البيطريين: إجراء تعديلات شاملة لقانون النقابة وطرحها لحوار مجتمعي    رسالة فكرية وإنسانية.. «أوقاف شمال سيناء» تواصل فعاليات مبادرة «صحح مفاهيمك» في المدارس    الشيوخ يستعد لتشكيل 14 لجنة نوعية وانتخاب هيئات مكاتبها الأسبوع المقبل.. مصادر: تنسيق حزبي وبرلماني للتوافق على المرشحين قبل إجراء الانتخابات    اندلاع حرائق كبيرة بسبب الغارات الإسرائيلية على البقاع    الداعية مصطفى حسنى لطلاب جامعة القاهرة: التعرف على الدين رحلة لا تنتهى    هل يجوز أن يخص الوالد أحد أولاده بالهبة دون إخوته؟ الأزهر للفتوى يجيب    طريقة عمل الأرز البسمتي بالخضار والفراخ، وجبة متكاملة سريعة التحضير    الداخلية تواصل حملاتها لضبط الأسواق ومواجهة التلاعب بأسعار الخبز    لعدم استيفائهم الأوراق.. الهيئة الوطنية للانتخابات تستبعد 3 قوائم انتخابية    عاجل- قرارات جديدة من رئيس الوزراء.. تعرف على التفاصيل    البنك الأهلي يحصد شهادة التوافق لإدارة وتشغيل مركز بيانات برج العرب من معهد «Uptime»    وزير الصناعة: مصر والصين تربطهما شراكة استراتيجية راسخة على كافة المستويا    شراكة وطنية جديدة لتوسيع زراعة القمح ضمن مبادرة «ازرع»    الكنيست يوافق على المناقشة التمهيدية لمشروع قانون ضم إسرائيل للضفة الغربية المحتلة    الاتحاد الأوروبي يفرض عقوبات جديدة على روسيا تستهدف أسطول الظل    أسبوعان على وقف إطلاق النار.. بطء في دخول المساعدات وخروقات بالشجاعية وخان يونس    وزارة الدفاع الروسية: إسقاط 139 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل    روسيا: نحتفظ بحق الرد على عقوبات الاتحاد الأوروبي    موعد مباراة ليفربول القادمة عقب الفوز على فرانكفورت والقنوات الناقلة    الزمالك يجهز شكوى لتنظيم الإعلام ضد نجم الأهلي السابق    بشير التابعي: زيزو أفضل لاعب في الأهلي    "مخاطر العنف والتنمر" ندوة توعوية ب"فنون تطبيقية بني سويف"    حجز الحكم على البلوجر علياء قمرون بتهمة خدش الحياء العام ل29 أكتوبر    مصرع شخص أسفل عجلات القطار في أسوان    الدفع ب 9 سيارات إطفاء للسيطرة على حريق مصنع أخشاب بالشرقية    غلق كلي لكوبري الأزهر السفلي 3 أيام لتطويره بطبقة الإيبوكسي.. تفاصيل    الحكومة توافق علي إصدار عملات تذكارية ذهبية وفضية بفئات متعددة.. تفاصيل    رانيا يوسف تكشف الفرق الحقيقي في العمر بينها وبين زوجها: مش عارفة جابوا الأرقام دي منين!    حنان مطاوع بعد فيديو والدها بالذكاء الاصطناعي: "اتصدمت لما شوفته وبلاش نصحي الجراح"    السادة الأفاضل.. انتصار: الفيلم أحلى مما توقعته ولا أخشى البطولة الجماعية    اليوم.. الكنيسة القبطية تستضيف اجتماع لجنة الإيمان والنظام بمجلس الكنائس العالمي    تفاوت كبير في سعر الدولار اليوم 23 أكتوبر.. اعرف تحديث البنوك الجديد    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 23-10-2025 في محافظة الأقصر    القوات المسلحة تشارك عددا من دول الكومنولث الاحتفال السنوي بإحياء الذكرى ال 83 لضحايا معركة العلمين    إنجاز طبي جديد بعد إنقاذ مريض فلسطيني مصاب من قطاع غزة    توقع بروتوكول تعاون بين «المؤسسة العلاجية» و«فاكسيرا» لتعزيز التكامل في الخدمات العلاجية    الصحة توقع مذكرة تفاهم مع الجمعية المصرية لأمراض القلب لتعزيز الاستجابة السريعة لحالات توقف القلب المفاجئ    فاليري ماكورماك: مصر مثال عظيم في مكافحة السرطان والتحكم في الأمراض المزمنة    محمد صلاح.. تقارير إنجليزية تكشف سر جديد وراء أزمة حذف الصورة    ما حكم بيع وشراء العملات والحسابات داخل الألعاب الإلكترونية؟ دار الإفتاء تجيب    من بيتك.. سجّل الآن فى حج القرعة 2026 بسهولة عبر موقع وزارة الداخلية    مصرع فتاة بعد سقوطها من الطابق ال12 بحى غرب أسيوط    أستاذ علوم سياسية: القمة المصرية الأوروبية تعكس مكانة مصر ودورها المحورى    مقتول مع الكشكول.. تلميذ الإسماعيلية: مشيت بأشلاء زميلى فى شنطة المدرسة    اتحاد الثقافة الرياضية يحتفل بنصر أكتوبر وعيد السويس القومي    بعد قليل.. "الوطنية للانتخابات" تعلن القائمة النهائية الرسمية لمرشحى مجلس النواب 2025    ب 5 أهداف.. صلاح محسن يتصدر قائمة الهدافين بعد انتهاء الجولة ال11 في الدوري    أسعار النفط تقفز 3% بعد العقوبات الأمريكية على روسنفت ولوك أويل    سعر اليورو مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 23 أكتوبر 2025 في البنوك المحلية    «لازم تركز شوية».. أحمد شوبير يفاجئ نجم الأهلي برسائل نارية    تصرف محمد صلاح يفجر غصب جماهير ليفربول (تفاصيل)    وليد عبدالعزيز يكتب: المناطق الصناعية والمستقبل    على أبو جريشة: إدارات الإسماعيلى تعمل لمصالحها.. والنادى يدفع الثمن    تهديدات بالقتل تطال نيكولا ساركوزي داخل سجن لا سانتي    روزاليوسف.. ما الحُبُّ إِلّا لِلحَبيبِ الأَوَّلِ    سيصلك مال لم تكن تتوقعه.. برج الدلو اليوم 23 أكتوبر    علي الحجار يتأثر بغنائه «فلسطيني» في مهرجان الموسيقى العربية    مواقيت الصلاة في أسيوط غدا الخميس 23102025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفساد والمشتريات الحكومية

يلاحظ المتتبع لقضايا الفساد التى أثيرت أخيرا انها تشترك جميعا فى كونها تتعلق بالمشتريات والمزادات الحكومية وهو ما يشير الى خطورة المسالة وضرورة التركيز عليها لمعرفة آلياتها وسبل العلاج.
وتكمن خطورة هذه المسالة فى كون الحكومة المصرية هى المنتج الرئيسى للعديد من السلع والخدمات كما أنها المستهلك الأساسى لها، من هنا اتسع نطاق المعاملات الحكومية بصورة كبيرة، إذ لا يقتصر على مجرد شراء السلع والخدمات التى تحتاجها أجهزة الدولة والتى تظهر ضمن الباب الثانى للموازنة (شراء السلع والخدمات)، ولكنها تمتد لتشمل كذلك الباب السادس (الاستثمارات) حيث ترتبط بكل المشروعات الاستثمارية التى تقوم بها أجهزة الدولة مثل مشروعات البنية الأساسية كالطرق والمرافق وكذلك شبكات السكك الحديدية والموانى والمطارات، كما تشمل كذلك الخدمات العديدة مثل نقل البضائع والركاب وغيرها. هذا مع الأخذ فى الحسبان الحجم الهائل للقطاعات العامة التى ينطبق عليها هذا الوضع، وبعبارة أخرى فالمشتريات الحكومية تتضمن بالإضافة إلى الأعمال التى تقوم بها أجهزة الدولة المعنية(الجهاز الإدارى للدولة أو الهيئات الخدمية والمحليات) جنبا إلى جنب مع الهيئات الاقتصادية وكذلك شركات قطاع الأعمال العام أو شركات القطاع العام فضلا عن الشركات القابضة المملوكة للدولة. ويضاف إليهم المشروعات المشتركة بين الحكومة والقطاع الخاص.
من هذا المنطلق نرى أن سوء الأوضاع التنظيمية للمشتريات الحكومية يؤدى إلى المزيد من الفساد وذلك فى ضوء المعاملة غير المتساوية للأطراف المختلفة إذ يتم تفضيل البعض على حساب الآخر وفقا للعلاقات الشخصية أو بغية الحصول على مزايا شخصية على حساب المصلحة العامة.
وتزداد هذه المسالة إذا ما علمنا أنها ترتبط ارتباطا وثيقا بالمسائل والأوضاع السياسية والاقتصادية بالمجتمع فهى من ناحية تعكس تضارب المصالح القائم فى المجتمع والذى يكمن فى وجود بعض الجماعات أو الأفراد، الذين يهدفون إلى تحقيق امتيازات معينة أو الحصول على بعض المكاسب الاقتصادية والمالية من خلال قنوات الاتصال بالدولة والحكومة، حيث تسيطر بفاعلية على العملية التشريعية، وتسود المحسوبية الواضحة فى صنع القرارات وتطبيقها فيما يمكن تسميته بنظم «رأسمالية المعارف والمقربين» وعلى الرغم من أوجه الشبه الكبيرة بينها وبين النظم الرأسمالية الحديثة فإنها تفتقر إلى المبادئ الأساسية كالعدالة والشفافية. وقد أدت هذه العملية إلى ظهور بعض جماعات الأعمال أو الأفراد الذين استطاعوا من خلال علاقات متشابكة شديدة الصلة بصانعى السياسات والمسئولين الى قلب كفة الموازين لتميل لصالحهم مما جعلهم يثرون على حساب المجتمع وذلك كله باستغلال الثغرات القائمة فى نظم المشتريات الحكومية.
فالاختلالات فى نظم المشتريات الحكومية تمكن البعض من استخدام السلطة العامة لتحقيق أهداف أو مصالح خاصة، وهى نتيجة رئيسية لنمط معين من التداخل بين السلطة والقطاع الخاص، او بين الدولة وجماعات المصالح الحاضرة فى الساحة الاقتصادية وهو تداخل يجعل المعايير السياسية وليس القوانين الموضوعية أو التشريعات المحايدة للسوق هى القوة الدافعة للتراكم والرافعة المتحكمة فى الفرز بين مختلف جماعات المصالح المتنافسة فى السوق.
فإذا كان الفساد «هو إساءة استعمال الوظيفة العامة لتحقيق مكاسب شخصية». كما عرفه البنك الدولى فإنه يحدث عندما يقوم موظف عام بقبول أو طلب أو ابتزاز لتسهيل عقد أو إجراء طرح مناقصة عامة، كما يتم عندما يقوم وكلاء أو وسطاء لشركات او أعمال خاصة بتقديم رشاوى للاستفادة من سياسات أو إجراءات عامة للتغلب على منافسين أو تحقيق أرباح خارج القانون المطبق. فالفساد وفقا لهذا التعريف يأخذ أشكالا محددة مثل العمولات والرشاوى والتهرب الضريبى وأيضا التهريب الجمركى وتهريب الأموال أو إفشاء الأسرار ناهيك عن الوساطة والمحسوبية. وبالتالى يرتبط ارتباطا وثيقا بالتعامل مع الحكومات وعمليات الشراء الحكومى فى المسائل التجارية والمالية بصفة عامة.
وتزداد أهمية هذه المسالة فى ضوء خصائص الإيرادات الريعية والناتجة عن امتلاك الدولة موارد أو ثروات استثنائية بحكم السيادة وأنها تؤول لخزينة الدولة تلقائيا دون الاعتماد على رضا أو تعاون اى طرف آخر فى المجتمع، كما أن هذه الدخول تمر للخزانة العامة مباشرة دون أن تعرضه للمحاسبة أو المساءلة. ولذلك يرى البعض أن هناك علاقة وثيقة بين الإيرادات الريعية وسوء الحكم والفساد حيث تؤدى هذه الثروات إلى العديد من الإغراءات مثل عرض المناصب الحكومية على الأفراد او إرساء عطاءات حكومية معينة على بعض رجال الأعمال. ولذلك يتحول اهتمام رجال الأعمال والمستثمرين إلى تعظيم استفادتهم من هذه المسالة عن طريق التعامل مع الحكومات بدلا من الاتجاه إلى الادخار والاستثمار فى المشروعات الإنتاجية الإنمائية. وهو ما اعتبره المقريزى أصل الفساد حين أشار إلى أن ولاية الخطط السلطانية والمناصب الدينية بالرشوة كالوزارة والقضاء ونيابة الأقاليم وولاية الحسبة وسائر الأعمال، بحيث لا يتم التوصل إلى شيء منها إلا بالمال الجزيل. فتخطى لأجل ذلك كل جاهل ومفسد وظالم وباغ إلى ما لم يكن يأمله من الأعمال الجليلة والولايات العظيمة. وتتم هذه المسالة بعدة طرق منها ان تقوم الحكومات بإيجاد حالة من النقص المصطنع فى سلعة ما، عن طريق فرض حظر على الاستيراد وقصره على منتجين معينين. أو منح احتكارات فى مجالات معينة لأفراد بعينهم والحد من المنافسة، وفى هذا المجال تنفق الشركات الخاصة مبالغ طائلة فى محاولة لإقناع المشرعين بمنحهم احتكارات محددة. وفى بعض الأحيان يناور الأشخاص لوضع أنفسهم فى مركز يمكنهم من تقاضى الرشاوى او إصدار التراخيص أو الموافقة على اعتماد نفقة ما وغيرها، مع الأخذ بالحسبان أن بعض هذه الأنشطة قد تكون قانونية تماما وبعضها غير قانوني.
لكل ما سبق فإن الفساد فى المشتريات الحكومية يؤثر بالسلب على المجتمع ككل إذ يؤدى إلى تقليل المنافسة والحد من المتقدمين إلى العطاءات الحكومية، مما يزيد من تكاليف الحصول على الخدمة أو السلعة الحكومية مع ما يؤديه ذلك من زيادات فى التكاليف والأعباء على المالية العامة للدولة. ومن ثم يعيق عملية النمو الاقتصادي. إذ يضر بمناخ الاستثمار وبيئة الأعمال. حيث يشوه عملية وضع السياسات على نطاق واسع وتقوض مصداقية الحكومة.
لمزيد من مقالات عبدالفتاح الجبالى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.