إطلاق الشهادة المرورية الإلكترونية رسميًا.. خطوة جديدة نحو «مرور بلا أوراق»    تراجع جديد في أسعار الدواجن والبيض اليوم بعد انخفاض سعر العلف    خالد مشعل: البلطجة الإسرائيلية تريد أن تخضع المنطقة لأجندتها وهذا خطر حقيقي    زيلينسكي يزور لندن بعد غد للتشاور مع ستارمر حول وضع مفاوضات السلام    الرئيس الإماراتي يبحث مع رئيس الإكوادور علاقات التعاون ويشهد توقيع اتفاقيات بين البلدين    قبل مواجهة مصر.. يزن النعيمات: الأردن عينه على لقب كأس العرب    غيوم وأمطار خفيفة بالغردقة    بورسعيد تشيع جثمان الطفل زياد ضحية حادث معدية مدينة بورفؤاد    قبل بداية عرض فيلم الست.. تصريحات سابقة ل منى زكي دفاعا عن تنوع أدوار الفنان    وزير الاتصالات ومحافظ الدقهلية يتابعان أعمال منظومة التشخيص عن بُعد    توفير 5843 فرصة عمل جديدة في 31 شركة ب 10 محافظات    الجمعية العمومية لنقابة المحامين تقرر زيادة المعاشات وتناقش تطوير الخدمات النقابية    الشرع: قاتلت لأكثر من 20 عاما على جبهات متعددة ولم أستهدف مدنيا في أي معركة    المخرج خالد جلال يشيد بفيلم "الست": منى زكي مبهرة ومؤثرة في الأرواح    لماذا يزداد جفاف العين في الشتاء؟ ونصائح للتعامل معه    مواعيد مباريات دوري كرة السلة على الكراسي المتحركة    السفيرة الأمريكية تلتقي أصحاب البازارات السياحية عقب جولتها بمعبد خنوم في إسنا    مفتي الجمهورية: التفاف الأُسر حول «دولة التلاوة» يؤكد عدم انعزال القرآن عن حياة المصريين    موعد مباراة أتلتيكو مدريد ضد أتلتيك بلباو والقناة الناقلة    احذر.. الإفراط في فيتامين C قد يصيبك بحصى الكلى    خمسة قتلى بينهم جندي في اشتباك حدودي جديد بين أفغانستان وباكستان    شارك بروايتك في جائزة نجيب محفوظ بمعرض الكتاب 2026.. والجائزة 500 ألف جنيه    15 ديسمبر.. آخر موعد للتقدم لمسابقة "فنون ضد العنف" بجامعة بنها    المرحلة النهائية للمبادرة الرئاسية «تحالف وتنمية»: قبول مبدئي ل9 تحالفات استعدادًا لتوقيع البروتوكولات التنفيذية    الشرع: إسرائيل قابلت سوريا بعنف شديد وشنت عليها أكثر من ألف غارة ونفذت 400 توغل في أراضيها    الإعلان التشويقى لفيلم "القصص" قبل عرضه فى مهرجان البحر الأحمر السينمائى الدولى    فيلم السلم والثعبان.. لعب عيال يحصد 65 مليون جنيه خلال 24 يوم عرض    إنفوجراف|حصاد منظومة الشكاوى الحكومية خلال نوفمبر 2025    وزير الصحة يشهد انطلاق المسابقة العالمية للقرآن الكريم في نسختها ال32    الزراعة توزع أكثر من 400 "فراطة ذرة" مُعاد تأهيلها كمنح لصغار المزارعين    وزير الخارجية يكشف تفاصيل العلاقات مع قطر والصفقات الاقتصادية    وزير الصحة يعقد مؤتمراً صحفيًا غداً الأحد للإعلان عن الوضع الوبائي والإصابات التنفسية    بعد الإعلان عن عرضه 31 ديسمبر.. أزمة فيلم الملحد تتجه للنهاية    رئيس مصلحة الجمارك: لا رسوم جديدة على المستوردين مع تطبيق نظام ACI على الشحنات الجوية يناير المقبل    أول تعليق من بيطري الشرقية على ظهور تماسيح صغيرة داخل مصرف مائي بالزوامل    مواقيت الصلاه اليوم السبت 6ديسمبر 2025 فى المنيا..... اعرف صلاتك بدقه    الدوري الإنجليزي.. موعد مباراة مانشستر سيتي وسندرلاند والقناة الناقلة    اليوان الصيني يسجل 6.73 للبيع في البنك المركزي بمنتصف تعاملات اليوم    رانيا المشاط: الالتزام بسقف الاستثمارات عند تريليون جنيه العام الماضي فتح المجال لمزيد من استثمارات القطاع الخاص    وزير الأوقاف يعلن عن أسماء 72 دولة مشاركة في مسابقة القرآن الكريم    السيسي يوجه بمحاسبة عاجلة تجاه أي انفلات أخلاقي بالمدارس    تحليل فيروسات B وC وHIV لمتعاطي المخدرات بالحقن ضمن خدمات علاج الإدمان المجانية في السويس    حارس بتروجت: تتويج بيراميدز بإفريقيا "مفاجأة كبيرة".. ودوري الموسم الحالي "الأقوى" تاريخيا    شهر و 5 أيام إجازة نصف العام لهؤلاء الطلاب.. اعرف التفاصيل    محافظ الشرقية يتابع الموقف التنفيذي لسير أعمال إنشاء مجمع مواقف مدينه منيا القمح    اندلاع حريق ضخم يلتهم محتويات مصنع مراتب بقرية العزيزية في البدرشين    وزير الأوقاف: مصر قبلة التلاوة والمسابقة العالمية للقرآن تعكس ريادتها الدولية    الصحة: فحص أكثر من 7 ملابين طالب بمبادرة الكشف الأنيميا والسمنة والتقزم    استشهاد فلسطينيين وإصابة آخرين في قصف الاحتلال الإسرائيلي لبيت لاهيا    التخصصات المطلوبة.. ما هي شروط وطريقة التقديم لوظائف وزارة الكهرباء؟    الصحة: توقعات بوصول نسبة كبار السن من السكان ل 10.6% بحلول 2050    بيراميدز يسعى لمواصلة انتصاراته في الدوري على حساب بتروجت    وزير الري يتابع أعمال حماية الشواطئ المصرية للتعامل مع التأثيرات السلبية لتغير المناخ    لاعب بلجيكا السابق: صلاح يتقدم في السن.. وحصلنا على أسهل القرعات    استكمال محاكمة 32 متهما في قضية اللجان المالية بالتجمع.. اليوم    بعتيني ليه تشعل الساحة... تعاون عمرو مصطفى وزياد ظاظا يكتسح التريند ويهيمن على المشهد الغنائي    مصر والإمارات على موعد مع الإثارة في كأس العرب 2025    تفاصيل مثيرة في قضية "سيدز"| محامي الضحايا يكشف ما أخفته التسجيلات المحذوفة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أزمة البحث العلمى ..وضعف العائد الاقتصادى!
نشر في الأهرام اليومي يوم 27 - 03 - 2017

◙ يعانى العديد من المشاكل والمعوقات وعدم التنسيق بين مراكز ومعاهد البحوث فى الوزارات
◙ د. ياسر الحديدى:غياب دور القطاع الخاص فى التمويل ..والأبحاث لا تساهم فى تطوير القطاعات الإنتاجية والخدمية
◙ د. زين عبد الهادى:الرسائل العلمية تكتب وتوثق وتحكم لتطبيقها ..وفريضة العلم غائبة للقضاء على العقل الظلامى
◙ د. هانى سويلم: ضعف العلاقة بين الصناعة والمجتمع ..وتزاوج البحث العلمى والصناعة كلمة السر
◙ د. ماهر أبو خوات:يعيش حالة من التخبط وغياب التخطيط وضآلة الإمكانيات والافتقار لرؤية واضحة


الواقع أن البحث العلمى يخيم عليه الضباب، وتعترضه العراقيل، وتكتنفه الصعاب، والمجهودات التى تبذل فيه متناثرة وفردية لا ترقى إلى دولة مؤسسية مثل مصر. وإذا كان هناك من إنجاز، فهو مجهود عمل فردى، والدليل تضارب الأبحاث التى تنتجها المراكز المختلفة، وربما داخل المركز الواحد، بما يعنى أنه لا توجد استراتيجية موحدة واضحة للبحث العلمى، فهناك العديد من الأبحاث، ولكنها حبيسة الأدراج، مكدسة على الأرفف، برغم أنها تتطرق لمشاكل تخص بيئتنا وحدنا.
فى البداية، يؤكد الدكتور ياسر الحديدى، أستاذ الهندسة الزراعية، عميد كلية الزراعة بجامعة المنصورة، أن البحث العلمى يسهم فى تحديد وتحليل مشكلات المجتمع، وتلبية احتياجاته، كما أن تقدم الدول ومستواها الثقافى يقاسان بمدى تقدم مستوى البحث العلمى بها، والذى ينعكس بدوره على درجة رفاهية هذه الدول، نظراً للعلاقة الوطيدة بين البحث العلمى والتنمية الاقتصادية، مما يستلزم ضرورة الاتجاه نحو زيادة الأبحاث العلمية، خاصة التطبيقية منها، والتى تؤدى بدورها إلى زيادة العائد الاقتصادى.
ويلفت إلى إنه يمكن القول إنه فى الوقت الحالى وصل البحث العلمى إلى مرحلة تمثل أزمة حقيقية متعددة الجوانب، نتيجة تعرضه للعديد من المعوقات، ومنها عدم التنسيق بين مراكز ومعاهد البحوث فى الوزارات المختلفة، وما ينتج عنه من عدم الربط بين سياسة البحوث العلمية والتكنولوجية، وبرامج التنمية الشاملة، وانخفاض المخصصات المالية الموجهة له، مقارنة بالدول الأخرى، وغياب دور مؤسسات القطاع الخاص عن القيام بدورها فى تمويل البحث العلمى، إضافة إلى غياب دور الأبحاث العلمية فى تطوير وتحسين القطاعات الإنتاجية والخدمية.
ويرى أن النهوض به يتطلب العمل على إزالة تلك المعوقات، والاهتمام بأدوات البحث العلمى، والبنية التحتية للبحث العلمى، المتمثلة فى توفير الإمكانات اللازمة للمؤسسات البحثية من معامل، وأجهزة، وأدوات، وكوادر بشرية، وتوفير حياة كريمة للباحثين، من خلال زيادة رواتبهم، إضافة إلى ضرورة العمل على وجود استراتيجية شاملة للبحث العلمى تعمل على ربط الأبحاث العلمية بمشاكل المجتمع، وقطاعاته المختلفة، وإقامة شبكة معلومات للربط بين الجامعات، ومعاهد البحوث، وبعض المؤسسات المعنية، وتوعية القطاع الخاص بأهميته ودوره فى رفع كفاءته الإنتاجية.
ويؤكد الدكتور زين عبد الهادى، أستاذ علم المعلومات، رئيس قسم المكتبات بجامعة حلوان، الرئيس الأسبق للهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية، أن الأطروحات والرسائل العلمية لا تكتب ولا توثق، ولا تحكم وتناقش إلا بهدف تطبيقها، لكن فريضة العلم غائبة فى المجتمعات العربية بلا استثناء، الأمر الذى يُمهد الأرض لأن تخترق العقل العربى قوى الظلام والتبعية واللامبالاة، ولذلك علينا أن نرى كيف يتعامل الغرب فى هذه اللحظة مع ملايين الأطروحات والأبحاث العلمية؛ إنهم يرسمون الآن خرائط فى المكتبات الجامعية والوطنية لتاريخ العقل العلمى، وأهم النتائج التى توصل إليها، حتى لا تُكرر الأبحاث، وحتى يتم تطبيق نتائجها، وهذا ما نحتاج إليه من خلال فرق عمل من أساتذة الجامعات، وإخصائى المكتبات، ومن ثم يمكن بث ونشر أهم نتائج هذه الأبحاث بشكل مبسط للقارئ غير المتخصص، وإتاحة ذلك عبر الإنترنت، والدعوة لعشرات المؤتمرات التى يمكنها أن تتبنى خلاصات هذه الرسائل، ومن ثم يبدأ التطوير الجامعى.
ويرى أن أحد أهم أدوار الجامعات أن تعمل فى مجال خدمة المجتمع، وهو دور ليس معنياً بتعليم المجتمع فقط، بل بإصدار الكتب والمطبوعات التى يمكن أن تقوم بدورها فى المجتمع من تثقيف وتنوير. ويضرب مثلا بمطبعة جامعة هارفارد أو ستانفورد ليلقى الضوء على هذا البعد الغائب فى الجامعات العربية من ناحية احترام عقل المواطن، وتوفير مواد ومصادر معلومات بشكل بسيط ومنهجى، يقوم بتعريف الناس بأدوارهم وبحقوقهم وواجباتهم، وكيفية مكافحة الأمراض، وزيادة الدخل، وفهم العالم بشكل أفضل، فضلا عن أدوارها الإعلامية، وقيامها بتنظيم مؤتمرات تصب فى مصلحة المجتمع، وتغيير مفاهيمه وعاداته وتقاليده، وكذلك كيفية بناء المستقبل، وكيفية رؤية الماضى بشكل صحيح، وتقديم أبحاث علمية واجتماعية تساعد على التخلص من آفات المجتمع، وتقضى على العقل الظلامى الذى هو بطبيعته ضد مسألة التنوير والحداثة.
ويلفت الدكتور هانى سويلم، أستاذ التنمية المستدامة وإدارة المياه، المدير الأكاديمى لقسم هندسة المياه، مدير وحدة اليونسكو بجامعة أخن بألمانيا، إلى أن هناك نقصا واضحا فى جهود تطوير البحث العلمى فى مصر، ألا وهو ضرورة أن تكون العلاقة قوية بين الصناعة والمجتمع، مضيفا أنه لكى يصبح أى باحث أستاذا (بروفيسور)، لا بد أن يقضى وقتا فى الصناعة، بعد الانتهاء من بحث الدكتوراه، ثم يعود للجامعة ليتولى منصب أستاذ، بالطبع فى حال وجود منصب شاغر.
من جانبه، يقول الدكتور ماهر أبو خوات، أستاذ القانون الدولى العام، وكيل كلية الحقوق بجامعة أسوان، إن الاهتمام بالبحث العلمى فى مصر، بالرغم من بعض المحاولات، لا يزال يعيش حالة من التخبط، وغياب التخطيط، وضآلة الإمكانيات والموارد، والافتقار لرؤية واضحة المعالم والأهداف تسهم بالارتقاء به كمًا ونوعًا لمصاف الدول المتقدمة، أو حتى بعض الدول النامية التى تبنت سياسة الاستثمار فى مجالات البحث العلمى والتطوير كإحدى أولوياتها الاستراتيجية فى الطريق نحو تحقيق التنمية المستدامة.
ويضيف: لهذا لم يكن غريباً أن نجد جامعاتنا تبتعد عن التصنيف العالمى لأفضل الجامعات فى العالم، بحسب التصنيفات الصادرة من المؤسسات العالمية وعلى رأسها تصنيف (جامعة جايو تونج شنغهاى Shanghai Jiao Tong University) لأفضل 500 جامعة على مستوى العالم، والذى يعتمد على معايير، منها حصول أعضاء هيئة التدريس، وخريجى الجامعة على جوائز عالمية، مثل جائزة نوبل، وجوائز فيلد للرياضيات، والأبحاث المنشورة فى أفضل المجلات العالمية للتخصصات المختلفة، وكثرة الاستشهاد بأبحاثهم، وجودة التعليم فى الجامعة وحجمها من حيث أعداد الطلاب وأعضاء هيئة التدريس، وتميزهم وطريقة اختيارهم، وتطور الموقع الإلكترونى للجامعة، وما يوجد عليه من أبحاث ومعلومات، وسهولة الوصول إليه عبر محركات البحث.
ويشير إلى أننا لو نظرنا إلى الجامعات المصرية، فسنجد أن معظمها يفتقر هذه المعايير، وبالتالى لم نجد أى جامعة مصرية تدخل فى تصنيف أفضل 500 جامعة فى العالم سوى جامعة القاهرة ، التى احتلت عدة مرات مراكز متأخرة فى هذا التصنيف، رغم أن بعض الجامعات فى دول محيطة بنا قد سبقتنا فى الترتيب.
ويؤكد أن الاهتمام بالبحث أصبح ضرورة ملحة لتحقيق التنمية المستدامة فى أى مجتمع، وهو ليس من قبيل الترف الحضارى. فالسعى وراء فهم الظواهر المحيطة، وإيجاد الحلول للقضايا والتحديات المتزايدة التى تمس مختلف المجالات لن يتأتى من دون تسخير الجهود والموارد الكافية للنهوض بمستوى البحث العلمى.. هذا الدرس الذى وعته أمم من قبلنا، والتى رفعت شعار (نفضل الموت جوعًا على الموت جهلاً)، فهل يعيه المجتمع المصرى قبل فوات الأوان؟.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.