طوارئ بشركة جنوب الدلتا لتوزيع الكهرباء لتأمين تغذية لجان الاقتراع ب 3 محافظات    أسعار طبق البيض اليوم الثلاثاء 25-11-2025 في قنا    اسعار مواد البناء بمحافظة أسوان اليوم الثلاثاء 25 نوفمبر 2025    أسعار الفاكهة اليوم الثلاثاء 25-11-2025 في قنا    ضربة مزدوجة لترامب، القضاء الأمريكي يسقط التهم عن كومي وليتيتيا جيمس    وصول بعثة المصري إلى أديس أبابا "ترانزيت" قبل التوجه إلى ندولا الزامبية (صور)    طقس اليوم الثلاثاء| استمرار الاضطراب الجوي.. والأرصاد تحذر    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 25-11-2025 في محافظة قنا    خالد عمر: إضعاف الإخوان سيفتح الباب لوقف الحرب في السودان    حملة ليلية مكبرة بشوارع مدينة الغردقة لمتابعة الانضباط ورفع الإشغالات (صور)    ارتفاع أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 25 نوفمبر في بداية التعاملات بالبورصة العالمية    رئيس رابطة تجار السيارات: أزمة سيارات ذوي الهمم تحتاج إلى إعادة نظر.. والله ما يستاهلوا اللي حصل    بعد التحذيرات الأمريكية، فنزويلا تهدد شركات الطيران الدولية بسحب التصاريح خلال 48 ساعة    مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 25 نوفمبر في القاهرة والمحافظات    عزيز الشافعي يخطف الأنظار بلحن استثنائي في "ماليش غيرك"... والجمهور يشيد بأداء رامي جمال وروعة كلمات تامر حسين وتوزيع أمين نبيل    الآثاريون العرب يدعون لتحرك عاجل لحماية تراث غزة وتوثيق الأضرار الميدانية    معرض مونيريه بالاكاديمية المصرية للفنون بروما | صور    "درش" يشعل سباق رمضان 2026... ومصطفى شعبان يعود بدور صادم يغيّر قواعد الدراما    إعلام فلسطيني: جيش الاحتلال ينفذ عمليات نسف للمباني شرقي مدينة غزة    المصل واللقاح: الإنفلونزا هذا العام أكثر قوة وشراسة.. واللقاح ضروري للغاية    صلاحيات رئاسية دون الرجوع للكونجرس، سر المادة التي لجأ إليها ترامب لتصنيف الإخوان "إرهابية"    دعاء وبركة | أدعية ما قبل النوم    أميرة أبو زهرة تعزف مع لانج لانج والأوركسترا الملكي البريطاني في مهرجان صدى الأهرامات    وزارة الصحة تحذر من إساءة استخدام المضادات الحيوية لهذا السبب    كان من قادة ميلشيا البلاك لوك الداعمة للانقلاب .. إعتقال شريف الصيرفي بعد تشبيه تزوير الانتخابات بالديناصورات    بعد واقعة مدرسة السلام، الطفولة والأمومة يعتزم وضع تشريعات جديدة لمنع الاعتداء على الأطفال    وصول يسرا و إلهام شاهين وصابرين إلى شرم الشيخ للمشاركة بمهرجان المسرح الشبابي| صور    الداخلية تكشف تفاصيل واقعة محاولة اقتحام مرشح وأنصاره لمركز شرطة فارسكور    تعرف على موارد صندوق إعانات الطوارئ للعاملين    10 حقائق مذهلة عن ثوران بركان هايلي غوبي.. البركان الذي استيقظ بعد 10 آلاف عام    أمميون يدعون للضغط على إسرائيل وحظر تسليحها بسبب خرقها وقف إطلاق النار فى غزة    نعمل 24 ساعة ولا يمكن إخفاء أي حالة، أول رد من الصحة على شائعات وفاة أطفال بسبب الإنفلونزا    بالأسماء| إصابة 23 شخصاً في حادث انقلاب سيارة بالبحيرة    خبراء: استعدادات رمضان والضغوط الموسمية تدفعان الدولار للارتفاع    ناشطون ألمان يروّجون ملابس من مكبات إفريقية ضمن حملة الجمعة السوداء    "الطفولة والأمومة": نعمل على توفير الدعم المادي والنفسي للأطفال الذين تعرضوا لاعتداءات    محاكمة 115 متهماً في خلية المجموعات المسلحة.. اليوم    أحمديات: تعليمات جديدة لدخول السينما والمسارح والملاعب    فليك يعلن قائمة برشلونة لمباراة تشيلسي.. صراع النقاط الكبرى يبدأ غدا    اتحاد السلة يصدر بيانًا بشأن أحداث مباراة الاتحاد والأهلي في نهائي دوري المرتبط    محلل: الاقتصاد الصربي على حافة الهاوية بعد محاولات تأميم النفط    وكيل الجزار يكشف حقيقة انتقاله إلى الأهلي وموقف الأندية الكبرى    قائمة بيراميدز لمواجهة المقاولون العرب في الدوري المصري    طرح برومو فيلم خريطة رأس السنة.. فيديو    عمرو أديب يعلق على بيان النيابة العامة حول واقعة مدرسة سيدز: التفاصيل مرعبة.. دي كانت خرابة    تضامن قنا تعيد إعمار منزل بعد مصرع 3 شقيقات انهار عليهن السقف    ضبط سيدتين من الفيوم حاولتا إدخال مخدرات داخل الطعام لمسجون بالمنيا    مصدر بالاتحاد السكندرى: تقديم اعتراض على رفض تأجيل مباراة نهائى دورى السلة    أول تعليق من رئيس الاتحاد السكندري بعد أحداث نهائي المرتبط    إصابة سيدة بطلق ناري على يد طليقها في المنيا.. ما القصة؟    عمرو أديب: التجاوزات طبيعية في الانتخابات بمصر.. والداخلية تتعامل معها فورا    هل يجوز للزوج الانتفاع بمال زوجته؟.. أمين الفتوى يجيب    عمرو أديب عن انتخابات مجلس النواب: سني علمني أن الطابور الكبير برا مالوش علاقة باللي جوا    ارتفاع حالات التهابات الجهاز التنفسي العلوي.. اللجنة العلمية لكورونا تحذر: اتخذوا الاحتياطات دون هلع    وزارة الأوقاف الفلسطينية تُشيد ببرنامج "دولة التلاوة"    هل يجوز طلب الطلاق من زوج لا يحافظ على الصلاة؟.. أمين الفتوى يوضح!    خلال زيارته لوحدة بني عدي.. محافظ بني سويف يوجه بمتابعة رضيعة مصابة بنقص هرمون الغدة الدرقية    بث مباشر.. مانشستر يونايتد ضد إيفرتون في الدوري الإنجليزي 2025/2026    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مدارس الحكومة بلا تعليم.. والخاصة تنهب المواطنين.. العام الدراسى مولد وصاحبه غايب !
نشر في الأهرام العربي يوم 26 - 09 - 2016

انتشار المدارس الدولية أمر فى غاية الخطورة والانتماء الوطنى من أهم ركائز التعليم وهو ما لم يتحقق من خلال تلك المدارس

- المعلم فى سنة 1970 كان يتقاضى راتبا شهريا 17 جنيها بما يعادل بأسعار السوق حاليا 7 آلاف جنيه وكان يعيش عيشة كريمة

د. كمال مغيث: التعليم لدينا فى أسوأ حالاته وأشبه بال«سويقة».. والمسئولون عن التعليم موظفون ليست لديهم رؤية إصلاح أو قدرة على التغيير


فى هذا الوقت من كل عام، حيث عودة موسم الدراسة، يدق ناقوس العمل إيذانًا ببدء هذا الحدث المهم، الذى يشغل بال المجتمع المصرى كافة.. ولا يخفى على أحد أن منظومة التعليم فى مصر واحدة من أكبر وأقدم المنظومات الموجودة على مستوى العالم، بل الأكبر على مستوى العالمين العربى والإفريقي من حيث عدد الطلاب والمدرسين والمدارس، لكن للأسف هذه المنظومة أصبحت أشبه بالثوب القديم المهلهل، مهددة بالانهيار إن لم يتم إصلاحها فقد أصبحنا فى ذيل التصنيف العالمى الخاص بمستوى التعليم. ومع بدء العام الدراسى يتجدد السؤال القديم ما الجديد هذا العام؟ والإجابة نسخة كربونية من العام السابق.. لا شيء فقط سوى وعود وتصريحات لا تتحقق وحالة تعليمية فى تدهور مستمر. والسؤال المهم إلى متى سيستمر هذا الوضع وإلى أين نحن ذاهبون تعليميًا؟
أسباب تدهور التعليم عديدة وثابتة، ولا تخفى على الحكومة أو الخبراء او صناع القرار وأهمها، قلة المدارس وكثافة عدد الطلاب فى الفصول وسوء المناهج وعدم تدريب وتأهيل المدرسين وسوء حالة المدرس المادية، تنوع مناهج التعليم وتغيرها مع كل وزارة، وعدم وجود إستراتيجية وخطط واضحة وعملية للإصلاح أو التطوير. وقد كشفت آخر إحصائية رسمية أن عدد المدارس الحكومية فى مصر يصل إلى نحو 49 ألفا و435 مدرسة، بعدد فصول 466 ألفا و427 فصلا، هذا بخلاف 9 آلاف مدرسة خاصة. ويصل عدد الطلاب فى مرحلة التعليم ما قبل الجامعى إلى نحو 20 مليون طالب وعدد المدرسين يصل إلى 980 ألف مدرس.
وبرغم هذا العدد من المدارس الذى يبدو هائلا فإنه لا يكفى، حيث نحتاج إلى بناء 20 ألف مدرسة وتعيين 200 ألف معلم إضافى بتكلفة 500 مليار جنيه- على حد قول الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال حملته الانتخابية للترشح لرئاسة الجمهورية- وذلك حتى ينصلح حال العملية التعليمية، وما زلنا ننتظر بناء هذه العدد من المدراس، حتى نشهد ذلك التطوير والإصلاح فى العملية التعليمية.

مشاكل بالحملة
وقد حصر الخبراء والدراسات أهم معوقات التعليم الحكومى فى عدة نقاط من بينها، اعتماد التعليم بشكل أساسى على التلقين أى الحفظ دون فهم، وجعل الاختبارات التحريرية المصدر الوحيد لقياس التحصيل، بل فى كثير من الأحيان تتحول إلى الغاية من التعليم، وعدم استعمال طرق التدريس الحديثة، إضافة إلى عدم استخدام الوسائل التعليمية المساعدة، بخلاف حشو المناهج بما لا يفيد المتعلمين، وبعد المناهج الدراسية عن المجتمع المحلى للمتعلم، وعدم مواكبة المناهج للتكنولوجيا الحديثة. وعلى جانب آخر فإن انخفاض دخل المعلمين قد يدفع غالبيتهم إلى التوجه للدروس الخاصة أو عدم الاهتمام بالعمل فى المدرسة. وعدم إعطاء المعلمين التدريب الكافى للوقوف على أحدث طرق التدريس والجديد فى مجال التعليم.

شاهد عيان
بداية تقول الأستاذة أميرة محمد، تعمل مدرسة تربية رياضية فى إحدى مدارس الهرم، إن الوضع أصبح لا يحتمل بالنسبة بالطالب والمدرس، خصوصًا أن كثافة الفصول وصلت إلى نحو 130 طالبًا فى الفصل الواحد، وفى المدارس الحكومية الابتدائية يجلس كل 6 تلاميذ على مقعد أو دسك واحد، ويفترش الباقون الأرض ويجلسون خارج باب الفصل، أما فى المدارس التجريبى، فقد وصل عدد تلاميذ الفصل الواحد إلى نحو 80 طالبًا، وكثير منهم تحدث له حالات إغماء بسبب الازدحام لعدم تمكنهم من التنفس وسط هذا العدد الكبير، كما تعيق الكثافة عملية الشرح مما يؤثر على عملية استيعاب الطلاب لما يتم شرحه، فضلا عن أن الأستاذ أحيانا كثيرة لا يجد مكانا يجلس فيه، كما أن معظم مدارس الجيزة أصبحت تعمل بنظام الفترتين وأثر ذلك على وقت الحصة وأصبحت 20 دقيقة، لا تكفى لأخذ الغياب مع كل هذا العدد الهائل.
وتضيف الأستاذة أميرة، أن النشاط الرياضى والفنى فى المدارس أصبح منعدما تماما ولا توجد حجرات نشاط أو أدوات حتى حجرة جلوس المدرسين لم تعد موجودة وكل تلك الأمور من شأنها أن تجعل المدرس يعزف عن عمله ويعمل فى ظروف سيئة جدا، إضافة إلى مرتبات متدنية، مشيرة إلى أنهم كل عام ينتظرون أى إصلاح أو تطوير يحدث من قبل الدولة..لكن دون جدوى.

«سويقة» التعليم
لكن التدهور فى العملية التعليمية من وجهة نظر الدكتور كمال مغيث الخبير التربوى والباحث بمركز البحوث التربوية وعضو مجلس إدارة المعاهد القومية، أسوأ بكثير مما تقوله الأستاذة أميرة، حيث إن نظرته أعم وأشمل بحكم تخصصه وخبرته، حيث يرى أن التعليم فى مصر فى أسوء حالاته نظرا لاحتلال مصر المراكز الأخيرة فى التقارير الدولية الخاصة بالتعليم والتنمية، كما أنها أصبحت تأتى فى ذيل الدول العربية وتسبق فقط الصومال وموريتانيا، واصفًا التعليم فى مصر ب «السوّيقة» فيها من كل الأطياف والأشكال، ويا أسفا على النشاط الرياضى والثقافى والفنى لاكتشاف المواهب فى المدارس، الذى أصبح ماضياً فقط، ولم يعد هناك تعليم سوى من أجل اجتياز الامتحانات وحتى الأخيرة أصبحت مصداقيتها مشكوك فيها بعد تسريب الامتحانات الأخيرة للثانوية العامة، مما يؤدى إلى إلغاء مبدأ العدالة وتكافؤ الفرص، مشيرا إلى اعتراف وزراء التعليم السابقين أن عددا ضخما من طلاب الثانوية والجامعات لا يعرفون القراءة والكتابة، هؤلاء الوزراء - كما يصفهم الدكتور مغيث - أصبحوا موظفين ومنظمين لشكل العملية التعليمية الحالية السيئة دون أن تكون لهم أى رؤية فى الإصلاح أو قدرة على التغيير.

مؤامرة ممنهجة
ويرى الخبير التربوى د. كمال مغيث أن وزارة التربية والتعليم من تخبط إلى تخبط، ومن فشل الى فشل، وبرغم ذلك لم نر أى تحرك أو توجه إلى الإصلاح والتطوير من قبل الحكومة أو مجلس النواب، مؤكدًا أن التعليم فى مصر تعرض فى عهد مبارك إلى مؤامرة ممنهجة لقتله وانهياره، مشيرا إلى أن الحل هو ضبط العملية التعليمية بيد من حديد وتغيير القوانين الخاصة بمراقبة أو ضبط شكل العملية التعليمية بالكامل والعودة إلى روح المشروع الوطنى للتعليم فيما قبل السادات وإلغاء كل أشكال التعليم المتباينة وجعله تعليما موحدا فى المناهج وطرق التدريس فلا يوجد تعليم أزهرى أو تعليم أجنبى يغرب الطالب فى وطنه، مع إلغاء المركزية فى التعليم، وتوافر الإرادة السياسية من الأساس لتشجيع الإصلاح أو الثورة على شكل التعليم الحالى.
كما يطالب د. مغيث بالإصلاح الفورى لحال المدرس المادية والاجتماعية حيث إنه عندما تعرض المدرس المصرى للإهانة، أهينت معه أشكال التعليم، حيث كان المدرس يحصل على راتب 17 جنيها شهريا عام 1970، أى ما يعادل نحو 7 آلاف جنيه، وقتها كان المدرس يستطيع أن يعيش عيشة كريمة وكان يراعى ضميره ويدرس بكل قوته لطلابه.
أما الدكتور حسين شحاتة أستاذ المناهج بكلية التربية بجامعة عين شمس وعضو المجالس القومية المتخصصة يقول: التعليم فى مصر الآن أصبح مردوده صفرا، حيث لا تزال ميزانية التعليم التى تخصصها الدولة ضعيفة أمام التحديات التى تقابلها – نحو 76 مليار جنيه فقط - وبرغم أن الموازنة الجديدة رفعت المبلغ إلى نحو 102 مليار جنيه فإنها لم تنفذ إلى الآن ومعظم الموازنة تذهب أجوراً متدنية للمدرسين.
ويستعرض شحاتة أهم المشاكل فى المدارس المصرية قائلا: كثافة الطلاب فى الفصل على رأس المشاكل، كما أن التسرب من التعليم ما زال مشكلة قائمة، إضافة إلى عدم الاستيعاب وعدم تدريب وتأهيل المدرسين.. بخلاف عدم وجود أنشطة بالمرة فى المدارس الحكومية سواء كانت رياضة أم فنية أم ثقافية فلم تعد هناك معامل أو مكتبات يتم التعامل معها فى المدارس المصرية. وكل هذا يساعد على استمرار المشكلة واستمرار الوضع المتدنى القديم للعملية التعليمية.
ويوضح أستاذ المناهج أن الجديد فى هذا العام الدراسى يتمثل فى تخفيف بعض المناهج الدراسية وإلغاء المكرر منها حتى نخفف الحمل عن التلاميذ الصغار، كما أنه من المخطط هذا العام تأهيل بعض المدرسين ونقلهم إلى مدارس فى محافظاتهم لتخفيف العبء عنهم، إضافة إلى تشجيع التعليم الخاص والتوسع فى بناء المدارس بالشراكة مع المستثمرين والمجتمع المدنى وإعطائهم حق الانتفاع ل20 عاماً. كما أن هناك اتجاها فى تطوير امتحانات الثانوية العامة وتغيير بعض شروط التنسيق، مشيرا إلى دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى الاهتمام بإصلاح التعليم لكن لم يحدث أى تحرك من قبل الحكومة أو القائمين على العملية التعليمية.
ومن أجل إصلاح التعليم يطالب د. شحاتة بإشراك رجال الأعمال والمجتمع المدنى لبناء مدارس ورقابتها، وتطبيق مبدأ اللامركزية وأن يضع كل محافظ خطة التعليم فى محافظته بما يتناسب مع عددها وإمكاناتها، تكوين مجالس أمناء لكل مدرسة لمتابعة العملية التعليمية ومراقبة السلبيات القديمة، ولا بد من تغيير ثقافة المجتمع لكى يصبح التعليم من أجل الحياة وليس من أجل الامتحانات، وأن يدرس الطالب ما يستفيد به فى حياته العملية، وربط المناهج المدرسية ثم الجامعية بمتطلبات سوق العمل المتغير، والعمل بمبدأ الشفافية وتطبيق الحكومة الإلكترونية وإعلان البيانات الخاصة بالمدارس من حيث العدد والكثافة وعدد المدرسين والمعامل وهكذا. وأخيرا إعادة النظر فى إستراتيجية الدولة بشأن التعليم الفنى.

المدارس الدولية
تفضل بعض الأسر أن تلحق أبناءها بالمدارس الدولية، لضمان تعليم جيد، بما يحقق لديهم جميع الجوانب والتفاصيل التعليمية والرياضية والاجتماعية إضافة إلى المناهج الدراسية الأجنبية، بما يؤهل الطلاب للالتحاق بالجامعات الأجنبية، فور تخرجهم بسهولة، لا سيما أن المناهج وأسلوب الدراسة متقارب للغاية. لكن تمثل هذه النوعية من المدارس عبئا ماديا كبيرا على عاتق الأسرة لذلك معروف عنها أنها مدارس الأثرياء فى مصر، ويصل عدد المدارس الخاصة إلى 9 آلاف مدرسة منهما 169 مدرسة دولية فى 13 محافظة، والمدارس الدولية هى مدارس خاصة تطبق منهجًا دوليًا معترفًا به عالميًا ومعتمدًا داخليًا من وزارة التربية والتعليم، والفرق بين مدارس اللغات والمدارس الدولية أن الأولى تطبق فقط منهج الوزارة مترجما، أما المدارس الدولية فلها منهجها الخاص المعتمد من هيئات عالمية للتعليم ويتم الإشراف عليه من عدة جهات خارجية.

مدراس سيئة السمعة
تقول هبة الجمل إحدى أولياء الأمور، إنها كأى أم تبحث لأبنائها عن الأفضل فى التعليم، وبالطبع كان تفكيرها بعيدا كل البعد عن إدخالهم المدارس الحكومية لما تعانيه من إهمال وكثافة وسوء معاملة وسوء تعليم مؤكدة أن معظم جيل الآباء تعلم فى مدارس الحكومة، عندما كانت هناك مراقبة من الحكومة، أما الآن فالتعليم الحكومى أصبح سيئ السمعة ولغير القادرين فقط كان الله فى عونهم، موضحة أنها ذهبت للتعليم الخاص لما فيه من اهتمام بالطالب ومهاراته وأنشطته الرياضية والثقافية والفنية وطرقه الحديثة فى توصيل المعلومة، وأيضا حتى ترحم أبناءها من المناهج المكتظة والمكررة التى تحتاج للحفظ دون الفهم وتنسى بمجرد أن يمتحنها الطالب.
وتضيف هبة، أنها جربت كل أشكال التعليم الخاص من مدارس اللغات إلى التعليم الدولى الأمريكى إلى IG، واستقرت أخيرًا على مدارس (الأى جى) أى التعليم البريطانى فى مصر مؤكدة أنه أفضل أنواع التعليم الآن من ناحية الانضباط وطرق التحصيل وجودة الامتحانات الموحدة، التى تأتى من الخارج لكل المدارس البريطانية فى مصر. وتؤكد أنه مع إيجابيات التعليم الدولى لكن فيه أيضا سلبيات ومنها ارتفاع أسعاره كل يوم، حيث أصبح متوسط سعره نحو 40 ألف جنيه غير الباص والأنشطة الأخرى، وهو عبء وضغط كبير على أى أسرة، إضافة إلى تشتيت الطالب وبعده عن هويته العربية فى كثير من تلك المدارس، لكن هناك مدارس (IG) تشترط دراسة الدين والعربى والدراسات ومدارس أخرى لا، لذلك الأولى تعد طوق نجاة للأهل، حيث تجمع بين الدراسة الحديثة واللغات وأيضا تعرف الطالب دينه ولغته وتاريخه.
وبحكم خبرتها مع تعليم أولادها، توضح الجمل الفرق بين التعليم الدولى فى مصر وهو ما بين التعليم الأمريكى والتعليم البريطانى (IG) وهو أن الأول لا يهتم بتحصيل العلوم ويركز على التطبيق فى المعامل والأنشطة المبالغ فيها ويتناسب مع هذا التعليم الطالب الضعيف خصوصا أنه يعتمد نجاحه فى الامتحانات على مدى دفعه من أموال للمدرسة وليس التفوق، أما التعليم البريطانى (IG) هو تعليم يعتمد على تحصيل العلوم بطرق تعليمية حديثة ويهدف إلى تنمية مهارات وقدرات الطالب وفى النهاية الامتحان لا يمكن التلاعب به من خلال إدارة المدرسة لأنه يأتى مباشرا من مدارس إنجليزية فى الخارج، والطالب فى النهاية يدرس فى السنوات الأخيرة ما يعادل المرحلة الثانوية المواد التى تتيح له دخول الكلية التى يريدها فقط وليس كما يدرس فى الثانوية العامة العادية.
على الجانب الآخر يقول الدكتور كمال مغيث الخبير التربوى، إنه بسبب حالة البؤس الشديد التى تحيط بالمدارس والفشل من قبل المدرسين والإدارة المستبدة الجاهلة من الوزارة اضطر أولياء الأمور البحث لأبنائهم عن تعليم آدمى فى المقام الأول وأفضل من النواحى التعليمية، لذا نجد أن عدد طلاب المدارس الخاصة واللغات والدولية وتلك المدارس نفسها فى ازدياد وقد بدأت تلك الظاهرة منذ السبعينيات وتفشت الآن وهو أمر فى غاية الخطورة، حيث إن التعليم من أهم ركائزه الانتماء الوطنى وهذا ما لم يتحقق من خلال تلك المدارس الخاصة، لا سيما الدولية منها على وجه الخصوص، حيث إن نحو أقل من 20 % يتمتعون بهذا النوع من التعليم المختلف من خاص ولغات ودولى أما ال80 % ليس لديهم سوى التعليم الحكومى بما فيه من كوارث وعقوبات وقتل لأى روح نبوغ أو موهبة.
ويؤكد الخبير التربوى أن التعليم المصرى كان من أكبر نظم التعليم فى العالم عندما كان كل الطلبة يتعلمون تعليما موحدا ومنهجا واحدا أما الآن هذا أمر فيه شتات للطلبة والأسر وفيه أبعاد أكثر واغتراب للطالب المصرى داخل بلده مما يجعله يتربى دون أن يفهم معانى الانتماء الوطنى والهوية المصرية، كما أن فى هذا النوع من التعليم هتكاً لمبدأ المواطنة والمساواة وتكافؤ الفرص الموجود فى الدستور.
وفى تلك النقطة يرى الدكتور حسين شحاتة أستاذ المناهج أن تنوع التعليم هو أمر جيد ويتماشى مع روح العصر التى تحتاج إلى التنوع والتعددية وأنه مظهر ثراء للمجتمع وليس العكس، كما أن هذا التنوع يحتاجه سوق العمل لأنه يوفر له أشخاص وإمكانات وقدرات لا يوفرها تعليم الدولة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.