فى الوقت الذى تعانى فيه بعض الدول العربية من حالة الضياع والتفكك والذهاب بعيدا باتجاه التقسيم والانهيار بعد أن ضربها ما يسمى بالربيع العربى فحولها إلى خريف الفشل باستثناء بلد أو بلدين مثل مصر وتونس استطاعا أن يقفزا من سفينة وهم هذا الربيع القاتل وأقصد هنا تحديدا كلا من سوريا واليمن وليبيا وقبلها بأعوام العراق حيث شارفت كل هذه العواصم على الغرق فى وحول الفوضى والتخريب ومعارك الوهم وحروب من يقتل من؟ إلا أننى أرى أن هناك فرصة تاريخية أمام الرئيس عبد الفتاح السيسى والدبلوماسية المصرية ممثلة فى وزارة الخارجية لاستعادة جزء أصيل وجوهرى من دور وتاريخ هذا الوطن فى الدخول من جديد على خط الاشتباك السياسى والدبلوماسى مع قضايا هذه الأمة ومنع دول كاليمن وسوريا وليبيا من انزلاقات الخراب والفناء والتقسيم عبر الايعاز لماكينة الدبلوماسية المصرية بالدخول بفعالية على خط هذه الازمات واستغلال حالة الفراغ والفشل الدولى والاقليمى وانكفاء نفر من دول القرار العربى على أزماتها الداخلية ومعاركها وحروبها مع قوى الارهاب والضلال وامراء الجهل وعصابات التكفيريين. وأرى أنه لابد أن يكون هناك استغلال لحالة النجاح الذى سيجنيه السيسى والمصريون من خلال افتتاح مشروع قناة السويس فى طبعته الثانية وفرصة هذا الوطن لكتابة فصل جديد لتاريخ المصريين ودول المنطقة قاطبة عبر هذا الانجاز الحضارى وخروج هذا الوطن مصر من حالة الشرنقة والانكفاء على الداخل إلى العالمية واستعادة جزء أصيل من الدور الاقليمى لتعود مصر لاعبا إقليميا يجيد رسم وتحديد قواعد اللعبة والاشتباك فى الشرق الأوسط بعد غياب طويل أمام نجاح وسطوة الاتراك والايرانيين والاسرائيليين وفرصة هذا النجاح الداخلى لابد أن يكون لها امتداد واذرع عربية وشرق أوسطية حيث بجانب النجاح فى تحقيق وانجاز مشروعات ونجاحات داخلية اقتصادية وسياسية وأمنية وخلق تفوق عسكرى فريد واستثنائى لمصر كما يحدث حاليا لابد أن يكون لك دور وحضور غير مسبوق فى قضايا الاقليم ناهيك عن القيام بدور الاطفائى الأول لحرائق اشقائك فى العالم العربى واخوانك فى دول الجوار، أنا أعلم أن هناك دراسة وتخطيطا لمبادرات مصرية حية يتم التحضير لها حاليا لدخول الدولة والدبلوماسية المصرية بقوة على خط أزمتى اليمن وسوريا فى قادم الأيام، ومن أجل هذا الغرض قام وزير الخارجية سامح شكرى بجولة موسعة فى الأيام الماضية لعواصم خليجية هامة ومفصلية فى إيجاد حلول وتسويات مقبولة لهاتين الأزمتين مثل السعودية ودولة الإمارات العربية والكويت حيث نوقشت قضايا واطروحات وتحركات مصرية فى غاية الاهمية خلال الايام القادمة. وأعلم أيضا من دوائر دبلوماسية مصرية أن هناك تحركا مماثلا يعد حاليا لانجاز اختراق مصرى مطلوب على مسار الأزمة السورية حيث القاهرة تجرى بالتعاون مع روسيا الاتحادية مشاورات واتصالات بجانب فريق من المعارضة السورية فى الخارج بعض فرقاء الائتلاف السورى ومعارضة الداخل ممثلة فى هيئة التنسيق السورية برئاسة السياسى المعارض حسن عبدالعظيم وفريقه حيث تتمحور هذه الاتصالات للاتفاق على صيغة حل واتفاق مصرى روسى يكون محوره وفحواه اللجوء الى تفعيل وتطبيق مبادئ جنيف واحد على أن تستغل روسيا الاتحادية علاقاتها مع ايران لاقناعها بالتدخل لدى النظام السورى والتفاهم معه حول ايجاد حل للأزمة السورية طبقا لجهود مصر وروسيا الاتحادية وبنفس مبادئ جنيف الاول. أعلم تماما أن هذه أفكار خضعت لتحرك بطىء فى سالف الأيام الماضية بخطوات خجولة وبالتالى بات المطلوب من وجهة نظرى دخول الرئيس السيسى شخصيا وبأوامر ملزمة للدبلوماسية المصرية بسرعة الاعداد والانتهاء من صياغة هذه الافكار، وتحديد الخطوات العملية للتحرك والاشتباك المصرى عملياتيا مع هذا الملف، وهذا يتطلب الاسراع بتشكيل فريق عمل مصرى رفيع من دبلوماسيى الخارجية المصرية المشهود لهم بالكفاءة والمناورة والقدرة على الاقناع والنجاح المشهود وهم كثر لتتولى الاتصالات والتنسيق مع كل أطراف وفرقاء كل أزمة بمعاونة دول معنية كاطراف واصدقاء الأزمة اليمنية على حدة، وكذلك اصدقاء وأطراف الازمة السورية، خاصة وأنه حسب معلوماتى الشخصية والسياسية غالبية أطياف المعارضة السورية فى الداخل والخارج وكذلك النظام السورى نفسه يؤيد أى جهد وتحرك مصرى لايجاد انفراجة للازمة السورية وهم ينظرون ويترقبون.. وتبقى الكرة الآن فى الملعب المصرى. فى تقديرى أن هناك فرصة سانحة أمام الرئيس والدبلوماسية المصرية لعودة ودخول مصر بقوة على خط هاتين الأزمتين بعيدا على التردد والخوف من الأدوار المعرقلة لايران وتركيا أو حتى الالغام الامريكية التى يمكن أن توضع فى طريقنا، فالمهم أن يكون لنا شرف المحاولة وتكثيف الجهود والاتصالات والترتيب لمؤتمرات حوار لكل أطراف وفرقاء هاتين الازمتين كل على حدة هنا فى القاهرة نحن كمصريين وعرب مطالبون بأخذ زمام المبادرة لحل هذه القضايا والمآسى العربية بايدينا نحن بدلا من انتظار حل امريكى غربى لن يحضر أو يتحقق أبدا مع الأخذ فى الاعتبار أنه فى لغة السياسة والدبلوماسية لا يوجد مستحيل، ولتكن لنا فى مبادرة السعودية لحل الأزمة اللبنانية عام 9891 بعد 14 عاما من القتال و400 ألف قتيل فى مؤتمر الطائف اسوة ومثال نجاح. لمزيد من مقالات أشرف العشري