«بنها الأهلية» : إعداد كوادر شبابية قادرة على قيادة المستقبل    محافظ القليوبية يَشهد إحتفالية ختام الأنشطة التربوية بمدرسة السلام ببنها    الرئيس السيسي: الدولة تعمل على تخطيط عمراني متكامل يشمل 3 محافظات    بابا الفاتيكان يدعو للسماح بدخول مساعدات إنسانية «كافية» لقطاع غزة    القاهرة الإخبارية: شاحنات المساعدات لا تزال عالقة عند الجانب الفلسطيني لكرم أبو سالم    عرض سعودي ضخم لإمام عاشور من نيوم.. والأهلي يرفض التفاوض قبل مونديال الأندية    بعثة بيراميدز تطير إلى جنوب إفريقيا استعدادا لمواجهة صن داونز في دوري أبطال إفريقيا    « تعليم المنوفية»: تجهيز 421 لجنة لإستقبال 92 ألف طالب في «الإعدادية»    تحرير 151 محضرًا للمحال المخالفة لمواعيد الغلق الرسمية    «الحماية المدنية» بالفيوم تنجح فى إنقاذ "قطتين" محتجزتين بأحد العقارات    أول تعليق من مها الصغير بعد إعلان انفصالها عن أحمد السقا    كراسة شروط شقق الإسكان الاجتماعي للحجز في الوحدات الجديدة 2025 (رابط مباشر)    الجيش الأوكراني يعلن استهداف مصنع لأجهزة أشباه الموصلات في منطقة أوريول الروسية بطائرة مسيّرة    مباحث تموين المنوفية تضبط كيانات مخالفة لإنتاج وتوزيع منتجات غذائية    وزير خارجية تركيا: الحرب الروسية الأوكرانية تشهد نقطة تحول على طريق الحل الدبلوماسي    الرئيس السيسى ل الحكومة: ليه ميتعملش مصنع لإنتاج لبن الأطفال في مصر؟    حلقة بحثية بالغربية تناقش آثار التكنولوجيا الرقمية على الأطفال.. ومطالبات بوعي مجتمعي لمواجهة الإدمان الرقمي    مقتل 6 في انفجار حافلة مدرسية ب باكستان.. وإسلام آباد تحمل الهند المسؤولية    بوتين في كورسك.. رمزية استعادة الأرض ودور كوريا الشمالية    «التضامن الاجتماعي» تشارك في احتفالية «جهود الدولة في تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة» بالنيابة الإدارية    إي اف چي القابضة تحقق أداء تشغيليا قويا بدعم النمو المستمر لكافة قطاعات الأعمال    موعد مباراة الزمالك والترجي التونسي في نصف نهائي كأس الكؤوس الأفريقية لكرة اليد    جلسة مرتقبة من مسؤولي الأهلي للتعاقد مع ثنائي البنك.. إعلامي يكشف    «بنسبة 100%».. شوبير يكشف مفاوضات الأهلي مع مدافع سوبر    لمواليد برج الحمل.. اعرف حظك في الأسبوع الأخير من مايو 2025    رئيس "التأمين الصحي" يعقد اجتماعًا موسعًا لبحث الاستعدادات لعيد الأضحى    مشروب سحري لتعزيز الصحة ومقاومة الأمراض.. 9 فوائد مذهلة لشاي القرنفل    أسعار الحديد والأسمنت في السوق المصرية اليوم الأربعاء 21 مايو 2025    خلال 24 ساعة.. ضبط 49941 مخالفة مرورية متنوعة    ضبط شركة سياحية غير مرخصة بتهمة النصب والاحتيال على المواطنين    قبل أيام من حلوله.. تعرف على أبرز استعدادات السكة الحديد ل عيد الأضحى 2025    «كمموا فاه بقفازات ولاصق».. الجنايات تستكمل محاكمة 4 متهمين ب«قتل طبيب التجمع» اليوم    "هندسة بني سويف الأهلية" تنظم زيارة لمركز تدريب محطة إنتاج الكهرباء بالكريمات    «حبة الكرز».. كيف علق جوارديولا على إهدار دي بروين لأسيست مرموش أمام بورنموث؟    صحيفة برازيلية: الأهلي ريال مدريد أفريقيا    محافظ بني سويف يستقبل رئيسة القومي للمرأة لافتتاح وحدة تكافؤ الفرص بالجامعة التكنولوجية    بعد زواج 26 عاماً.. أحمد السقا يعلن انفصاله عن مها الصغير    وزير الثقافة يستقبل ولي عهد الفجيرة لبحث آليات التعاون الثقافي وصون التراث ويصطحبه في جولة بدار الكتب بباب الخلق    رئيس إذاعة القرآن الكريم الأسبق: أيام الحج فرصة عظيمة لتجديد أرواح المسلمين.. فيديو    فتاوى الحج.. دليلك في حالة المرض    الرئيس السيسى يشهد فيلما تسجيليا عن جهود الدولة فى زيادة الرقعة الزراعية    تراجع سعر الجنيه الاسترلينى بمنتصف تعاملات اليوم الأربعاء 21-5-2025    استخراج جسم معدني خطير من جمجمة طفل دون مضاعفات بمستشفى الفيوم الجامعي    محافظ أسيوط يتفقد مدرسة النيل الإعدادية ويكرم المتفوقين رياضيًا – صور    وزير الإسكان يتابع مشروعات مياه الشرب والصرف ضمن "حياة كريمة" بالغربية ودمياط    بالصور- محافظ أسيوط ينقل مريضة بسيارته الخاصة لاستكمال علاجها    هل يجوز سفر المرأة للحج بدون مَحْرَم؟..الأزهر للفتوى يجيب    محمود الخطيب يرد على تساؤلات من أين يأتي الأهلي بأمواله؟    تقرير: إسرائيل في أدنى مكانة دولية.. وتسونامي اقتصادي خطير    البيدوفيليا؟!    وزير الخارجية الأمريكي: لم نناقش ترحيل الفلسطينيين إلى ليبيا    موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى المبارك 2025    المستشار محمود فوزي: قانون الإجراءات الجنائية اجتهاد وليس كتابا مقدسا.. لا شيء في العالم عليه إجماع    الإيجار القديم.. محمود فوزي: الملاك استردوا استثماراتهم.. الشقة كانت تُباع بألف وتُؤجر ب15 جنيهًا    ملحن آخر أغنيات السندريلا يفجّر مفاجأة عن زواج سعاد حسني وعبدالحليم حافظ سرا    رئيس الجامعة الفرنسية ل"مصراوي": نقدم منحا دراسية للطلاب المصريين تصل إلى 100% (حوار)    «منصة موحدة وكوتا شبابية».. ندوة حزبية تبحث تمكين الشباب وسط تحديات إقليمية ملتهبة    تفسير حلم أكل اللحم مع شخص أعرفه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرشاوى فى المشتريات الحكومية

تداولت الصحف على مدى الأيام القليلة الماضية العديد من القضايا المتعلقة بالرشاوى من جانب البعض للحصول على امتيازات معينة تتعلق بممارسات او مزايدات قامت بها بعض أجهزة الدولة، وهو ما يجعل المشتريات الحكومية تمثل قضية أساسية ومحورية فى الشفافية والفساد، خاصة وان الحكومة مازالت هى المنتج الرئيسى للعديد من السلع والخدمات، كما أنها المستهلك الأساسى لسلع وخدمات كثيرة.
ويتسع نطاق المعاملات الحكومية بصورة كبيرة، إذ لا يقتصر على مجرد شراء السلع والخدمات التى تحتاجها أجهزة الدولة والتى تظهر ضمن الباب الثانى للموازنة العامة للدولة (شراء السلع والخدمات)، ولكنها تمتد لتشمل كذلك الباب السادس (الاستثمارات) حيث يرتبط بكافة المشروعات الاستثمارية التى تقوم بها أجهزة الدولة مثل مشروعات البنية الأساسية كالطرق والمرافق، وكذلك شبكات السكك الحديدية والموانئ والمطارات، كما تشمل كذلك الخدمات العديدة مثل نقل البضائع والركاب وغيرها. كما انها تتضمن الأعمال التى تقوم بها أجهزة الدولة المعنية (الجهاز الإدارى للدولة أو الهيئات الخدمية والمحليات) جنبا إلى جنب مع الهيئات الاقتصادية، وكذلك شركات قطاع الأعمال العام أو شركات القطاع العام فضلا عن الشركات القابضة المملوكة للدولة. ويضاف إليها المشروعات المشتركة بين الحكومة والقطاع الخاص.
وتتزايد عمليات انعدام الشفافية والفساد فى المشتريات الحكومية إذا توافرت مجموعة من الأمور والشروط منها، على سبيل المثال وليس الحصر، قصر توريد الخدمة على عدد صغير من الموردين أو الشركات، إذ إنه كلما كان عدد الشركات قليلا أدى ذلك إلى زيادة احتمالية التواطؤ فى العملية.ووضع العراقيل أمام مشاركة المجموع الأكبر من المنتجين وبما يخدم مصلحة فئة محددة هى التى تدرج ضمن قوائم الموردين، وحرمان الباقى من هذه العملية، وبالتالى عدم دخول موردين جدد إلى لائحة المشتريات الحكومية.
ولا يخفى ما لسوء تنظيم المشتريات الحكومية من آثار على المجتمع ككل إذ تؤدى إلى زيادة تكاليف الحصول على الخدمة أو السلعة الحكومية مع ما يؤديه ذلك من زيادات فى التكاليف والأعباء على الخزانة العامة للدولة. ومن ثم يعيق عملية النمو الاقتصادي. كما يمكن أن يضر بمناخ الاستثمار وبيئة الأعمال، حيث يشوه عملية وضع السياسات على نطاق واسع وتقوض مصداقية الحكومة، كما أنه يمثل ضريبة إضافية على نشاط الأعمال، وبالتالى تحويل الموارد بعيدا عن الخزانة العامة للدولة.
وكان من الطبيعى فى ظل هذه الآثار السلبية أن تحظى بالاهتمام العالمى جنبا إلى جنب مع الاهتمام المحلي، وذلك نتيجة التشابكات والتداخلات التى أصبحت السمة الأساسية للاقتصاد العالمى فى ظل العولمة الحالية، وهو ما تبلور فى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد والتى تطالب بوضع نظام للمشتريات الحكومية شفاف وتنافسى وقائم على معايير موضوعية تمكن الجميع من المشاركة.
لكل ما سبق يصبح من الضرورى العمل على إجراء تحديث جذرى فى الفلسفة التى يستند إليها نظم المشتريات الحكومية، وإعادة النظر فى قانون المناقصات والمزايدات رقم 89 لسنة 1998باعتباره القانون المنظم لعملية المشتريات الحكومية، حيث يقوم بتنظيم كافة الإجراءات والأمور المرتبطة بالمشتريات والمبيعات الحكومية، اى تلك التى تبرمها جهات الدولة. وقد أشار القانون إلى ضرورة ان تخضع كل المناقصات العامة والممارسات العامة لمبادئ العلانية وتكافؤ الفرص والمساواة وحرية المنافسة. كمبدأ عام، مع وضع العديد من الاستثناءات التى تجعل التعاقد يتم عن طريق المناقصة المحدودة أو المناقصة المحلية أو الممارسة المحدودة أو الاتفاق المباشر، بشروط محددة فى القانون.
وعلى الجانب الآخر فقد شهدت الفترة الماضية إدخال العديد من التعديلات التى أثرت بالسلب على القانون الأصلى ومن أهمها القانون رقم 191 لسنة 2008 حيث استبدل نص المادة 122 مكررا 1 والتى أصبحت تنص على جواز تعديل العقود التى تكون مدة تنفيذها ستة اشهر فأكثر فى نهاية كل ثلاثة اشهر تعاقدية بتعديل قيمة العقد وفقا للزيادة أو النقص فى تكاليف بنود العقد التى طرأت بعد التاريخ المحدد لفتح المظاريف الفنية أو بعد تاريخ التعاقد المبنى على الأمر المباشر، وذلك وفقا لمعاملات يحددها المقاول فى عطائه، ويتم التعاقد على أساسها، وقد كانت المدة المنصوص عليها قبل هذا التعديل هى سنة، وهى تعديلات تجعل المنافسة معدومة وتفتح أبوابا كثيرة للتلاعب فى هذه العطاءات خاصة وان فترة الأشهر الثلاثة قصيرة للغاية، وتؤثر بالسلب على التنافس الحر والمساواة فى الحصول على العقود. مع مراعاة ان هناك قوانين أخرى تؤثر فى هذه العملية، خاصة فى مجال النقل والبنية الأساسية مثل القانون رقم 149 لسنة 2006 والذى أجاز منح التزامات المرافق العامة للمستثمرين لإنشاء خطوط وشبكات السكك الحديدية الجديدة وتشغيلها، كذلك أتاح القانون رقم 229 لسنة 1996 تنظيم مشاركة القطاع الخاص فى مجال الطرق، وفى مجال الطيران المدنى اتاح القانون رقم 28 لسنة 1981 والخاص بالطيران المدنى والقانون رقم 3 لسنة 1997 والخاص بمنح الالتزام للمرافق العامة للقطاع الخاص، إنشاء وإدارة واستغلال المطارات، ومن جانب آخر فقد أتاح القانون رقم 1 لسنة 1998 للقطاع الخاص الفرصة لإنشاء الموانئ والأرصفة.
مما سبق يتضح لنا أن التعامل الجدى مع المشكلة يجب أن يدور حول تعديل قانون المناقصات والمزايدات الحالى بغية العمل على تجنب وضع الحواجز غير الضرورية التى قد تقلل من عدد مقدمى العطاءات عن طريق وضع حدود دنيا من الشروط تتناسب مع حجم ومحتوى العقود، والتأكد إن أمكن من أن المبالغ المطلوبة للعطاءات توضع بشكل مناسب للجميع ومتسقة مع الهدف المراد الحصول عليه. جنبا الى جنب مع تسهيل إجراءات التقدم للمشتريات الحكومية والسماح لها بوقت كافٍ لكى تتمكن من تقديم العطاءات مع العمل على نشر التفاصيل من خلال الصحف والمواقع الإلكترونية. وتحديد الشروط بأقصى قدر ممكن من الوضوح والشفافية عند طرح المناقصة مع ضرورة تحديد المواصفات بما يسمح بوجود منتجات بديلة كلما أمكن ذلك، والعناية باختيار المعايير.
كما يجب ألا تؤدى إلى إعاقة أصحاب المشاريع الصغيرة او متوسطة الحجم خاصة عند وضع معايير غير سعرية (مثل جودة المنتج وخدمة ما بعد البيع...الخ) كما يجب وصف وتحديد هذه المعايير مسبقا بشكل كاف. ووضع أطر وقواعد واضحة تضمن لكافة الأطراف حقوقها وتتيح تأدية الخدمة الحكومية فى أقصر وقت وبأقل تكلفة وبأعلى مستوى من الإنتاجية.
وهذه المسألة تتطلب إنشاء آلية منظمة وفاعلة لتقديم الشكاوى من جانب الشركات للإبلاغ عن اى مشكلة تتعلق بالشفافية او الممارسة مع الأخذ بالحسبان وجود نظام لحماية الشهود والمبلغين. مع إحكام الرقابة والسيطرة التنظيمية على الأسواق بما يرفع من كفاءة الخدمة العامة ويقضى على الممارسات السلبية ويتيح العمل فى إطار مؤسسى وفقا لقواعد ومعايير محددة فنيا واقتصاديا وماليا.
وكلها أمور تؤدى فى النهايةإلى خفض التكاليف ورفع الكفاءة الإنتاجيةوالتخلص من أعباء البيروقراطية الحكومية التى تحد كثيرا من فاعلية هذه المسألة، وتعزيز المنافسة والشفافية فى المشتريات الحكومية والمناقصات العامة والحد من مخاطر التواطؤ، وذلك عن طريق توفير كافة المعلومات اللازمة عند طرح المناقصة او الممارسة الحكومية.
لمزيد من مقالات عبد الفتاح الجبالي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.