كلما نظرت إلى قوافل التبرع بالدم في ساحات الجامعات والمدارس أو في الميادين العامة أو في محطات مترو الأنفاق، ورأيت تفاني الكثير من الشباب في الإقبال على هذا الأمر رغبةً منهم في إغاثة ملهوف أو إنقاذ مريض محتاج لنقل الدم، اطمأننتُ إلى أن الخير ما زال موجودًا في الناس. وفي الحقيقة لو نظرنا إلى المرضى وما يحدث لهم نندهش كثيرًا، أحد المرضى يحتاج إجراء عملية جراحية وهو بحاجة إلى كمية دم تنقل له في أثناء العملية، إلا أنه لم يحصل على كل الكمية المطلوبة، فقد ذهب إلى قصر العيني الفرنساوى فطلبوا منه أشخاصًا يتبرعون بالدم حتى يصرفوا له المطلوب، فأحضر 10 أشخاص لم يصلح منهم سوى اثنين للتبرع، وأعطوه فى المقابل كيس دم واحدًا مقابل دفع مبلغ 253 جنيهًا كرسوم إضافية، وراح المريض المسكين مهرولا إلى بنك الدم الخاص لعله يجد طلبه مهما كلفه ذلك من مال فاصطدم بالواقع الأليم، وهناك مريض آخر أصيب في حادث بكسر مضاعف في عظام ساقيه وفك أسنانه، ورقد بمستشفى الندى بمحافظة الفيوم بين الحياة والموت وهو يحتاج لنقل دم، وراح ذووه يجوبون المحافظات بحثًا عن أكياس الدم المطلوبة دون جدوى لدرجة أنهم بحثوا عنها فى مستشفيات بنى سويف والقاهرة والجيزة وبنوك الدم الخاصة، واستقر بهم المطاف فى بنك الدم الخاص الموجود بمستشفى الزراعيين وسوف يعطيه كيسًا مجانيًا شريطة أن يوفر 3 أشخاص يتبرعون ب3 أكياس أخرى وإلزامه بدفع مصروفات تصل إلى 350 جنيهًا للكيس الواحد، رغم أنه سيوفر لهم 3 متبرعين لكل كيس دم زيادة سيأخذه من البنك. ولقد واجهت هذه المشكلة بنفسي في الواقع فصدمتُ حقيقةً، عندما احتاجت أمي –شفاها الله- لنقل الدم وذلك لإجراء جراحة عاجلة لها واجهنا صعوبةً بل ومرارةً في الحصول على 4 أكياس دم، وظلِلْنا طوال يومين كاملين نبحث عن الشباب كي يتبرعوا بالدم مع دفع الرسوم المطلوبة إلا أن الواقع كان صادمًا مريرًا ومؤلماً، وبدأت رحلة البحث عن أكياس الدم في مستشفى الجامعة والمستشفى العام بالفيوم ومستشفى أبشواي، فقمنا بإحضار ما يقارب من أربعين شابًّا للتبرع مع دفع الرسوم المطلوبة، وكل هذا ظلِلْنا لمدة يومين ونحن على استعداد أن ندفع أي مبلغ مقابل الحصول على الدم، ولكن الرد كان مفزعًا وصادما: لا يوجد أكياس دم لدينا!! وبعد يومين من العذاب حصلنا على 4 أكياس فقط!! نريد أن نسأل السيد وزير الصحة ماذا يفعل المريض الذي ليس لديه مال وليس لديه أولاد يهتمون به؟! هل يموت؟ هل يترك هكذا دونما إسعاف؟ نريد حلاًّ فوريًّا وعاجلاً لهذه المشكلة. لمزيد من مقالات د . جمال عبد الناصر ;