أو تغيير النظام فى قطر خاصة ان هناك معارضة قوية من داخل الأسرة الحاكمة ترفض السياسات القطرية الحالية وتتبرأ من أفعال أمير قطر غيرالمحسوبة وعناده المستمر فى إحتضانه للمنظمات الإرهابية، خاصة أن هناك عددا من أبناء أسرة آل ثانى الحاكمة فى قطر بعثوا برسائل الى العاهل السعودى الملك سلمان يعتذرون فيها عن الاساءات التى صدرت من أمير قطر. ولكن فى نفس الوقت لا يميل د. محمد هويدن الى قطع شعرة معاوية مع قطر لانه فى اعتقاده أن القطيعة إذا إستمرت طويلا بين قطر ودول الخليج ستكون إيران هى الملاذ الأخير للدوحة، ووقتها لن تستفيد دول الخليج شيئا. وبحسب كثير من المحللين الإماراتيين، أصبح هناك غضب عارم من دول الخليج إزاء محاولات الدوحة لعب دور أكبر من حجمها فى المنطقة. وان سبب التصريحات التى ادلى بها أمير قطر جاءت بعد ما أيقنت الدوحة أن نجاح قمة الرياض التى جمعت أكثر من 55 دولة عربية واسلامية أصبحت لا تصب فى مصالحها الخارجية خاصة مع إيران، وأن إيواءها للاخوان المسلمين أصبح مسألة وقت بعد الرفض الاقليمى والدولى لهذه الجماعة الإرهابية. كما يرى بعض السياسيين، أن تصريحات تميم الأخيرة كشفت وجه الدوحة القبيح ونواياها الخبيثة التى تستهدف أمن الخليج العربي، وبحسب وجه نظرهم أن النظام فى قطرمازال مستمرا فى لعبة » الروليت« الروسية حتى النهاية ويحاول قطع كل حبال التواصل وأواصر الأخوة مع أشقائه العرب رغم نفيه حتى الآن الأخبار التى صدرت عنه عبر وسائل الإعلام القطرية الرسمية زاعما بأنها مفبركة وغير صحيحة. فى الواقع عندما سحبت دول الخليج الثلاث ( السعودية والإمارات والبحرين ) سفراءها من قطر فى مارس عام 2014 ولمدة ثمانية أشهر كاملة بسب تدخلات الدوحة فى شئون الدول العربية وكان على رأسها مصر، اعتقد الخليج وقتها أن الدوحة استوعبت الدرس وعادت الى رشدها وأفاقت من غفلتها وادركت أن مصلحتها هى عدم التغريد خارج السرب. ولأن دول الخليج معروف عنها سلفا بعاداتها الطيبة وسماحتها العطرة فقد أخذت وقتها بقاعدة » عفى الله عما سلف« وتوسمت خيرا فى قطر بفتح صفحة جديدة مع أشقائها وتم حينها احتضانها آملة رجوعها الى الصف العربي. ولكن عندما ثبت لمجلس التعاون الخليجى باليقين القاطع أن قطر مازالت تحتضن رؤوس الجماعات الإرهابية على أراضيها وتمشى عكس التيار فى مساندتها أعداء الدول العربية، هب جميع المسئولين من دول الخليج والصحف الخليجية الرسمية وخاصة الاماراتية منها وأخذت مواقف صارمة ومتشددة تجاه قطر لا مثيل له، وللمرة الاولى يحدث أن تهاجم فيها دول الخليج إحدى شقيقاتها بأبشع العبارات وتنهال عليها بهذا الكم الهائل من الغضب. فعلى سبيل المثال لا الحصر وصفت صحيفة » الخليج« الاماراتية السياسة القطرية » بالذنب الأعوج » الذى لن ينعدل، وان دور قطر الحالى اصبح منحصرا فى تدمير وتخريب الدول العربية واشاعة الفرقة والانقسام من خلال دعمها للمنظمات الإرهابية والتكفيرية، وان ما يحدث فى سيناء وليبيا والعراق وسوريا واليمن ما هى الا نماذج صارخة على دور قطر المشبوه التى تمارسه فى المنطقة. يبدو أن الأزمة القطرية الخليجية تخطت مرحلة المصالحة او الوساطة بعد ما أكدت تقارير صحفية مؤخرا أنه لا وساطة كويتية بين قطر والخليج وذلك فى ظل ما تنتهجه الدوحه من دعمها للإرهابيين بالاضافة الى إشاعة الفرقة والانقسام بين العرب متحدية بذلك دول المنطقة الكبرى متمثلة فى مصر والسعودية والإمارات. فهذه الدول لن تقبل من الآن فصاعدا العبث القطرى فى المنطقة، وعلى الدوحة أن تستوعب آن هناك تحولات سياسية إقليمية ودولية حدثت ما بعد قمة الرياض وأن هناك مرحلة جديدة دشنتها القمة وبدأت تتخذ أولى خطواتها على الأرض لا يقبل فيها تنظيمات إرهابية او فكر متطرفا لتنهى بذلك الدور الشيطانى القطرى التى تلعبه على حساب جيرانها العرب.