«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعيدا عن الشجب والإدانة .. هكذا يواجه العالم التطرف
نشر في محيط يوم 13 - 04 - 2017

شبكات المتطوعين والمجتمع المدني الأنجح بمواجهة التطرف
"هداية" و"المناصحة" و"وقف العنف" تجارب عربية لافتة
الإمارات الأولى عربيا بمكافحة التمويل وتفعيل الشرطة
"مرصد الفتوى" يواجه التكفير بلغته.. ومؤتمر "متحدون" يعمق الرؤية
بريطانيا تراقب مناهج الكراهية .. وخطوط أوروبية لمساعدة الأسر
ألمانيا تمنح المتطرف العائد فرصة الحياة الكريمة وتوعية الشباب
المرأة واعظة بالمغرب والصوفية بديل للفكر المتشدد
80% من داعش انضموا إلكترونيا .. و150 ألف موقع للتطرف
جوجل وفيس بوك ترعيان شبكات لمنع التجنيد
رغم الديمقراطية .. تونس الأولى بتصدير المقاتلين لداعش !
الفقر والتعليم الديني أبرياء .. ونصف الجهاديين أطباء ومهندسون!
الفراغ السياسي العربي وصعود اليمين الأوروبي وراء تفشي العنف
"اوقف الجهادية" و"اعرف جارك" و"أسر الضحايا".. مبادرات غربية للمجتمع
السعودية تمول مكافحة الإرهاب وتطبق منظومة رادعة لتجريم التطرف
"قد تقتل القذائف الإرهابيين، لكنني على اقتناع بأن الحكم الرشيد هو ما سوف يقتل الإرهاب" مقولة رددها الأمين العام للأمم المتحدة السابق بان كي مون، لكن شيئا ما لم يتغير على أرض الواقع!
صرخات ودماء باتت قدر عالمنا ، وأبرياء قادتهم أقدارهم للوقوع في براثن العمليات الإرهابية التي يرتكبها تنظيم "داعش" المتطرف وفروعه ، وهم يفجرون ويقتلون بدم بارد رافعين رايتهم السوداء لخلافة إسلامية مزعومة تستحل النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق.
وبينما نرى الحزن يلف الحياة في مصر بعد تفجير كنيستين بطنطا والإسكندرية، ضمن عمليات داعش المتكررة التي تستهدف الأقباط وعناصر الأمن ، سارعت القيادة السياسية لإعلان تشكيل مجلس أعلى لمواجهة الإرهاب، لكن التخوفات ازدادت من أن يكون أداؤه كسابقات كثيرة بلا جدوى ملموسة، وتعالت النداءات بالتصدي ل"دعشنة" شباب جدد، يتعرضون لوسائط الميديا والتواصل الإلكتروني التي تجيد تلك التنظيمات المتطرفة اللعب على حبائلها بجيوش مجهزة ، كما تجيد تماما إراقة الدماء على أرض الواقع.
لقد أصبح واجب الوقت هو التعرف على الطرق التي طبقتها دول العالم لمكافحة ظاهرة التطرف وهي البذرة التي تقوم عليها العمليات الإرهابية؛ حيث ثبت بما لا يدع أي مجال للشك أن الاكتفاء بالحلول السياسية والأمنية مجرد إطفاء للحرائق مؤقت ولكنه لا يمنع اشتعالها في أي لحظة من جديد، وبضراوة أشد!
السطور التالية تحمل تجارب 22 دولة حول العالم، حللها الباحث المصري البارز يوسف الورداني عبر كتاب هام صدر مؤخرا عن المعهد العربي للدراسات والبحوث باسم "الخبرات الدولية والإقليمية في مكافحة التطرف".
من يكافح التطرف ؟
يتساءل الكتاب الهام عمن يناط به مكافحة التطرف؛ وبالتأكيد ستكون وزارة الداخلية بمؤسساتها المختلفة صاحبة العبء الأكبر ، لكنها تحتاج بالتأكيد لسلطات الإدارة المحلية والتي يمكنها – كما سنرى بتجارب الدول الغربية – إطلاق برامج كفيلة بمكافحة الأفكار المتطرفة، ثم نأتي لمؤسسات المجتمع المدني، والتي أصبحت تلعب دورا رئيسيا في التعامل مع ضحايا التطرف، وفي وقاية الكتل السائلة المعرضة للاستقطاب من قبل المتطرفين.
وإلى جانب ذلك فقد أقامت الدول شبكات من التعاون لمواجهة التطرف والإرهاب، ومنها دعم السعودية هيئة مكافحة الإرهاب التابعة للأمم المتحدة ب100 مليون دولار في 2014، شبكة "التوعية بالتطرف" لتبادل الخبرات الدولية والمعلومات الخاصة بالتطرف ونشرها بالمجتمع عبر مؤسسات التعليم والثقافة. ويعد مشروع "المقاتلين الأجانب" من أهم المشروعات في الفترة الأخيرة والذي تزامن مع الأزمة السورية المتفاقمة.
وسارعت العديد من الدول مؤخرا لعقد مؤتمرات هامة، إلى جانب تبني قمتين عربيتين قضية التطرف، ولعل مؤتمر "متحدون ضد التطرف" الذي عقدته مكتبة الإسكندرية بمشاركة دولية كبيرة قد أضاف لجهود قادة الرأي لتعميق الرؤية نحو سبل المكافحة الفعالة للإرهاب والتطرف معا.
العالم يستيقظ
عرف التاريخ الأوروبي الحديث صعود العديد من التنظيمات المتطرفة للحكم، مثل حكم الفاشيين بإيطاليا والنازية بألمانيا والشيوعية بالاتحاد السوفيتي، وفي السبعينات ظهرت حركات متطرفة أقل حجما ولكن لديها القدرة على التدمير ، مثل منظمة الألوية الحمراء اليسارية في إيطاليا، وعصابة بادر ماينهوف اليسارية بألمانية، والجبهة المتحدة التي أسسها جان لوبان في فرنسا واستهدفت المهاجرين. لكن هجمات 11 سبتمبر أيقظت العالم لضرورة التحرك الجدي لمواجهة التطرف، خاصة بعد ثورات الربيع العربي وما تلاها من تمدد تنظيمات داعش وفروعها كبوكو حرام بنيجيريا والمسئولتان عن نصف ضحايا العنف حول العالم!
وأشار الكاتب إلى نمط جديد من الإرهاب وهو "الإرهاب بدون قيادة" والمنتشر بدول الرفاهية كالخليج ، ونرى الشخص لا يتبع تنظيميا أي قيادة ويقوم بعمليات يكون دافعها عادة الانتقام من أوضاع يراها ظالمة!
كيف ينتشر التطرف ؟
يؤكد الكاتب أن هناك بيئة يسرت انتشار التطرف على المستوى الدولي وأولها صعود تيار الإسلام السياسي للسلطة بعد ثورات الربيع العربي، ومن المفارقات التي يرصدها الكتاب تقرير مركز فيريل للدراسات ببرلين، والذي يؤكد ارتفاع عدد التونسيين المنضمين إلى «داعش» فى 31 يناير 2016 إلى 8540 شخصاً، بالرغم من انخراط تونس بالمسار الديمقراطي منذ قيام ثورتها.
أما في مصر فقد أدت مصادرة أحلام ملايين المواطنين الذين خرجوا إلى الشوارع في 2011 وما تلاها مطالبين بالحرية والعدالة الاجتماعية وبعقد اجتماعي جديد إلى اتساع نطاق "التطرف السياسي" لا سيما بين الشباب وحالة التخوين، وخروج جماعات متطرفة من رحم الإخوان ومنهم "حسم" التي تبنت محاولة اغتيال د. علي جمعة المفتي السابق للديار المصرية في أغسطس الماضي.
وقد أدى الفراغ الأمني والصراعات الطائفية والإثنية في دول الربيع العربي كسوريا إلى تمدد تلك التنظيمات ، لكن المثير، ما تكشفه الدراسات من أن الفقر لم يكن العامل أو السبب المشترك لانضمام المجندين لتلك التنظيمات، وهو ما يظهر فى حالة «إسلام يكن» نجل رجل الأعمال أحمد عزت شعبان، الذى تعاون مع محمد بكرى هارون فى اغتيال ضابط الأمن الوطنى محمد مبروك.
كما أصبح تنظيم مثل «داعش» قادراً على نشر أفكاره المتطرفة بين عدد كبير من الأوروبيين المسلمين، أو الأوروبيين من أصل مسلم، الذين يشكلون ظاهرة "المقاتلين الأوروبيين" وبلغ عددهم فى تنظيم الدولة (داعش)، وفق تقديرات المركز الدولى لدراسة التطرف، 20730 مقاتلاً حتى يناير 2015، منهم 4 آلاف من دول أوروبا الغربية، مثل فرنسا وألمانيا وبريطانيا وبلجيكا، و3 آلاف من دول الاتحاد السوفييتى السابق، و11 ألفاً من دول شرق أوسطية.
ثم نأتي للعامل الثاني المؤثر بانتشار التطرف؛ ويتمثل كما يرى الكاتب في صعود الأحزاب المتطرفة فى أوروبا رغم تقدمها السياسي والاقتصادي. وفي فرنسا مثلا صعد مؤخرا حزب الجبهة الوطنية اليميني على حساب الحزب الاشتراكي العتيد، وصعد حزب UKIP في بريطانيا المناهض للفكرة الأوروبية على حساب حزب العمال، وفي ألمانيا حركة "الأوربيين القوميين ضد أسلمة الغرب" المعروفة باسم "بيجيدا" وتكرار عمليات العنف ضد المسلمين ومؤسساتهم والتي بلغت 50 حالة اعتداء بفرنسا وحدها بعد الهجوم على مقر مجلة "شارلي إبدو" يناير 2015.
وقد رصد الكاتب صعود حدة التنظيمات اليمينية بدول أوروبا الشرقية، خاصة مع بزوغ نجم عدد من قادة اليمين المتطرف مثل فيكتور أوروبان في المجر وحزبه "فيدس" وميلوش زيمان في التشيك وحزبه "القانون والعدالة" .
وبالطبع شهد العالم صعود رجل الأعمال ذو الميول المتطرفة دونالد ترامب لسدة البيت الأبيض الأمريكي بعد صدور الكتاب.
أما ثالث عوامل تفشي التطرف مؤخرا بحسب يوسف ورداني؛ سهولة الانخراط بتلك التنظيمات أو ما يسميه الكاتب ب"التحول لمتطرف يتطلب Like أوFollow". وقد تضخمت تلك المواقع والصفحات بصورة مطردة فى العقد الأول من القرن العشرين، حتى بلغت بحسب مرصد الفتوى 150 ألفاً فى يوليو 2015.
وبعد سقوط نظام الإخوان المسلمين بعد ثورة يونيو 2013، ظهرت صفحات ك"حركة إعدام" تدعو لقتل كبار مسئولي الأمن وإحراق سيارات الشرطة .
ولدى "داعش" جيوش إلكترونية من الشباب فى سن العشرينيات ، كما توجه التنظيم إلى فئات الأطفال والمراهقين عبر الألعاب الرقمية مثل لعبة "صليل الصوارم"، واستخدم من يجندهن من الفتيات للترويج له.
ويستخدم داعش، بحسب إحدى دراسات معهد بروكنجز فى مارس 2015، ما لا يقل عن 46 ألف حساب على موقع "تويتر" فى الفترة من سبتمبر حتى ديسمبر 2014، كما كشف تقرير الإفتاء المصرية فى يوليو 2015 عن أن 80% ممن انتسبوا إلى التنظيم تم تجنيدهم عبر وسائل التواصل الاجتماعى.
التعامل مع المتطرفين
اتبعت الدول أربع سياسات للتعامل مع المتطرفين، وذلك على النحو التالي:
1- المحاصرة الأمنية:- وذلك لتفكيك الجماعات المتطرفة وإضعافها، وتقاس فاعلية تلك المحاصرة بقدراتها على منع وقوع اية أعمال إرهابية. وجاءت الخبرة الفرنسية والتي تقدم نموذجاً متطوراً في كيفية توظيف تكنولوجيا الانترنت في تمكين جهاز الشرطة من تتبع المتطرفين. فأطلقت السلطات الفرنسية موقعاً إلكترونياً باسم "أوقف الجهادية" وذلك لتشجيع الناس للإبلاغ عن أي فرد يرتاب المجتمع بتغير سلوكه على نحو غريب.
وفي كينيا تبنت الأجهزة الأمنية مبادرة "اعرف جارك" لتقسيم الأحياء السكنية لمجموعات صغيرة لملاحقة المتشددين.
كما أنشأ المغرب وحدة استخبارات باسم "حذر" لحماية المرافق الاستراتيجية والمواطنين والأجانب في ست مدن كبرى ، ونجحت بتفكيك خلايا مرتبطة بتنظيم القاعدة وإحباط مخططاتها.
أما في النرويج فقد تم توزيع كتيبات عن أنشطة اليمين المتطرف والتعجيل بمحاكمة المتورطين بالعنف، وشكلت فريق "الخدمات المتخصصة بمكافحة العنصرية وكراهية الأجانب" ويضم نشطاء وضباط وأخصائيين اجتماعيين لتقديم الخبرات. وهو ما جرى بسلوفاكيا أيضا من مراكز لرصد التعصب وأقسام شرطية متخصصة لهذا الغرض بالأقاليم ولجنة وزارية تتعاون مع المجتمع المدني لمتابعة حالة التطرف.
وفي أمريكا، تعتمد إدارة شرطة نيويورك ولوس أنجلوس على أنظمة موزعة جغرافيا لجلب المعلومات في المشتبه بهم وبالتعاون مع المجتمع الأمريكي المسلم.
2- منع تمويل المتطرفين:- فالتمويل بمثابة الجهاز التنفسي لاستمرار حياة الجماعات المتطرفة سواء عبر مشاريع صغيرة في الأحياء الفقيرة أو عن طريق السيطرة على مناطق ذو موارد غنية وعبر عن ذلك سيطرة داعش على مناطق غنية بالنفط في سوريا والعراق. أو التمويل من الخارج وذلك في إطار الصدقات والزكاة أو عبر منظمات أهلية غير هادفة للربح.
وتعد دولة الإمارات المثال الأبرز في هذه الحالة حيث فرضت عدد من الإجراءات الوقائية والدفاعية منها اعتقال المشتبه في تورطهم في عمليات غسيل أموال وتجميد عدد من الحاسبات المشبوهة. وكذلك كندا التي تنفرد في مجال الرقابة الشديدة على أنشطة الجمعيات الخيرية وذلك بإنشاء وحدة للاستخبارات المالية تتبع وزارة المالية، أما عن أوروبا فبشكل عام منذ 2012 شهدت عدة محاولات لتحجيم تمويل الإتحاد الأوروبي للسياسات ذات الفكر الأصولي الراديكالي.
3- المراجعات الفكرية والأيديولوجية:- وفي هذا السياق أشار المؤلف إلى الخبرة المصرية في هذا المجال؛ حيث تمت مراجعة فكرية لأعضاء الجماعة الإسلامية في التسعينيات ونجحت في وقف نزيف الدماء الذي كان من الممكن استمراره وتفشيه في البلاد.
وقد اهتمت المملكة العربية السعودية بفكرة المناصحة ( فازت عن تجربتها بجائزة الاستخبارات الأمريكية ) ولكن الباحث يرى أنه لا زال بعضهم يعود للعنف من جديد، وهو ما فعله كثير من المنتمين للجماعة الإسلامية بمصر، كعاصم عبدالماجد الذي اعتبر أن المصالحة كانت مجرد صفقة مع نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك وبمجرد سقوطه فإنها لم تعد ملزمة !
وتتجلى سياسة تأهيل المتطرفين بتجارب عالمية عدة، منها الخبرة المغربية لتأهيل السجناء وإعادة دمجهم في المجتمع وخلقت لهم شركات لتوفير فرص عمل وذلك لضمان عدم عودتهم إلى التطرف اذا ضاق بهم الحال.
وفي ألمانيا تم تأسيس إدارة "الوقاية والتعاون" ضمن المكتب الاتحادي للمهاجرين، وخصصت الحكومة خطا ساخنا يقدم استشارات للمجتمع تقيه التطرف ويؤهل العائدين من تلك الأفكار ويضمن لهم الحياة الكريمة والتأمين. والمثير أن البرامج الألمانية يشارك فيها أعضاء سابقون أحيانا بتلك التنظيمات المتطرفة، اعتمادا على خبرتهم بالإقناع .وكثير من البلدان الأوروبية سمحت لهؤلاء بالاندماج في المجتمع وتقديم روايات مضادة لتوعية الشباب بمخاطر ما أقدموا عليه.
مساعدة الضحايا
ويقسم الكاتب هؤلاء بدورهم إلى ضحايا مباشرين ممن تعرضوا لعنف نفسي أو بدني من قبل المتطرفين، وآخرين غير مباشرين كالأسرة والجيران والأصدقاء.
وعلى سبيل المثال؛ طورت بريطانيا مبادرة لحماية المرأة المسلمة لمكافحة أفكار الكراهية والعوائق الثقافية التي تقابلها بالمجتمع عبر مراجعة التفسيرات المختلفة لنصوص الشريعة ، كما نشطت بعض الدول الأوروبية بمجال توفير خطوط ساخنة لمساعدة الأسر التي غادر أحد أفرادها إلى أماكن القتال بسوريا أو العراق .
ونرى في بلجيكا مثلا أن الآباء أنفسهم هم من تطوعوا لنقل خبراتهم للأسر الجديدة التي تعاني من تطرف أبنائها ،وفي الدانمارك تعقد الأسر حلقات لتبادل الخبرات حول التطرف ويكون الحضور فيها بدعوة مسبقة من إدارة الحلقة .
وفي ألمانيا تهتم منظمة backup بتقديم الدعم القانوني والنفسي لضحايا عنف جماعات اليمين العنصرية كالنازيين الجدد .
وأطلقت شركة جوجل شبكة against violent extremism من أجل توحيد جهود ضحايا التطرف مع جهود المتطرفين السابقين في مجال مكافحة انتشار الأفكار المتطرفة عبر الإنترنت، وتحجيم تجنيد الشباب.
تحصين المجتمع
يركز الكتاب بين أيدينا على أهمية محاصرة التطرف من منابعه عبر تحصين المجتمع من الاستجابة لمحاولات نشر الفكر المتطرف، وذلك عبر تجويد التعليم وخلق منصات للحوار المجتمعي حول مكافحة التطرف، ومواجهة تهديد المتطرفين عبر الإنترنت وتعميق الشراكة مع المرأة والمجتمع المدني في جهود المكافحة وخلق كيانات بديلة، تشجيع إنشاء مراكز فكر متخصص بمكافحة التطرف تكون بمثابة "العقل المفكر" للحكومات، وتأهيل الشرطة لمكافحة التطرف ومكافحة التطرف المحتمل بالسجون.
ومن الأمثلة التي يقدمها عبر العالم لتحصين المجتمع من التطرف ، نرى تبني فنلندا نظاماً لجعل مادة الوقاية من الجريمة في المناهج التدريبية ويقوم شرطي بتدريسها، أما الإمارات فقد أشركت الطلاب بعملية الأمن بالشوارع.
وخصصت استراليا الجنوبية ميزانية 65 ألف جنية استرليني لتوعية الطلاب بالملصقات الجذابة .وفي بريطانيا تمثلت استراتيجية ديفيد كاميرون في تدريب المعلمين على كيفية التعامل مع التغيرات السلبية التي تطرأ على سلوك الطلاب ومن شأنها ينخرط في الجماعات الإرهابية.
والمؤسف ما ذكره مارك ساجمان بكتابه "فهم شبكات الإرهاب" والذي تناول السيرة الذاتية لبعض منفذي أحداث 11 سبتمبر وأثبت أن ثلاث أرباع العينة كانوا يعملون في مجالات الهندسة والطب؛ علاوة على تأكيد الباحثان ديجو حامبينا وستيفان هيرتوج في كتابهما "مهندسي الجهات" أن أكثر من نصف أعضاء الحركات الجهادية هم متخصصون في الهندسة والطب.
وتعد منظمة "الناس ضد التطرف العنيف" في استراليا من أكبر المنظمات شيوعاً واهتماما بدور الأفلام وقصص الآخرين في رفع الوعي بمخاطر التطرف.
وتعد المواجهة الإلكترونية من أهم آليات تحصين المجتمع، وقد تم التواصل مع شركات جوجل وفيسبوك لمناقشة آليات تتبع حاسبات هؤلاء المتطرفين لملاحقة خطتهم ومنعهم من الترويج لأفكارهم. وتشن فرنسا وبريطانيا وأمريكا حملات إغلاق لمواقع الكراهية باستمرار.
ويرى المؤلف أن الاهتمام بالمرأة من آليات تحصين المجتمع الهامة؛ حيث تشكل النساء 10% من جملة المقاتلين في صفوف داعش وبلغ عددهم نحو 20 ألف ونجد أن دولة بريطانيا تقدم المنح المباشرة إلى منظمات المجتمع بهذا الإطار. في حين قامت المغرب بإطلاق تجربة فريدة فقامت بإنشاء مركز يتبني تخريج مرشدات وواعظات تتولى نشر صحيح الدين.
من جهة أخرى، شجع المغرب المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وذلك من خلال خلق فرص عمل ومكافحة الفقر و قامت الحكومة بإطلاق برنامج من أجل تنظيم كيانات بديلة للتطرف ومنها مجلس ديني بأوروبا للجاليات المغربية ، وتقديم الدعم لجماعة البودشيشية الصوفية .
وفي مجال خلق البديل، تشجع بريطانيا مؤسسات مثل منتدى المسلمين في بريطانيا لدعم الإسلام غير المتشدد وإيجاد بدائل أخرى بالمجتمع. كما خصصت الحكومة الروسية صندوق الكرملين لدعم الثقافة الإسلامية وشجع بوتين رمزي قاديروف الرئيس الحالي للشيشان نظرا لتوجهه الصوفي، لكن المؤلف يقر بأن دعم الجماعات الصوفية من قبل الحكومات العربية والغرب لم يخل من تسييس واضح، حيث يدرك هؤلاء أن أطماعها بالسلطة نادرة مقارنة بتنظيمات الإسلام السياسي.
وتعد الإمارات رائدة عربيا بمجال تحسين صورة الشرطي، وهو تفعيل لمفهوم الشرطة المجتمعية حيث لا يقتصر الدور الأمني على ضبط الجناة وإنما تقديم الدعم للضحايا وإجراء لقاءات تحاور بحضور شخصيات عامة.
وفى محاولة منها لتعزيز دورها فى مجال نشر الأفكار الوسطية، أطلقت مصر مرصد الأزهر فى 2 يونيو 2015 بهدف رصد الأفكار المتطرفة التى تبثها التنظيمات الإرهابية، وإعداد الردود العلمية على الأفكار المنحرفة والمناهج التضليلية بنفس اللغة التى تستخدمها الجماعات.
أما في أمريكا فقد انطلقت مبادرات منها "من قرين إلى قرين : تحدي التطرف" شارك بها طلاب من أكثر من 95 جامعة بأفكار لمحاربة التطرف عبر تطبيقات الهواتف الذكية.
وأخيرا نجد أن هولندا قد أنشأت نظام "الإمام الصديق" الذي يربط بين الأئمة الأجانب والمتطوعين المحليين لتقديم فهم أفضل للمجتمع الهولندي، وفي ألمانيا دشن شاب من أصل مغربي مبادرة "التحول 180 درجة" للتوعية والتواصل مع ذوي الميول المتشددة لمساعدتهم على إيجاد عمل والنجاح بالحياة.
ويلاحظ مؤلف الكتاب أن المراكز الأوروبية لدراسة التطرف أكثر تطورا من نظيرتها العربية، ومنها مركز ICSR البريطاني ومعهد أثينا ، كما كونت مجموعة من 14 مؤسسة أوروبية تحالفا باسم "العائد" لمكافحة التطرف
وفي كتاب ماجد نواز ،البريطاني من أصل باكستاني، يروي كيف غيرته السجون المصرية وعدل عبر لقاءات واسعة بداخلها مع اسلاميين عن قناعاته السابقة، وصار منفتحا أمثر على الأفكار المعتدلة، ويشغل مدير مؤسسة "كويليام" لمكافحة التطرف.
إن بلداننا العربية تفتقد لاستراتيجية فاعلة لمكافحة التطرف، وهناك حاجة متزايدة لقوانين تشرعن جهود المكافحة من جهة وتجرم الانتماء لتلك الجماعات المتطرفة على غرار القانون السعودي والذي يجرم ليس الانضمام فحسب بل والتعاطف بأشكاله.
ويدعو مؤلف الكتاب الهام لخلق كتلة صلبة لمكافحة التطرف تكون مبنية على الشراكة بين كافة مؤسسات الدولة والمجتمع لا أن تكون مسئولية الحكومات بمفردها، وضرورة بلورة استراتيجية إعلامية وتعليمية تتولى الترويج لهذه الاستراتيجية، وتشجيع إنشاء مراكز بحوث معنية بمكافحة التطرف بشكل دقيق ومتخصص
الكتاب يختتم بحقيقة مفادها أن تهميش الشباب العربي وعدم إشراكه بصنع المستقبل وإحباط آماله من شأنه خلق البيئة الحاضنة لانتشار التطرف، مهما بذلت الحكومات من جهد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.