«متى دخلت الغيرة خرجت الحقيقة من الرأس»، هذا هو نص المثل الأرجنتينى الذى يوضح كم قصص الحب التى سمعنا بها ولعبت الفترة، دور البطولة في إنهائها والسؤال هل الغيرة فعلا أساسية فى أى علاقة زوجية؟ ومتى تتحول إلى خطر يهدد هذه العلاقة؟، د.هبة عيسوى أستاذ الطب النفسى بطب عين شمس وزميل الجمعية الأمريكية للطب النفسى تؤكد أن الغيرة شئ مطلوب ومحمود فى الحياة الزوجية، فهى دلالة من دلالات الحب والرعاية والاهتمام من الزوج للزوجة والعكس، أما لو بدأت تزيد عن الحد المسموح به فمن الممكن أن تتحول إلى الغيرة الزائدة أو الغيرة المرضية. والغيرة الزائدة لها ظواهر فنجد الزوج مثلا يولى اهتماما شديدا جدا بالزوجة وتصرفاتها وقد يصاحبه تعنيف «مردتيش ليه؟ مبتفتحيش الباب ليه؟ أو عنف كركل الباب على سبيل المثال، كما يقدم على مراقبة الطرف الآخر، أو يسأل أسئلة من نوعية بتكلم مين؟ بتعمل إيه؟ وقد يدخل فجأة ويجذب الموبايل دون استئذان ويفتش فيه، كما يفسر كل كلمة ويبحث عن دلالات واثباتات تتماشى مع شكه، ومن الممكن أيضا أن يتجسس عليها من خلف الباب، وقد يثبت كاميرات على باب المنزل معللا ذلك باحتياجات لأمان لا أكثر. أما عن أسباب هذه الغيرة الزائدة فتقول: الشعور بالنقص بسبب التعرض للعنف الشديد فى الطفولة وقهر من الوالدين، والفوارق الاجتماعية بين الزوجين ولذلك حثنا الله تعالى على مراعاة التكافؤ عند الزواج، كما أن وجود علاقات كثيرة قبل الزواج لأحد الأطراف يوجد هذه الغيرة، وأحيانا تحدث نزوة للزوج فى أول الحياة الزوجية، وقد ينصلح حاله بالفعل ولكن تظل هذه السقطة مستقرة فى ذاكرة الزوجة، وتؤكد أن ضعف شخصية أحد الأطراف يؤدى إلى الغيرة الزائدة حيث يكون من السهل التأثير عليه بنصائح الآخرين مثل خد بالك من مراتك.. هو جوزك على التليفون على طول ليه؟. والسؤال المهم: كيف نتجنب هذه الغيرة حتى تستقر الحياة الزوجية؟ تشير د.هبة إلى ثلاثة مفاهيم أساسية وهى التفاهم من خلال التحدث مع الطرف الآخر، ووضع خطوط عامة للتعامل فيما بينهما لتجنب سوء الظن ودخول الشك.. المفهوم الثانى هو تجنب الكذب تماما حتى لو كان لمجرد تجنب موقف بسيط، فمثلا قد تكذب الزوجة عند زيارة أمها نتيجة تعنت الزوج فى هذا الأمر، ولكن ستؤدى هذه الكذبة إلى مشكلة أكبر فيما بعد يصعب احتواؤها.. ويكون افتراض حسن الظن إلى أن يثبت العكس هو المفهوم الثالث، وأخيرا تنصح الطرف «الغيار» أن ينمى ثقته بنفسه كل يوم من خلال استرجاع إنجازاته فى الناحية العملية، ويفكر فى الأعمال الإنسانية التى يقوم بها مثل البر بالوالدين والكرم وغيرها، وعندما تتزايد الشكوك فى رأسه ويصبح على حافة الشجار، فيبادر بإعطاء نفسه ثلاث دقائق ويفكر هل يستدعى الموقف الشجار أم لا، ولكى تمر هذه اللحظة يعد من 30 إلى 1 بالعكس وبعدها يفكر ويتخذ قراره. نوع آخر أشد من الغيرة تشير د.هبة عيسوى إلى نوع آخر من الغيرة وهى الغيرة المرضية ونجدها عند الشخصية الشكاكة، ويتطلب ذلك علاجا دوائيا ونفسيا، أو تظهر لدى الشخص عندما يكون تحت تأثير المخدرات كذلك الكحوليات. وظواهر الغيرة المرضية متشابهة مع الغيرة الزائدة التى ذكرناها سابقا ولكن يزيد عليها أعراض أخرى مثل التفتيش فى ملابس الزوجة على سبيل المثال للتأكد من أنها كاملة، وقد يراقبها بنفسه أو يستأجر شخصا للقيام بهذه المهمة، وقد يأتى بفاتورة التليفون الخاص بها مفصلة ويبحث عن الأرقام المكررة، وتتطلب هذه الغيرة المرضية علاج دوائيا وعلاجا معرفيا يستمر من ستة أشهر لسنتين.