ورشة حكي عن الفنان محمد الكحلاوي بمناسبة ذكرى وفاته    الشيوخ: الأمانه انتهت من اللمسات النهائية استعدادًا لاستقبال الأعضاء المعينين    النائب أيمن الصفتي: ثقة الرئيس السيسي وسام على صدري ومسؤولية وطنية أتشرف بها    سعر الدينار الكويتى اليوم الإثنين 13 اكتوبر 2025 أمام الجنيه    سعر الدجاج بالأسواق اليوم الاثنين فى المنوفية.. الفراخ البيضاء ب74 جنيها    منال عوض تبحث مع مفوضة البيئة بالاتحاد الأوروبي التعاون فى مواجهة التلوث البلاستيكي    جيش الاحتلال: الصليب الأحمر يتوجه لموقع تسلم الدفعة الثانية من المحتجزين بغزة    من مستشفى الشفاء إلى ميدان الشهداء.. صور جنازة صالح الجعفراوي تهز القلوب    الرئيس الأمريكى دونالد ترامب يصل إسرائيل.. بث مباشر    جلسة استماع للزمالك فى اتحاد الكرة اليوم بسبب مستحقات زيزو    طبيب الأهلي يفحص ياسر إبراهيم قبل السفر إلى بوروندي    المصري يدعو أعضاء جمعيته العمومية لاجتماع خاص لاعتماد تعديلات لائحة النظام الأساسي    الإدارة العامة للمرور تشن حملات مكثفة على الطرق لرصد المخالفات المتنوعة    ضبط مخالفات تموينية فى بولاق الدكرور.. سكر مجهول المصدر وبيع بأعلى من السعر الرسمى    الداخلية تضبط عاملًا تحرش بموظفة داخل صيدلية بسوهاج    تموين الفيوم تلاحق المخالفين وتضبط عشرات القضايا التموينية.. صور    "آداب القاهرة" تحتفل بمرور 100 عام على تأسيس قسم الدراسات اليونانية واللاتينية    الخارجية تهنئ السفراء المعينين في مجلس الشيوخ بقرار من رئيس الجمهورية    وزير الصحة يبحث مع رئيس التحالف الصحي الألماني تعزيز التعاون الاستثمار في القطاع    إحالة العاملين المتغيبين في مركز الرعاية الأولية بالعريش للتحقيق    فحص 1256 مواطنًا خلال قافلة طبية مجانية بكفر الشيخ    ستارمر: المملكة المتحدة مستعدة لدعم إعمار غزة    جامعة بنها: فحص 4705 شكاوى بالمنظومة الموحدة.. تفعيل نقطة اتصال جديدة لخدمة المواطنين    وزير الزراعة: مصر حققت طفرة غير مسبوقة في التنمية المستدامة    تباين أداء مؤشرات البورصة في بداية تداولات اليوم وسط مشتريات محلية وعربية    تشكيل منتخب فرنسا المتوقع أمام آيسلندا في تصفيات كأس العالم 2026    الدرندلي بعد فوز المنتخب: "أول مرة أشوف جمهور مصر بالكثافة دي"    مواعيد مباريات اليوم الاثنين 13 أكتوبر والقنوات الناقلة    اليوم.. بدء استيفاء نموذج الطلب الإلكتروني للمواطنين المخاطبين بقانون «الإيجار القديم» (تفاصيل)    «المالية»: فرص اقتصادية متميزة للاستثمار السياحي بأسيوط    توقيع عقد بدء أعمال حفر 5 آبار جديدة للغاز الطبيعي في مصر    تعرف على مواقيت الصلوات الخمس اليوم الاثنين 13 أكتوبر 2025 بمحافظة بورسعيد    بالفيديو.. الأرصاد: فصل الخريف بدأ رسميا والأجواء مازالت حارة    حجز محاكمة معتز مطر ومحمد ناصر و8 أخرين ب " الحصار والقصف العشوائي " للنطق بالحكم    لحضور أولى جلسات الاستئناف.. وصول أسرة المتهم الثاني في قضية الدارك ويب لمحكمة جنايات شبرا    تجارة السلاح كلمة السر.. تفاصيل جريمة غسل أموال ب 130 مليون جنيه    وزيرا ري مصر والأردن يفتتحان الاجتماع ال38 للشبكة الإسلامية لتنمية وإدارة مصادر المياه    بعد منحها ل«ترامب».. جنازة عسكرية من مزايا الحصول على قلادة النيل    محدش يعرف حاجة عنهم.. 5 أبراج تكتم أسرارها وخطوات حياتها عن الناس    وزير السياحة يترأس اجتماع مجلس إدارة هيئة المتحف القومي للحضارة المصرية    أحمد فهمي الأعلى مشاهدة ب «ابن النادي»    بورسعيد أرض المواهب.. إطلاق مسابقة فنية لاكتشاف المبدعين    الليلة بمسرح السامر.. قصور الثقافة تطلق ملتقى شباب المخرجين في دورته الرابعة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 13-10-2025 في محافظة قنا    أوقاف السويس تبدأ أسبوعها الثقافي بندوة حول المحافظة البيئة    هل الغسل يغني عن الوضوء؟ أمين الفتوى يوضح الحكم الشرعي بالتفصيل    من شرم الشيخ مدينة السلام ماراثون سياسى غير مسبوق |ترامب.. المهمة الصعبة فى الشرق الأوسط    مدير شبكة المنظمات الأهلية: جهود مصر والمساعدات الإنسانية أحدثت زخما للقضية الفلسطينية    نتنياهو يستقبل ترامب لدى وصوله تل أبيب    رئيس «الرعاية الصحية» يتفقد مجمع الفيروز بجنوب سيناء استعدادًا لقمة شرم الشيخ    بعد استشهاده أمس.. ننشر نص وصية صالح الجعفراوي    «في ناس نواياها مش كويسة وعايزة تهد أي نجاح».. رسائل نارية من إبراهيم حسن بعد التأهل لكأس العالم    محمد صبحي: المنافسة في منتخب مصر صعبة بكل المراكز    تحرك عاجل من نقابة المعلمين بعد واقعة تعدي ولي أمر على مدرسين في أسيوط    هل يجوز الدعاء للميت عبر وسائل التواصل الاجتماعي؟.. «الإفتاء» توضح    موجودة في كل بيت.. أهم الأطعمة لتقوية المناعة خلال تغير الفصول    إسرائيل تجري تعديلا عاجلا على قائمة الأسرى المشمولين في صفقة التبادل    قبل عرضه بمهرجان الجونة.. طرح البوستر الرسمى لفيلم «50 متر»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر وأزمة مياه النيل‏(2)

‏الحديث عن وجود أزمة تتعلق بمياه النيل هو حديث وسلوك يبتعد بنا عن الأزمة الحقيقية الحالة بين دول حوض نهر النيل من جهة‏,‏ وبين كل من مصر والسودان من جهة أخري‏,‏ فواقع الحال يشير إلي أن الأزمة تتعلق بمواريث تاريخية سلبية بين الطرفين‏. , وبواقع يتعلق بأوضاع دول الحوض داخليا وخارجيا, وبمدركات وممارسات سالبة من جانب كل من مصر والسودان تجاه دول الحوض وتفصيل ذلك:
أولا. المواريث التاريخية السالبة. فالاحتكاك التاريخي المصري والعربي بمنطقة حوض النيل مازال يلقي بآثاره السلبية خاصة حال نشوب أي خلاف ولو محدود بين الطرفين, إذ ترفع علي الفور إعلاميا ودبلوماسيا راية الاستعمار المصري(إثيوبيا), وراية تجارة الرقيق العربي( كينيا), وراية الغزو العربي للشمال الأفريقي( أوغندا), وراية العنصرية العربية( جنوب السودان), وخلف هذه الصورة نجد الانتماء إلي الأسرة السليمانية لدي الأمهرا في إثيوبيا, والزعم بانتماء الدنكا( الجماعة الكبري في جنوب السودان) إلي يعقوب عليه السلام!!
ثانيا. واقع دول الحوض داخليا وخارجيا. المتأمل في واقع دول نهر النيل يجد أنها مجزأة ثقافيا بين عربفون( مصر والسودان) وأنجلوفون( كينيا, تنزانيا, أوغندا, جنوب السودان) وفرانكفون( رواندا, بوروندي, الكونغو الديمقراطية) وأمهرية( إثيوبيا), وهو ما يعني أن احتمالات التنافس, بل والصراع بين هذه الدول تظل احتمالا قائما, ثم إن مجتمعات هذه الدول في معظمها مجتمعات تعددية( إثنية, ودينية, ولغوية,... الخ) وهو ما يعزز من احتمالات الصراع الداخلي, والحرب الأهلية, فإذا ما أضفنا إلي ما تقدم التأثير الصهيوني في بعض هذه الدول, لأدركنا أن المسألة أخطر بكثير من وجودأزمة حالة حول مياه النيل.
لقد تمكنت إثيوبيا منذ بداية هذا القرن من أن تصبح قوة إقليمية في المنطقة بدعم صهيوني وأمريكي دفعها لمناجزة النفوذ المصري/ السوداني في المنطقة بل واحتوائه أيضا, فهي تقيم علاقات أمنية وعسكرية قوية مع كينيا منذ عام1964 عندما عقدت اتفاقية عسكرية معها لمواجهة المطالب الإقليمية للصومال في أرض الدولتين, واستعرضت قوتها العسكرية في حربين متتاليتين مع اريتريا وتدخلت في الصومال عسكريا ولا تزال وأسقطت حكم اتحاد المحاكم الإسلامية عام2006, ثم استجلبت القوات الأوغندية والبوروندية تحت مظلة الاتحاد الأفريقي لتواجه قوات شباب المجاهدين في الصومال, ولأول مرة يكون لإثيوبيا علاقات ذات شأن مع كل من أوغندا أو بوروندي, ثم إن قواتها وبدعم دولي موجودة علي الحدود بين السودان وجنوب السودان.
ثالثا. المدركات والممارسات السالبة من جانب كل من مصر والسودان تجاه دول الحوض. لقد سقطت العديد من الرايات التي كانت ترفعها الدولتان في علاقاتهما مع دول الحوض, توارت راية الاستقلال الاقتصادي( تأميم قناة السويس) وسقطت راية النضال المشترك لمناهضة الاستعمار والعنصرية( عقب معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية) وسقطت راية الوحدة الوطنية التي كان الترويج لها في دول الحوض ذات المجتمعات التعددية, وسقطت راية المشروع الحضاري السوداني الذي أريد الترويج له عنوة في دول حوض نهر النيل, فسقط المشروع وقسم السودان.
إذا كانت الأزمة كما أسلفنا أكثر تعقيدا مما يتردد حول مياه النيل, فان التعامل معها بالتراخي بهذا التهويل الإعلامي( حرب المياه) أو بالتراخي الدبلوماسي, أو بالتعويل علي الدبلوماسية الشعبية!! وهي ليست كذلك, أمر يحتاج إلي إعادة نظر علي المستويين القانوني, والسياسي, وليكن معلوما منذ البداية أن اتفاقية مياه النيل( الاتفاق الإطاري-عنتيبي) لن تعدل, وأنها ستدخل حيز التنفيذ سواء وافقت عليها كل من مصر والسودان أو لم توافق.
أولا. علي المستوي القانوني: أقترح الموافقة الفورية لجانب كل من مصر والسودان علي الاتفاقية كما هي, أو بالموافقة والتصديق عليها مع بعض التحفظات, ولدي كل من مصر والسودان الذريعة المناسبة في المرحلة الراهنة, بالتراجع عن موقفهما. ففي مصر يمكن أن ينسب الرفض للنظام السابق, وفي السودان يمكن أن ينسب تأجيل الموافقة علي الاتفاقية للانشغال بتسوية مشكلة الجنوب. وليس بتجديد في هذا المقام الاستمرار في التمسك بالتحفظات الثلاثة المذكورة آنفا للأسباب التالية: أن الاتفاقية الجديدة علي حد علمي لم تلغ الاتفاقيات السابقة المتعلقة بتنظيم مياه نهر النيل, ولا يوجد في بنودها أية إشارة إلي أنها ستحل محل الاتفاقيات السابقة. ثم إن الإصرار علي الالتزام بمبدأ الإخطار المسبق وهو مبدأ مقرر في القانون الدولي لن يكون له أية قيمة إذا ما أصبحت كل من مصر والسودان جزءا من الاتفاقية حيث سيكون لخبرائهما كافة الاتفاقيات للاطلاع علي كل ما يجري ويخطط للنهر, بل إن عملية التعاون والتكامل هذه قد تضيف الكثير من الموارد المائية للدولتين. أما الإصرار علي تمتع كل من مصر والسودان بحق الفيتو علي قرارات الهيئة الجديدة للنيل, فهو أمر مستغرب لسببين. أولهما. أنه يعطي ذريعة للقوي المعادية للعرب في المنطقة لتأكيد ادعاءاتها بالاستعلاء والعنصرية العربية, إذ كيف يحق لدولة ممر( السودان) ودولة مصب( مصر) أن يكون لأي منهما اليد الطولي التي تعلو فوق إرادات دول المنبع. وثانيهما. إن هذا المسلك يعني أن علي الدبلوماسية المصرية والسودانية إن تذهبا في سبات عميق طالما تم امتلاك الفيتو, وألا تبذل أي منهما جهدا لايجاد شبكة مصالح مع بعض دول الحوض تدعم المصالح المصرية والسودانية.
ثانيا. علي المستوي السياسي. يفرض الوضع الراهن للعلاقات في المنطقة ضرورة السعي لتعديل ميزان القوي في المنطقة الذي يميل حاليا لصالح المحور الرباعي( إثيوبيا- كينيا أوغندا جنوب السودان) الذي يعمل تحت المظلة الصهيونية الأمريكية. وذلك باتباع مسارات أربعة:
المسار الأول. قيام كل من مصر والسودان ومعهما اريتريا والسعودية واليمن ببذل أقصي جهد لتسوية المسألة الصومالية علي اعتبار أن الصومال تاريخيا هي الدولة التي كانت تحقق توازن القوي في المنطقة مع إثيوبيا وكينيا.
المسار الثاني. تعزيز العلاقات العربية وبالذات المصرية/ السودانية باريتريا بحسبان أن الأخيرة مع الدعم العربي لها والذي لا يعني مقاطعة إثيوبيا يمكن أن يحقق توازن القوي مع إثيوبيا وقد حاولت اريتريا مرارا تعميق علاقاتها مع العرب فلم تجد إلا صدودا( فيما عدا قطر).
المسار الثالث. بذل جهد دبلوماسي, واقتصادي مكثف مع بعض دول الحوض الأربع الأخري( الكونغو الديمقراطية, ورواندا, وبوروندي, وتنزانيا) والذي يمكن أن يجد له مردودا في مواجهة المحور الرباعي الآخر, حال الإعلان عن قيام منظمة لدول نهر النيل.
المسار الرابع. السعي لممارسة ضغوط علي الدول الكبري( الصين, ايطاليا,...) التي تسعي إلي تمويل وإنشاء مشروعات علي نهر النيل, دون موافقة كل من مصر والسودان, وبتهديد مصالحها التجارية والاستثمارية في البلدين كلما أمكن ذلك.
أستاذ العلوم السياسية-معهد البحوث والدراسات الإفريقية
المزيد من مقالات د.ابراهيم احمد نصرالدين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.