بقدر ما استحق منا الدكتور محمد مرسي التهنئة علي فوزه في انتخابات رئاسة الجمهورية, إعلامي مصري بقدر ما يستحق منا الفريق أحمد شفيق رفع القبعة احتراما بل تعبيرا عن الإعجاب.. ندرك تماما أن سيفا بات مسلطا علي قلم كل من يحاول الثناء علي المرشح الخاسر بكل شرف أحمد شفيق, وأدرك تماما أن كثيرا من الأيادي قد ترددت عن الكتابة لمصلحة الفريق الآن, باعتبار أن القادم قد يكون حكما إقصائيا لمن لا يسير في ركاب جماعة الإخوان المسلمين, لكن مصلحة البلاد والعباد تقتضي منا إعمال الضمائر لا المصالح إذا كنا نريدها مصرا جديدة حقا, ولا شئ يمكن أن يكون أساسا صالحا في أي من مراحل حياتنا كقول الحق.. كوني لم أعط الفريق شفيق صوتي في أي من مرحلتي التصويت لا يمنعني من ذكر أنه لم يكن واحدا من أولئك الذين بادروا بالقفز من السفينة بمجرد غرقها, ولمن لا يعلم فالهرب هو أسهل الطرق في الملمات, والأكثر منه سهولة التلون بلون المرحلة الجديدة, وادعاء البطولة, وركوب موجة الفائزين.. كما أن طريقه لم يكن ممهدا نحو بلوغ موقع الوصيف بنسبة تكاد تتشابه مع فارس الرهان الكاسب محمد مرسي. فمن القريبين منه جاء الهجوم حتي إن من رجالات النظام القديم من وصفه برجل النظام السابق, ومن خصومه ومعارضيه تعدي الأمر حدود الانتقادات إلي الاتهام المباشر متعدد الأبعاد, فعن الذمة المالية اتهامات. وعن فساد مالي, وعن علاقة مع أقطاب الفساد في العصر السابق, لكن أحدا لا ينكر حقيقة أن أيا من هذه الاتهامات لم يثبت بحكم قضائي حتي الآن علي الأقل, وبدا الرجل واثقا من عدم تلوث يده. من جهة ثانية, يجب ألا تجعلنا كراهيتنا للأمراض الاجتماعية, التي تغلغلت بداخلنا خلال النظام السابق, ورفضنا سيادة المحسوبية والولاء علي الكفاءة والتخصص, أبدا نتجاهل قيمة وقامة أبناء قواتنا المسلحة الذين كانوا في مواجهة الموت في ربيع أعمارهم, من أجل هدف ليس لأحد أن يشكك فيه وهو نصرة هذا البلد. وأعلم أن كثيرين سيردون بالقول إن مبارك كان واحدا من رجالات المؤسسة العسكرية الكبار, لكن أبسط قواعد العدل توجب الاعتراف بأن فساد الجزء لا يعني بالضرورة فساد الكل, وإلا لكان انحراف نائب من النواب الذين نعترف لهم بالصلاح يعني فساد كل هؤلاء الصالحين. هذه هي مصر, التي تحتضن مرسي مثلما تحتضن شفيق, ومن أراد لها نهضة, عليه استخدام أبنائها الأكفاء حسب قدرتهم علي العطاء, لا وفق ولائهم أو انتمائهم, حتي لا نعود إلي الدائرة القديمة, وأن يكون حصاد التغيير والدماء مجرد تغيير في الأسماء مع بقاء النهج علي ما هو عليه.. لتصدق فينا مقولة الفنان عادل إمام.. والله ما تفرق معانا الأسماء!.