كتبت:سارة حسين فتح الله يصعب علي من يتابع الوضع في ليبيا أن يتكهن بالجديد, فمع كل اشراقة شمس تظهر اشتباكات وخلافات وصراعات وتحالفات جديدة لا تبشر بخير. فبانتهاء سنين القذافي العجاف ظنت طرابلس أنها ستري الحرية وتمارس الديمقراطية لاول مرة منذ40 عاما من خلال انتخابات المؤتمر الوطني التي ستفرز جمعية تأسيسية تقوم بوضع الدستور. غير أنه لا شيء يوحي بإقدام ليبيا علي انتخابات فالميادين ووسائل الإعلام تخلو من صور وبرامج المرشحين وتردي الوضع الامني وقلة حيلة المجلس الانتقالي الليبي, بالاضافة الي ضعف ميراث الليبيين الانتخابي, وكلها عوامل أدت الي تأجيل حلم الانتخابات الي الشهر المقبل,ليعاود الليبيون ممارسة هوايتهم المفضلة في الانتظار لغد ديمقراطي حر ينسيهم كابوس الماضي. ومع اقتراب موعد إجراء الانتخابات يزداد الوضع سوءا, فمعارك الميليشيات المسلحة مازالت علي اشدها إما للسيطرة علي السلاح أو الاراضي أو لخلافها مع المجلس الانتقالي وخير دليل ما حدث مؤخرا عندما سيطرت احدي الميليشيات علي مطار طرابلس وقامت بمحاصرته احتجاجا علي اختفاء قائدهم بمدينة ترهونة. ويعتبر الوضع الحالي لنجل العقيد السابق سيف الاسلام القذافي, دليلا واضحا علي تعاظم دور تلك الميليشيات حيث أنه برغم رفض الحكومة الليبية المؤقتة تسليمه لمحكمة العدل الدولية وإصرارها علي محاكمته بنفسها, الا أنها تبقي عاجزة عن انتزاع سيف الإسلام من مكان احتجازه لدي ميليشيات الزنتان, لأنهم يريدون محاكمته بنفسهم. كما أن العقبة الاكبر في طريق الانتخابات هي انتشار السلاح في يد الجميع حيث يرفض الثوار الليبيون تسليم أسلحتهم ما لم يسلم فلول القذافي السلاح ايضا, بالاضافة الي خطر التطرف الاسلامي والذي أثارت هجماته في الايام الاخيرة الكثير من القلق في الشارع الليبي بعد أن تبنت مجموعة اسلامية مسئولية الهجوم علي بعثة السفارة الأمريكية ومقر الصليب الاحمر وقافلة الاممالمتحدة في بنغازي. وفي الوقت نفسه وبرغم نفي المجلس الانتقالي الدائم لاي وجود لتنظيم القاعدة علي اراضيه جاء رد التنظيم في صورة علنية ورسالة موجهة للعالم مفادها( نحن موجودون) عندما استعرض المئات من الإسلاميين المتشددين قوتهم العسكرية في ميدان التحرير أهم ميادين مدينة بنغازي, مطالبين بتطبيق الشريعة الإسلامية, رافعين الرايات السوداء التي تشير إلي القاعدة. وبرغم كل هذه العوائق يبقي الحل في اجراء الانتخابات بأسرع وقت ممكن حتي يعرف الاستقرار طريق ليبيا, وتتمكن الجارة الشقيقة من الوقوف مرة أخري وبشكل أقوي أمام أي محاولات لاضعافها. حتي ان ظهر الكثير من الاخطاء في العملية الانتخابية, فالمؤكد أن ليبيا تعيش( سنة آولي ديموقراطية) فالخطأ وارد إن لم يكن واجبا حتي تتفاداه في المرات القادمة, فبالاستقرار تأتي الاستثمارات الاجنبية وعقود النفط الجديدة والامن ويعود الهدوء ويتفرغ الشباب الليبي للبناء وبغيابه يطول النفق المظلم وتتحول البلاد الي جحيم.