أكد سياسيون وإعلاميون وعلماء دين أن المجتمع في هذه الفترة بحاجة ماسة إلي إعلام تنويري قادر علي غرس روح الانتماء وحب الوطن لدي الأفراد لإيجاد جيل قادر علي العمل وإعلاء مصلحة الوطن، وقالوا عندما غاب الإعلام عن تبني القيم الاصيلة وترسيخ المفاهيم والقيم النبيلة ذات البعد الاخلاقي والتربوي لدي الشباب فقد الكثيرون البوصلة التي تربط المجتمع بعضه ببعض وتداخلت الأمور في بعضها البعض وأصبح المال العام وحق الدولة مستباحا من هؤلاء الذين فقدوا البعد الأخلاقي. في البداية نبه الدكتور عبد الفتاح إدريس، أستاذ الفقه المقارن، إلي أن حماية الأطفال تتوقف علي الأبوين أو الأسرة أو المدرسة، أو المجتمع بحيث يجب أن تكون هناك رقابة صارمة من هؤلاء علي مكونات فكر الناشئة، ويراعي في ذلك اعتدال الفكر وسلامة المنبع الذي يستقي منه ومراقبة من يختلفون عليه لسماع أو تلقي هذا الفكر ونوع ما يقرأون أو يطالعون أو يسمعون باعتبار ذلك كله من عوامل تكوين الفكر، ولقد ألقي الإسلام مسئولية هؤلاء علي من يتولي أمرهم، فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته)، وكان رسول الله صلي الله عليه وسلم يراقب أولاده مراقبة دقيقة لينشأ كل منهم تنشئة سليمة لتحقيق البعد الأخلاقي لدي الفرد والاسرة والمجتمع. وقال إن المسئولية في حماية الشباب والأبناء من الفكر الضال تقع علي الأسرة كونها البيئة الأولي في رعاية الأبناء، وعملية التنشئة التي تعتبر مهمتها الأساسية، باعتبارها اللبنة الأولي من لبنات المجتمع، ومسئولية كل فرد فيها، باعتباره نواة هذه الأسرة، ومسئولية الإعلام باعتباره مرآة المجتمع، فالإعلام يؤثر ويتأثر بمجريات الأمور في المجتمع، ولذا فإن عليه دورا فاعلا في مكونات هذا البعد الأخلاقي، ومن مكونات هذا البعد حماية أمن المجتمع، وترسيخ مبدأ الانتماء إليه، بما يقتضيه هذا الانتماء من حفظ ممتلكاته، ومكتسباته، وقيمه، وأخلاق أهله، وعاداتهم وتقاليدهم. وأوضح أن ما تقوم به السلطات المعنية في الدولة باسترداد الأراضي ممن حازوها، دون أن يصنعوا بها شيئا يعود بالنفع علي أهلها، هو عمل موافق للشرع الإسلامي، ولذا فإن للإعلام دورا في تبصير الناس بذلك، حتي لا يحتكروا ما لا يمكنهم إنشاء مشاريع عليه، أو الاعتداء علي أملاك المجتمع، وذلك لحفظ أموال وأملاك هذا المجتمع، وغرس المبادئ التي من شأنها نهضته، وترسيخ القيم التي من شأنها رفعته ونهضته. وأضاف أن الإسلام غرس هذه القيم في أفراد المجتمع المسلم، ولذا وجدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم لحبه الشديد للمدينة، وانتمائه إليها، يحرم الاعتداء علي أي شيء فيها، سواء كان ملكا خاصا أو عاما. وأشار الي من سلطة الحاكم نزع هذه الأملاك ممن تحجروها إذا مضي عليهم الزمن الذي يمكنهم فيه إحياؤها، إلا أنهم لم يفعلوا، وهذا حال كثير ممن استولوا علي المساحات الشاسعة من أراضي الدولة، ليحتكروها مدة من الزمن، فإذا ما ارتفعت قيمتها باعوها، وهذا فيه الاستيلاء علي ما ليس لهم بحق، وهو من الاحتكار المنهي عنه، وقد انتزع عمر بن الخطاب ممن تحجر أرضا مدة من الزمن، ولم يقم عليها ما يحييها، فقد روي عمرو بن شعيب أن النبي صلي الله عليه وسلم أقطع ناسا من جهينة أرضا، فعطلوها وتركوها، فأخذها قوم آخرون، فأحيوها، فخاصم فيها الأولون إلي عمر بن الخطاب، فقال: لو كانت قطيعة مني، أو من أبي بكر لم أرددها، ولكنها من رسول الله صلي الله عليه وسلم وقال: من كانت له أرض، فعطلها ثلاث سنين لا يعمرها، فعمرها غيره، فهو أحق بها. إعلام تنويرى وأشار الدكتور نبيل السمالوطي أستاذ علم الاجتماع بجامعة الأزهر إلي أن الأمة في حاجة ماسة في هذه الفترة إلي اعلام تنويري قادر علي تربية النشء وغرس حب الانتماء لدي الأفراد والمجتمع من خلال نقل الحقيقة دون مزايدة أو تضليل. وقال إن خطاب الرئيس السيسي لاسترداد الأراضي المنهوبة هو بمثابة دق جرس إنذار لغياب البعد الاخلاقي والقيم الاخلاقية التي سادت في الفترة الاخيرة من الاعتداء علي الملكية العامة والخاصة والتي تعتبر من أكبر الجرائم التي يعاني منها المجتمع الآن والتي انتشرت بصورة مخيفة من خلال الاعتداء علي أملاك الدولة سواء أراض زراعية أو عقارية أو شركات، وقال إن هؤلاء يفتقدون الي القيم الأخلاقية من خلال استباحة املاك الدولة والتي تمثل حقا أصيلا لكل أفراد المجتمع ويفتقدون البعد الأخلاقي الذي نادت به كل الأديان السماوية، ويجب علي كل مؤسسات الدولة ان تنتبه جيدا لغياب الجانب الأخلاقي خاصة بعد الأحداث التي مرت بها مصر الحبيبة عقب ثورتين مطالبا بضرورة ان تدرس مادة الأخلاق والتنشئة الاجتماعية في مختلف مراحل التعليم وذلك بالتعاون مع وزارة الثقافة ووزارة الشباب وأجهزة الإعلام لغرس الجانب الأخلاقي والقيم لدي أفراد المجتمع بحيث يعرف كل فرد ما له وما عليه من حقوق وواجبات تجاه الدولة. جريمة يعاقب عليها القانون وقال السمالوطي إن الاعتداء علي الملكية العامة جريمة يعاقب عليها القانون، ويجب سن قانون يغلظ عقوبة الاعتداء علي حقوق الدولة، والإعلام يلعب دورا عظيما في تعميق حب الانتماء من حيث تعميق العقيدة الدينية وغرس القيم الأخلاقية وبناء مكارم الأخلاق، وتدريب المشاهدين علي سلوكيات يرضاها الإسلام، ليس فقط في مجال العبادات ولكن أيضا في مجال المعاملات، مثل إتقان العمل ومساعدة الغير، والإحسان إلي الجار والحرص علي الصدق في القول والعمل وحث الآباء علي تحقيق العدالة بالقول والفعل بين الأبناء. وأوضح أن الاعلام يجب أن يركز علي النماذج الناجحة مع نبذ التطرف والتشدد ويؤمن بالحوار والسلام المجتمعي، كما يجب أن تركز علي أن الإسلام هو تاريخ الميلاد الحقيقي لحرية وحقوق وكرامة الإنسان فالحرية والحقوق والكرامة لكل من يعيش علي ارض المجتمع المسلم، مسلما كان أو غير مسلم. غرس القيم ويري السمالوطي انه يجب علي كتابنا والمشتغلين بتأليف وكتابة وإخراج المسلسلات استثمار واستغلال السيرة النبوية الشريفة وقصص الأنبياء والغزوات وسير الصحابة وأيضا أخلاق الإسلام الحميدة في الحفاظ علي حقوق الإنسان وحماية حريات الناس وعدم التمييز بين الناس علي أي أساس ديني أو عرقي أو لوني أو طبقي، وقبل هذا كله غرس عقيدة التوحيد وقيم العدل والإخاء والتسامح والوفاء والمساواة وحماية حقوق الأطفال والنساء والشباب بحيث نستثمر هذا كله وبهذا المنتج تكون لدينا وسيلة فعالة وناجعة في مواجهة الفكر المنحرف سواء كان متطرفا أو منحلا، مما يعد حصانة لعقول شبابنا ليس في مصر وحدها ولكن في الوطن العربي والإسلامي كله من أي فكر يخالف الفكر والمعتقد الصحيح. القيم الأصيلة وقال مصطفي بكري عضو مجلس النواب: عندما غاب الاعلام عن تبني القيم الأصيلة وترسيخ المفاهيم والقيم النبيلة ذات البعد الأخلاقي والتربوي لدي الشباب فقد الكثيرون البوصلة التي تربط المجتمع ببعضه وتداخلت الأمور في بعضها البعض فلم يعد يفرق البعض بين حق الدولة وحق الشخص من أملاك الدولة، وبين الواجب عليه تجاه الدولة، ولذا يجب علي الاعلام ان يقوم بدوره الرئيسي في ترسيخ حب الانتماء لدي الفرد والأسرة والمجتمع لغرس الفضيلة ونبذ الكراهية والتعصب، وعندما يتحول الاعلام الي اعلام سيئ ومنبوذ في نشر اللا أخلاق من خلال المسلسلات الهابطة ، ويتبني مفاهيم غريبة عن المجتمع، كل ذلك يخلق ثقافة عدم الانتماء واللاوعي ، الامر الذي يتسبب في ازمات في المجتمع وهنا يحدث الاغتراب ويطيح بمعالم البعد الأخلاقي ويخلق فساد الأخلاق، ولذلك يجب علي الاعلام أن يعلو بالقيم الأخلاقية لغرس ثقافة حب الوطن والعمل لدي الشباب من خلال تناول موضوعات هادفة تحث علي غرس الفضيلة، والبعد عن الكراهية والعنف. وأشار إلي أن ذلك يطبق من خلال المجالس الثلاثة «الأعلي للاعلام والهيئة الوطنية والأعلي للصحافة» في وضع ضوابط صارمة وقوية من خلال حزمة إجراءات وضوابط محددة يعاقب من يخرج عليها، وذلك لغرس روح الانتماء والعمل وبذلك نكون حققنا البعد الأخلاقي في المجتمع وهو الأمر الذي يجب أن تتبناه كل مؤسسات الدولة بخلاف المدرسة والاسرة وبهذا نضع المجتمع والدولة علي الطريق الصحيح ونخلق جيلا قادرا علي العمل وبذل الغالي والرخيص من أجل إعلاء قيمة الوطن. وسائل الإعلام وتري الدكتورة فاتن الطنبراوي، أستاذ الإعلام بجامعة عين شمس، أن وسائل الاعلام المتعددة تسهم بشكل كبير ومباشر علي غرس القيم الاجتماعية، وليس هناك أدني شك في تأثيرها البالغ والكبير علي القيم ذات العلاقة والارتباط بمفهوم الوحدة الوطنية وتعزيز قيم المواطنة، فمن أبرز أهداف وسائل الإعلام بشكل عام تثبيت القيم والمبادئ والاتجاهات العامة والمحافظة عليها، فوسائل الإعلام قادرة بشكل كبير علي تثبيت تلك المبادئ والاتجاهات المرتبطة بقيم المواطنة والوحدة الوطنية من خلال استخدام أساليب متعددة ومتنوعة من الممكن الأخذ بها، وقد يتم استخدام الأساليب المباشرة وغير المباشرة المتعددة في تعزيز قيم المواطنة والوحدة الوطنية وغرس روح الانتماء وحب الوطن لتحقيق البعد الاخلاقي والانساني لدي الفرد والمجتمع لأن وسائل الإعلام بمختلف أنواعها لها دور مهم في غرس القيم في سلوك الأفراد وتبادل الأفكار والآراء بين أفراد المجتمع وتدعيم المعايير الاجتماعية بين الأفراد. محاربة الأفكار الهدامة وقالت: يجب أن تكون مهمة الإعلام والإعلاميين هي محاربة ومعاقبة جادة لكل من تسول له نفسه المساس بالقيم المرتبطة بالمجتمع، وأن يكون مثالا ونموذجا جادا بعيدا عن المبالغة والغلو التي تثير الفتنة الطائفية علي سبيل المثال وتخلق مشكلات تهز من كيان هذا المجتمع، فهذه وظائف رئيسية للمؤسسات الإعلامية المختلفة والتي تقوم بدور أساسي لتعزيز قيم المواطنة وهذه مهمة الهيئة الوطنية للاعلام في وضع ضوابط يجب السير عليها ومعاقبة أي جهة إعلامية تحيد عن ذلك.