قبل عصر السماوات المفتوحة وعندما كانت القنوات الفضائية محدودة العدد، فقد المهنية لها اعتبار أكثر من الآن وقبل أن يعرف العالم مواقع التواصل الاجتماعى التى أفرزتها ثورة التكنولوجيا والإنترنت، كانت الشائعات آداة قليلة الفاعلية فى خطورتها صعبة الانتشار محدودة التداول ضعيفة التأثير، أما مع ظهور ثورة الاقمار الاصطناعية وظهور آلاف القنوات الفضائية بعد انخفاض تكلفتها اكثر من 90% ومع ظهور مواقع التواصل الاجتماعى التى أصبحت مصدراً ومرجعاً للغالبية العظمى خصوصاً من الشباب، ووجود منصات إعلامية مجانية بلا رقابة، فقد أصبحت الشائعات صناعة وسلاح قوى التأثير سهل الانتشار صعب المكافحة، وظهرت خطورته أكثر كسلاح يمكن أن يؤثر سلبياً فى المجتمع فى الظروف الأخيرة التى شهدتها مصر والتغيرات السياسية الكثيرة والمتسارعة، التى اختلط فيها الحابل بالنابل وتغير المجتمع وظهرت الأطياف والتوجهات السياسية وكثرت المطامع، فاصبحت الشائعات سلاحاً لكثيرين كل حسب مطامعه وأغراضه، ولا راد للشائعات سوى شفافيةً أكثر واعلام مهنى قوى يستطيع ردعها ومنع خطرها على أمن المجتمع، فى ظرف أصبح فيه المفروض مرفوضاً من بعض الإعلاميين الذين بدلاً من مكافحة الشائعات فى وقت حرج تمر به البلاد يقومون بترويجها وأحياناً صنعها، وامام سيل من ترويج أنباء كاذبة وأخبار مشكوك فى صحتها لابد للإعلام والفضائيات أن يكون لها دور فى مكافحة الشائعات. وحول هذا الموضوع تقول د.هويدا مصطفى أستاذ الإعلام: تشهد الفترة الأخيرة زيادة ملحوظة فى الشائعات، وهو ما يجب التصدى له فورا لأنها فى مضمونها قد تمس الوطن والمواطن، خاصة أن بلدنا مصر فى مرحلة البناء والتقدم فى شتى المجالات وهى مرحلة صعبة وحساسة قد توفر للشائعة من يروج لها ويدعمها، ولذلك فلابد من تضافر كل الجهود من وسائل الإعلام الرسمية والخاصة لعبور مثل هذه الظروف ولذلك أطالب الإعلام بكل عناصره بأن يحارب هذه الظاهرة من خلال صدق المعلومة وتحرى الدقة والحفاظ على الأمن القومى بعدم بث أى أخبار إلا من خلال مصادرها الحقيقية وألا يتم نقل الخبر من المواقع مباشرة لأن بعض المواقع تعمل ضد مصر، ولذلك لابد من مراعاة ظروف البلد وألا تنشر أى وسيلة إعلامية إلا المعلومات الصحيحة ويجب ألا يكون السبق الإعلامى على حساب الدقة والمصداقية مهما كانت الأسباب، وأطالب أجهزة الدولة بالرد على أى معلومات غير دقيقة فورا والتصدى لترويج الأخبار الكاذبة. ويقول د. حسن على أستاذ الإعلام ورئيس جمعية حماية المشاهدين والمستمعين والقراء: على الإعلام دور كبير فى مكافحة الشائعات ومنع تداولها، ولكن للاسف هناك من يعمل عكس ماهو مطلوب، فهناك اعلاميون يساهمون فى نشر الشائعات ويقومون بذلك عبر برامجهم والأمثلة كثيرة، ولا يمكن اعتبار مواقع التواصل الاجتماعى مصدر لمعلومة أو خبر لأن أغلبها بلا مصدر، وهناك ايضاً جزء هام على الدولة القيام به لمكافحة الشائعات والاخبار المغلوطة والمضللة، بوجود مصدر لتدفق الموضوعات والحرية فى تداول المعلومات، ويجب على الوزارات والهيئات الحكومية أن تعين متحدثاً رسمياً مسئولاً عن كل مايخص الإعلام ليقوم بصياغة بيانات أولاً باول وتكذيب الاخبار المغلوطة وامداد وسائل الاعلام باخبار الجهة باستمرار. ويضيف: بالطبع هناك الكثير من المتحدثين الإعلاميين فى الوزارات والهيئات ولكن أغلبهم غير مؤهل لشغل الوظيفة ولا يمتلك خبرة وأغلبهم يتم وضعه فى منصبة تحت إطار المجاملة، وهناك من الإعلاميين للأسف من يلجأ للشائعة أو الخبر المضلل ويقيم له حلقة كاملة ويناقشه على مدار يوم كامل من أجل رفع نسبة المشاهدة قبل أن يكتشف الجمهور أن الخبر مفبرك أو شائعة ولكنه رغم معرفته بذلك يتعمد إاثارة البلبلة لرفع نسبة المشاهدة على حساب المهنية والموضوعية التى أصبحت تهيمن على المشهد الإعلامى وتزداد كلما غاب وجود مجلس وطنى للإعلام أو ميثاق شرف إعلامى قوى وملزم. ويقول د.فوزى عبدالغنى أستاذ الإعلام: أصبحت الشائعات عادة يومية سخيفة فى المجتمع، خصوصا على مواقع التواصل الاجتماعى حيث لا رقيب ولا حسيب واشخاص مجهولو الهوية وصفحات بلا مهنية أو رقابة وللأسف يطلع عليها عدد كبير من الشباب، وانقلب الحال فى الكثير من الفضائيات بدلاً من أن يكافح هذه المعلومات المضللة فقد أصبح يستخدمها كمصدر على خلاف مواثيق وأخلاقيات العمل الإعلامى، ويضيف: ترك قنوات الشائعات مفتوحة سواء كانت على الإنترنت أو عبر الفضائيات يمكن أن يؤدى إلى انهيار المجتمع، ويتعاظم أثرها السلبى عندما تكون الشائعات عبر فضائيات أو مؤسسات كبيرة فى الدولة، وعلى الإعلام المصرى أن يبتعد عن تجهيل المصادر ونقل أخبار غير موثقة قد تحدث بلبلة وعلى الإعلام أن ينقل أخباره عن مصادر موثوقة، ويجب أن ينفى الاخبار المغلوطة والشائعات المنتشرة من مصدر مسؤول وليس نفى الاعلامى فقط على الهواء حتى لا تأخذ الشائعات اكبر من حجمها وحتى يعى الجمهور أنه ليس كل مايقال حقيقية ويبتعد بعد ذلك من تلقاء نفسه عن سماع أخبارا مغلوطة وشائعات، وهذا هو دور الإعلام والفضائيات فى الفترة الحرجة التى تمر بها مصر حالياً ويقول د.رفعت الضبع أستاذ الإعلام: للأسف الكثير من الأخبار المتداولة سواء على الفضائيات أو مواقع التواصل الاجتماعى تكون شائعات وأخبار مغلوطة ومضللة، وتصل نسبتها الى 87% تقريباً، ولانتشارها بذلك الشكل هناك اسباب تتحملها وسائل الاعلام الخاصة وخصوصا التى تبحث عن الشهرة والانتشار والإثارة بحثا عن القراء والمشاهدين على حساب المهنية أو الدولة بكاملها، ومنها جزء تتحمله الدولة التى يجب عليها مكافحة الشائعات عن طريق مركز معلومات ومتحدثا رسميا لكل مؤسسة وإطلاق حرية تبادل المعلومات الصحيحة واستحداث جهاز قومى للرد على الشائعات ونشر الحقائق فورا، وعلى كل اعلامى وخصوصاً ممن يعملون فى القنوات الفضائية التى تعتبر اكثر تأثيراً ان يتناول الشائعات المنتشرة ليس بغرض ترويجها بل ليثبت كذبها ويتم ذلك عبر البحث عن مصدر قوى وصريح ليرد الشائعة ويكذبها.