افتتاح المعرض الفني لطلاب كلية التربية النوعية ب«جامعة أسيوط»    اختتام فعاليات المؤتمر العاشر لمنظمة المرأة العربية بإعلان القاهرة    الأمطار تخلق مجتمعات جديدة فى سيناء    «الخارجية» تصدر بيانا بشأن السفينة التي تقل بحارة مصريين قبالة السواحل الإماراتية    محافظ كفر الشيخ يفتتح محطة رفع صرف صحي قرية الشهابية    الوزير: تطوير الصناعات الوطنية لتحقيق الاكتفاء الذاتى    باحث: الحوثي الورقة الأخيرة لإيران.. وإسرائيل تسعى لإنهاء وكلاء طهران    الرئيس السيسي يهنئ «فريدريش ميرز» لانتخابه مستشارًا لألمانيا    روسيا تشيد بالديناميكية العالية للاتصالات بين إيران وأمريكا    هل تحاول إدارة ترامب إعادة تشكيل الجيش الأمريكي ليخدم أجندتها السياسية؟    خاص| محمود حلمي: قرعة بطولة العالم لتنس الطاولة صعبة وفخور بتحقيق فضية شمال إفريقيا    مارتينيز يمنح الإنتر هدف التقدم أمام برشلونة    الزمالك يخطط لإيقاف قيد الأهلي بسبب زيزو    طقس الأربعاء.. شديد الحرارة والعظمى في القاهرة 34    قضية حبيبة الشماع.. قرار من النقض في طعن سائق "أوبر"    وزير الزراعة: تطوير محطة الزهراء لتكون مركزًا عالميًا للخيول العربية    بدون مكياج.. نيللي كريم تتألق في أحدث ظهور لها    نجوم الفن وصناع السينما في افتتاح سمبوزيوم "المرأة والحياة" بأسوان    طلاب جامعة طنطا يحصدون 7 مراكز متقدمة في المجالات الفنية والثقافية بمهرجان إبداع    هل يجب على المسلمين غير العرب تعلم اللغة العربية؟.. علي جمعة يُجيب    ما يجب على الحاج فعله في يوم النحر    محافظ الإسماعيلية يستقبل السبكي خلال زيارته لمنشآت هيئة الرعاية الصحية    تزامنًا مع اليوم العالمي للربو 2025.. «الصحة» توضح 8 عوامل تزيد من المخاطر    بدون الحرمان من الملح.. فواكه وخضروات لخفض ضغط الدم    البنك الإسلامي للتنمية والبنك الآسيوي للتنمية يتعهدان بتقديم ملياري دولار لمشاريع التنمية المشتركة    "ثقافة الفيوم" تشارك في فعاليات مشروع "صقر 149" بمعسكر إيواء المحافظة    جولة تفقدية لوكيل مديرية التعليم بالقاهرة لمتابعة سير الدراسة بالزاوية والشرابية    من منتدى «اسمع واتكلم».. ضياء رشوان: فلسطين قضية الأمة والانتماء العربى لها حقيقى لا يُنكر    «النهارده كام هجري؟».. تعرف على تاريخ اليوم في التقويم الهجري والميلادي    أمين الفتوى: الزواج قد يكون «حرامًا» لبعض الرجال أو النساء    وفد البنك الدولى ومنظمة الصحة العالمية في زيارة لمنشآت صحية بأسيوط    "قومي المرأة" يشارك في تكريم المؤسسات الأهلية الفائزة في مسابقة "أهل الخير 2025"    ظافر العابدين ينضم لأبطال فيلم السلم والثعبان 2    بعد اغتصاب مراهق لكلب.. عالم أزهري يوضح حكم إتيان البهيمة    البابا تواضروس الثاني يزور البرلمان الصربي: "نحن نبني جسور المحبة بين الشعوب"    النائب العام يشارك في فعاليات قمة حوكمة التقنيات الناشئة بالإمارات    السعودية.. مجلس الوزراء يجدد التأكيد لحشد الدعم الدولي لوقف العنف في غزة    تأجيل محاكمة 7 متهمين في خلية "مدينة نصر" الإرهابية ل 16 يونيو    رئيس "شباب النواب": استضافة مصر لبطولة الفروسية تعكس مكانة مصر كوجهة رياضية عالمية    رئيس شركة فيزا يعرض مقترحًا لزيادة تدفق العملات الأجنبية لمصر -تفاصيل    منها إنشاء مراكز بيع outlet.. «مدبولي» يستعرض إجراءات تيسير دخول الماركات العالمية إلى الأسواق المصرية    موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى 2025 في مصر والدول العربية    تأجيل محاكمة نقاش قتل زوجته فى العمرانية بسبب 120 جنيها لجلسة 2 يونيو    بعد رحيله عن الأهلي.. تقارير: عرض إماراتي يغازل مارسيل كولر    نائب وزير الصحة: تحسين الخصائص السكانية ركيزة أساسية في الخطة العاجلة لتحقيق التنمية الشاملة    كريم رمزي: الأهلي سيخاطب اتحاد الكرة بشأن علي معلول لتواجده في قائمة كأس العالم للأندية    جامعة كفر الشيخ تنظّم ندوة للتوعية بخطورة التنمر وأثره على الفرد والمجتمع    ضبط محل يبيع أجهزة ريسيفر غير مصرح بتداولها في الشرقية    الجيش الإسرائيلي يصدر إنذارا بإخلاء منطقة مطار صنعاء الدولي بشكل فوري    جزاءات رادعة للعاملين بمستشفى أبوكبير المركزي    وكيل الأزهر: على الشباب معرفة طبيعة العدو الصهيوني العدوانية والعنصرية والتوسعية والاستعمارية    عقب التوتر مع باكستان.. حكومة الهند تأمر الولايات بتدريبات دفاع مدني    ادعوله بالرحمة.. وصول جثمان الفنان نعيم عيسى مسجد المنارة بالإسكندرية.. مباشر    "هذه أحكام كرة القدم".. لاعب الزمالك يوجه رسالة مؤثرة للجماهير    «الداخلية»: ضبط شخص عرض سيارة غير قابلة للترخيص للبيع عبر «فيس بوك»    الزمالك يستقر على رحيل بيسيرو    حالة الطقس اليوم الثلاثاء 6 مايو في مصر    للمرة الثالثة.. مليشيات الدعم السريع تقصف منشآت حيوية في بورتسودان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحطيم الآلهة
نشر في المصري اليوم يوم 31 - 03 - 2011

المستنقع الراكد المتعفن منذ دهور طويلة في حاجة الي افكار خلاقة مبدعة, في حاجة الي سواعد شابة عفية ومحركات جبارة قوية تكسح الخمول والسكون والعقول وتبدل المستنقع انهارا جارفة متدفقة بمياهها العذبة المتجددة لتحيل صحارينا الجرداء القاحلة القاتلة وحياتنا الكئيبة الحزينة المؤلمة الي وديان عامرة يافعة وسهول خضراء غناء خصيبة.
اعظم ما في الثورات انها تفجر براكين التغيير لتقتل به الرتابة وتكسر الجمود وتحطم الالهة في انظمة مستبدة جاء الطوفان لاقتلاعها, ولكن لتحقيق ذلك مطلوب دماء وافكار وقيادات جديدة, الثورة هي نقطة تاريخية فاصلة بين ماضي قاتم كئيب برجاله العجزة اللصوص الضعفاء ومستقبل واعد طموح بشبانه المبدعين الصناديد الاشداء.
اما نحن المصريون فدائما يا عيني علينا وعلي ثوراتنا فمحلك سر نفس الاشخاص ونفس العقائد ونفس الاساليب والالاعيب وكأن مصر كتب عليها طول الدهر ان تكون أسيرة الظلام وحبيسة الزمان والمكان وكتب علي جبين ابنائها المزلة والدموع والحرمان.
الثورة المصرية يمكن رؤيتها تماما كإجراء عملية جراحية لمريض ساقته الاقدار الي العناية المركزة, البدء في اجراء العملية دون اختيار الجراح المتميز وفريقه اليقظ وتطهيرا كاملا لكل من ذي صلة ستكون الجراحة هي دربا من المقامرة بحياة المريض او قل المتوفي.
الحالة المصرية الحرجة المريضة ها نحن نأتي لها بجراح لا يحمل مؤهلا وطاقم تمريض فاشل وغرفة عمليات ملوثه, فلك ان تتخيل النتائج, قبل البدء في اي اصلاح يجب اختيار هؤلاء الذين يقودون عملية الاصلاح بدقة متناهية وبمهنية عالية, يجب ان تكون هناك آليه ذات منهجية علمية دقيقة في اختيار القيادات وليس علي طريقة الدوار والمصطبة.
ورغم اننا المصريون معروفون بكثرة الجدل واللغط والكلام الا اننا نجبن وننافق امام اصحاب السلطة وهذه محنتنا, ثلاثين عاما من القمع ولم يجرؤ مصري واحد ان يقول لمبارك في وجهه انت طاغية والحال باق الان كما هو عليه, وكأننا لم نتعلم شيئا من المحن والمصائب.
إجهاض الثورة لن يأتي فقط كما يروج البعض من هؤلاء المتربصين بها من فلول العصر البائد ولكنه يمكن الانقضاض عليها وتفريغها والالتفاف علي اهدافها اذا ما أحسن التعامل مع متغيراتها, القيادة المناسبة والقرارات المناسبة في التوقيتات المناسبة, خذ مثالا في قرار التحفظ علي ثروة مبارك اتخذته القوات المسلحة التي لا تملك الشجاعة ولا الارادة الكافية, فجاء القرار منقوصا في صياغته وفي توقيته, تأخر كثيرا جدا عن قصد والنتيجة ضياع اموال طائلة والخاسر كالعادة مصر, ولا عزاء, وهذا هو الاجهاض الخسيس لمكتسبات الثورة.
كم من الكتاب والصحفيين الان طالبوا بالتحقيق في واقعة قرار التحفظ علي ثروة مبارك وعدم المساس به هو او أيا من افراد عائلته, طالبوا بالتحقيق مع كل من كان عليه اتخاذ القرار الصحيح ولم يتخذه صحيحا وفي حينه.
كم منا طالب بمحاكمة القيادة العامة للقوات المسلحة نفسها او النائب العام ذاته علي تجاوزاتهم, اذا كان العسكر قفزوا علي الحكم فعليهم علي الاقل ان يتحملوا مسؤولياتهم كاملة في كل ما ارتكبوه, فهم اولا واخيرا بشر وليسوا بالآلهة, ناهيك اصلا عن خطيئة جلوسهم علي سدة الحكم المدني وهم عسكريون.
قطعت مصر من فلذات اكبادها ليواجهوا اعدائها هناك لا ليدسوا انوفهم في مهام هم ليسوا مؤهلين لها رغم ان هناك الكثيرين الشرفاء المؤهلين لذلك, احترموا شعوبكم واتركوا العيش لخبازه.
القوات المسلحة اشبه ان تكون بحلاق القرية فرغم انه لا يحمل حتي رخصة مزاولة المهنة لكنه يمسك بالمشرط بكل جهل لإجراء الجراحات في عقول وقلوب المرضي الضعفاء البؤساء. أيها القادة مصر ليست حقل تجارب لكم.
من منا قالها للنائب العام, يا سيادة النائب العام هذه الثورة تفجرت للقضاء علي النظام وانت محسوب علي هذا النظام واعتليت كرسيك باختيار رأس النظام لك دون سواك وبمباركة كل الاجهزة الامنية سيئة السمعة ولم نراك يوما وانت رجل القانون والقانون يداس بالأحذية والحرمات تنتهك والنهب علي اشده لم نري لك موقفا واحدا يجعلنا نعتقد ان حرمة القانون في عينيك هي اقدس من مبارك وجلاديه وبطانته.
المصريون بكامل طوائفهم مستاؤون ومنزعجون وهم في غاية الحزن والأسي والريبة ويتساءلون دائما, لماذا لم يمثل مبارك او أيا من افراد عائلته امام العدالة, هذه وحدها تعد جريمة في حق هذه الامة, من يقف يا تري وراء ذلك؟.
أعطوه الوقت الكافي ليهرب الثروة المنهوبة الي المجهول وحتي يومنا هذا لم يصل طلبا قانونينا صحيحا واحدا لدول العالم الذي تستجدينا للتحفظ علي اموال وعقارات عائلة مبارك في الخارج.
حتي يومنا هذا لم تمس شعرة من مبارك وهو المسؤول الاول عن ثلاثة عقود من النهب المنهجي ناهيك عن التزوير والاستبداد والعمالة في حق اكثر من ثمانين مليون انسان.
من يجد حرجا في ان يقبض علي اللص السفاح فالأشرف له ان يذهب ويترك المهمة لمن هو اشجع واقدر, لمن هو اكثر اخلاصا لضميره واحتراما لمؤسسته ووفاء لبلده.
من يقف وراء هذه الجريمة؟؟؟, ربما تحتاج مصر لثورة اخري للقضاء علي هؤلاء الذين تتلمذوا في مدرسة المعلم مبارك التي لا تعرف الا الفساد والاغتصاب والبلطجة ولا تخرج الا انصاف الرجال المجرمين الذين يقامرون بمصالح الامة.
أيها الناس اذا سرق احدنا قليل من المال ربما لشراء قليلا من الخبز ليسد به رمق اطفاله الجوعى انهلتم عليه بلا رحمة, صفعا بالأحذية وضربا علي القفا وخلافه وفين يوجعك ناهيك عن جرجرة الاقسام والمحاكم والسجون اما هؤلاء اللصوص الذين نهبوا المليارات والاطيان فهناك جيش مصر العظيم الذي يصرف من دمائنا يحفظهم ويحميهم من كل سوء ووزيرا للعدل, بجلالة قدره شخصيا يحاول جهده سن القوانين الاستثنائية لمصالحة اصحاب المعالي اللصوص حتي يمنع يد العدالة ان تقترب مجرد الاقتراب منهم, اين العدالة اذا يامن تتدعون انكم حراس العدالة؟؟.
من منا قال للدكتور يحيي الجمل ارحل فانت لست رجل هذه المرحلة واذهب الي طلابك في الجامعة ويكفيك لقب ومعاش نائب رئيس وزراء سابق, مصر تحتاج الي ابنائها الشجعان المبدعين الغير ملوثة عقولهم بأفكار واساليب الماضي, هؤلاء الذين يؤمنون بعزم وجسارة في ضرورة الاقتلاع والتغيير الفوري.
ابقاء الدكتور يحيي الجمل علي رجال امثال د. عبد المنعم سعيد الذي كان بوقا للنظام وركنا مخلصا من اركان الحقبة البائسة ومسؤولا مع آخرين عن انهيار اكبر مؤسسة صحفية في الشرق الأوسط واستبعاد الدكتور يحيي الجمل لرجال شرقاء شجعان امثال ابراهيم عيسي, عبد الحليم قنديل حمدي قنديل وكثيرين الذين قالوا لا في وجه الطاغوت في عز فرعنته وطغيانه كل ذلك يكشف عن امكانات متواضعة, فكر واسلوب عقيم يجعلنا ندور في ذات الدائرة ونفس الحلبة, تماما كأغانينا ومسلسلاتنا نفس الموضوع ونفس الوجوه.
مصر مخدوعة في الدكتور يحي الجمل وانا لست مقتنعا بتوليه اي مسؤولية في هذه المرحلة الخطيرة. هو دائم الحديث عن امجاد فارغة واعتزازه بقربه من السادات الذي اوصلنا الي المحنة التي نحن فيها فضلا بضلوعه بالتوسط لا قاربه وبلدياته ناهيك عن سنه الطاعن وتباكيه آنذاك عن رمز الفساد في مؤسسة الطيران احمد شفيق.
أين المحاكم السياسية التي تصاحب أي ثورة في العالم لتحاسب العملاء حتي لا تتكرر المحن والمصائب, الخسائر الناجمة عن الانتهاكات والجرائم السياسية والتحقير الكامل لدور مصر العربي الاقليمي والدولي التي ارتكبت في عهد مبارك وزبانيته أفظع مليون مرة من مثيلتها الاقتصادية, هذا اذا كنا نقيم وزنا لكرامة وشرف الوطن ونحترم حقوق وارادة المواطن.
اذا كان الاصرار علي بناء المستقبل بالاعتماد علي قيادات الماضي البغيض فاعلموا ان الغد لن يأتي الا بصورة طبق الاصل لليوم والامس, لتذهب الهتافات والتضحيات ادراج الرياح كأننا لم نفعل شيئا, لتلعنكم دماء الشهداء ودموع الثكالى ومعاناة اليتامى والمعاقين.
اذا كنتم ترون ان مصر لا تستحق افضل من ذلك فمن المؤكد اننا بحاجه حتما الي ثورة اخري, دعونا نامل اذا في ثورة اخري تسحقكم وتلفظكم لتبتر اورامكم السرطانية من جسدها الطاهر العفي النقي.
أيها المثقفون يا جيوش الصحفيين والحقوقيين وكل الشرفاء في هذه الامة, مصر في حاجة اليكم ارفعوا اصواتكم وصعدوا لهجاتكم, اقتلوا الرعب في حياتكم وانزعوا الخوف من قلوبكم.
التصفيق لمجرد التصفيق اوصلنا بجدارة الي النفق المظلم والمستنقع السحيق, فقليلا من قرع الطبول وقليلا من رش البخور واحترموا انفسكم وضمائركم وشعوبكم.
مهمة الصحفي تكمن في النقد والتمحيص لا في الاطراء والتدليس. عيونه لا تري الا القبيح من الاشياء لتحيل الامر بنقدها حسنا, انفه لا ينفذ اليها الا رائحة الفساد وتظل تلاحق الفساد حتي يفوح المكان عطرا, سمعه لا يلتقط الا النشاز من الالحان ليعاد تشكيله ويصبح الايقاع شدوا وطربا.
فلتكن الغاية والمراد هي مصلحة البلاد والعباد ونماء وعز الجوهرة المكنونة والدرة المصونة الغالية والباقية مصر, اما الاشخاص فمتقلبون وكاذبون وذاهبون.
ليس هناك من ننحني ونرفع له قبعاتنا تعظيما واكبارا وعرفانا الا وطننا ومعشوقنا الحبيب.
د.م. صبري عمار
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.