ربما يكون نجاح جماعة الإخوان المسلمين في الظفر بمنصب رئيس الجمهورية اضافة إلي حصولها علي أغلبية برلمانية معتبرة فرصة تاريخية, تحسن الجماعة اغتنامها كي تقدم نموذجا للحكم الرشيد الذي يقوم علي وسطية الاسلام واعتداله, ويحفظ للدولة العصرية شروطها في الالتزام بحقوق المواطنة المتساوية, لا تقيد حرية الرأي والإبداع والبحث العلمي, ولا تصادر علي حق الاختلاف, ولا تقسم المجتمع الي فسطاطين فسطاط المؤمنين وفسطاط العاصين, وتتفهم حاجة الإنسان الروحية إلي فنون ترقي بذوقه ومشاعره مثل الموسيقي والنحت والتصوير والسينما والغناء, وتدرك المغزي العصري والإنساني لمعني العقوبة الجسدية وحدودها في عصر يحترم حقوق الإنسان. لكن شرط نجاح الجماعة لتحقيق هذا الهدف أن تركز جهدها علي مصر بحيث تصبح مصر هي الأول والآخر والغاية والهدف, تعيد للوطنية المصرية اعتبارها في فكر الجماعة كي تبقي مصر أولا ودائما, لا تشتت جهدها وراء أحلام الخلافة ولا تجعل من نفسها قوة تحريض علي تغيير أنظمة الحكم في العالم العربي. وأظن ان جزءا من مسئولية الجماعة وقد أصبحت في سدة الحكم أن تبدد مخاوف انظمة عربية تبدي قلقا متزايدا من تنظيمات محلية تعتنق فكر الجماعة, يمكن أن تضاعف جهودها الدعوية والجهادية بعد نجاح الجماعة الأم في الوصول إلي حكم مصر, وتخشي من إمكان توظيف الجماعة لتنظيمها الدولي من أجل زعزعة الاستقرار لمصلحة حلم الخلافة, وبسبب هذه المخاوف يتحفظ بعض هذه الدول علي توسيع علاقات التعاون مع مصر مادامت الجماعة جزءا من حكم مصر! وما يساعد علي ترويج هذه المخاوف غموض الدور الذي لعبته حماس في اقتحام اقسام الشرطة والسجون المصرية بعد ثورة25 يناير, ونجاحها في تهريب عدد من المحتجزين الفلسطينيين والعرب كانوا ضمن نزلاء هذه السجون, ثم التدفق الهائل والمخيف لكميات لا حصر لها من الأسلحة المتقدمة تشمل صواريخ عابرة للمدن ومدافع مضادة للطائرات, تأتي من داخل ليبيا ويتم تخزينها في مصر انتظارا لفرصة تهريبها عبر الانفاق الي غزة أو أي مكان آخر, ومع أن أحدا لا يستطيع أن يقطع بأن جماعة الإخوان لعبت دورا في أي من هذه الأحداث التي يمكن أن تتم بتخطيط عصابات إجرامية لا شأن لها بالجماعة, إلا أن العلاقات المميزة بين حماس والجماعة كانت سببا مباشرا في إثارة هذه المخاوف, ولهذه الأسباب يبقي التزام الرئيس محمد مرسي بشروط الأمن القومي المصري جزءا مهما من مسئوليته كرئيس لكل المصريين. المزيد من أعمدة مكرم محمد أحمد