أحد أسوأ الظواهر الإعلامية التى سبقت ثورة يناير 2011 واستمرت معها وبعدها ما أطلق عليه اصطلاحا برامج (التوك شو) التى ظهرت على فضائياتنا قبل سنوات, فلفتت الانتباه وشدت الأنظار وقدمت إعلاما حديثا ومختلفا عما تعود الناس عليه من تليفزيون الدولة الذى كان يراد له أن يترنح ويتوارى لصالح إعلام جديد يمتلكه ويديره أصحاب المصالح ورجال الأموال. ومع الوقت تحول الكثير من مقدمى هذه البرامج من إعلاميين إلى منظرين وخطباء وملاك لصكوك الوطنية أو التدين, أما ضيوفهم فتحولوا من محللين وقادة رأى وخبراء إلى حملة أختام للتصديق على ما يذاع على الناس. منذ ذلك التاريخ شاهدنا أحذية ترتفع على الشاشات الخاصة وراقصات تتحدث فى السياسة ودعاة يستضيفون إرهابيين , وسمعنا ألفاظا مشينة لم تكن أبدا فى قاموس الإعلام المصرى .ورأينا إعلاميين من داخل استوديوهات مهما كبرت فهى صغيرة , يتسلمون عقول الناس وأعينهم يوميا بلا كلل أو ملل, بل ويطاردونهم على مواقع التواصل الاجتماعى للحصول على مادة إعلامية من صفحاتهم أو لإعادة بث مقاطع من برامجهم. وفى المقابل تجلطت المؤسسات الصحفية وعجزت عن تطوير أدائها بينما تتسرب مواردها من الإعلانات يوما بعد يوم, حتى لم يعد مبنى ماسبيرو رمزا للإعلام القومى والقوة الناعمة والريادة المهنية. الخطير فى الأمر أن الإعلام نفسه بكل وسائله تحول من تقديم المعلومة إلى الرأى ومن التحقيق الميدانى الموثق إلى التقارير الانطباعية الهزيلة ومن التحليل إلى التوظيف وهذا أخطر ما فى القضية, لأن الخبر نفسه لم يعد محايدا وكثيرا ما يكون مختلقا أو محرفا أو مزيفا. ولأن هذا الوضع يمثل خطورة حقيقية فليس أمام الدولة المصرية إلا أن تراجع حساباتها وتقود إستراتيجية مخططة تقوم أساسا على تقوية صحفها وقنواتها القومية وتعيد للمشهد الإعلامى توازنه المفقود. [email protected] لمزيد من مقالات إبراهيم سنجاب