يبدأ الرئيس الأمريكى الجديد دونالد ترامب مهام منصبه وقد أضاف أداة جديدة إلى أدوات العمل السياسي، وسواء استمر فى استخدام هذه الأداة من عدمه، لا جدل أنها ستترك أثرا يذكر طويلا، ويقصد بهذا استخدام مواقع التواصل الاجتماعى كمنبر رئيسى وليس ثانويا للكشف عن مواقف الرئيس وقناة لتمرير ما يبدو أنه مقدمة لمشروعات سياسية مقبلة. مبدئيا إضافات الرئيس الجديد لا تعد مفاجأة كليا، لأنه بحضور الخاص وتعاطيه المختلف للقضايا، سبق ودفع دوائر الإعلام والسياسة الأمريكية وغيرها إلى وضع واعتماد مفهوم «الترامبية» لوصف توجهاته التى تقوم على مزج اليمينية الشعبوية بالحمائية الاقتصادية واعتماد سياسة خارجية لا يتضح منها إلا بعض العدائية، مع مزج هذا كله بمقدار جيد من الأداء الفردى المتصادم الذى لا يهتم كثيرا بالقواعد والتوجهات الأساسية للحزب الجمهورى. وإذا ما تم تتبع تجربة ترامب مع مواقع التواصل خلال الشهور الفاصلة ما بين إعلان فوزه وتنصيبه رسميا، يتضح أن تغريدات الرئيس ما هى إلا إنعكاس دقيق للترامبية بكل مافيها، تطور طبيعى لما كان خلال الحملة الانتخابية لا مفاجأة بشأنها، إلا أن المتلقى اعتبرها مفاجأة تستدعى الاندهاش. فللتغريدات أيضا عدد من السمات الواضحة، تلتزم أولا بمعدل سريع لا تعكس مراجعة تذكر وتؤكد التزام بالمواجهة التى لا تترك صغيرة أو كبيرة، فالرئيس الأمريكى يسارع بتحديث حسابه بتغرديات حول كل ما يجد سواء كان انتقادات لذاته أو أخبار تناقلتها وسائل الإعلام عنه وعن إدارته قيد التشكيل أو سخرية وردت بشأنه فى برنامج فكاهى أو أحد قضايا الشئون الخارجية وهكذا. هذا بخصوص المعدل، أما اللغة فهى ترامبية أيضا. فالرئيس يعتمد لغة فى أغلبها بسيط تلتزم الجمل القصيرة ولا تتجنب تكرار المعنى بمترادفات لتأكيد رأيه أو التعبير عن غضبه، مع غياب واضح للتعبيرات مراوغة أو للعبارات التى تراعى حساسيات عدة والتى عادتا ما يستخدمها السياسيين فى إدارة جدل أو الرد على اتهام. وتتوافق نقطة اللغة مع الصورة التى قدمها خلال فترة الانتخابات بأنه «الدخيل» والوافد من خارج النخبة السياسية الأمريكية الذى لا يجيد الحديث المنمق، وهو ما أكسبه تعاطف ودعم جانب من الأمريكيين المرهقين من لغة النخبة وأحوالها. لكن ما هو مصير التغريدات الترامبية وهل تستمر؟ يدافع ترامب بأنه لا يحب التغريد كثيرا لكنه احترفه مؤخرا للرد على إدعاءات الصحافة بحقه وحتى يكون له منبر يتجاوز الإعلام الذى يراه فى أكثره كاذب وغير مهني. لكن الواقع يقول أن ترامب يستمتع بفكرة المواجهة الخروج إلى دائرة الضوء والحديث بدون قيد أو مراجعة إلا ما كان أكد احتفاظه بحساباته الشخصية بالإضافة إلى الحساب الرئاسى الذى يعمل فريق البيت الأبيض حاليا على تفريغه وأرشفه تغريدات سلفه أوباما. المثير حقا أن نراقب هل يتحقق ما ينتظره ساساة العالم من تأثير عملية الحكم نفسها وتفاعل المؤسسات المختلفة للدولة الأمريكية وفى مقدمتها حكومة ترامب نفسها على توجيه تغريدات الرئيس ولغتها؟ أم يظل للترامبية تأثيرها الواضح على التغريدات الواردة من البيت الأبيض؟