بعد هجمات باريس الارهابية وما أثارته من حالة من الذعر فى أنحاء العالم أصبح الجميع مشغولين بالدور الذى تلعبه أجهزة الإتصال الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعى فى خدمة المنظمات الإرهابية، مما فرض اتجاها فى تلك الدول لتشديد الرقابة على هذه الوسائل، حتى ولو وصل الأمر إلى اقتحام خصوصيات حياة الأفراد. ودعا وزراء الداخلية فى 12 دولة أوروبية ،خلال اجتماعهم فى باريس عقب الهجمات ، إلى توسيع نطاق الرقابة على الإنترنت، وإتفقوا ، فى بيان مشترك ،على أن الإنترنت يجب أن يبقى وسيلة للتعبير الحر فى إطار الإحترام الكامل للقانون، إلا أنه يجب فى نفس الوقت ايجاد وسيلة لرصد المواد التى تهدف إلى التحريض على الكراهية والإرهاب، ثم العمل على إزالتها من وسائل التواصل الإجتماعى بالشكل المناسب. وقرر الوزراء اتخاذ الإجراءات الإيجابية لمكافحة الدعاية الإرهابية على الإنترنت، واتفقوا على بث رسائل تكون قادرة على مواجهة الدعاية الإرهابية الموجهة إلى الشباب عبر هذه الوسائل. وصرح روبرت هانيجان مؤخرا، والذى عين مديرا لوكالة المخابرات الإلكترونية فى بريطانيا، بأن تنظيم داعش يستغل الفيس بوك وتويتر لتجنيد المقاتلين وكسب أنصار جدد لأفكاره وتوسيع نطاق التهديدات الإرهابية فى العالم كله، وقد أدت تصريحاته إلى مناقشات بين منظمات الحريات المدنية ووكالات المخابرات. ولوحظ أن التوجهات التى اتفق عليها وزراء الداخلية الأوروبيون لا تختلف مع إجراءات بدأت بريطانيا مؤخرا فى اتخاذها لتنقية النت من الرسائل التحريضية والحد من مشاهدة المواطنين لمحتوياتها المتطرفة. ومن ناحية أخرى، تبين للسلطات الأمريكية مدى خطورة استخدام وسائل التواصل الاجتماعى فى إجراء اتصالات بين عناصر إرهابية من دولة لأخرى، كما اكتشف المحققون فى حادث إطلاق النار فى سان برناردو بولاية كاليفورنيا، والذى قتل فيه 14 شخصا، أن مرتكبة الحادث تاشفين مالك المولودة فى باكستان، هى وزوجها سيد فاروق، كانا قد أعلنا على حسابهما على الفيس بوك ولاءهما لتنظيم داعش، والاثنان قتلا بالرصاص فى مواجهة مع الشرطة بعد ساعات من الحادث. واكتشف المحققون أيضا أن الأسلحة والمتفجرات التى عثر عليها فى موقع الحادث قد صنعت بالاستفادة من تعليمات بثها تنظيم القاعدة على الإنترنت، وهى نفس النتيجة التى توصلت إليها أجهزة التحقيق فى عدد من دول أوروبا، وبعد أن اتضح لها أن هذه الشبكات تتواصل مع بعضها وتنسق فى تنفيذ عملياتها، وفى تسهيل انتقال أعضائها من دولة أوروبية لأخرى عن طريق وسائل التواصل الإلكترونى، وأن الجدل الدائر فى بريطانيا هذه الأيام يقدم صورة واضحة لتطبيق نظام اختراق وسائل الاتصال، حتى ولو كان ذلك يتطلب الخروج على قواعد وتقاليد قديمة تمنع التجسس على الحياة الخاصة للأفراد. وحسب ما ذكرته صحيفة التايمز البريطانية، فإن هذه الوكالة التجسسية قد اعترفت لأول مرة باستخدام تقنيات اختراق أجهزة التليفون الذكية والكمبيوتر والإنترنت للحصول من خلالها على معلومات. وجاء إعلان مارتن عن هذه الإجراءات قبل أن يتقدم البعض باعتراضات قانونية على قيام الوكالة التى يديرها مارتن باختراق وسائل الاتصال. وقدمت عدة منظمات تدافع عن خصوصية حياة الأفراد، شكاوى إلى المحكمة المختصة بمثل هذه الحالات، وذكرت صحيفة التايمز أن بن جامى، المتحدث باسم مقدمى الشكاوى، أبلغ المحكمة أن هذا الإختراق لخصوصية الأفراد يمثل إقتحاما لبيوتهم والتنصت عليهم، مما يشكل مخاطر كبيرة على الخصوصية، وعلى أمن المجتمع أكثر من أى صورة أخرى من صور المراقبة، بينما رد جيمس إيدى، المتحدث بإسم هذه الوكالة، مؤكدا أن مثل هذه العمليات يمكن أن يقوم بها وبشكل غير قانونى مجرمون، بينما السلطات العامة حين تستخدمها، فهى تقوم بذلك فى ظروف معينة وبشكل محدود ولأهداف مشروعة.