الله أكبر.. والله غالب علي أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.. في المقال السابق كتبت عن اليأس والإحباط الذي كان يعيشه معظم المصريين خاصة الثوار منهم وحيرتهم الشديدةنظرا لوقوعهم بين اختيارين يرون أن كلاهما لا يمثلهم او يعبر عن طموحاتهم. وضاقت الأمورعليهم خاصة وهم يواجهون جميع قوي الفساد والباطل وماقبل الثورة بما يملكون من كل أنواع القوي من مال وعتاد ونفوذ وسلطة وبلطجية وقدرة علي إزهاق الروح بغير حق.. وهم لا يملكون من تلك القوي جميعا أي شيء.. كل ما يملكونه كلمة الحق وقلوب يملؤها الإيمان بالحق وصدور عارية مسالمة وقد وصل بعضهم إلي حالة من القنوط كمن نكص علي عقبيه وتنوعت هواجس البعض منهم بين التوقف والمقاطعة والإبطال والهجرة من البلاد ووصل بعضهم إلي حالة تشبه قوله تعالي استيأس الرسلوظنوا أنهم قد كذبوا.. تحدثنا عن الحكمة من المصاعب التي تواجه أهل الحق دوما في مواجهة أهل الباطل حتي يستخلص المخلصون من بين المدعين والمتشككين وأصحاب المصالح وأهمية قبول الممكن عوضا عن المستحيل وعن المثالية غيرالواقعية وعن العمل بالقاعدة الشرعية مالايدرك كله لا يترك كله تبعا لما فعله الرسول صلي الله عليه وسلم في صلح الحديبية.. وكان تصرف الثوار الحقيقيين المتجردون عن المصالح الشخصية بسمو وبطولة عندما قرروا الرجوع عن المقاطعة ومناصرة أفضل المتاح والمنتمي لثورتهم و إن كان قد تخلي عن مناصرتهم في بعض المراحل حتي لو ضد رغبة بعضهم او حتي مبادئهم.. في سبيل إنقاذ الوطن من أنصارالفساد والباطل. وكنا قد وصلنا إلي أنه لاسبيل لنا من أسباب القوة المستطاعة سوي سلاح المؤمن الموقن بنصر ربه وهو الدعاء.. سيف المؤمن.. وأراد الله العليم الخبير المقدر لكل شيء أن قدرأن تتوافق ليلة الانتخاب الأخيرة مع ليلة الإسراء والمعراج التي كان قد وصل فيها أذي المشركين بسيدنا محمد صلي الله عليه وسلم مداه حتي أخذ يشتكي إلي ربه تعالي ويقول اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي و قلة حيلتي و هواني علي الناس انت رب المستضعفين و أنت ربي إلي من تكلني؟ الي بعيد يتجهمني؟ أم إلي عدو ملكته امري؟! إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي أعوذ بنور وجهك الذي أضاءت له الظلمات و صلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تنزل بي غضبك او يحل علي سخطك لك العتبي حتي ترضي و لا حول ولا قوة إلا بك فما كان من معظم الثوار والمؤمنين إلا ان يشهروا سلاحهم بقلوبهم العامرة باليقين في الله الحق موقنين أن قوة قلوبهم أقوي من كل عتاد منافسيهم يبتهلوا إلي الله القوي القادر بدعاء المصطفي صلي الله عليه وسلم وآيات القرآن الكريم.. حتي تبدلت النتائج في صورة معجزة حقيقية. فلقد كانت جميع الظواهر والقوي والظروف المنطقية بلا أدني شك تشير إلي نصر الطرف الآخر بلا جدال وقد تهيأ فعلا الطرف الآخر بإلقاء خطبة الرئاسة من قبل حتي بدء الجولة الثانية من الانتخابات.. فإذا بجميع مخططاتهم وتلاعبهم وتزويرهم وحروبهم بافتعال الأزمات وتزييف وعي الشعب وإرادته بالإعلام الموجه و أموالهم المحرمة ومجرميهم من البلطجية والسوابق وغيرهم طوال عام ونصف العام حتي حان وقت قطف الثمار فإذا بالأمور تنقلب في يوم واحد رأسا علي عقب وتنتزع السلطة من بين أيديهم ليلتقطها نصيروا الثورة الذين كثيرا ما عانوا الظلم و القهر.. فاستكملت الآية القرآنية حتي إذااستيأس الرسلوظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا فنجي من نشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين فلم تنفعهم أموالهم المحرمة التي ظلوا ينفقونها ببذخ علي مخططاتهم فكما قال الله تعالي فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون. ولعل معجزة نصر الفئة عديمة العتاد والعدة علي الفئة العظيمة عتادها وعدتها خير دليل للمشككين في أستمرار معجزات الخالق المستمر في خلقه وفي معجزاته وإنه سبحانه لايغير من الأقدارالمكتوبة إلا إذا شاء لأحبابه إذا رفعوا أيديهم له بالدعاء كما علمنا المصطفي صلي الله عليه وسلم لا يرد القدر إلا الدعاء كيف لا وسبحانه يقول يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب وكما استجاب الله تعالي لنا ليقين دعائنا في هذه المرحلة فلنستمر في ثورتنا علي الباطل متجردين مخلصين.. فالطريق لا يزال طويلا والعقبات كثيرة لن يهزمها سوي قلوب مؤمنة بالحق خالصة لوجه ربها ولسان ذاكر معتصم بربه لا تنتظر جمع مكاسب بالية.. وبصدور خالية من الحقد والغل والأنانية حتي يمحالله الباطلويحق الحق بكلماته إنه عليم بذات الصدور. قل الحمد لله وسلام علي عباده الذين اصطفي.. وسيجزي الله الشاكرين يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون.