رفع جلسة الشيوخ، وغدا مناقشة تعديل قانون نقابة المهن الرياضية    مرشح أرمنت والقرنة يطعن على نتيجة انتخابات الدائرة الثانية بمجلس النواب    مدير تعليم الجيزة يتابع تنفيذ مبادرة «مدارس بلا رواكد» في الهرم وكرداسة    إبراهيم صابر: تصدر القاهرة المدن الأفريقية الأكثر تأثيرا تكليل لجهود الدولة    وزير الإسكان يوجه بتكثيف أعمال تنفيذ وحدات سكن لكل المصريين    البورصة تربح 20 مليار جنيه بختام تعاملات بداية الأسبوع    رئيس مياه الشرب بالجيزة يتفقد محطات المياه والصرف الصحى بمركز الصف.. صور    عاجل- منظمة الصحة العالمية: سكان قطاع غزة يعانون دمارًا هائلًا في البنية التحتية    رئيسا الإمارات وفرنسا يبحثان مسار العلاقات التاريخية والإستراتيجية بين البلدين    تفوق ساحق، تعرف على أصوات حسن مصطفى في انتخابات الاتحاد الدولي لكرة اليد    لاعب فياريال: حان الوقت لهزيمة برشلونة بعد 18 عاما    الأمن يكشف تفاصيل فيديو متداول عن محاولة سرقة مواطن بأحد شوارع القاهرة    الداخلية تكشف حقيقة فيديو محاولة سرقة شخص بالسيدة زينب: خلافات عائلية السبب    بداية من اليوم، عرض مسلسل "سنجل ماذر فاذر" على شبكة قنوات mbc    فيديو | الجمهور يتجمع حول محمد إمام إثناء تصوير "الكينج"    إيمى سمير غانم تكشف كواليس اختيار أسماء أبنائها مع حسن الرداد    لماذا نشتهى الطعام أكثر في الشتاء؟    عراقجي: مستعدون لإبرام اتفاق "عادل ومتوازن" بشأن برنامجنا النووي    مراسل القاهرة الإخبارية من غزة: القطاع يعيش على وقع الأزمات في الأيام الأخيرة    شعبة المواد الغذائية: رفع حد التسجيل في «القيمة المضافة» إلى 3 ملايين جنيه ضرورة لدعم التجار وتحفيز الاقتصاد    اتحاد شركات التأمين: معالجة فجوات الحماية التأمينية تتطلب تعاونًا بين شركات التأمين والحكومات والمجتمع المدني    الحفنى: تعزيز التعاون فى مجالات تنشيط الحركة الجوية والتدريب وتبادل الخبرات    مدير فرع الرعاية الصحية بالإسماعيلية يفاجئ مستشفى فايد (صور)    قائد زيمبابوي: نثق فى أنفسنا ونسعى لنتيجة إيجابية أمام منتخب مصر    ضبط 3 محطات وقود بالبحيرة لتجميع وبيع 47 ألف لتر مواد بترولية    اعترافات المتهم بقتل زميله وشطر جثمانه ل4 أجزاء بالإسكندرية: خبرتي بالجزارة سهلت تقطيع الجثة    مدير تعليم البحيرة يتابع انتظام الدراسة بعدد من مدارس إيتاي البارود وكوم حمادة    محافظ المنوفية ورئيس الجامعة يفتتحان عدد من المنشآت الطبية الجديدة بمستشفى الطوارئ    الأحوال المدنية بثوب رقمي جديد.. خدمات ذكية تصل للمنازل وتخفف المعاناة عن كبار السن وذوي الهمم    ليلة استثنائية في مهرجان القاهرة للفيلم القصير: تكريم عبير عواد واحتفاء بمسيرة عباس صابر    محافظة الجيزة توضح حقيقة ما أثير بشأن وجود إزالات أو نزع ملكيات لإنشاء طريق الإخلاص    تحرك عاجل من وزير العمل بعد فيديو الأم التي عرضت أولادها للبيع    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 21ديسمبر 2025 فى المنيا    "الشيوخ" يتلقى إخطارًا بتشكيل الهيئات البرلمانية للأحزاب    الاتحاد الآسيوي يعلن انطلاق دوري الأمم على غرار أوروبا وإفريقيا    محافظ أسيوط: استمرار تدريبات المشروع القومي للموهبة الحركية لاكتشاف المواهب الرياضية    حملة للمتابعة الطبية المنزلية لأصحاب الأمراض المزمنة وكبار السن وذوي الهمم.. مجانًا    وزير الخارجية يبحث مع نظيريه الجزائري والتونسي تطورات الأوضاع في ليبيا    فضل العمرة فى شهر رجب.. دار الإفتاء توضح    فى مباحثاته مع مسرور بارزانى.. الرئيس السيسى يؤكد دعم مصر الكامل للعراق الشقيق ولوحدة وسلامة أراضيه ومساندته فى مواجهة التحديات والإرهاب.. ويدعو حكومة كردستان للاستفادة من الشركات المصرية فى تنفيذ المشروعات    مصرع 3 أشخاص وإصابة آخرين في بورسعيد إثر حادث تصادم بين سيارتين    حقيقة تأثر رؤية شهر رمضان باكتمال أو نقص الشهور السابقة.. القومي يوضح    ضبط قضايا اتجار في النقد الأجنبي بالسوق السوداء بقيمة 3 ملايين جنيه    الخشت يحمّل الغزالي مسؤولية «استقالة العقل» ويدعو لثورة فكرية جديدة    وزير الخارجية يؤكد مجددا التزام مصر بدعم جهود تعزيز الأمن والاستقرار في الصومال والقرن الأفريقي    وزير الرى : متابعة موقف إيراد النهر والحالة الهيدرولوجية وإجراءات تشغيل السد العالي وإدارة المنظومة المائية    شهر رجب .. مركز الأزهر العالمى للفتوى يوضح خصائص الأشهر الحرم    مانشستر يونايتد في اختبار صعب أمام أستون فيلا ب البريميرليج    محافظ القاهرة جدول امتحانات الفصل الدراسي الأول للعام الدراسي    سياح العالم يستمتعون بتعامد الشمس على مقصورة قدس الأقداس بمعابد الكرنك.. صور    انطلاق مهرجان التحطيب بالأقصر على المسرح المكشوف بساحة سيدي أبو الحجاج    الصحة: فحص أكثر من 20 مليون مواطن في مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة    أمم إفريقيا – المغرب.. هل يتكرر إنجاز بابا؟    بعد رؤية هلال رجب.. ما هو موعد شهر شعبان ؟    الإفتاء: الدعاء في أول ليلة من رجب مستحب ومرجو القبول    خبير عسكري: مصر تمتلك أوراق ضغط دولية لم تستخدمها بشأن سد النهضة    بركلة جزاء قاتلة.. أرسنال يهزم إيفرتون ويعود لاعتلاء صدارة البريميرليج    قمة إنجليزية نارية.. ليفربول يحل ضيفًا على توتنهام في الجولة 17 من البريميرليج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فصول دراسية «مكدسة» .. فكيف يكون التعليم؟
نشر في الأهرام اليومي يوم 24 - 10 - 2016

هل يمكن لطالب الجلوس نحو سبع ساعات، أو يزيد، وسط مائة شخص آخر على الأقل فى فصل دراسى يفتقد أبسط وسائل الراحة؟ كيف يمكن للمعلم أن يشرح درسا لهذا العدد الهائل فى مكان، لو أن كل واحد منهم أخذ شهيقا من الهواء، لاختنق الباقى فيه؟ كيف يمكن للمدرس أن يوصل المعلومة وسط هذا الطوفان البشرى؟ هل يجد سبيلا لمقاومة السأم أو الملل؟
وإذا كان هذا حال المدرس، فكيف بحال طفل صغير لا يتعدى عمره عشر سنوات يعيش يوميا هذه المأساة فى المدارس الحكومية التى تخطى عدد طلاب الفصل الواحد فى بعضها حاجز المائة, وكادت الأحواش والملاعب تختفى نظرا لبناء الفصول بها حتى تستوعب الأعداد الجديدة كل عام؟ جراء ذلك، حصلت مصر العام الماضى على «صفر» فى مؤشر جودة التعليم فيما يتعلق بكثافة الفصول الدراسية.
مشكلة كثافة الفصول الدراسية متكررة، وتطل برأسها كل عام، وتشرئب أعناقنا جميعا للبحث عن حل لها، ولا يكاد يمر موسم دراسى من دون تصريحات وزارية بضرورة القضاء عليها، والتوسع فى بناء المدارس، ولكن دائما أيضا ما يتحدث المسئولون عن عائق التكلفة، وعدم توافر أماكن للبناء.
وما بين مدارس الأقاليم والقاهرة، نجد التراوح والتباين فى أعداد الطلاب فى الفصول بالمراحل الثلاث الأولى للتعليم، وإن كانت الأحوال فى بعض المدارس لا ترقى لمستوى لائق لتحصيل العلم باستثناءات قليلة. وتبقى الكثافة والدروس الخصوصية وجهين للعملية التعليمية فى مصر حاليا, فقد وصلت الكثافة فى بعض المدارس الحكومية إلى120 تلميذا فى الفصل الواحد . أما فى المدارس الابتدائية، فإن كثافتها لا تقل عن90 تلميذا.
تصريحات الحكومة، المتمثلة فى وزير التربية والتعليم د. الهلالى الشربينى، لا تحمى زرعا، ولا تصد ريحا، والأزمة لا تزال قائمة، حيث قال إن كثافة الطلاب بالفصول تصل فى بعض المدارس إلى 140 طالبًا، منوهًا إلى أن الوزارة تريد إضافة 150 ألف فصل بتكلفة 60 مليار جنيه لمواجهة الكثافة الطلابية، وتحتاج إلى 52 ألف فصل آخر لإلغاء الفترة الثانية بالمدارس، بالإضافة إلى وجود 884 مدرسة مغلقة تحتاج لصيانة شاملة، مع وجود مناطق محرومة من التعليم تحتاج إلى بناء 33 ألف فصل جديد، فضلا عن ارتفاع كثافة الفصول، وشدة الزحام بين الطلاب.
بداية، يضع الدكتور محمود كامل الناقة، أستاذ المناهج وطرق التدريس بكلية التربية بجامعة عين شمس، رئيس الجمعية المصرية للمناهج وطرق التدريس، نصب أعيننا حقيقة مؤكدة، مفادها أن كل المشكلات المرتبطة بضعف مخرجات العملية التعليمية سببها الرئيسى ارتفاع كثافة الفصول. فكلما زاد عدد التلاميذ فى الفصل، تعددت الفروق الفردية وتباينت، مما يلقى على المعلم عبئا لا يستطيع القيام به، وهو أن ينوع فى إجراءات وأساليب التدريس بالشكل الذى يقابل تنوع الفروق الفردية، وهذا غير ممكن على الإطلاق فى ظل الزمن المخصص لكل حصة.
ويضيف أن الكثافة لا تتيح للمعلم أن يجيب على جميع الأسئلة التعليمية لكل التلاميذ فى ظل زيادة الأعداد، كما أنه لا يستطيع أن يعطى اهتماما لضعاف المستوى من جانب، والمتفوقين من جانب آخر، ولا يستطيع أن يعالج القضايا الخاصة بالتربية كالقيم والسلوك، لأن وقت الحصة لا يكفى الدرس التعليمى، وبالتالى لا يمكن أن يستوعب الدرس التربوى.
وبالإضافة إلى ما سبق، يشير د.الناقة إلى أن للكثافة تأثيرات أخرى من الناحيتين النفسية والاجتماعية، حيث تتسبب فى كراهية الطلاب للمدرسة، فتصبح بالنسبة لهم أشبه بالمعتقل الذى لا يرغبون فى الذهاب إليه، وتولد أيضا لدى المعلم كراهية المبنى المدرسى، وأداء العمل.
ويرى أن كثافة الفصول الدراسية مشكلة تعليمية اقتصادية مجتمعية، ولذلك ليست هناك متاعب فى إدراك حلها، مطالبا بمنح جوائز الدولة التقديرية والتشجيعية لرواد العمل الاجتماعى من المتبرعين ببناء مدارس، سواء كانوا رجال أعمال، أو تربويين، على أن يتم تذليل كل الصعاب والمعوقات لهم ومنظمات المجتمع المدنى للإسهام فى هذا العمل العظيم، وتقديم ما أنجزوه للمجتمع بصورة جيدة، حتى يقتدى بها الآخرون.
الدكتور يحيى عطية سليمان، أستاذ المناهج وطرق التدريس بكلية التربية بجامعة عين شمس، يقول: لا شك فى أن كثافة الفصول الدراسية من معوقات تفاعل المعلم مع الطلاب، ولا تساعده على ابتكار طرق تدريس حديثة، ولا تعطيه فرصة للنقاش والحوار، وتنمية مهارات التفكير.
ويشير إلى أنه يوجد 51 ألف مدرسة فى مصر، نحتاج إلى مثلها كى يتم القضاء على كثافة الفصول الدراسية، وهذا يحتاج إلى مليارات الجنيهات.
ويتمنى علَى رجال الأعمال الشرفاء والقطاع الخاص المشاركة المجتمعية فى بناء المدارس، لأنها ضرورة ملحة تفرضها ظروفنا الاقتصادية الصعبة، فالدولة لا يمكنها بمفردها حل كل المشكلات التعليمية القائمة، وعلى رأسها العجز الشديد فى بناء المدارس لضعف الميزانية المخصصة لقطاع التعليم.
وأكد د. يحيى أنه فى ظل الكثافة الرهيبة فى أعداد التلاميذ فى الفصول، والمرتبطة بزيادة السكان وما تتطلبه من خدمات تعجز أجهزة الدولة عن الوفاء بها، أصبحت المشاركة المجتمعية ضرورة وليست ترفًا، وكان من الواجب على جميع فئات المجتمع المشاركة فى بناء المدارس وصيانتها.
ودعا الدولة إلى توفير قطع الأراضى اللازمة لرجال الأعمال والقطاع الخاص لإنشاء المدارس عليها. عدا ذلك، سيكون الحل صعبا وبطيئا، فلا بد أن تكون الحلول جذرية خارج الصندوق.
الدكتورة حنان حافظ، أستاذ ورئيس قسم المناهج وطرق التدريس بتربية عين شمس، توضح أن مشكلة كثافة الفصول الدراسية جزء من ثقافة «الزحمة»، التى تسود المجتمع المصرى، وترى أن مشكلة التعليم الحقيقية فى مصر لا تكمن فى المناهج، ولا فى الأبنية التعليمية، وإنما تكمن فى إعداد المعلم، الذى يستطيع أن «يصنع من الفسيخ شربات»، إذا كان على أعلى مستوى من الكفاءة والتدريب، عكس الوضع القائم الذى أصبح كل من هبّ ودبّ يمارس التدريس، وبالتالى أصبح مهنة من لا مهنة له.
وتدعو رجال الأعمال الشرفاء إلى تبنى الطلاب النابهين من كل جامعة للسفر إلى البلاد التى سبقتنا فى مجال التعليم، لنقل تجارب تلك البلاد وخبراتها، وبذلك يرتقى حال التعليم فى بلادنا.
وتتفق الدكتورة فارعة حسن سليمان، أستاذ المناهج وطرق التدريس بكلية التربية بجامعة عين شمس، مع الرأى السابق، حيث تشدد على ضرورة المشاركة المجتمعية من رجال الأعمال الشرفاء فى بناء المدارس، لأن هذا هو الحل الوحيد فى ظل الكثافة السكانية الرهيبة التى تشهدها مصر سنويا.
وتضيف د. فارعة أن كثافة الفصول الدراسية تؤثر تأثيرا سلبيا فى أداء المعلم، حتى لو كان على أعلى مستوى من الإعداد، وترى أن وزير التربية والتعليم يبذل جهدا غير عادى فى هذا الصدد، وقدم مقترحات كثيرة فى هذا الشأن.
ولعلم الاجتماع رأى أيضا فى هذه القضية، حيث ترى الدكتورة سامية خضر صالح، أستاذ علم الاجتماع بكلية التربية بجامعة عين شمس، أن قضية تكدس الفصول الدراسية مشكلة اجتماعية مركبة، تتداخل فيها عوامل كثيرة، مثل قضية الانفجار السكانى، ونسبة الأمية، مشيرة إلى أننا نحتاج يوميا إلى 26 فصلا دراسيا للقضاء على التكدس الموجود فى الفصول الدراسية، لأننا نزيد كل عام 2.5 مليون فرد.
وتؤكد أنه يجب تدعيم دور رجال الأعمال، وتشجيعهم على بناء المدارس، دون جشع وطمع فى الربح المالى. وترى أن بناء مدرسة لا يقل عن بناء مسجد أو كنيسة، كما أن أغنى الدول فى العالم، مثل ألمانيا واليابان، قائمة على المشاركة المجتمعية، وبالتالى فنحن فى مصر فى أشد الحاجة لمثل هذه الجهود.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.