يا معالى وزير التعليم .. كن ديكتاتورا الله يخليك، وطبق نظام «الثانوية» الجديد على الفور، وبدون أى تردد. لا تستمع إلى رأى أحد، ولا تلتفت إلى أى اعتراضات، ولا تفتح أى «حوار مجتمعي»، ولا حوار «بطيخي»، فأنت الآن فى موقع المسئولية، وأنت الذى ستحاسب أمام الله وأمام المصريين، وسيذكرك التاريخ إذا اجتهدت وأصبت، أو اجتهدت وأخطأت، ولكنه سيذكرك بكل سوء إذا مشيت على خطى من سبقوك، فاكتفيت بكرسى الوزارة، ومرتب ومعاش الوزير. افرض رؤيتك فرضا على جميع عناصر المنظومة التعليمية الفاسدة الفاشلة من طلاب، وأولياء أمور، ومدرسين، ومراكز دروس خصوصية، وجامعات، ومعاهد، وبكل ثقة وحزم، فلا يوجد فى نظامنا التعليمى الحالى ما يستحق البكاء عليه، ولا ما يستدعى الندم على تركه أو تغييره، وفى كل الأحوال، أولياء الأمور لن يعجبهم العجب، ولن تأخذ منهم سوى «اللت والعجن»، وخبراء التعليم سيملأون الفضائيات بالصراخ والاعتراض و«الهري» على أى جديد بهدف إقحامك فى معارك جانبية، وموظفو الوزارة سيحاولون تعطيلك ل«فرملة» أى تغيير أو تطوير يعارض مصالحهم وتعقيداتهم، وأباطرة الدروس الخصوصية ومافيا «السناتر» سيعلنون الحرب عليك لأنك باختصار ستقضى على أكل عيشهم، وسيطالبونك بزيادة المرتب، لأنهم لا يشبعون، أما جيل الفيسبوك و«عرف الديك» والرقص بالمطاوى ف «إيدك والأرض»! ونظام الثانوية العامة الجديد، الذى يطلق عليه اسم «الثانوية التراكمية»، كفيل بضرب أكثر من «ديناصور»، وليس بضرب عصفور، بحجر واحد، فأبرز ما فيه أن الالتحاق بالجامعات لن يعتمد على امتحان الثانوية العامة وحده، وإنما على المجموع التراكمى الذى يحصل عليه الطالب فى سنوات الثانوية الثلاث معا، بدلا من السنة الواحدة «الكابوسية»، ولن يكون هناك «علمي» و«أدبي»، كما ستكون هناك امتحانات قبول فى كل كلية على حدة، بمعنى أن المجموع لن يكون مقياسا، فطالب الثانوية الراغب فى الالتحاق بكلية الصيدلة مثلا، سيكون عليه الذهاب إلى كليات الصيدلة التى يريدها لأداء اختبارات فى مواد كالكيمياء والأحياء وغير ذلك، والذى يريد الالتحاق بكلية الإعلام مثلا، عليه أداء امتحانات قبول فى اللغة العربية واللغة الإنجليزية والتاريخ والجغرافيا، وهكذا، فالمسألة لن تكون بالمجموع وحده، ولا برغبات «ماما» و«بابا»، فلم نعد فى حاجة إلى مزيد من «الدحيحة» و«البصمجية» والكسالى. والأهم من ذلك أنه لن يكون هناك فى سنوات الثانوية «منهج» دراسى بالمعنى المتعارف عليه الآن، ولا إجابات نموذجية يجب الالتزام بها فى الامتحان، ولكن سيكون هناك طالب يفكر ويبحث وينقب ويقرأ، ومدرس يوجه ويشرف ويراقب، وليست لديه «بضاعة» يبيعها فى الدرس الخصوصي! إذن، النظام الجديد معناه جيل يقرأ ويتعلم ويفكر ويعرف قيمة العلم، جيل جديد «فاهم» مش «حافظ». النظام الجديد معناه أن يعود الطالب طالبا يكافأ على اجتهاده، ويعود المدرس مدرسا يساعد ويوجه، لا رجل أعمال ينهب و«يشفط». النظام الجديد معناه ضربة قاصمة للبرشام وشاومينج ومافيا الدروس الخصوصية والمراكز التعليمية التى أثرت بالحرام على مدى عقود، إذ لن يكون هناك منهج ولا نموذج إجابات ولا تعقيدات. النظام الجديد معناه زوال «بعبع» الثانوية العامة إلى الأبد، ووداع مشاهد البكاء والهيستيريا يوم امتحان الفيزيا والميكانيكا، و«ولولة» أولياء الأمور فى الفضائيات تحت شعار «ابنى متفوق والله»! النظام الجديد معناه أنك لن تجد طالب إعلام يخطيء فى اسم رئيس أمريكا، ولا طالب طب لا يجيد الإنجليزية، ولا طالب دار علوم يجهل الفارق بين الألف وكوز الذرة. والأهم من ذلك أن النظام الجديد معناه أيضا ربط نظام التعليم فى مصر بباقى دول العالم المحترمة. .. معالى وزير التعليم : توكل على الله، وخض حرب «الديناصورات» ولا تخف، فكفانا أجيالا فاشلة! لمزيد من مقالات هانى عسل