كان المهم أن سينما «الهلال» قريبة جدا من مدرستنا الابتدائية . مدرسة القباري . كنا في الفسحة يفتحون لنا باب المدرسة لنشتري طعاما من الباعة في الخارج فالدنيا أمان والمدرسة حلوة فلا تزويغ . كان معي في الفصل تلاميذ من حي القباري يأخذونني ناحية سينما الهلال حيث توجد مطاعم كثيرة أفضل من الباعة الواقفين أمام السينما , ومن ثم رأيت سينما «الهلال» . كان معي تلميذ لا أنساه أبدا اسمه «حسن هلال» بيت أسرته يقع علي الناحية الأخري من سينما الهلال . كان حسن جميلا ويحب السينما جدا . وفي الحصة الخالية , أي التي غاب مدرسها لأمر ما , كان حسن يجلس ونتحلق حوله في الفصل نحن الذين لا نزيد على عشرين , ويحكي لنا فيلما شاهده في سينما الهلال . كان يملك قدرة جميلة علي الحكي المشوق . ومن ثم كان لابد أن أدخل سينما الهلال هذه التي يأتي منها «حسن هلال» بالحكايات الجميلة . ذهبت إلي سينما الهلال يوم الجمعة في حفلة الثالثة ظهرا بعد أن قابلت حسن هلال أمامها وعددا آخر من زملائنا . كان أول مارأيت في سينما الهلال فيلما أجنبيا لجاك بالانس هو «أتيلا الجبار Sign Of The pagan» وكان معه جيف شاندلر . وأتيلا الجبار هو اسمه التجاري طبعا وهو عن غزو أتيلا ملك الهُون لروما . . أعجبتني سينما الهلال . فهي أيضا بتسعة مليمات . واسعة وكبيرة . المقاعد التي بتسعة مليمات تشغل أكثر مساحتها بينما التي بنص فرنك تشغل جزءا كبيرا من مساحتها الخلفية . فوجئت بالزحام شديدا جدا علي شباك تذاكر التسعة مليمات . زحام يصل الي درجة الشجار والضرب بين المتزاحمين . وقفت مع حسن هلال مندهشا وهو يبتسم ويقول لي لا تقلق سندخل . أخذ مني ثلاثه «تعريفة» أي قرش ونصف واشتري لي تذكرة من رجل قوي يقف بعيدا عن الزحام يبيع التذاكر التي بتسعة مليمات . يكسب فيها ستة مليمات . كان اسمه العريان , وكان هناك غيره يفعل ذلك لكن العريان كان مميزا بطوله وسمرة وجهه وقوة جسده . كان يستطيع بسهولة أن يدخل بين الزحام ويخرج ممسكا بعدد كبير من التذاكر أخذها من البائع الذي خلف النافذة ويجري مبتعدا ضاحكا , ثم ينادي علي التذاكر فيسرع إليه من لا يريد الزحام مثلي ومثل حسن هلال . كان الفيلم العربي واحدا من أفلام ليلي مراد . كان فيلم «شاطئ الغرام» الذي كان معها فيه حسين صدقي وتحية كاريوكا ومحسن سرحان وسميحة أيوب . كنت أيضا أحب أغنيات ليلي مراد . في هذا الفيلم رثيت لها كثيرا وحزنت من أجلها بسبب المؤامرات التي حيكت ضد حبها . لكني لن أكذب . رغم حبي لأغاني ليلي مراد وأفلامها وخصوصا مع أنور وجدي . لقد ظللت دائما أشعر أنها أكبر من أن تكون فتاة عذراء , وملامح وجهها لا تشي بذلك. ربما تكون أما أفضل من كونها فتاة محبوبة . لكن لاشك أن صوتها كان يشفع لها عندنا نحن المتفرجين كما لابد يشفع لها عند المخرجين ! في النهاية كالعادة خرجنا سعداء من الفيلم وأحببت شاطئ مرسي مطروح وتمنيت زيارته يوما . حين زرته فيما بعد عام 1975 سألت عن صخرة ليلي مراد ووقفت عليها أمام الشاطئ . صار جاك بالانس هو أحد أهدافي الجديدة في الرؤية مع جاري كوبر وبيرت لانكستر وكيرك دوجلاس وجلين فورد وجون وين وجريجوري بيك وريتشارد ويدمارك وغيرهم من أبطال أفلام الكاو بوي . رأيت له أفلاما أخري في سينما النيل مثل الفيلم المثير جدا « ذعر في الشوارع» مع ريتشارد ويدمارك ومثل فيلم الكاوبوي «شين shane « مع آلان لاد وفان هيفلين وجين آرثر . أحببت سينما الهلال فصرت أذهب إليها كثيرا مع أصدقائي . كانت تعرض أحيانا أفلام «شاذام» التي كانت علي حلقات يومية وفيلم «مغامرات نايوكا» الذي كنا نضحك جدا من اسمه وكذلك فيلم «كابتن أمريكا» الذي بهرنا بالمغامرات لذلك كان الزحام عليها شديدا دائما, كما كانت كثيرا ما تعرض أفلام شارلي شابلن غير الناطقة وأفلام لورين وهاردي الصامتة أيضا التي كنا نفرح بها جدا ونضحك فيها من قلوبنا . سينما الهلال تقع في منطقة القباري جوارها فرن يبيع الحلويات والمعجنات وجواره بائع سمك رخيص يمكن أن تشتري منه «ساندوتش بقرش صاغ إذا أحببت أن تأكل السمك أو تجلس في المحل وتأكل بقرشين ! كان الساندوتش أبو قرش صاغ ساندوتش» من لحم ثعبان البحر أغلي الأسماك الآن ومنذ الثمانينيات . لماذا صارت الثعابين أغلي الأسماك الآن؟ لأن بحيرة مريوط تم تجفيفها وردمها وأكثر بحيرات مصر فقدت أكثر مساحاتها والثعابين من أسماك البحيرات العذبة والبحار المالحة معا . نقصت ثعابين البحيرات ولم تعد ثعابين البحر كافية وذلك بسبب ثعابين الاستثمار الغبي الذي أضاع طبيعتنا الجميلة وأفقدها أجمل مافيها ! في سينما الهلال رأيت لأول مرة يول براينر . وكنا ننطقه «بول برينر» وكان ذلك في فيلم «القرصان» . فتننا تمثيله وراحت دهشتنا من صلعته فتعودنا عليه وعن طريقه عرفت ستيف ماكوين في فيلم العظماء السبعة . بل وعرفت ممثلين كبارا لم يكونوا أبطالا إلا متأخرا مثل شارلز برونسون وجيمس كوبرن والمجنون دائما إيلي والاش الذي أصبحت حين أري اسمه بين أسماء الأبطال أجري أشاهد الفيلم دون أن أفكر في أبطاله الرئيسيين . وفيها رأيت فيلما تاريخيا جبارا هو «ملكة بابل» الذي أسموه «سميراميس» باسم الملكة وكان من بطولة ريكاردو مونتالبان وروندا فليمنج . هكذا صارت الحياة أوسع كثيرا . أفلام عن الامبراطورية الرومانية والامبراطورية البابلية وأفلام الكاوبوي الأمريكية . كل هذه الدنيا الرائعة لابد أن أقرأ عنها يوما لأعرف أكثر مما هو موجود في كتب التاريخ المدرسي . في هذه السينما أيضا شاهدت فيلم « أحدب نوتردام « لأنتوني كوين و جينا لولو بريجيدا . ورغم أني رأيت فيها أفلاما كثيرة فأني رأيت هذا الفيلم ثلاث مرات أو أربع . ومازلت أذكر أنطوني كوين وهو يتكوَّم علي نفسه خائفا أو مذعورا أو حزينا . وكانت هذه أول مرة أعرف شيئا عن كنيسة نوتردام في باريس مما جعلني أحلم برؤيتها ومن ثم صارت زيارتي لها لا تتوقف بعد سنين طويلة , بعد أن ذهبت إلي باريس لأول مرة في بداية التسعينيات وحتي الآن . أدخلها وأدور حولها وأتذكر أنطوني كوين حتي صارت زيارتي لها عادية الآن لكني لا أكف عن زيارتها . ومن هذا الفيلم عرفت اسم فيكتور هوجو مؤلف الرواية مبكرا . ................. كان من بين أصحابي فى الحي أكثر من ولد شقي . بمعني شجاع يفعل ما هو ممنوع دائما . لكنها كانت شقاوة بريئة مضحكة. دخلنا مرتين بتذكرة النص فرنك . اكتشفنا في ثاني مرة ندخل فيها أن لون تذكرة النص فرنك لم يتغير بينما كان لون تذكرة التسعة مليمات يتغير . اقترح علينا أحد الأصحاب الأشقياء أن نحتفظ بكعب تذكرة النص فرنك ونشتري كعادتنا تذكرة التسعة مليمات بثلاثه تعريفة أو ثلاثة قروش بلهجة الاسكندرانية , ثم ندخل من الباب ونمشي مباشرة إلي آخر الطرقة التي تفصل بين قسمي التسعة مليمات ونص الفرنك , وندخل دورة المياه التي تقع في النهاية نقف فيها قليلا , ثم نخرج منها ونأخذ طريقنا إلي اليسار ندور من أمام الشاشة ونعود إلي باب الدخول من الداخل , ثم نأخذ طريقنا إلي قسم النص فرنك كأننا قادمون من الخارج وفي يدنا جزء التذكرة القديمة – الكعب- التي اشتريناها من قبل فلا حجز ولا أرقام للتذاكر والمقاعد عادة أكثرمن الداخلين إليها فنجلس كأننا من الأثرياء علي المقاعد الأوسع المريحة . فعلناها ونجحنا وجلسنا نضحك في صمت . صرنا نفعل هذا كل مرة بعد أن اشتري كل منا لنفسه محفظة جلدية بستة قروش - آه والله - ليحتفظ فيها بكعب تذكرة النص فرنك فلا يفقد تماسكه ولا يتقطع ! كان يباع مع هذه المحفظة صورة موضوعة داخلها لممثلة أمريكية شهيرة وجميلة مثل مارلين مونرو او ممثل مثل كلارك جيبيل . تماما كما كانت قطع الصابون لوكس بها تحت غلافها صورة لممثلة أمريكية جميلة شبه عارية . لكن طبعا مع الصابون لم يكونوا يضعون صور الرجال من الممثلين ! صرنا نشتري تذكرة التسعة مليمات « من العريان « ونجلس في المقاعد التي بنص فرنك التي كثيرا ماكان بينها شباب وبنات صغيرات يرتدين الملاءة اللف يحرصن علي الجلوس في آخر صف . ننظر إليهم أحيانا فنراهم في الظلام يقبلون بعضهم بعضا . كان علي باب السينما من الداخل رجل ضخم يرتدي جلبابا بلديا يسمونه «عم أحمد « كان هو الذي يأخذ التذكرة من الداخلين يقطعها ويعطي كلا منهم جزءا من تذكرته - الكعب - ويتركه يمر مشيرا إليه إلي الجهة التي يأخذها . تسعة مليمات إلي الأمام ونص فرنك إلي الخلف . سواء كانت بنص فرنك أو بتسعة مليمات كان يعطيه ذلك الجزء الذي نسميه كعب التذكرة . مشينا علي هذا الحال عدة أشهر حتي جاء يوم كنت وحدي إذ سبقت زميلي الذي كنا نسميه «زبيبة « ودخلت من الباب بتذكرة التسعة مليمات . أخذت الدورة المعتادة بعد أن تأخرت في دورة المياه قليلا حتي أظلمت السينما وعدت إلي باب الدخول من الداخل مبرزا الكعب أبو نص فرنك لعم أحمد حتي أعبر الي القسم الخلفي . لم أكن أدري أنه اليوم تم تغيير لون تذكرة النص فرنك . هجم عليّ عم أحمد فجريت منه وطالني بشلوت – منه لله – كدت أقع بعده علي الأرض لكني أسرعت ودخلت بين مقاعد التسعة مليمات . لم يتابعني هو . لم ينته اليوم عند هذا . كان صاحبي الأكثر شقاوة الذي تأخر اسمه الحقيقي عبد الوهاب وكنا نناديه ب «زبيبة» لأنه كان سريعا جدا رغم قصره يقوم بحركات بهلوانية قافزا في الهواء رغم أنه لا يمارس الجمباز . كان أخوته الأكبر منه كلهم يتميزون بذلك . كان زبيبة قد تأخر في الحضور كما قلت . فيما يبدو أدرك أن لون التذكرة تغير فأخذ طريقه إلي مقاعد التسعة مليمات متوقعا أني فعلت مثله . كنا اتفقنا أن أحجز له مكانا إلي جواري . كانت السينما قد أظلمت وبدأ الفيلم الأجنبي . نادي عليّ فناديته وجاء إليّ لكن لم يكن ممكنا أن يجلس جواري . كنت أجلس في الصف الأخير لقسم التسعة مليمات . خلفي الطرقة التي تفصل بين هذا القسم وقسم النص فرنك . كان جواري شاب يرتدي «قفطان» ووجهه الأبيض المستدير الضخم ظاهر بين الظلام ويبدو قوي البنية . قبل أن يجلس كنت قلت له إني حاجز المقعد لصديقي فضحك وجلس لا يبالي . كان يمسك بقطعة جزر كبيرة يقضم منها ويضحك وفي يده الأخري كيس ورقي أصفر يخرج منه الجزر بعد أن ينتهي من القطعة التي في يده. قال له «زبيبة» أن يترك المقعد فأنا حاجزه له . كان الشاب العجيب يضحك بلا مناسبة ويقضم بصوت غريب في الجزرة الكبيرة وقال لزبيبة «.... أمك « . لم يكن هناك حجز في التسعة مليمات طبعا رغم انفصال المقاعد الحديدية . كانت أصغر فقط من مقاعد النص فرنك . استمر الشاب يضحك ويقضم في الجزرة . لم يرد «زبيبة» وابتعد مما أدهشني فهو لايمكن أن يسكت إذا شتمه أحد . لم أره يمشي إلي أي ناحية . اختفي . جلست صامتا وصوت قضم الجزرة وضحك الشاب يضايقني ومنظره يرعبني . فجأة انتفض الشاب واقفا ينظر حوله وينظر إليّ . مش أنا . هتفت . والولد الجالس جواره من الناحية الأخري هتف مش أنا والله ! . كان صوت صفعة مدوية علي قفاه قد رنّ في آذاننا . راح ينظر خلفه فلا يري أحدا فجلس يقضم الجزرة ويعاود الضحك غير المبرر . طال الوقت وإذا بصوت صفعة أخري علي قفاه فوقف من جديد ينظر حوله وأنا غير قادر علي الضحك ومرعوب , لكنه يعود يجلس من جديد لتدوي صفعة ثالثة علي قفاه بسرعة فيقف ينظر حوله فيأتي صوت من الخلف من قسم النص فرنك قائلا « تحت الكرسي يا اهبل « فصعد علي المقعد ونزل من الخلف ينظر تحت المقعد , لكن زبيبة كان قد جري إلي ناحية دورة المياه . رأيته ولم يره الأهبل الذي عاد يجلس يقضم في الجزرة . تركت مكاني واتجهت إلي أول صف لأبعد عنه نهائيا رغم أني لا أحب الجلوس في الصف الأول فيكون الفيلم عاليا علي نظري ويكاد يسقط في صدري ! هكذا كان إحساسي أول مرة جلست فيها في الصف الأول مرة ولم أكررها . وجدت نفسي أجلس جوار «زبيبة» فضحكنا وكتمنا ضحكنا وقال « ولسة « . حين انتهت الحفلة وكانت حفلة الثالثة ظهرا خرجنا . لا حظت أن «زبيبة» حين صرنا في الشارع ابتعد عني وراح يدور ناظرا إلي الناس . لم يكن صعبا أن نري الشاب صاحب الجزرة . كان لايزال يحمل الكيس ويقضم في جزرة ! . في ثوان كان زبيبة يقفز يصفعه علي قفاه ويجري في شارع المكس بسرعته الرهيبة و يجري خلفه الشاب لكن لا يلحق به . انتظرني زبيبة علي ناصية زقاق مدرسة القباري .عدنا معا الي بيتنا لا نكف عن الضحك في الطريق. قررنا أن نخبر أصدقاءنا بتغير لون التذكرة ونشتري من جديد تذكرة بنص فرنك . فعلناها بعد أيام واحتفظ كل منا بكعب التذكرة الجديدة , وصرنا في كل مرة نتأكد من لونها ونحن نشتري تذكرة التسعة مليمات. وهكذا انقطعنا عن شراء التذكرة من السوق السودا لنتأكد من لون تذكرة النص فرنك من الشباك ونحن نشتري أم تسعة مليمات . صرنا نعاني من الزحام لكنا تحملنا من أجل الجلوس في الخلف بتذكرة قديمة . رأينا أفلاما لا أنساها ذكرت الكثير منها ولما رأينا فيلم «صراع في المينا» رغم جاذبية عمرالشريف الذي عشقناه ووداعة فاتن حمامة ورقة أحمد رمزي شعرنا أن الحديث ليس اسكندرانيا . هو احنا بنتكلم كده ؟ ضحكنا ولم نجد من لهجتنا غير كلمة «أيووه « للإعجاب أو المبالغة في أي شئ , لكن جُمَلا من نوع « أني بنقولولك أو آني جايبينهولك «لا نعرفها . في اللهجة الإسكندرانية «آني بنقول لك» و»إحنا بنقولوا لك» . «أني حنروح» و«إحنا حنروحوا». و«إحنا» تستخدم عادة أيضا من قبل الفرد لا الجماعة لأن الجماعة لا تتكلم معا إلا نادرا . لكن آني «حنروحوا» أو «حنقولوا» أمر يخص يوسف شاهين فقط رغم أنه اسكندراني ! وكان هذا الخطا في كل أفلامه عن الإسكندرية ومنه انتشر لكل من صنع فيلما عنها , ولم يعتدل الأمر إلا مع أسامة أنور عكاشة حين قدم مسلسلاته عن الإسكندرية . لكن جذبنا فيلم صراع في المينا فرأيناه أكثر من مرة في أسبوع واحد . أحببنا عمر الشريف وأحمد رمزي وفاتن حمامة . ورأينا الأفلام الأقدم ليوسف شاهين مثل «بابا أمين» و«صراع في الوادي» الذي عرفنا أنه كان بداية قصة حب فاتن حمامة وعمرالشريف «وباب الحديد» الذي أذهلنا وعرفنا أن المشهد الأخير تم تصويره في منطقة المكس بالإسكندرية وذهبت يوما لأري المكان الذي تم فيه تصوير هذا المشهد كما قيل لنا من الكبار . مما رأيناه في سينما الهلال أيضا من أفلام لا تُنسي فيلم « ابن النيل « وفيلم جميلة بوحريد . راينا محمود المليجي لأول مرة لا يقوم بدور الشرير بل بدور المحامي الذي يدافع عن جميلة وأحببناه جدا . كذلك فيلم «النظارة السوداء» لنادية لطفي التي أحببناها والتي طلت علينا أول مرة فيما أذكر في فيلم «سلطان « مع فريد شوقي الذي رأيته من قبل في سينما النيل . كان لوجهها سحر لا ينمحي هي الوجه الجديد ذلك الوقت. كذلك في سينما الهلال رأيت فيلم «الخطايا» وصرت أحلم أن أدخل الأوبرا في القاهرة يوما ما بعد أن رأيت عبد الحليم يغني في الفيلم أغنية « قل لي حاجة « لنادية لطفي لكن للاسف حُرقت الأوبرا قبل أن استقر في القاهرة , كذلك رأيت أفلام مثل «الشموع السوداء» و»الخرساء» و»المراهقات» و»رد قلبي» و»سجين أبو زعبل» و»بنات اليوم» و»بورسعيد» و» الله معنا « و»إمرأة في الطريق» وتقريبا معظم أفلام سامية جمال . أو أفلام قديمة أكثر مثل «يحيا الحب» لمحمد عبد الوهاب وليلي مراد وكنا وكان الجمهور لايكف عن الكلام فيه وأفلام قديمة أخري مثل «لو كنت غني» الذي فتننا فيه عبد الفتاح القصري و»تحيا الستات» لأنور وجدي وليلي فوزي ومديحة يسري وإسماعيل ياسين و»نور الدين والبحارة الثلاثة» لعلي الكسار وليلي فوزي و»سلّامة» لأم كلثوم ويحيي شاهين وكان الحديث فيه في السينما لا ينقطع أيضا . و»قلبي دليلي» لليلي مراد وأنوروجدي و»غزل البنات» الذي أسعدنا أيما سعادة وتقريبا كل أفلام نجيب الريحاني رأيتها في سينما الهلال . كذلك كنا نجري وراء فيلم «الوحش» لأنور وجدي وسامية جمال ومحمود المليجي الذي قيل أنه عن قصة حقيقية هي قصة « الخط « مجرم الصعيد الشهير في الأربعينيات وفيلم «بهية « للبني عبد العزيز ورشدي اباظة . كنت أحببت لبني عبد العزيز منذ فيلم « الوسادة الخالية « ومن ثم رأيتها هنا . ورأيت لها بعد ذلك الفيلمين الشهيرين « آه من حوا « المأخوذ عن مسرحية ترويض الشرسة لشكسبير وفيلم «عروس النيل» وتابعت أفلامها. وكذلك كانت بهجة حياتنا مع فيلم «ياسمين» وأقل قليلا مع فيلم «دهب»، وكلاهما لفيروز مع أنور وجدي وكانا يتكرران في كل سينمات الدرجة الثالثة ولا نملّ منهما . من سينمات الدرجة الثالثة عموما أحببت وأصحابي شخصيات كانت تقوم دائما بالأدوار الثانوية مثل عبد الفتاح القصري وبشارة واكيم وسليمان نجيب واستيفان روستي ورياض القصبجي وكانوا مصدر بهجتنا . كذلك كان الأمر مع توفيق الدقن رغم أنه قام دائما بأدوار الشر ولم ننتظرمنه خيرا في أي فيلم لكنا كنا نحبه رغم توقعنا لشروره . كنا نردد كلمات بعضهم في مناسبات كثيرة ونحن نتكلم أو نلعب مثل «نشنت يافالح» لاستيفان روستي في فيلم «سمارة « أو» « أتحزِّم واجي « في فيلم سيدة القصر أو «هو بعينه بغباوته وشكله العكر» التي قالها القصبجي لاسماعيل ياسين في فيلم «اسماعيل ياسين في البحرية « أو « حتنزل المرة دي « التي قالها عبد الفتاح القصري لزوجته سعاد أحمد في فيلم « ابن حميدو « كذلك كانت دهشتنا كبيرة من سراج منير وهو يقوم بدورالشرير في فيلم «القطار» ومعه الشرير الآخرغير العادي استيفان روستي في هذا الفيلم , أو وهو يتم ضربه «السبع قلام !» أو السبع كفوف علي وجهه وهو الرجل القوي بطل رفع الأثقال من شكوكو الضعيف في فيلم « عنتر ولبلب « رغم ضحكنا الذي لا ينتهي انبساطا من شكوكو أو « أو العلبة دي فيه إيه ؟.. فيها فيل « التي قالها توفيق الدقن لعبد المنعم ابراهيم في فيلم «طاقية الاخفاء» مشفوعة بالضرب علي وجهه . وجه عبد المنعم ابراهيم طبعا .