اسعار الذهب اليوم الأربعاء الموافق 29-10-2025 فى سوهاج    القبض على مدير مطبعة غير مرخصة بعين شمس بحوزته 34 ألف مطبوع تجاري دون تفويض    إجازة رسمية في يوم الافتتاح.. الحكومة المصرية تحتفل بالمتحف المصري الكبير في حدث عالمي    "منجم الذهب" الذي يُعيد رسم حدود السودان.. كيف أعادت دارفور مشهد تقسيم 2011؟    أبرزها موعد وحكام المباراة.. 5 معلومات عن مواجهة بتروجيت أمام الأهلي قبل موقعة الليلة    "تغييرات واسعة في رؤساء المدن بسوهاج ضمن الحركة السنوية لوزارة التنمية المحلية"    6 أشهر مهلة إضافية لمبادرة التسهيلات التمويلية لزيادة الطاقة الفندقية    الأقصر تزين ميادينها وتجهز شاشات عرض لمتابعة افتتاح المتحف المصري    وزير الثقافة ومحافظ سوهاج يفتتحان قصر ثقافة الطفل بمدينة سوهاج بعد تطويره    الأحزاب السياسية في ميانمار تطلق حملتها الانتخابية قبل الانتخابات العامة في ديسمبر    وزير الخارجية يستقبل نظيره السودانى    كوريا الجنوبية تستقبل ترامب بتاج ذهبى وحلوى صانع السلام وكركديه.. صور    إعصار ميليسا يصل الساحل الجنوبي لشرقى كوبا كعاصفة من الفئة الثالثة    عشرات شاحنات المساعدات تغادر معبر رفح البري متجهة إلى قطاع غزة    اختفاء ظاهرة السحابة السوداء بمدن وقري الغربية.. تعرف علي السبب    تشكيل الزمالك المتوقع ضد البنك الأهلي في الدوري    رقمان تاريخيان ينتظران صلاح أمام كريستال بالاس    بعد غياب طويل.. عودة إمام عاشور لتدريبات الأهلي (صورة)    البنك الأهلي المصري يوقع اتفاقية تمويل مع شركة أبو ظبي الإسلامي    إصابة 5 أشخاص في تصادم سيارتين ملاكي وربع نقل بسيدي حنيش    الأرصاد الجوية: طقس خريفي معتدل نهارًا ومائل للبرودة ليلًا على أغلب الأنحاء    السيطرة على حريق محدود داخل معرض فى التجمع    سيدة تحاول إشعال النيران في نفسها بالمحلة الكبرى    البورصة توقف التداول على سهم بلتون القابضة.. والشركة تؤكد التزامها بالشفافية واستقرار مركزها المالي    وزير الشئون النيابية: الرئيس السيسي أولى ملف مكافحة الفساد أولوية قصوى    وزير الخارجية يستقبل نظيره السوداني لبحث أحداث العنف الفاشر    دعوة فى تابوت فرعونى ذهبى.. عالم يابانى شهير يتلقى دعوة لحفل افتتاح المتحف الكبير.. البروفيسور يوشيمورا: الدعوة رمز للتقدير المتبادل بين مصر واليابان.. والمتحف الكبير أعظم الصروح التى رأيتها حول العالم    سفير تركيا لدى مصر: المتحف المصرى الكبير تجسيد حى لعظمة التاريخ المصرى    شمس البارودي تنشر السيرة الذاتية لزوجها حسن يوسف في ذكرى وفاته    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 29-10-2025 في محافظة الأقصر    الدكتور أحمد نعينع يكتفى بكلمتين للرد على أزمة الخطأين    وكيل «صحة الإسكندرية» يتفقد الخدمات الطبية بمستشفى الجمهورية العام (صور)    التعامل مع الطفل العنيد أثناء المذاكرة: بين الصبر والذكاء التربوي    وزير التعليم العالي يشارك في مؤتمر Going Global بلندن ويجتمع مع الطلاب المصريين الدارسين بالمملكة المتحدة    رعم الفوز على النصر.. مدرب اتحاد جدة: الحكم لم يوفق في إدارة اللقاء    مرتجي: ضحيت بمنصب نائب الرئيس من أجل الأهلي    عودة الساعة القديمة بدءًا من غد.. التوقيت الشتوي رسميًا وتأخير العقارب 60 دقيقة    نجاح المؤتمر السادس لمجلس الكنائس العالمي، السيسي: مصر ستظل دوما أرض السلام والتسامح    الأمين العام للإنتوساي تشيد بدور مصر في تعزيز التعاون الدولي ومواجهة الأزمات    الخارجية تشكر الرئيس السيسى على ضم شهدائها للمستفيدين من صندوق تكريم الشهداء    تحصين 421 ألف رأس ماشية ضد الحُمّى القلاعية و الوادى المتصدع فى 3 أيام    ننشر مواعيد تشغيل مترو الأنفاق والقطار الكهربائي في التوقيت الشتوي    شاب مدمن للمخدرات يعتدى على والدته بسكين لرفضها منحه أموالا فى الفيوم    طريقة عمل طاجن البطاطا بالمكسرات.. تحلية سريعة في 20 دقيقة    بالدموع والإيمان.. ربى حبشي تعلن عودة مرض السرطان على الهواء مباشرة    استشاري صحة نفسية: الأم المدخنة خلال الحمل تزيد احتمالية إصابة طفلها ب فرط الحركة    قصائد تتغنى بالشارقة والذات في بيت الشعر بالشارقة    ناجي حكما لمباراة الزمالك والبنك في الدوري    اليوم.. الأهلى يتحدى بتروجت من أجل "صدارة" الدوري    سوزي الأردنية تواجه أول حكم من المحكمة الاقتصادية    د.حماد عبدالله يكتب: ومن الحب ما قتل !!    الدفاعات الجوية الروسية تدمر 4 مسيرات أوكرانية كانت متجهة نحو موسكو    دعاء الفجر | اللهم اجعل لي نصيبًا من الخير واصرف عني كل شر    «زي النهارده».. حل جماعة الإخوان المسلمين 29 أكتوبر 1954    في الشغل محبوبين ودمهم خفيف.. 3 أبراج عندهم ذكاء اجتماعي    رسميًا.. موعد امتحان 4474 وظيفة معلم مساعد رياض أطفال بالأزهر الشريف (الرابط المباشر)    تدريب طلاب إعلام المنصورة داخل مبنى ماسبيرو لمدة شهر كامل    أذكار المساء: أدعية تمحو الذنوب وتغفر لك (اغتنمها الآن)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لمن يقترع الأمريكيون اليوم؟
نشر في الأهرام اليومي يوم 08 - 11 - 2016

لم تكن نهاية التاريخ، تلك التى أعلنها فرانسيس فوكوياما مطلع تسعينيات القرن العشرين، تعنى توقف تيار الزمن بالمطلق، بل نهاية لمفهوم الصراع الاستراتيجى كما تجلى فى التاريخ الحافل بالانقسامات الجذرية بين البشر، ما يعنى أنها كانت تنويعة جديدة على الفكر اليوتوبى النازع دوما إلى تحقيق الخلاص من قيود واقع تاريخى ما بالهروب إلى الأمام، نحو عالم جديد، يتوقف فيه الشر وتموت نزعة العدوان فينتهى التوحش وتسود المساواة ويتحرر الإنسان من قيود الحاجة وموجبات العنف.
كما لم تكن «نهاية الإنسان» تلك التى أعلنها الرجل بعد عقد واحد (2002م) من إعلانه نهاية التاريخ، فى كتاب حمل العنوان نفسه، تعنى انقراض النوع البشري، بل كانت تعنى أن الفتوحات البيوتكنولوجية الجديدة بلغت حدا من العمق والجذرية صار قادرا على إعادة تشكيل الطبيعة الإنسانية على نحو يستجيب لمنطق هذه الفتوحات، وذلك على أنقاض الطبيعة الإنسانية التقليدية الموروثة عن القرن العشرين والقرون التى سبقته. وإذا كان من الصعب الإدعاء بنهاية دورة العلم والتكنولوجيا الحديثة الآن أو فى وقت قريب، بل إننا على أعتاب مرحلة من أخطر مراحل تقدمها حيث البيوتكنولوجيا والتفهم العلمى الأكبر للمخ البشري، فإن علينا أن نتوقع توالى عملية إعادة التشكيل هذه للشخصية الإنسانية بما يتواكب مع التطورات الكبرى فى العلم والتقنية، الأمر الذى يصوغ رؤية للإنسان تتسم بالنسبية الشديدة تكاد تصل إلى حد العدمية.
والحقيقة أن هذين الإعلانين قد انطويا على مشاعر مركبة. فثمة مشاعر فخر صريحة بانتصار الغرب والرأسمالية، ومشاعر فرح بادية بهزيمة الشيوعية وإمبراطورية الشر! التى استندت إليها وارتكزت عليها. ولكن ثمة أيضا مشاعر قلق مضمرة كشفت من أن تؤدى نهاية التاريخ والإنسان على هذا النحو إلى إفقار العالم، ليس الفقر المادى بالطبع، ولكن الفقر الفكرى والسياسي، حيث إن غياب الصراع الكبير «الإيديولوجى» حول صياغة نظام العالم، وما يستثيره من جسارة ومثالية وخيال، سوف يترك المجال واسعا والفضاء رحبا للصراعات «الصغيرة» حول الحسابات المادية والمشكلات التقنية، وكذلك حول كيفية إشباع الرغبات المحمومة للمستهلكين. وهو أمر يفسره فوكوياما بحقيقة تبدت له خافتة آنذاك، بينما صارت أكثر وضوحا الآن، وهى أن التيارات المناهضة للرأسمالية فى عالمنا لم تكن تمتلك خيالا دافقا، وبدائل مختلفة للمستقبل بعد هزيمة الشيوعية، وتحول اليسار السياسى الأوروبى فى الشرق عن أحلامه الكبيرة فى تغيير المجتمع جذرياً، وكذلك استسلام اليسار فى أوروبا الغربية للرأسمالية وتواضع مطالباته لها على نحو جعله نفعياً وعملياً يمارس السياسة فقط باسم الواقعية. وأخيرا ذبول اليسار الجديد (الثقافي) أو انطواؤه على نفسه، وبالذات مع أفول مدرسة فرانكفورت برحيل المؤسسين الكبار خصوصا تيودو أدورنو وماكس هوركهايمر وهربرت ماركوزا حتى بدا يورجن هابرماس، من الجيل الثانى لها، عصفورا وحيدا لا يصنع ربيعا حقيقيا.
نعم انتصرت الرأسمالية واقعيا، وتصاعدت أيديولوجيا العولمة لتفرض نفسها ظاهرة تاريخية كبرى لعقد ونصف العقد على الأقل، وقطعا تم هدم النظام الدولى ثنائى القطبية وانبثق منه نظام أحادى القطبية، سمح للقوة الأمريكية أن تنتشر وتحتل وتضرب فى أى مكان وكل مكان. لكن، وفى المقابل، بدا العالم فقيرا حقا، حيث انتهى عصر الأفكار الكبيرة. ومن ثم فتح الباب أمام صعود الأصوليات الدينية بديلا عن التيارات الفكرية، ومع انكفاء الجيش الأحمر والتحدى السوفيتى ولد تنظيم القاعدة، وفى موازاة العولمة الرأسمالية تعولمت الظاهرة الإرهابية، وبديلا عن ستالين المرعب كان هناك بن لادن العبثي. ومن ثم لم تعد الليبرالية بكل أطيافها وتعبيراتها الفكرية والسياسية تواجه تحديا خارجيا، موضوعيا وعقلانيا، تعمل بكل جهدها لتنقية ذاتها ومواصلة مسيرتها بموازاته فى مهمة تاريخية مثلما كان الأمر لنحو نصف القرن، بل مارست ما يشبه تكتيكات حرب العصابات، عندما تشابكت خيوطها مع جماعات الإرهاب ومنظماته بدءا من أفغانستان ضمن الصراع الكبير وصولا إلى داعش فى العراق على أنقاض الصراع الكبير وفى خضم الصراعات الصغرى.
لقد غاب المعنى السياسى عن نظام عالمي، يقوده قادة من طراز صغير، وتسوده صراعات صغيرة، فيما تمتلئ جوانبه بالشرور الكبيرة، التى لا يمثل الإرهاب الداعشى سوى الوجه الأكثر صراحة منها. كانت هناك قيادات كبيرة تصغر وهى تحاصر العراق لتجويع أهله وقتل أطفاله الذين بات عزيزا عليهم الحصول على اللبن والدواء. ثم جاءت قيادات صغيرة تكذب على نفسها والعالم من حولها كى تحتل البلد نفسه بأوهى الحجج، حقدا على نظامه وانتقاما من أهله وتخريبا ليس فقط لجيشه بل لاجتماعه المدنى كله، وتسليمه فى صفقة حمقاء إلى ما كان حتى الأمس القريب عدوه القومي، الذى صال فيه وجال وجرح كرامته جرحا قطعيا كبيرا نفذ منه الدواعش إلى قلب المنطقة كلها وخصوصا إلى سوريا على محور طولى ممتد بين الموصل والرقة، حيث جرى ولا تزال تجرى وقائع تفكيك دولتين قديمتين فى المشرق العربى الحزين.
فى سياق هذا الانتقال من الصراع الكبير إلى الصراعات الصغرى تجرى الانتخابات الأمريكية اليوم بين سيدة تعكس الوجه التقدمى للولايات المتحدة، حتى وإن أبدى بعض الناخبين داخل أمريكا تحفظا على مدى حذرها التقنى أو اختلف المراقبون خارجها حول تفصيلات توجهها السياسي. وبين رجل يعكس الوجه الأكثر عنصرية للولايات المتحدة، يكاد يكون بمنزلة النقيض لكل ما يمثله الحلم الأمريكى من تفتح وتحرر وإنسانية، إذ لا يملك من شعارات سوى تأكيد فوقية الرجل الأبيض، واحتقار المرأة، وانعزالية أمريكا، وضرورة امتناعها على المسلمين والملونين. فلمن يصوت الأمريكيون اليوم: لمثل الحداثة السياسية وقيمها، أم لغطرسة القوة البدائية وهمجيتها؟. وإذا كان هذا حال منطقتنا اليوم مع السيد أوباما وما يمثله، فكيف يكون حالنا غدا مع السيد ترامب وما يمثله؟.
[email protected]
لمزيد من مقالات صلاح سالم;


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.