لاشئ يعلو فوق صوت الوطن ، شعار أصبح بعيداً كل البعد عن الإنتاج السينمائى والدرامى فى مصر ، والذى ينتج اعمالاً تحوى قليلاً من الفن الهادف وكثيراً من العرى والمخدرات والرقص الشعبى وابراز العشوائيات وسلبيات المجتمع دون ان تفكر اى جهة انتاج فى صناعة عمل درامى وطنى يحكى أمجاد قواتنا المسلحة فى حروبها ضد أعداء الوطن أو جسارة الشعب المصرى ومقاومته لأى عدوان ، ◄ محفوظ عبد الرحمن: كل الدول تشارك فى انتاجها والمنتج الخاص لا يفكر فى تقديمها إلا فى حالات قليلة ◄ نجلاء فتحى: الأجيال الشابة التى لم تعاصر حرب أكتوبر من حقها أن تشاهد أفلاماً تليق بعقولهم حول الانتصار العظيم ◄ محمد النجار: هناك دول بلا تاريخ ولم تخض حروباً مشرفةً ومع ذلك ينتجون أفلاماً عن بطولات وهمية ◄ إنعام محمد على: نحتاج أعمالا تعيد الحس الوطنى وقيمة الانتماء رغم أننا نمتلك تاريخاً زاخراً مشرفاَ من البطولات وإرثاً فنياً وأعمالاً خالدة جسدت شجاعة الجيش والشعب وتضحيتهم لأجل الوطن، إلا أن عجلة إنتاج تلك الاعمال توقفت منذ زمن ، وأصبحنا نعيد ونكرر عرض الأفلام التى أنتجت قديماً فقط مكتفين بها دون ظهور أى إنتاج جديد بتكنولوجيا اليوم ونجوم اليوم وإمكانيات العصر عن حروبنا التى انتصرنا بها وتضحيات شعبنا التى تحوى العديد من قصص البطولة ، حتى أصبحت خريطة الشاشات فى المناسبات الوطنية مكررة رغم قيمتها الفنية، وبعد ان مرضت قطاعات انتاج الدولة واصابها الضعف والوهن والافلاس ولم تعد قادرة على الانتاج اختفى مصطلح الفيلم الوطنى تماماً ، واصبحنا نقتات على اعمالنا القديمة الخالدة كافلام الرصاصة لاتزال فى جيبى لمحمود ياسين وحسين فهمى, وتأليف إحسان عبدالقدوس ، وفيلم العمر لحظة لماجدة وأحمد مظهر تأليف يوسف السباعى وإخراج محمد راضى والطريق إلى إيلات للمخرجة إنعام محمد على وبطولة صلاح ذو الفقار ونبيل الحلفاوى وعبدالله محمود، وغيرها من الأفلام التى لا تتجاوز العشرة أفلام فقط. وفى السطور التالية نرصد آراء الكتاب والمخرجين والفنانين حول هذه القضية. حيث أكد الكاتب محفوظ عبد الرحمن أن المنتج الخاص لا يفكر فى تقديم عمل وطنى إلا فى حالات قليلة مشيرا إلى أن كل الدول الكبرى تشارك فى إنتاج وعمل الاعمال الوطنية وتتناولها من جهات كثيره اجتماعية أو عسكرية أو حتى كوميدية على أن يكون ذلك كله تحت رعاية الدول، وأضاف: شاهدت حوارا للفنان فريد شوقى على قناة «ماسبيرو زمان» يقول فيه إنه تم استدعاؤه بعد حرب 56 مباشرة وكان فريد خائفا جدا ولكن عند وصوله جلس معه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر لأنه لايعرف سبب استدعائه وطلب منه عمل فيلم عن الحرب وبهذه الطريقة دعمه وهنا الدعم ليس مجرد دعم مالى وإنما حث على أهمية الوطنية والدور الذى يقوم به تجاه الوطن لافتا إلى أنه من الضرورى الانتباه إلى أننا لانستطيع بناء بلد ومحاولة التقدم بدون إنتاج أعمال قيمة مشددا على أهميه الأعمال الفنية سواء كانت أفلام أو دراما أو أغانى أو شعرا لما لها من أهمية فى توصيل رساله إلى المشاهد بسرعة . وتقول الفنانة نجلاء فتحى والتى شاركت فى عملين عن حرب أكتوبر هما بدور و الوفاء العظيم : إن الأجيال الشابة التى لم تعاصر الحرب ومن حقها أن تشاهد أفلاماً تليق بعقولهم حول حرب اكتوبر وكل معارك القوات المسلحة ضد اعداء الوطن، خصوصا فى هذه المرحلة الحرجة ، وللأسف عندما توقفت قطاعات إنتاج الدولة عن إنتاج هذه النوعية من الأفلام توقف انتاج اعمال جديدة ، اضافة الى عدم تشجيع الشباب المقبل على انتاج هذه النوعية من الافلام ، فقبل اعوام تحمس المخرج الشاب محمد خضر ومعه بعض الشباب لعمل فيلم حول احد المعارك العظيمة التى وقعت اثناء حرب اكتوبر وتسمى كبريت ، وكان اسم العملية هو الاسم المبدئى للفيلم ، وعرض المخرج على ان اقوم بدور شرف فى الفيلم ، ورغم اعتزالى الفن من 15 عاماً وافقت على الظهور لأهمية الفيلم ولتشجيع الشباب وحباً فى ظهور بطولات جيشنا المصرى العظيم بإمكانيات وتكنولوجيا اليوم فى مجال السينما ، ولكن للأسف بعد تصوير عدة ايام توقف الفيلم لعدم تعاون أى من الجهات وشعر الشباب بالاحباط وتوقف انتاج فيلم جديد عن حرب اكتوبر كان يمكن ان يكون ظهوره فرصة عظيمة لشباب اليوم الذى لم يعاصر حرب اكتوبر العظيمة ويقول المخرج على عبد الخالق: جسدت فى عدد من أفلامى الصراع العربى الاسرائيلى مثل فيلم «أغنيه على الممر« و«يوم الكرامة» وعدد من الأفلام العسكريه وقد تطرقت للقضية، ففيلم «يوم الكرامة» وضح كيفية تدمير إيلات المدمره الاسرائيليه بالاضافة الى أفلام «إعدام ميت» و«بئر الخيانة» و«ضاع حبى هناك» و عدد من الأفلام التسجيليه منها السويس مدينتى ومسلسل «البوابة الثانية» ويمثل كل ذلك لى شرفا كبيرا وأفتخر بأننى المخرج العربى الوحيد الذى قدم هذا الكم من الأفلام الوطنية. وعن ندرة إنتاج هذه الأعمال قال: لأنها تحتاج إلى تفرغ من المخرج يصل لعدة شهور وكذلك التحضير والتجهيز للعمل ومن يستطيعون القيام بإخراج هذه الأعمال هم قلة، كما أن هذه الأعمال تحتاج إلى مؤلف ذى حنكة، وهى أعمال مكلفة جدا وتحتاج إلى دعم مادى كبير مما يجعل لدى المنتجين تخوف شديد فيتجهون لإنتاج نوعيه أخرى من الأفلام التى نشاهدها حاليا وتعرف ب «التيك أواى»، ولذلك فلابد من تدخل الدولة لإنتاج هذه النوعية من الأعمال الوطنية وفى هذا الاطار قالت المخرجة إنعام محمد على : عندما عرض على قطاع الانتاج باتحاد الإذاعة والتليفزيون تقديم عمل عن حرب أكتوبرعام 1991 أى بعد الحرب ب 18 عاما، كان لدى حلم فى تقديم عمل عن حرب أكتوبر ولكن كان لدى تخوف كيف نستطيع احضار المعدات والأسلحة الخاصة بالحرب؟ بالإضافة إلى صعوبة أعداد قوات كبيرة وتدريبها حتى نحقق المصداقية المطلوبة ونظهر قيمة هذا الحدث، ولكن الإمكانيات كانت محدودة لذلك فكرت فى تقديم عمل يدور عن الحرب حتى تكون التكاليف بسيطة وكنت أبحث فى هذا الإطار ووجدت ما أريده من خلال مجلدات كان أهداها لى الكاتب جمال الغيطانى تتناول موضوعات حقيقية عن المعركة رصدها من خلال عمله كمراسل صحفى فى 73. وأضافت: من هنا بدأت فى العمل من وقائع على خلفية الحرب وليست الحرب نفسها وقدمت عملا اجتماعيا انسانيا واقعيا وغنائيا يعمل على شد الهمم واظهار روح المقاومة العظيمة فى مدينة السويس على الرغم من أن الفيلم روائى ولكن عند مشاهدته تلمس فيه الفيلم التسجيلى, واستكملت محمد على قائلة: أما بالنسبة الى فيلم «الطريق إلى إيلات» فهو فيلم عسكرى من الدرجة الأولى وعرض على عن طريق الأستاذ ممدوح الليثى واستغربت إنه تم اختيارى لإخراجه لأنه يحتاج الى شخص لديه خبرة عسكرية, ولكن ممدوح الليثى أكد على ثقة فى نجاحة وبالفعل عملنا عليه و بدأت المشوار من خلال جمع المعلومات العسكرية والاهتمام بكل التفاصيل لأنه الفيلم فى المقام الأول عسكرى وعملت على الفيلم لمده سنتين من عام 1993 الى 1995 وأخذ منى مجهودا كبيرا وكل الأماكن التى قمنا بالتصوير بها كانت المرة الأولى التى يدخل بها ممثلون وتصوير. مشيرة فى هذا الصدد إلى أننا نحتاج الى إرجاع هذه الروح من خلال اعمال قوية تعتمد على سيناريست لديه خلفية عسكرية ويتمتع بالحس الوطنى ومخرج لديه الاحساس الوطنى وقيمة الانتماء عالية ومن المستحسن أن يكون عاصر فترة الحرب بالاضافة الى انتاج الدولة والجيش المصرى الممثل فى الشئون المعنوية حتى ينتج فيلم بأنتاج ضخم ويكون على قدر كبير من الجودة والأهم ان كل القائمين على العمل يجب ألا ينشغلوا بالمكسب المادى ولكن الأهم المكسب المادى والادبى الذى سيظل فى الذاكرة من خلال تقديم عمل خالد يحكى هذة النصر العظيم . ومن جانبه أوضح الفنان عزت العلايلى أن من حق الشعب أن يرى انتصارات جيشه فلدينا العديد من الموضوعات التى حدثت والى غاية وقتنا هذا لم تتناولها أعمالنا مثال على ذلك الجزء الخاص بأتحاد العالم العربى لم يتم تسليط الضوء عليه ، ويرى العلايلى إنه من الضرورى التحمس الى غنتاج اعمال تظهر البطولات وتنميه الروح الوطنية والوحدة العربية وأن تهتم الدولة الممثلة فى اتحاد الاذاعة والتليفزيون فى انتاج أعمال وطنية وعلى كل القائمين العمل أن يكون لديهم اقتناع أن ما يقدموه هو قيمة فكرية وليست مكسبا ماديا . ويقول المخرج محمد النجار: من المؤسف ألا يكون هناك أى إنتاج جديد للأفلام الوطنية ، فهناك دول بلا تاريخ ولم تخض حروباً مشرفةً كحرب أكتوبر المجيد ومع ذلك ينتجون افلاماً عن بطولات وهمية ، من القطاع العام والخاص، أما فى مصر فانتاج الافلام يتبع حسابات المكسب والخسارة، وعليه انصرف القطاع الخاص عن انتاج مثل تلك النوعية من الأفلام الوطنية التى تتحدث عن بطولات قواتنا المسلحة وشخصياتنا المعاصرة العظيمة لعدم ربحها مادياً، وعندما تعرضت قطاعات الانتاج الخاصة بالدولة لمشكلات مادية اختفت تلك النوعية من الافلام تماماً، ويجب أن يكون هناك إرادة من المسئولين فى الدولة لانتاج الأفلام الوطنية. وتقول الفنانة روجينا التى شاركت فى بطولة فيلم «يوم الكرامة»: انتاج الأفلام الحربية يحتاج لتكاليف باهظة جدا يفوق قدرات بعض المنتجين الذين يتمتعون بحس وطنى عال تجاه بلدهم ولديهم إصرار كبير على تقديم أعمال سينمائية تعبر عن بطولات الجيش المصرى خلال الحروب التى خاضها وأبرزها حرب أكتوبر المجيدة، و قدرات هولاء المنتجين لا تساعدهم على انتاج مثل هذه الأفلام، أضف إلى ذلك أن العائد المادى لها يكون محدودا لذلك فالمطلوب من الدولة متمثلة فى وزارات الثقافة والشباب والتربية والتعليم والتعليم العالى .. المساهمه فى انتاج مثل هذه الافلام المهمة والتى تساهم بشكل كبير فى تشكيل وجدان الشعب المصرى، خاصة جيل الشباب الذى لم يعاصر الحرب. وحول هذه القضية يقول الناقد الفنى طارق الشناوى: إن إعادة عرض الأفلام الوطنية فى كل مناسبة وطنية وتكرارها حولها إلى مقرر دراسى وتراثى تفرض علينا فى المناسبات مما جعل المشاهد يبدأ بالانصراف عنها تدريجياً، كما ان سحر الفن والابهار الذى اصبح غالباً على أعمال اليوم جعل الأعمال القديمة رغم عظمتها تنطفئ ولايقبل على مشاهدتها أجيال الأطفال والشباب التى نضجت على مشاهدة الأفلام المبهرة على مستوى الصورة والإمكانيات . وأرى إن لم يكن لدينا أفلاماً جديدة فى اللحظة الراهنة لعرضها نعطى لانفسنا فرصة لاكتشاف شئ جديد حول الافلام القديمة ونحاور أبطالها فى المناسبات علنا نصل الى معلومات جديدة حول العمل لم نكن نعرفها من الكواليس، واتمنى ان يعود قطاع الدولة لقوته من اجل انتاج اعمالا وطنية جديدة لكسر حالة الملل لدى المشاهد . ويقول الناقد نادر عدلى: إن السينما المصرية ومنتجيها على درجة عالية من الوطنية وبعد حرب أكتوبر قدمت ستة أفلام بعد أقل من عام من انتهاء الحرب وقد شاركت السينما فى هذا الحدث الكبير رغم انها لم تحقق أى أرباح وحدثت حركة موازية من تطبيع ومعاهدة السلام مع اسرائيل ففضل المنتجيين الابتعاد عن هذة النوعية ودخلت أفلام المقاولات والأفلام الخفيفة ولكن حتى تعود هذة النوعية لابد أن تتدخل الدولة لتوفير المعدات الحربية لانها باهظة التكاليف على المنتجين كما أن هذة النوعية من الافلام لاتصلح للعرض التليفزيونى ومعظم الأفلام من هذة النوعيه تعتمد على وقائع حقيقية لعمليات حدثت وتحتاج دائما للرجوع الى القوات المسلحة, وكذلك مؤلف ومخرج محترف حتى تظهر فى افضل صورة.