أعتقد أن الغالبية منا باتت لديها قناعة بأن تلك المنطقة التى نعيش فيها مقبلة على تطورات مهمة وتوترات إضافية، وهذا ليس ببعيد فى ضوء تزايد سجالات الاحتقان بين كل من أمريكا ترامب وآيات الله فى طهران اليوم حيث الصراع المسلح قادم لا محالة ناهيك عن صدامات أخرى مرتقبة فى الإقليم بين ترامب وإدارته ودول أخري، مثل تركيا كانت ترى نفسها أشد حلفاء وأدوات واشنطن وصوتها وسياطها اللاهبة ضد دول المنطقة، أى بصريح العبارة ستتغير قواعد اللعبة والأدوار والادوات فى المنطقة قريبا، حيث سيصبح الشرق الأوسط هو المسرح الساخن لأزمة الحدود والادوار المقبلة. وبالتالى فى ضوء تزايد وتيرة الملفات الضاغطة، وتغيير قواعد اللعبة واللاعبين أرى أن أمامنا فى مصر فرصة سانحة لتعديل الدور والمكانة فى الإقليم، خاصة فى ضوء بعض الغياب الذى تسببت فيه سياسة مبارك للانكفاء على الداخل والانغلاق على الذات عدة سنوات، فأتاح الفرصة لدول مثل إيرانوتركيا وإسرائيل لرسم ملامح المثلث الإقليمى فلجأوا إلى منطق الازاحة ضد مصر عدة سنوات الأمر الذى كان له تأثير بالغ على حالة الخواء والفراغ الذى ابتليت به المنطقة العربية، وجعل دويلات فى الإقليم تتجرأ يوما ضد مصر، وتدبر لها المكائد والمؤامرات بسبب التنازل المصرى عن هذا الدور والحضور فى الإقليم لبعض الوقت الأمر الذى خلف كوارث ومآسى فى المنطقة، وزاد من مباهات جنرالات إيران بفتوحات تشمل أربع عواصم عربية حتى الآن والباقى قادم فى الطريق. ولذا أريد أن أقول بأوضح عبارة ممكنة أنه فى ضوء سيناريوهات التصادم والغليان والحروب السياسية والعسكرية الاستباقية التى قد تلجأ إليها إدارة ترامب مضطرة لاعادة ترتيب الادوار والأوراق فى المنطقة وتقليم أظافر وأيدى بعض الدول، وفى المقدمة إيران، حيث يجب أن نتابع حرب التلاسن والسجالات الأخيرة بين ترامب وقادة الملالى فى طهران وتوعد ووعيد الأول بجعل إيران تقف على ساق واحدة والتهديد بأنه لن يكون لطيفا بعد اليوم معهم، كما كان يفعل سلفه السابق اوباما وغيره فى مسارح العمليات والحروب والتوترات التى ستشهدها المنطقة على يد ترامب. ومن حسن القدر والطالع إن يحدث كل ذلك فى الوقت الذى تتطور فيه الادوات والأدوار حاليا فى مصر حيث هناك ولأول مرة منذ قرابة عشرين عاما قيادة مصرية حالية واعية لأهمية عودة واستعادة هذا الدور والمكانة فى الاقليم حيث كانت على يقين بأن العودة والحضور إلى الاقليم والامساك بأوراق الضغط وتغيير مسرح العمليات وتغيير قواعد اللعبة واللاعبين كان ومازال يحتاج إلى إعادة بناء مصر عسكريا واقتصاديا واستراتيجيا وهذا ما فعله الرئيس عبدالفتاح السيسى منذ ثلاثة أعوام ونصف منذ كان وزيرا للدفاع حتى اليوم كرئيس حيث سعى لبناء الآلة العسكرية القاهرة الباطشة لمصر حيث أصبحت الادوات واعادة التدريب والتسليح تضاهى كل دول الاقليم مجتمعة. وفى المقابل إعادة بناء برنامج الاصلاح الاقتصادى حاليا التى تسير على وتيرة من النجاح والصمود وبناء المشروعات العملاقة على الرغم من الصعوبات والتكلفة الاجتماعية للغالبية من المصريين ولكنهم لديهم القناعة واليقين أن تلك الاجراءات وقائمة تلك المشروعات الكبرى تلك هى التى سترسم ملامح الاصلاح الاقتصادى والتنموى فى مصر وجعلها أحد نمور الشرق الاوسط حيث إن تكلفة تلك الاثمان وحجم تلك الفواتير التى تسددها مصر والمصريون ستجعل منها قوة كبرى فى الاقليم عسكريا واقتصاديا وبالتالى يسهل علينا إعادة رسم الخريطة من جديد فى الشرق الأوسط وتوفير الحد الادنى من مقتضيات الأمن القومى العربى والمساعدة إن لم يكن التأثير الكلى فى وقف شظايا الانهيار والفوضى والتخريب والدمار الذى أصاب اكثر من ست عواصم عربية حتى الآن. حيث هناك فرصة سانحة من خلال العودة للدور المصرى هذا فى الاقليم وتغيير حدود الادوار فى الشرق الأوسط أن تشكل مصر بوليصة تأمين للعالم العربى ووقف حالة الانهيار والتردى هذه أولا ومن ثم تشكل قوة ردع وتوازن والمعادل الطبيعى لفرض الأمن والسيطرة بأيدى لاعبين عرب فى المقدمة حيث عندها سنتمكن من نزع فتيل التوترات المخيفة والخطيرة وغل يد ايران ونزع العراق الذى وضع تحت وصايتها وانقاذ سوريا من تركيا خاصة أن موقفنا من تطوراتها ومعاركها ومآسيها كان الاكثر عقلانية ورشادة سياسية والرهان عليه هو الذى نجح فى النهاية بعكس رهانات وخسائر الآخرين فى الملعب السورى وعندما يكون لنا هذا الدور والحضور بقوة فى الاقليم نستطيع أن نفرض شروط الحل فى سوريا وكذلك ليبيا ونسهم فى طرد العابثين من دمشق وطرابلس وسرت وبنغازى وغيرها من العواصم العربية التى اصابها زلزال الانهيار لأنه بالتالى من يملك قواعد وادوات اللعبة فى الاقليم هو الذى سيستطيع تغيير اتجاه الريح واتجاه الشراع فى وقت واحد. ولذا من أجل تحقيق كل هذه الانتصارات والتمهيد والتحضير لعودة الدور والحضور المصرى إلى الاقليم بمثل هذه القوة و المكانة وبقدمين راسختين لابد من وضع الاطار الاستراتيجى الواسع الذى يحتوى على مجمل التحركات السياسية والدبلوماسية وديناميكية الحركة فى الاقليم كله وفى القلب منه العالم العربى حيث إن هذا الاطار الاستراتيجى هو الذى يحكم ويحدد علاقاتنا مع الجميع وبالتالى لابد أن تكون لنا رؤية سياسية ودبلوماسية متجددة ذات حركية وديناميكية مختلفة عن الأدوار السابقة وبأدوات وأشخاص مختلفين لديهم القدرة والمؤهلات على حبكة علاقات أكثر انسجاما وتماهيا كاملا مع الولاياتالمتحدة وادارة ترامب وكذلك فتح ثغرات للحل والتوافق فى علاقات مصر مع دول الاقليم وترميم علاقات الاختلاف والتباين مع الاشقاء فى دول الخليج وكذلك التدخل بقوة وحماسة لفرض رؤى وشروط حل لملفات عربية مأزومة والتضييق على الادوار الايرانية والتركية فى الاقليم وفرض سطوة لائحة الشروط والحل المصرى لمعظم القضايا العربية والاقليمية فهذه فرصة لن تعوض مع لعبة خلط الاوراق فى المنطقة وتغيير اللعبة واللاعبين لعودة مصر إلى الدور والمكانة والتأثير فى الاقليم وعلينا أن نعمل بصرامة ورشادة لاستعادة هذا الدور وتكريسه ورسمه بقوة لاننا فعلا نستطيع ونمتلك المؤهلات والقدرات حاليا فهذه فرصتنا وهذا هو التوقيت الأن. لمزيد من مقالات أشرف العشري;