وفدا حماس والجهاد يشددان على ضرورة تحقيق المفاوضات لأهداف الشعب الفلسطينى    تشيلسى يكتسح باريس سان جيرمان بثلاثية بالمر وبيدرو فى الشوط الأول.. فيديو    بايرن ميونيخ يحدد بديل دياز من آرسنال    رومانو: أرسنال يحسم صفقة جيوكيريس من سبورتنج    الصحة: تقديم الدعم للأسر ضمن الكشف المبكر عن الأمراض الوراثية لحديثي الولادة ( انفوجراف )    رئيس هيئة السكة الحديد يعتمد حركة تنقلات جديدة داخل الهيئة 2025    الجريدة الرسمية تنشر قرارًا جديدًا يرسّخ تولي الفريق كامل الوزير وزارة الصناعة    الرئيس الإيراني: نسعى لمنع تكرار الحروب عبر المسار الدبلوماسي    هيئة الكتاب توثق سيرة وأعمال سيد درويش في إصدار جديد «موسيقار الشعب»    نقل الفنان لطفي لبيب للمستشفى بعد تعرضه لوعكة صحية مفاجأة    نادية الجندي تخطف الأنظار بإطلالة شبابية.. والجمهور: «العمر مجرد رقم» (فيديو)    زلزال بقوة 4.4 درجات يضرب سواحل جزر الكوريل الجنوبية في المحيط الهادئ    فريق من الطب الوقائي يصل القرية.. منطقة المنيا الأزهرية تنعى التلميذين «محمد» و«ريم»    "حين تحوّل البرميل إلى قبر".. نهاية مأساوية لشاب على يد والده في سوهاج    النائب محمد الجبلاوى: صرف شركة أديس 5 مليون جنيه لكل أسرة مفقود ومتوفى فى حادث جيل الزيت خطوة جيدة    أردوغان: الإرهاب الانفصالي كلف تركيا حوالي تريليوني دولار    اعتماد الحد الأدنى للقبول بالتخصصات في التعليم المزدوج بالوادي الجديد    وزير الخارجية: قضية مياه النيل وجودية ولن تتهاون في الدفاع عن حقوقنا    في أول أيامه.. «سوبرمان» يسجل انطلاقة تاريخية في شباك التذاكر    محمد علي رزق: مسلسل الاختيار شرف لأي فنان.. والسقا يحتوي الجميع وبيتر ميمي شريك نجاح    عبدالسند يمامة عن حصة الوفد: نشعر بمرارة بعد حصولنا على مقعدين في القائمة الوطنية    مصدر من الزمالك ل في الجول: الشكوى ضد لبيب لن تغير الحرص على حقوق النادي    بالصور.. مي سليم تخطف الأنظار من أمام شواطئ العلمين الجديدة    حدث في 8 ساعات| السيسي يشارك في قمة منتصف العام للاتحاد الإفريقي.. والتعليم تعلن رابط نتيجة الدبلومات الفنية    رئيس جامعة جنوب الوادى يناقش الحوكمة الإلكترونية لنظم الصيانة بالجامعة    الاستيطان في فلسطين.. كيف تحوّل حلم موشيه زار إلى كابوس ابتلع الأرض وحاصر السكان؟    منتخب مصر الأولمبي يفوز على كولومبيا في البطولة الدولية للسلة بالصين    بعد الاتفاق على البنود الشخصية.. سانشو على أعتاب الانتقال إلى يوفنتوس    "يديعوت أحرونوت": الجيش الإسرائيلي أجرى مناورة تحاكي تعاملا مع غزو واسع قادم من سوريا    شعبة النقل الدولي: مصر تتمتع بمميزات كبيرة تؤهلها لتوطين صناعة السفن    محافظ الشرقية يوافق على 11 طلبا استثماريا خلال اجتماع مجلس إدارة المناطق الصناعية    صحة المنيا: نتائج تحاليل شقيقتي الأطفال الأربعة المتوفين تصدر غدا.. وفحص الوضع البيئي بمنزل الأسرة    «بالزنجبيل والعسل».. مشروب طبيعي للتخلص من الارتجاع وحرقان الصدر    طريقة عمل المبكبكة الليبية فى خطوات بسيطة    ما حكم استخدام مزيلات العرق ذات الرائحة للنساء؟.. أمينة الفتوى تجيب    حدث غريب في فرنسا.. سجين يهرب من محبسه داخل حقيبة زميله المفرج عنه    مصرع شقيقين أثناء الإستحمام بترعة في كفرالشيخ    هل يجوز المسح على الطاقية أو العمامة عند الوضوء؟.. عالم أزهري يوضح    أمينة الفتوى تحسم الجدل حول حكم الصلاة بالهارد جيل    محافظ كفرالشيخ يبحث الاستعدادات النهائية لتدشين حملة «100 يوم صحة»    مايا مرسى تكرم «روزاليوسف» لجهودها فى تغطية ملفات الحماية الاجتماعية    تنسيق الجامعات الأهلية 2025.. تفاصيل الدراسة في برنامج طب وجراحة حلوان    مصدر يكشف لمصراوي سبب تأخر بيراميدز في ملف التعاقدات الصيفية    نقيب الصحفيين: علينا العمل معًا لضمان إعلام حر ومسؤول    أخبار السعودية اليوم.. مطار الملك خالد يحقق يقتنص مؤتمر الأطعمة والضيافة في برشلونة    حجز إعادة محاكمة أبناء كمال الشاذلى بتهمة الكسب غير المشروع للحكم    خبراء: قرار تثبيت أسعار الفائدة جاء لتقييم الآثار المحتملة للتعديلات التشريعية لضريبة القيمة المضافة    وزراء العدل والتخطيط والتنمية المحلية يفتتحون فرع توثيق محكمة جنوب الجيزة الابتدائية | صور    وزير الأوقاف: شراكة الإعلام والمؤسسات الدينية خطوة تاريخية لمواجهة تحديات العصر الرقمي    ذكري رحيل السيدة عائشة الصديقة بنت الصديق.. تعرف على أهم الكتب التي تناولت سيرتها    وكيل الأزهر يدعو الشباب للأمل والحذر من الفكر الهدام    بعد قبول الاستئناف.. أحكام بالمؤبد والمشدد ل 5 متهمين ب«خلية الإسماعيلية الإرهابية»    مساعدات أممية طارئة لدعم الاستجابة لحرائق الغابات في سوريا    رسالة محبة ووحدة من البطريرك برتلماوس إلى البابا لاوُن الرابع عشر في عيد الرسولين    القديس يعقوب بن زبدي.. أول الشهداء بين الرسل    حالة الطقس في الإمارات اليوم.. صحو إلى غائم جزئياً    في شهادة البكالوريا .. اختيار الطالب للنظام من أولى ثانوى وممنوع التحويل    «دوروا على غيره».. نجم الزمالك السابق يوجّه رسائل نارية لمجلس لبيب بسبب حمدان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رحيل صاحب النبوءة..!

رجل أفاق من الخديعة على صدمة، سبح زمنا بحمد ماركس وستالين، توهم أنه فى جنة العدل والمساواة، قبل أن يتلظى بجحيم الاستبداد الشمولى والايديولوجيا العقيمة. ذات مساء هرب من بلغاريا إلى فرنسا، بلاد فولتير وديكارت، بحثا عن النور والحرية، لكن الفاجعة لاحقته فى باريس، تبخرت أوهامه عن ليبرالية الغرب وإنسانيته فى ظل الأطماع الاستعمارية اللامنتهية.
على وقع الأحلام المتكسرة والمرارات الطافحة، صار الناقد والمفكر والفيلسوف وعالم الاجتماع تزفيتان تودوروف لسان الضمير الإنسانى، يفضح خيانات المثل والقيم فى غرب العالم وشرقه، خلال سنى عمره (1939-2017)، باحثا عن “البوصلة الضائعة” للحضارة الحقة، يدا بيد مع أمثال إدوارد سعيد، جمعتهم قرابة معرفية، تزاوج في إهابها الفكرى بالأخلاقى، وتماهى العلمى بالسياسى.
منذ أيام قليلة رحل تودوروف، بعد أن عاش رحلة عطاء معرفى فذة، بدأها على هدى إشعاع دراسات الشكلانيين الروس، تبدى ذلك بكتاباته فى حقول اللسانيات والنقد والشعرية والانثروبولوجيا، شكل تودوروف مع كريستيفا و بارت وجينيت وباختين وياكوبسون وامبرتو ايكو وفوكو.. علامات مهمة في تاريخ النظرية الأدبية، أجيال عربية نهلت من مؤلفاته: “الأدب والدلالة”، “الشعرية”، “ما البنيوية”، وغيرها.
دراية تودوروف الفائقة بفنون النقد والخطاب الأدبى وأسرار اللغة قادته إلى الإيمان بالحوارية وتعدد الأصوات فى بنية الحضارة الإنسانية، وإعطاء الكلمة لمن سلب حقه أو خبا صوته، ارتحل إلى نوع من “الإنسية الجديدة”، متصديا لدعاة “موت الإنسان” من بنيويين وتفكيكيين ومابعد حداثيين.. استصفى أن جوهر الحضارة يكمن في الاعتراف بالكرامة الإنسانية وبالتعدد الثقافي للآخرين، لأن الحضارة تقوم على الانفتاح لا التقوقع، لذا تصادم مع نظرية “صراع الحضارات”. كان يقول عن نفسه: “أنا أساسا إنسان ولست فرنسيا سوى بالمصادفة”، انحاز بشجاعة وشرف إلى الشعوب المقهورة، كالشعب الفلسطينى، ودحض دعوات التناحر والحروب على أساس دينى أو عرقى، مؤكدا أنه لايمكن العثور على جذور الخلاف بين الشعوب فى “الدين”.. أسباب الخلاف اجتماعية، اقتصادية، سياسية، فلا داعى للبحث فى الكتب المقدسة، لفهم هذا السلوك العدائى أو ذاك، والذى ينبع غالبا من شعور بالخوف أو الاحتقار، داعيا إلى التفرقة بين الدينى والدنيوى أو بين الدين والدولة.
يدعو، في كتابه “الخوف من البرابرة، ما وراء صدام الحضارات”، إلى التحلي بالتسامح مع الآخر وإزاء الأقليات التي تعيش داخل الغرب، والتعايش مع الثقافات جميعا، ويهاجم في الوقت نفسه الشعبوية اليمينية المتطرفة في الغرب، التي استقوت وتوطدت، بسبب خطابها المعادي للآخر فى عصر العولمة.. خشى تودوروف من هيمنة “الخوف” على المشاعر العامة والعقل الاستراتيجي الغربى، حتى أنه أصبح عنوانا للمرحلة الراهنة.
نبوءة تودوروف صارت واقعا: خوف هوياتي وأيديولوجي من الآخر، وخصوصا الإسلام وأتباعه، يتفرع منه الخوف من الإرهاب، وخوف اقتصادي واستراتيجي من القوى الناهضة، مثل الصين وروسيا. يرى البعض أن كوابيس تودوروف تجسدت بانتخاب رئيس شعبوى فى الولايات المتحدة، أكبر قلاع الديمقراطية الغربية، ومازال الوقت مبكرا للتنبؤ بتأثير هذه التحولات الجارفة والوثبات الجيوسياسية على أنماط العلاقات والنظام العالمى، مع بوادر تقييد الحريات أو احتمالية إساءة استخدام القوة والسلطة، بذريعة حماية الأمن القومى الأمريكى، حيث لا يكفي معرفة كيف تبوّأ زعيم ما سدة الحكم، بانتخابات حرّة أم غيرها، لتصبح سلطته شرعيّة، إنّما ينبغي مراقبة ممارسته هذه السلطة؛ انطلاقا من “قاعدة” وضعها مونتيسكيو: “السلطة المطلقة مفسدة مطلقة”، هذا يعيدنا إلى تقرير نشرته صحيفة ألمانية، الشهر الماضى، بعنوان “بداية الديكتاتورية فى أمريكا”، ذكر أن الرئيس الأمريكي ترامب يشن هجمات يومية على الدستور والقانون وحقوق الإنسان، وأن “ترامب” يقترف كل ذلك أمام أعين الجمهور والكاميرات وعلي تويتر..!.
عمل تودوروف أستاذا فى كبرى جامعات فرنسا وأمريكا، وسعى حثيثا لمناهضة الذهنية الإمبريالية التوسعية والمركزية الأوروبية، وتجاوز منطق الهويات المغلقة، وتعصب النخب المهيمنة فى القرار الدولى وانعكاساتها الكارثية، مثلما أوضح فى كتبه “الفوضى العالمية” و”ذاكرة الشر” و”روح الأنوار”. حتى إنه دافع فى كتابه الأخير عن مواطن عراقى، مات تحت التعذيب الأمريكى فى سجن “أبوغريب”؛ بما يعيد إلى ذاكرتنا صورة “فولتير” الذى نزل إلى الشارع، ليرفع الظلم عن مواطن بسيط يسمى “كالا”، اتهمه المتعصبون- زورا- بقتل ابنه، حتى لا يعتنق الكاثوليكية. مع فارق كبير أن تودوروف يدافع عن مواطن من غير بنى جلدته أو عقيدته..!.
[email protected]
لمزيد من مقالات د. محمد حسين أبوالحسن;


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.