في الطريق إلي لقائه في منزله المتواضع جلست أتخيل لقاءه وشكله وهيئته وذاكرته، ولما رأيته قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله، شيخ أزهري في أبهي صور الشيخ هيئة وسمتا ووجاهة، ولغة بديعة فصيحة شاعرية تنساب من كلماته، وذاكرة قوية، استشهادا بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية واسترجاع الذكريات وتذكر المواقف العديدة، رأيت ذلك كله بعيني رأسي وتيقنت أن هذا بفضل الله وببركة حفظ القرآن الكريم والسنة النبوية. إنه الشيخ الأزهري المعمر.. والنموذج المشرف للعالم والأديب المتبحر والشيخ الجليل .. فضيلة الشيخ معوض عوض إبراهيم عضو لجنة الفتوي بالأزهر الشريف سابقا.. عمل خطيبا وواعظا وإماما وكاتبا ومؤلفا، وشاعرا وأديبا بارعا ومتحدثا مفوها بلغة فصيحة شاعرية وأدبية بليغة، ولا عجب وقد أشاد عباس محمود العقاد بموهبته الأدبية وأعجب بقصائده الشعرية ونشر له قصيدة في مجلة السياسة الأسبوعية. .هو شاهد علي العصر باعتباره أقدم خريج أزهري علي أرض الكنانة وربما علي المعمورة، وأكبر العلماء والمحدثين في العالم الإسلامي سنا ملأ الدنيا علما داعيا إلي الله بالحكمة والموعظة الحسنة. التقته “ الأهرام “ لتحتفى به بعدما تجاوز المائة عام بخمس سنوات والخمسة قضاها فى الدعوة وخدمة كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وفيما يلى نص الحوار : كلمة عن الأزهر .. ماذا تقول؟ أنا واحد من ملايين أكرمهم الله عز وجل، بالتزود على موارد العلم فى الأزهر الشريف فى مراحله الابتدائية والثانوية، وفى كلية أصول الدين، وفى تخصص الدعوة والتدريس، فقد جمعت بين تخصصين الدعوة والتدريس، وكان بعضهم يظن أننى بهذا استحق أن ألحق بكبريات المؤسسات الإسلامية، واليوم وبرغم من قرن من الزمان وأكثر أؤدى الواجب بفضل الله عز وجل فى الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة ونشر دين الله بمؤلفاتى وكتاباتي، خدمة لدين الله فأنا مع كتاب الله وسنة نبيه، والمذاهب الفقهية المعتمدة، على أساس مما قال الأولون، ودعاء بأن يحفظ الله مصر الكنانة، كنانة الله فى أرضه، مصر بلد الأزهر الشريف، التى قال فيها الإمام الشافعى رضى الله عنه: من عرف الدنيا وأحوالها والناس أنواعا وأجناسا .. وما رأى مصر ولا أهلها فما رأى الدنيا والناسا. بمناسبة إهداء مكتبتكم الخاصة للأزهر بماذا تهدف من هذه الرسالة؟ مكتبتى هذه نفح من رياض الأزهر، فإذا عادت هذه النفحة إلى الأزهر، فليس ذلك إلا نوعا من الوفاء، وتسألوننى عن الأزهر: وليس قولك من هذا بظاهره .. العرب تعرف من أنكرت والعجم. والأزهر هو ذلك الصرح الشامخ الذى يزداد شموخا وارتفاعا على مر الأيام والدهور، فإذا أهديت الأزهر شيئا فإنما هو قليل من كثير أهداه الأزهر إلى منذ جئته عام 1344ه طالبا فى معهد دمياط الابتدائي. هل تغيرت صورة العمامة الأزهرية عن ذى قبل؟ وما رؤيتكم لدور الأزهر على الساحة الآن؟ العمامة الأزهرية تناسب الشيخ وتزينه، تراها على رأسى تدل على حسن الهيئة وكمال الصورة، وأنا لا أعرف بعمامتي، أعرف بهمتى وعلمي، وإنما أعرف بما أقوم به من دعوة إلى الله عز وجل بالحكمة والموعظة الحسنة، وكل كلام لا يتسم بالحكمة والموعظة الحسنة ليس من الصواب فى شيء. والأزهر فخر مصر ولا ينكر دوره إلا جاحد وهل يمارى فى الضحى أو هل يمارى فى الأصيل أو هل يمارى فى شروق الشمس إنسان؟ وأن الأزهر بإذن الله فى حفظ الله وفى آمنه، وما بقى من خير ننشده ومن علم نرجوه ومن خريجين وطلاب هم المثل كل فى طريقه، الخير والبر محبب للنفوس فالأزهر والحمد لله فى تألق وفى إشراق، وجريدة الأهرام من الشواهد على ذلك، فى كل صباح وكل مشرق شمس نرى علماء الأزهر الشريف يضيئون جبين جريدة الأهرام، ولولا جلال الأزهر وجماله ما كان هنالك نجم يضيء ولا ضحى يتسع ولا أصيل يرجى ويراد. منظومة القيم والأخلاق كيف تراها؟ منظومه القيم والأخلاق فوقها رب، والأخلاق الحميدة باقية ما بقى ضحى يشيع وأصيل يمتع وشمس تشرق، وهى فى مزيد من حفظ الله ورعايته تبارك وتعالي، والحق لا ينازع والله عز وجل يزيد الشاكرين أمنا ونعما وفضلا. كلمة توجهونها للدعاة؟ دعاة الأزهر والأوقاف وكل صاحب قلم حر وفكر ولسان صادق مرجو لمزيد من العطاء، العطاء للأزهر الذى أعطاهم الكثير، ونحن مطالبون بأن نتحدث بأنعم الله عز وجل، ونذكر الناس بسنة نبينا وإذا ذكر محمد صلى الله عليه وسلم ذكر الأزهر الشريف الذى يقوم على رسالة محمد وعلى أساس من كتاب الله الذى يهدى للتى هى أقوم. وما الكلمة التى توجهها للشباب؟ شبابنا وفتياتنا هم أمل المستقبل وعماد الأمة، وهم فى حاجة إلى من يأخذ بيدهم بالرفق ومن يوجههم بصدق، حتى يكونوا غدا أو بعد غد أملا من الآمال وشمسا لا يحجبها سحاب، والأمل كبير فى الله أن يكونوا عند حسن الظن بهم، وعلى مستوى من الإيمان بالله عز وجل والتصديق بكتابه والاهتمام بسنه نبيه صلى الله عليه وسلم وعلى الأمل المرجو منهم. الشيخ فى سطور عاصر الملك فواد الأول والملك فاروق و7 رؤساء لمصر، و3 ثورات. ولد عام 1912 بكفر الترعة مركز شربين دقهلية، وأتم حفظ القرآن الكريم بكتاب القرية، والتحق بالابتدائية وحصل على الكفاءة عام 1933 والثانوية من معهد طنطا الأزهرى عام 1935 والتحق بكلية أصول الدين بالقاهرة بالخازندارا وتخرج فيها عام 1939 وحصل على تخصص الدعوة عام1941. طاف محافظات الجمهورية داعيا ، وسافر مبعوثا للأزهر الشريف واعظا فى معظم البلدان الإسلامية. وكتب فى كل المجلات الإسلامية فى مصر والعالم وله أكثر من 20 مؤلفا فى الشريعة والحديث والفقه والدراسات الإسلامية. ضعف بصره فى التسعينات وعوضه الله بنور البصيرة ، وقوة الحجه والذاكرة وجمال اللغة سلامة وفصاحة وبيانا ، وذلك كله بفضل حفظ القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة. وله من الأبناء 6ذكور و3 بنات جميعهم على قيد الحياة، أكبرهم الحاجة راوية 70عاما، وتوفيت زوجته وأم أولاده منذ سنوات عن ثمانين عاما.