بدأت الدول الغربية التى تتعرض لجرائم الإرهاب تتنبه إلى أن القضاء على الإرهاب يحتاج من جميع الشركات العاملة فى مجال الإنترنت أن تقوم بدورها الضرورى، بعد أن تحولت مواقعها على الإنترنت إلى قنوات تبث منها منظمات الإرهاب أفكارها التحريضية على القتل وسفك الدماء وإزهاق أرواح الأبرياء، وهو ما دعت إليه وزارة الداخلية البريطانية أخيرا، فى محاولة لإيقاف العمليات الإرهابية. وفى تقرير نشرته صحيفة «التايمز» البريطانية بعنوان «يجب على وسائل التواصل الاجتماعى أن تنضم إلى الحرب على الإرهاب»، والذى كتبته عضوة البرلمان البريطانى أمبر رود، أشار إلى أنه لوقت طويل كانت تطلق التحذيرات من احتمالية تعرض دولة ما لهجمات إرهابية ولكن فى الوقت الحالى تحول التركيز إلى محاولة التنبؤ بمتى ستقع هذه الهجمات، بعد أن صار وقوعها محتملا إلى حد كبير. وفى استعراض لما تقوم به بريطانيا من جهود لمكافحة الإرهاب قالت أمبر إن بريطانيا لديها أفضل قوات الشرطة ووكالات مخابرات فى العالم، وتم إفساح المجال مما يسمح لها بأداء دورها، وإلى جانب ذلك عكف المسئولون طوال العام الماضى على تحديث إستراتيجية الحكومة لمكافحة الإرهاب، وسيتم الانتهاء منه قريبا جدا. ومن الجوانب المهمة فى هذه الإستراتيجية، هى كيف يمكن وقف التحريض على التطرف عن طريق الإنترنت، وتحديد الوسائل لمواجهة المواد الشريرة التى يبثها تنظيم داعش وغيره من الجماعات شديدة التطرف. وأشارت أمبر إلى أنه مع كل هجوم إرهابى يقع، يتكشف الدور الذى يلعبه الإنترنت بعد أن تحول إلى قناة للتحريض على العنف ونشر الأفكار المتطرفة بكل أنواعها. ولقد ثبت من خلال نشاط الوحدة التابعة للشرطة والمتخصصة فى مكافحة الإرهاب عن طريق الإنترنت، أن أكثر من 250 ألف مادة تحريضية على الإرهاب تم رصدها على الإنترنت منذ عام 2010. وتقول أمبر «بذلنا الجهد بقوة مع الإتحاد الأوروبى وشركائنا فى العالم لكى تكون هناك مساحة على الإنترنت تستخدم ضد الإرهاب، ونحن لا نستطيع أن نقوم بذلك بأنفسنا، ونحتاج إسهام الشركات التى تدير وسائل التواصل الاجتماعى على امتداد هذا العالم، مثل جوجل وتويتر وفيس بوك، وأيضا الشركات الأصغر منها وأن تقوم بدور نشط فى مكافحة الإستغلال السيىء لوسائلها فى خدمة الإرهاب، كما نحتاج منها إلى إقامة شراكة واسعة النطاق للتصدى لهذا التهديد المنتشر على مستوى العالم. وأكدت أمبر أنه فى مواجهة كل عمل جبان للإرهابيين، فسيكون هناك ضباط من الشرطة يضعون أنفسهم فى طريق المخاطر كل يوم لحماية غيرهم، بالإضافة إلى أنه فى مواجهة كل عمل مشحون بالكراهية لإلحاق الضرر بالأخرين سيكون هناك من لا يترددون عن تقديم المساعدة والرعاية لمن يحتاجها، حتى ولو كان شخص غريب عنهم. إن إدراك خطورة الإرهاب وجرائمه أصبح قضية يشعر بها الجميع على مستوى العالم، لكن ما يظهر الآن فى بريطانيا وفى دول الغرب بشكل عام، هو أن المواجهة من جانب قوات الشرطة لم تعد تكفى وحدها للقضاء على الإرهاب، بل لابد من سد كافة المنافذ التى يصلون من خلالها إلى عقول من تنعدم لديهم المعرفة الحقيقية، بما تدعيه المنظمات الإرهابية من أنها جماعات دينية، وبالتالى تتمكن من تجنيدهم وضمهم إليها. ولعل أهم ما يعترف به الغرب الآن، هو خطورة الدور الذى تلعبه وسائل التواصل الاجتماعى، التى صارت ساحة مفتوحة أمام المنظمات الإرهابية للتحريض والتجنيد ونشر الكراهية، وأنه ليس بإمكان أى دولة بمفردها أن تتصدي لوقف استخدام الإرهاب لهذه الوسائل، بل يلزم إجراء عالمى تشارك فيه مختلف الدول بإقناع هذه الوسائل والضغط عليها، لكى تكف عن الموقف السلبى من الحرب على الإرهاب، بل تسهم من جانبها فى دعم جهود الدول فى هذه الحرب، وأن تكون شريكا فيها. ر