اثار بيان المرشد العام للإخوان حفيظة كل المحللين والمتابعين واظهرت المخاوف فى نفوس كل من لديه شكوك وقلق حول جماعة الإخوان المسلمين ومنهجها واهدافها وخاصة بعدما قال محمد بديع،: (إن الجماعة أصبحت قريبة من تحقيق غايتها العظمى، التي حددها مؤسسها الإمام حسن البنا، وذلك بإقامة نظام حكم عادل رشيد بكل مؤسساته ومقوماته، يتضمن حكومة ثم خلافة راشدة وأستاذية العالم) وأضاف بديع في رسالته الأسبوعية أمس: 'حينما بدأت دعوة الاخوان تحاول إرشاد الأمة وإيقاظها من جديد، لتردها إلى مكانتها ورسالتها بعد طول تأخر وركود، حدد الإمام (البنا) في رسالة المؤتمر السادس غايتين لجماعته: الأولى قريبة تظهر ثمرتها من أول يوم ينضم فيه الفرد إلى الجماعة، والثانية بعيدة لا بد فيها من توظيف الأحداث وانتظار الزمن وحسن الإعداد وسبق التكوين، وتشمل الإصلاح الشامل الكامل لكل شؤون الحياة'. وتابع مرشد الجماعة: 'لقد حدد الإمام (البنا) لتلك الغاية العظمى أهدافا مرحلية ووسائل تفصيلية، تبدأ بإصلاح الفرد ثم بناء الأسرة ثم إقامة المجتمع ثم الحكومة فالخلافة الراشدة فأستاذية العالم'. وربط بديع بين الغاية العظمى وثورات الربيع العربي 'في هذا الربيع العربي كان إصرار الشعوب الثائرة على أهداف محددة واضحة، تجتمع عليها ولا تتنازل عنها، سببا رئيسيا في تحقيق هذه الأهداف برحيل الأنظمة الجائرة والحكام الظالمين والتخلص من كل منظومة الفساد التي جثمت على بلادنا فأفسدتها وأخرتها ونهبت مواردها وأعاقت تقدمها، لكننا اليوم أصبحنا قريبين من تحقيق غاية عظمى بإقامة نظام حكم عادل رشيد بكل مؤسساته ومقوماته'. وأكد علاء عريبى الباحث السياسى بداية نؤكد أن للجماعات الدينية المعتدلة والمتشددة حقاً أصيلاً في التعبير عن تطلعاتها، ونؤكد أيضا حقهم في السعي إلي كرسي الحكم، وفي تصور شكل وهوية الدولة التي يحلمون بها، طالما أن مساعيهم وأمانيهم وأحلامهم هذه تأتي في إطار الدستور والقانون. لكن ما يثير المخاوف أن البعض منهم يخلط عن عمد أو غير عمد بين تطبيق الشريعة وبين مطبق الشريعة، أو بين الشريعة والخطاب الشرعي للمتسلط علي الحكومة، بمعني ثالث يخلطون بين الشريعة وفهمهم هم للشريعة، ويعتقدون أن تفاسيرهم لنصوص القرآن وللسنة النبوية هو صحيح الدين، وأن من يعارض أو ينتقد هذا الفهم أو هذه التفاسير فهو بالضرورة ينتقد ويعارض صحيح الدين، ينكر ما هو معلوم بالضرورة، أي أنه ينكر والعياذ بالله كلام الله وسنة رسوله، وهنا هو من الكفار وعليهم استتابته بعدها قتله، لأنك اعترضت علي فهم او اجتهاد أو رأي أحدهم في مسألة شرعية، أصبحت كافرا ووجب تطبيق الحد عليك. التجربة العملية أوضحت خلال السنوات الماضية الغلو في الفهم والتشدد في التطبيق، وليس بعيدة عنا فتاوي التكفير، وإباحة قتل المخالفين سياسيا، وإباحة سرقة أموال غير المسلمين، وليس بعيدا عنا كذلك وصف المجتمع بالجاهلية. تاريخ أغلب هذه الجماعات يشهد ضدهم وليس معهم، ومراجعاتهم وعدولهم عن بعض المفاهيم خير دليل عما نتحدث عنه. ولماذا نذهب بعيدا ونستحضر شواهد من التاريخ ونحن نعايش الجماعات السلفية، حيث ظهر علي الساحة مؤخراً العديد من الفرق، تجمعت حول خطاب ديني أقل ما يوصف به التشدد، حيث ينتج بعض مدعي العلم بالدين والقدرة علي الفتوي، العشرات من الآراء التي تنسجم ومزاجهم الحاد ورؤيتهم السوداوية للمجتمع، حيث توافقوا والحمد لله علي كراهية الآخر واقصائه، كان هذا الآخر مسلماً مثلهم أو مسيحياً. هنا نعيد ونكرر انه يجب قبل التفكير في الخلافة أو الأستاذية علي العالم أن نميز أولا بين الخطاب والشريعة، ومن حقنا أن نعرف هل سيفرض علينا الخطاب الشرعي للإخوان أم خطاب السلفيين؟. ومن الضروري والإخوان علي أعتاب تحقيق الغاية العظمي، ان توضح لنا موقفها من بعض النقاط الأساسية: ما موقفكم من المصريين غير المسلمين؟، هل سيطبق عليهم خطابكم الديني أم سنتركهم لشريعتهم؟، المرأة هل ستتمتع بحرية التعلم والعمل والتجول والمشاركة السياسية وارتداء الحجاب؟. الفن هل ستسمحون بالمسرح والسينما والغناء والبالية والأوبرا والرسم والتصوير والنحت؟، وما هي حدود الحرية التي ستتاح للأعمال الفنية؟، الآثار.. هل هي أوثان يجب تحطيمها؟، بعض الألعاب الرياضية مثل الملاكمة هل ستبيحونها أم ستحرمونها؟، هل ستسمحون للمعارضة بحرية التعبير والعمل والنقد؟، هل الصحافة ستظل علي حريتها أم النقد حرام لأنه ينتقد الخطاب الشرعي؟، هل ستغيرون القوانين بما يتناسب وخطابكم الديني أم وخطاب السلفيين؟. والأهم من هذا وذلك هل ستغيرون الدستور بما يتوافق وخطابكم أم وخطاب السلفيين؟، وما هم المسمي الذي ستطلقونه علي الحاكم؟، هل الحاكم سيعرف في مرحلة ما قبل تحقيق الخلافة والغاية العظمي، بالوالي أم الخليفة أم الرئيس؟، ومستقبلا هل الخليفة سيكون حاكم الدولة الأغني ماليا واقتصاديا أم الأقوي سياسيا؟، وهل ستفرض الخلافة بالمبايعة أم باحتلال هذه البلاد وعزل حكامها وتعيين ولاه للخليفة؟.
وقال عاشق بهية : "مصر كانت تطبق الشريعة الإسلامية فى عصور الأمويين والعباسيين والفاطميين والمماليك والعثمانيين وحتى أقل من مئة عام مضت ولم تكن مصر وقتها جنة العدل والعدالة والمساواة والرخاء واليسر والأخلاق الحميدة..والفتنة الكبرى التى راح ضحيتها عشرات الآلاف من المسلمين فى حرب أهلية بين الصحابة جرت وقت تطبيق الشريعة السمحاء، ثم فى عهد الدولة الأموية التى شهدت أكبر عملية تخلص دموى من المعارضين والمخالفين، وكذلك مقتل حفيد رسول الله فى مذبحة بشعة وتحويل المدينةالمنورة إلى مكان لاغتصاب النساء وحرق البيوت وقتل الولدان وهتك الأعراض وسفك الدماء فى المسجد النبوى، ورجم الكعبة بالمنجنيق وصلب الصحابة على جدار البيت الحرام تم كل ذلك فى الوقت الذى كانت الشريعة فيه مطبقة.......... دعاة تطبيق الشريعة يتجاهلون التاريخ الإسلامي بعد الخلافة الراشدة و يصورونه على عكس الحقيقة بأنه تاريخ تقوى وورع وصلاح ولكنه تاريخ مجون واستبداد ولهو ودم وتوريث للحكم واقتناء للجواري وعبث بالغلمان .حتى قيل عن أحد الخلفاء ذات مرة أنه كان يقتني أربعة آلاف جارية !!! وهنا على سبيل المثال لا الحصر نذكر حكاية الخليفة المعتصم البطل الأسطورى الذى تبهرنا روايات ميكروفونات المساجد عنه بأنه سيّر جيشا لفتح عمورية لأن امرأة أسرها الروم هتفت «وا معتصماه». ثم تعمقت وقرأت بنفسى عن المعتصم فوجدت أنه معتنق لبدعة خلق القرآن، أى أنه كافر فى عرفهم. ورغم ذلك فقد كان، هو وأخوه المعتزلى، المأمون، درة تاج الحضارة الإسلامية، ومعظم المآثر الحضارية التى يتباهون بها إلى يومنا الحالى فى تاريخنا الإسلامى حدثت فى عهديهما. هذا الاكتشاف البسيط كان زلزالا بالنسبة إلىّ، لأنه خرق جدارا مرصوصا بإحكام من الحكايات التى اعتقدت أنها بنقاء ماء العيون. ولأنه دفعنى إلى تقصّى الحقيقة عن مزيد من الحكايات، عن ملوك بنى أمية، وخلفاء بنى العباس. والأهم أننى تيقنت أن الأموات لو تحدثوا لتبرؤوا مما يطرحه الإخوان والسلفيون اليوم. التاريخ يحتاج إلى جهد، ويحتاج قبل ذلك إلى نية البحث عن الحقيقة. والأحزاب الغيبية مطمئنة إلى أنها قتلت هذه النية فى قلوب أبنائها وعوّدتهم على ثقافة السمع، وما دام الأموات لن يتحدثوا فلا خوف من أن يسمع الأحياء رواية مختلفة.تصب في مصلحتهم وتلهب حماسهم وتجعلهم كالقطيع الذي يسير بإشارة من الراعي . فلماذا يطنطن الداعون لتطبيق الشريعة إذن؟:هل هم يجهلون هذه الحقائق التاريخية ؟ أبدا ولكنهم يتجاهلون كما قلت بل و يريدون تحويل الدولة كلها لجمعية خيرية كبرى ، هدفها إعالة الجميع ، وليست اقتصادا منتجا بكل معنى معروف للكلمة . ولهذا أتت أول انتخابات حرة بالأخوان المسلمين ومعهم السلفيين ليس لمشروعهم التنموى الفذ ، ولا حتى لشبكتهم العنكبوتية التنظيمية الممسكة بخناق الشعب . فقط لأن الشعب لا يريد من أحد أن يوجع له دماغه بهذه الديموقراطية ، وسوف يهدى هذه الديموقراطية للأخوان والسلفيين وقد أهداها بالفعل عند أول ناصية في الطريق قابلته لأنهم الوحيدون الذين يعدونه بإراحته منها . المصريون لا يريدون الحرية ، المصريون يحلمون بعمر بن الخطاب ، بالحاكم العادل ، . ببساطة ، المشكلة فى وجود الرأى والرأى الآخر ، أنه محنة سيكولوجية ! أما لماذا يصبح العدل هاجسا مرضيا للعقل العربى والمسلم عموما والمصري خصوصا فالسبب بسيط ولا يثير أى استغراب : الثروة والعشب والنسل لا تأتى بالكد والابتكار والعرق ، إنما كلها موجودة سلفا ، كلها ' رزق ‘ من صنع الخالق ، والمشكلة فقط هى التقسيم ! و أغلب الناس يعتقد أن الشريعة هى تنفيذ الحدود، قطع يد السارق مثلا. ومن ثم سيقل الفساد ونهب المال العام فتنزل وقتها البركات من السماء !! ولكن.. هل يتم قطع يد السارق لأموال البنوك أو مختلسى مال الشعب؟ هل إذا سطا شخص على مليار جنيه من بنك أو تلاعب فى خصخصة شركة قطاع عام أو تخصيص أرض للدولة سيتم تطبيق الحد عليه بقطع اليد؟ حسب الشريعة فلا يمكن قطع يد هؤلاء النهابين لمال الشعب بتهمة السرقة، لأنه ليس مالا خاصا وليس فى حرز فلا تتوافر فى مثل هذه الحالات شروط قطع اليد! وهذا يعني أن عصابة طرة الآن حسب الشريعة لن نستطيع أن نقطع يد أيا منهم . وهنا الحدود لم تكن حلا ولا ردعا كما يظن البعض ويروجون بل بالعكس سيتحول صغار اللصوص إلى هليبة كبار هربا من تطبيق الحد إنها العقول الأفيونية المحنطة، والتي لا تشبه سوى القثاء الأعوج، فلا أمل في تقويمها، لأنها ستنكسر ...! نأتي إلى حلم الخلافة وهو السراب بعينه بل قد يكون السراب أقرب إلى الحقيقة من هذا الحلم الوهمي فبنظرة صغيرة إلى العالم الإسلامي المفتت والممزق هل يمكن أن يقبل الشعب الإيراني خليفة سنيا ؟ وهل يمكن أن يقبل المسلم السني خليفة شيعيا ؟ وإذا استثنينا المسلمين الشيعية واقتصرت الخلافة على المسلمين السنة فأين سيكون مركز هذه الخلافة القاهرة أم الرياض ؟ هل سيقبل الشعب السعودي أن يحكمه خليفة مصريا ؟ أم هل سيقبل الشعب المصري أن يحكمه خليفة سعوديا ؟ هل يمكن للشعوب الخليجية كلها أن تقتسم عائدات نفطها مع شعوب فقيرة كمصر والسودان من أجل عيون الخلافة ؟؟ فعن أي خلافة نتحدث وواقعنا بهذا الشكل ثم ما الذي سنكتسبه من هذه الخلافة ؟ ألم نكن تحت حكم الخلافة العثمانية منذ عدة عقود ليست ببعيدة ؟ ما الناتج من هذه الخلافة غير التشرذم والجهل وسرقة ثروات الشعوب ونهبها واحتكارها من أجل الخليفة أو السلطان العثماني وانتهت بالاستعمار كنتيجة طبيعية ؟ نتمنى فقط ألا تتقسم أوطاننا أكثر فأكثر وألا يتضاعف عدد الدول العربية في المستقبل القريب . وكما قال الشاعر - ولست بعلام الغيوب وانما .. أرى بلحاظ الرأي ماهو واقع - فان كلام وتصريحات وأسلوب وفكر من يدعى أنه يريد تطبيق الشريعة أو إقامة الخلافة كمرشد الإخوان ومن نحا نحوه يجعلنا نتيقن أن النموذج الصومالى أو الأفغاني سوف يتكرر فى مصر